أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-20
1081
التاريخ: 28-2-2016
1441
التاريخ: 4-9-2020
1315
التاريخ: 8-9-2020
1586
|
عبد الإنسان قديما الأحجار التي كانت تمثل بالنسبة إليه أشياء غير عادية؛ فالأحجار التي تظهر في الصحاري والحقول وتشبه صور الحيوانات والناس لفتت أنظار الإنسان القديم. وأهم الأحجار التي لا بد أنها لاقت التقديس من الإنسان القديم، هي الحال بطبيعة النيازك؛ فقد تخيَّل الناس أن النيازك التي تسقط من السماء على الأرض مصحوبةً بالأضواء الخاطفة والأصوات العالية تمثل رسائل من الآلهة لها مدلولاتها؛ ومن ثم نالت منهم النيازك الحديدية (باعتبارها النوع الأكثر شهرة في التاريخ القديم) حظًا كبيرًا من الإجلال والتقديس. 1 ويذكر «طومسن جالي»، في «موسوعة الأديان»، أن الناس نظروا للأحجار التي تسقط من السماء باعتبارها أجسامًا تسقط من مواقع مقدسة في السموات؛ ومن ثم نالت التقديس والاحترام من الناس في العصور القديمة. ويذكر مثلًا على ما يعرف بالـ «نومانا» من سكان وادي نهر النيجر بغرب أفريقيا، الذين يقدسون السماء هؤلاء الناس يقدسون حصواتٍ صخرية صغيرة، يرون أنها ساقطة من السماء. ويشكلون أقماعًا من تراب الأرض بارتفاع 3 أقدام، ويضعون هذه الأحجار الصغيرة التي في حجم الحصى فوق قمة الأقماع التي يشكلونها من التراب، ويحجون إليها ويقدسونها. وباعتبار أن هذه الحصى ساقطة من السماء، فإنهم يعتبرونها أحجارًا مقدسة من رب السماء.2
وقد سبقت الإشارة إلى معرفة قدماء المصريين النيازك مبكرًا، من خلال إشاراتهم للحديد باعتباره من مصادر سماوية. ونالت لديهم النيازك الحديدية الإجلال والتقديس؛ إذ يرى عالم المصريات الأستاذ زكي إسكندر أن قدماء المصريين كانوا لا يعتدون إلا بحديد النيازك، ولا يعيرون الحديد الأرضي أهمية تذكر. 3 وربما تكون ظاهرة سقوط النيازك وراء اختيار قدماء المصريين للشكل الهرمي الذي شيدوا عليه بعض مقابرهم ومسلاتهم. فمن بين المصادر التي ربما يكون قدماء المصريين استوحوا منها الأشكال الهرمية؛ شكل أشعة الشمس التي تشع من نقطة واحدة ثم تتسع، كما لو كانت قاعدة هرم. ولما كانت النيازك الساقطة على الأرض ترسم في الفضاء مخروطًا من الضوء والدخان على نفس شاكلة شعاع ضوء الشمس، فلماذا لا يكون قدماء المصريين تخيلوها في تشكيل أشكال أهراماتهم؟
ويرى بعض الباحثين أن تمثال الإلهة «ديانا» Diana في «إفيسوس» والأثر المقدس في معبد «فينوس» في قبرص؛ مشكلان من مواد نيزكية. ومن مظاهر الاعتداد بالحديد النيزكي واعتباره من المواد المقدسة في بعض المتقدات ما حققه بعض الباحثين من أنه في عهد ملك روما «نوما بومبليوس» (753-715 ق.م.) سقط نيزك حديدي من السماء، فشكل منه الكهنة درعًا صغيرًا، نال بدوره حظًّا وفيرًا من التقديس؛ إذ شاع أن اقتناءه يحقق الحظ السعيد والحماية والسيادة. ومن الطريف أن بعض الكهنة – آنذاك – صنعوا أحد عشر درعًا صغيرًا مزيفًا من الحديد الأرضي، على نفس شاكلة الدرع النيزكي، كي يقتنيها الناس تبركا بها. 4 ويرى بعض الباحثين في مجال النيازك، أن المعابد وأماكن الصلوات والعبادات القديمة، أقيمت في مواضع سقطت عليها أحجار سماوية، أو هي تتضمن في لبناتها ووحدات بنائها أحجارًا سماوية. وفي هذا الخصوص يظن بعض الباحثين أن أحد أهم الأحجار المقدسة الذي يوجد في معبد «أبوللو» في ديلفي، أنه حجر سماوي؛ اعتمادًا على تفسيرات متضاربة للأساطير اليونانية الرومانية القديمة الخاصة بـ «جوبيتر»، الذي تقول عنه الأساطير إنه ابن «ريا» و«ساترون». وكان «ساترون» يأكل أولاده قبل ولادة ابنه «جوبيتر»، فاحتالت «ريا» بعد ولادة «جوبيتر» فأعطته قطعة حجر ملفوفة بالقماش، فأكلها وأنقذت الوليد «جوبيتر». ثم احتالوا بعد ذلك على «ساترون» فجعلوه يتقيأ الحجر الذي أكله. وتستمر الأسطورة فتذكر أن السيكلوب (الكوكلوب) أعطى «جوبيتر» الرعد والبرق كمكافأة على صنيعه وتصف الأسطورة الحرب بين «جوبيتر» وبين المردة، الذين تسلقوا السماء وأخذوا يقذفون الصخور التي سقط بعضها على البحر فكون الجزر، وسقط بعضها على اليابسة فكون الجبال. 5 وغالبًا ما يصور «جوبيتر» على شكل رجل مهيب يجلس على عرش، وبيده اليمنى الصاعقة التي تمثل بكيفيتين؛ شعلة متقدة من طرفها؛ أو آلة مدببة ومزودة بسهمين، وبيده اليسرى آلهة النصر. فالصاعقة في هذه الأسطورة تشير – في رأي بعض الباحثين – الذي بُني هناك بُني في الموقع الذي لفظ عليه الحجر الذي كان قد ابتلعه «ساتورن»، أي نيزك سقط على المنطقة. 6 ويذكر الكاتب الروماني «بوسانياس» Pausanias، الذي عاش في القرن الثاني الميلادي (180 م)، أنه رأى الحجر هناك، ووصفه بأنه حجر ليس كبيرًا جدًّا، وأضاف أن كهنة معبد «ديلفي» كانوا يطلونه بالزيت كل يوم.
وفي سنة 242 هـ / 856 م، سقطت خمسة أحجار على قرية السويداء ناحية مضر، بسوريا. ووقع حجر منها على خيمة أعراب فاحترقت ووزن حجر من الأحجار الساقطة فكان وزنه حوالي عشرين كيلوجرامًا. ونُقل النيزك إلى مصر؛ إذ ذكرت المصادر أن أربعة من الأحجار الساقطة نُقلت إلى الفسطاط وواحدًا إلى «تنيس». ولم تذكر الروايات المختلفة التي ذكرت الحادثة في أي مؤسسة أو مكان في الفسطاط أو «تنيس» وضعت هذه الأحجار؟ ولماذا نُقلت من مواقعها إلى مصر في ذلك الوقت؟ وهل كان في مصر باحثون بإمكانهم دراستها، أم نُقلت لأغراض أخرى؟ ومن ظاهر الرواية أن الناس احتفوا بهذا الحدث؛ بدليل قيامهم بوزن واحد من الأحجار الساقطة، ونقلها إلى مصر.
وفي ليلة 19 مايو عام 861 م، سقط حجر سماوي صغير يزن 472 جراما، على قرية صغيرة باليابان تدعى «يشو»، بالقرب من مدينة «نوجاتا»، مصحوبًا بالأضواء الخاطفة، وبأصوات انفجارات شديدة، وارتطم بالأرض مشكلا حفرةً صغيرة غار فيها. وفي الصباح تقصى القرويون الحدث، فعثروا على الحجر الساقط وأخرجوه من الحفرة، وحفظوه في معبد خاص بطائفة «الشنتو»، بقرية «سوجا جينجا» حيث ظل من وقتها إلى الوقت الحالي. ولم يفطن أحد من الباحثين في تاريخ النيازك لهذه الحالة، حتى عام 1982م، عندما قام باحثون بدراسة العينة، وتبينوا أنها عينة نيزكية. ووجدت العينة محفوظة في صندوق خشبي صغير مكتوب عليه تاريخ سقوط النيزك بالتقويم «الجولياني»، الذي يوافق 19 مايو عام 861 م واتضح من الدراسة التي أُجريت بخصوص هذا النيزك، أن العينة وضعت في الصندوق بعد وقت طويل نسبيًّا من سقوطها. 7 ويمثل هذا النيزك، الذي يطلق عليه نيزك «نوجاتا»، أقدم عينة نيزكية معروف تاريخ سقوطها على الأرض حتى الآن.
ومن القصص الكاشفة عن مدى الاهتمام والتبرك بالنيازك، ما حدث في ظهيرة السابع من نوفمبر عام 1492م، من سقوط نيزك حجري كبير، يزن حوالي 280 رطلًا، مصحوبًا بأصوات انفجارات شديدة، رجت المنطقة وأصابت السكان بالفزع على حقل مزروع بالقمح، في قريةٍ صغيرة تدعى «إنيشيم» Ensiheim، من إقليم «ألساس»، التي تقع الآن في نطاق الأراضي الفرنسية، والتي كانت ذلك الوقت تخضع لألمانيا؛ إذ احتفى الناس بذلك الحدث حفاوة كبيرة، كما أنه حظي بعناية الفنانين والشعراء، فرسم أحد الفنانين على قطعة خشبية لوحةً تصور حادثة سقوط النيزك. وتظهر اللوحة اثنين من الرجال يرقبان سقوط النيزك من موقع قريب في الغابة. ونظم الشاعر الألماني «سيباستيان برانت» (1457-1521م) قصيدةً باللغة اللاتينية؛ تخليدا لهذا الحدث. وكتب: الكرة النارية (النار التي صاحبت سقوط النيزك)، شوهدت عبر «سويسرا» و«برجاندیا»، وأعالي وادي الراين وأنذر ذلك الحدث بانتشار الأمراض، عبر كل تلك المساحة الشاسعة التي شوهد فيها. ويؤكد بعض الباحثين أن غلامًا صغيرًا فقط هو الذي شاهد تلك الحادثة، وهو الذي أرشد سكان البلدة للموضع، الذي كانت ترقد فيه أحجار النيزك الساقطة من السماء، والذي كان على هيئة حفرة يبلغ عمقها ثلاث أقدام، فسارع الناس إلى جمع القطع النيزكية الساقطة، واقتطاع أجزاء منها للاحتفاظ بها، باعتبارها مواد لها تأثيرات خارقة، إلى أن أمرهم حاكم المقاطعة بالتوقف عن ذلك. وتفقد موقع الحدث الإمبراطور ماكسميلين الأول Maximilian I، الذي زار المنطقة بعد ثلاثة أسابيع من وقوع الحادثة، واعتبر النيزك الساقط بمثابة رسالة غضب من الرب على الفرنسيين، الذين يحاربون الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وأمر بأن يوضع النيزك في أبرشية القرية؛ تذكيرًا بتدخل الرب في النزاع القائم بين الطرفين لصالح الإمبراطورية. 8 وتذكر بعض الروايات التاريخية أن الإمبراطور تبرك بهذه الظاهرة واعتبرها ظاهرةً مشجعة للقيام بالحروب الصليبية وواقية من الغارات التركية على البلاد.9
وبعد قيام الثورة الفرنسية، صدر النيزك من الكنيسة، ونُقل إلى متحف وطني جديد أقيم في «كولمار» Colmar، قريبًا من القرية. واقتطع الباحثون أجزاء للدراسة من جسم النيزك الرئيسي. كما وزعت قطع منه على المتاحف الخارجية. وبعد عشر سنوات تقريبا أُعيد الجزء المتبقي من النيزك الذي أصبح يزن 122 رطلا فقط، إلى الكنيسة مرة أخرى. ثم ما لبث أن نُقل من الكنيسة إلى معرض خاص به في المدينة، حيث يوجد معروضًا حتى الآن. وقد كان لسنوات عديدة، يظن أن هذا النيزك يمثل أقدم نيزك معروف حتى عام 1982م، حيث اكتشف نيزك «نوجاتا» الياباني الذي سقط عام 861 م.
ويروي «فليت» في كتابه «النيازك»، الذي صدر في عام 1887م، 10 أن أفراد قبيلتي «کری» و«بلاكفيت» من الهنود الحمر، كانوا يحجون سنويًّا إلى موقع نيزك «أيورن كريك»، على قمة تل عال يبعد أكثر من 200 كم إلى الجنوب من «فيكتوريا»، بمقاطعة «ألبيرتا» بكندا؛ حيث كانوا يطلقون عليه «حجر الروح المقدس» Manitou stone. وقيل: إن أي فرد من أفراد هاتين القبيلتين أو القبائل المجاورة لا يمكنه المرور بالقرب من موقع النيزك، دون أن يزوره ويتقرب إليه. وكان أفراد القبيلتين يزعمون أن وزنه يزداد مع الوقت، وأنه يمثل علاجًا فعالا لشتى الأمراض. وفي عام 1869م نقل المستوطنون البيض هذا النيزك، الذي يبلغ وزنه حوالي 360 رطلًا، من موقعه الأصلي إلى «كلية فيكتوريا». واعتبر أفراد القبيلتين من الهنود الحمر عملية نقل النيزك بمثابة كارثة حلت بهم.
ويتناقل أفراد قبيلة «هوبي» من الهنود الحمر، في الولايات المتحدة الأمريكية، أسطورة مفادها أن الروح العظيم هبط ذات مرة من مقامة العالي على الأرض، تحيط به النار والرعد، ودخل جوف الأرض من ثغرة كبيرة. ويُشيرون إلى الثغرة التي دخل منها الروح العظيم في الأرض، فإذا هي فوهة «الأريزونا» الشهيرة، التي يبلغ قطرها حوالي 1200 متر وعمقها 175 مترًا، والتي نشأت من سقوط نيزك حديدي ضخم في الماضي البعيد. وما يدهش الباحثين حقًا في هذه الأسطورة أن النيزك الذي أحدث هذه الفوهة، والذي يعرف بنيزك كانون ديابلو»، وسقط من زمن بعيد نسبيًّا 20000-30000 عامًا)، أي قبل أن يوجد أسلاف هؤلاء الناس بزمن كبير. فكيف توصلوا لهذه الحكاية؟ لا أحد يدري على وجه اليقين وتشير الدراسات الأركيولوجية في كلٌّ من الولايات المتحدة والمكسيك إلى أن الهنود الحمر اكتشفوا نيزك «كانون ديابلو»، الذي توجد شظاياه متناثرة في الموقع، داخل وحول الفوهة، وتاجروا في قطعه ونقلوها إلى أماكن بعيدة، منذ أزمنة بعيدة، قبل أن يصل «كولومبس» إلى شواطئ العالم الجديد. 11 ويسجل «هـ. هـ. نينجر» 12 عددًا من الحالات وجدت فيها النيازك ملفوفة بعناية، كما لو كانت مومياوات، ومدفونة في منازل ومساكن الهنود الحمر؛ حيث عُثر على نيزك حديدي كبير نسبيًّا (135) رطلا، ملفوفًا في القماش والريش، في الركن الشمالي الشرقي لأطلال أحد المساكن القديمة، التي كان يقطنها الهنود الحمر، إلى الجنوب من بلدة «وينونا»، بالقرب من «كامب فيرد»، بولاية أريزونا. ووجد النيزك مدفونا بنفس الطريقة التي يدفن بها الأطفال الصغار، بمصاحبة بعض الأواني الفخارية وأسهمت هذه الأواني في تحديد عمر الدفنة، الذي قُدر بحوالي 800 عام تقريبا. وعثر في عام 1928م، بأطلال مساكن حجرية تعود إلى حضارة ما قبل التاريخ، على نيزك يزن حوالي 24 كجم، بالقرب من بلدة «وينونا» أيضًا، في صندوق حجري، مدفونًا على عمق 25 سم. ويعبر دفن النيازك بهذه الطريقة عن اعتزاز الهنود الحمر بها، وتقديسهم لها.
ويبدو أن عملية دفن النيازك لم تكن قاصرةً على الهنود الحمر وحدهم؛ إذ عثر على عدد من النيازك مدفونة بعناية في مناطق مختلفة من العالم. فعُثر في عام 1845 م على نيزك بيردناسك، الذي يزن 2.365 كجم في ركام دفنة من الدفنات بجنوب روسيا، وفي عام 1867 م عُثر على نيزك «كاساس جرانديس» في مقبرة بالمكسيك، وفي عام 1892 م عثر على نيزك «لوجان» بالأرجنتين، على عمق 6 أمتار أسفل بقايا «نصب حجري» في رواسب الحقب الرابع. 13
ومن مظاهر تقديس النيازك والاعتزاز بها، إقامة نصب تذكاري بالموضع الذي سقط عليه نيزك «والد كوتج» الحجري بإنجلترا، في 13 ديسمبر عام 1795 م الذي سبق الإشارة إليه؛ إذ على النقطة التي ارتطم بها النيزك بالأرض، رأى السيد «إدوارد توفام»، صاحب الأرض التي سقط عليها النيزك، أن يخلد ذكرى هذا الحدث الجلل في تاريخ البلاد وقتها، وأن يقيم بناءً بالطوب الأحمر، يضمُّ لوحة رخامية كبيرة، يسجل عليها البيانات الخاصة بهذا النيزك. وفي عام 1799 م أقام بالفعل النصب التذكاري للنيزك، وكتب بخط مميز على اللوحة الرخامية التالي: 14
ترجمة ما كتب على اللوحة الرخامية في النصب التذكاري الذي أقامه في عام 1799م السيد «إدوارد توفام» بموضع سقوط حجر «والد كوتج» النيزكي.
ويذكر أحد الباحثين 15 أنه سقط في عام 1853 م نيزك صغير يزن حوالي رطل واحد فقط، على منطقة تقع بالقرب من شمال زنجبار على الساحل الأفريقي الشرقي. وشاهد حدث السقوط صبية من الرعاة، فالتقطوه على الفور. وحاول المبشرون الألمان الذين كانوا بالمنطقة شراء النيزك الساقط بكل الطرق، لكن أفراد «الوانيكاس» المجاورين لموقع السقوط، الذين آل إليهم الحجر النيزكي، رفضوا بيعه أو التفريط فيه رفضًا باتًا؛ إذ اعتبروه إلها؛ لأنه حجر مقدس ساقط من السماء. وأخذوه ودهنوه بالزيت، ولفوه في القماش، وزينوه باللآلئ، وأقاموا له ضريحًا صغيرًا. ولم يُسمح لأي أحدٍ من المبشرين أو وكلائهم برؤية الحجر، ولا مجرد ذكر أي صفقة لشرائه منهم، لكن حدث بعد ذلك بثلاث سنوات أن هجم أفراد قبيلة «الماساي» البدوية على القرية، ودمروها وقتلوا عددًا كبيرًا من أفراد «الوانيكاس» وأحرقوا القرية؛ ففقد الحجر المقدس مكانته عند من قدسوه؛ ومن ثم باعه شيوخ القبيلة عند أول عرض تقدم به المبشرون لشرائه. ونقل النيزك الصغير لألمانيا، وظل معروضًا ضمن مقتنيات متحف ميونخ في ألمانيا. وما زالت بقايا ممارسات تقديس النيازك والتبرك بها موجودةً في كثير من الثقافات، في عدد كبير من البقاع. فعلى سبيل المثال لا يزال يحرص رجال بعض القبائل والطوائف في الهند على جَمْع النيازك الساقطة، والاحتفاظ بها في دور العبادة الخاصة بهم، باعتبارها أجسامًا مقدسة ويتصارعون مع رجال المساحة الجيولوجية الهندية، المنوط بهم جمع النيازك الساقطة على البلاد بهدف دراستها ومعرفة طبيعتها. وما لم يسبق الباحثون في جمع النيازك التي تشاهد وهي ساقطة، يسبق إليها الأهالي ويقتنصونها. 16 ومن المواقف التي تكشف عن الاعتزاز بالنيازك، باعتبارها مادة سماوية، إقدام بعض الأهالي في قرية روسية على أكل حجر من أحجار نيزك سقط في أواخر عام 1886 م، على قرية «نوفا أوري» التي تقع بجمهورية «موردوفيا» الروسية. 17 ولا يعرف سبب ذلك التصرف من قبل هؤلاء الناس، وهل كان نوعًا من التبرك بالنيازك، أم ظنوها تمثل نوعًا من العلاج الفعال؟
_______________________________________________________________
هوامش
(1) Fletcher, L (1896): An introduction to the study of meteorites: with a list of the meteorites represented in the collection. British Museum (Natural History), London.
(2) Gale, T. (2005): Encyclopedia of Religion, Second Edition. p. 6438.
(3) د. زكي إسكندر، من أعمال وحياة زكي إسكندر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1994.
(4) Heide, F. and Wlotzka, F. (1995): Meteorites: Messengers from space (op. cit.).
(5) ب. كوملان، الأساطير الإغريقية والرومانية، ترجمة: أحمد رضا محمد رضا، مراجعة: محمود خليل النحاس، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1992.
(6) Norton, O. R. (1998): Rocks from Space: Meteorites and meteorite Hunters. Mountain Press Publishing Company, Missoula, Montana.
(7) Shima, M., Murayama, S., Yabuki, H., and Okada (1980): Petrography, Mineralogy and Chemical Composition on the Chondrite Nogata, Nogata-shi, Fukuoka-ken, Japan: Oldest Observed Fall in the World. Meteoritics, 15, p. 365.
(8) Norton, O. R. (1998): Rocks from Space: Meteorites and meteorite Hunters.
(9) McSween, H. (1986): Meteorites and their parent planets. Cambridge University Press, Cambridge.
(10) Flight, W. (1887): A chapter in the history of meteorites. London: Dulau and Co.
(11) Heide, F. and Wlotzka, F. (1995): Meteorites: Messengers from.space (op. cit.).
(12) Nininger H. H. 1959: Out of the sky. Dover Publications, New York p. 336.
(13) Krinov, E. L. (1960): Principles of meteorities (op. cit.).
(14) Pillinger, C. T. and Pillinger, J. M. (1996): The Wold Cottage meteorite: Not just any ordinary chondrite. Meteoritics, 31, p. 589–605.
(15) Newton, H. A. (1897): The Worship of Meteorites. Nature, 56, p. 355–359.
(16) Prior, G. T. (1926): A guide to the collection of meteorites. British Museum.
(17) McSween, H. (1986): Meteorites and their parent planets. (op. cit.).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|