الآلات الحرارية: مفهوم تحويل الحرارة إلى عمل عند محمد بن منكلي (القرن 8هـ / 14م) |
899
02:40 صباحاً
التاريخ: 2023-05-25
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-02
941
التاريخ: 2023-05-23
815
التاريخ: 2023-05-04
883
التاريخ: 2023-04-20
924
|
يذكر المؤرخ الألماني إيلهارد فيدمان وجود عربي مجهول 24 قام بصنع آلة كبيرة تعتمد على فكرة استحالة الخلاء؛ حيث صنع آلة ترفع الماء من بئر عميق بوساطة النار، والتي أعاد تجربتها المهندس والفيزيائي الإيطالي جيوفاني فونتانا G. Fontana (نحو 1395- نحو 1455م) ووصفها الباحث فون روموكيس von Romockis في كتابه (تاريخ المتفجرات). 25،26
هذه الفكرة كان سبق وأن طرح مبدأها فيلون البيزنطي أيضًا في كتابه (في الحيل الروحانية وميخانيقا الماء)، وذلك بجعل شمعة تُوضع في داخل حوجلة مقلوبة رأسًا على عقب، وكلتاهما موضوعتان داخل وعاء فيه ماء، فإذا ما احترق الهواء داخل الحوجلة وانطفأت الشمعة تم سحب المياه لداخل الحوجلة، وهي الفكرة التي نراها اليوم تستخدم من قبل من يقومون بالحجامة والتي تُسَمَّى بـ «كاسات الهواء».27
وقد استطعنا أواخر عام 2017م الكشف عن الوثيقة التي تذكر استخدامها في سحب مياه بئر سطحية يتراوح عمقها بين «5-25 مترا »، 28 تحت سطح الأرض، وهي تعود للقرن 14م؛ فقد أورد محمد بن منكلي الناصري (تُوفِّي بعد 770هـ /1368م) في كتابه (الجيل في الحروب وفتح المدائن وحفظ الدروب) صفة هذه الرافعة الحرارية بقوله تحت عنوان صفة إطلاع الماء بالنار: «إذا أردت أن ترفع الماء من بئر عشرة أذرع إلى خمسين ذراعًا وأكثر من ذلك بالنار بإذن الله تعالى، فاتخذ قناة بطول البير التي تريد رفع الماء منها وزايد عشرة أذرع فوق الأرض واجعلها مُرَبَّعة فترًا في مثله محكمة لا يدخلها ريح ولا يخرج منها واثقب على رأس شبر من هذه القناة أربَعَ ثُقُب في جوانبها واسعة يدخل منها الماء، واتخذ قناةً أخرى في طولها شبر واحد، وحُنَّ أحد طرفيها من الجانبين كما يُحنُّ القلم، واجعل على طرفها المحزوز جلد أديم كهيئة رأس القربة، واجعل طول الجلد شبرًا، واجعل هذه القناة الصغيرة جوف القناة الكبيرة من الجانب المثقب الذي فيه الثقب الأربعة، وابدأ بإدخال الجلد، وارفع القناة حتى تُجاوِز الثقوب، وسُدَّ ما حولها لئلا يرجع أو يخرج من الماء منحدرا ، ثم اجعل في البئر على ذراع من أسفلها لوحًا عريضًا وارتقب القناة فيه لئلا يدخلها الطين، وليكن الرَّأسُ الذي فيه الثقوب على اللوح، ثم أطبق على رأس البئر ألواحًا حول القناة، وقيرها وصهرجها ناعمًا لئلا يدخل البئر شيء من الماء، ولا يخرج منها ريح، ثم ابن على رأس البئر حول القناة حوضًا مُربَّعًا يكون عشر أذرع في مثل ذلك، وسمكه مثل ذلك؛ حتى يُحاذي البناء رأس القناة الخارج من البئر ، ثم اعقد على ذلك أزَجًا وقُبَّة، واجعل له بابا يدخل من الرجل ويخرج، واجعل الأزج فوق الماء رفًا كيما يدور، واجعل نفاطات كالقناني – شبة أو نحاس – واجعل فيها فتالًا غِلاظًا واملأها نفطًا أو زيئًا وأشعل النار في الفتل، وتصف القناني على الرف في الأزج، والقُبة كيما تدور، حتى يجعل منها عشرين نفاطة، ثم أطبق الباب وسُدَّه بالطين حتى لا يخرج منه شيء من الدخان ولا يدخله ريح، ثم دعه يومًا وليلة، بقدر ما تعلم أن الزيت أو النفط قد نفد والنار قد انطفأت، ثم افتح باب الأزج تجد الحوض مملوءًا إلى طرف القناة ماءً – بإذن الله تعالى – فاصرفه حيث شئت، وأعد القناني إذا شئت، تغتبط بإذن الله تعالى.
أعيد بناء وتصميم المضخة الحرارية المخصَّصة لسحب المياه التى ورَدَ وصفها عند العربي المجهول في معهد تاريخ العلوم العربية في فرانكفورت، لقد كانت مصابيح النفط تقوم بطرد الهواء من أعلى القبة، أو تستهلكه، ولدى تبريد القبة فإن الضغط ينخفض؛ الأمر الذي يجعل الماء ينسحب في القناة ويصعد للأعلى (ارتفاع النموذج المصنوع المصغر عن الحقيقي 60 سم، حيث اعتبر سزكين أن الذراع = 60 سم) مصدر الصورة والتعليق : Science and Technology in Islam, V, p. 36
وقد انقضى الكلام في ذكر التدبيرات المقصورة على عمارة البلاد التي تدعو الحاجة إليها عند احتباس الأمطار وقلة المياه.» 29
تلاحظ من النص السابق أن ابن منكلي اعتمد في سحب مياه من بئر سطحية على قوة التخلية الكبيرة، وهذا يعني وجود كمية كبيرة من المادة المخترقة التي تحتجز داخل وعاء عملاقة محكمة الإغلاق، إضافةً لوجود آلية تصريف دقيقة تُوزّع الماء بعد سحبه من البئر.
______________________________________________________________
هوامش
24-Istanbul, Ayasofya 3187, Oxford, Bodl. Marsh 669, 1348, Leiden, Warn. 499 (= or. 499, v. P. Voorhoeve, Handlist of Manuscripts, Leiden 1957, pp. 116-117)
25- von Romockis, J., Geschichte der Explosivstoffe, Vol.1, p. 232
26- فيدمان، إيلهارد، بحث ضمن مجموعة مقالات في تاريخ العلوم العربية والإسلامية، مجلد 1، جمع وإعداد دوروتيه جيركه وديتر بيشوف، معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، جامعة فرانكفورت، فرانكفورت، 1984م، عنوان البحث: Wiedemann, Eilhard, Uber das Experiment im Altertum un Mittelater, 1906, p. 152
27- وردت تفاصيل هذه التجربة في كتاب أصول الحيل الهندسية في الترجمات العربية، شوقي، جلال، ط 1، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، الكويت، 1995م، ص 50.
28- أو ما بين «10 - 50 ذراعًا» كما ذكر ابن منكلي (ص 166 و) ، والذراع يعادل حوالي «50 سم». انظر: موسوعة وحدات القياس العربية والإسلامية، ص 100.
29- ابن منكلي الناصري، الحيل في الحروب وفتح المدائن وحفظ الدروب، مخطوطة المكتبة البريطانية، رقم (14055 (Add MS ، ص 166و-168ظ. وقد قام بتحقيق هذا الكتاب نبيل محمد عبد العزيز، ونشرته مطبعة دار الكتب المصرية سنة 2000م، لكن المحقق لم يستخدم هذه النسخة ضمن النسخ الثلاث التي اعتمدها في عمله، والنص السابق موجود في الطبعة المحققة في الصفحات 288-290.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|