المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الجمال المعنوي والأخلاقي  
  
1711   11:36 صباحاً   التاريخ: 2023-04-26
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص40 ــ 42
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

هناك مسألة مهمة يجب الالتفات إليها وخاصة من قبل الشباب وهي أن جمال الإنسان من وجهة نظر أولياء الله (عليهم السلام) لا ينحصر بتاتاً بالجمال الطبيعي والمصطنع أي التجمل بل يتعداه إلى الجمال المعنوي والأخلاقي الذي يعتبر من الأركان المهمة والأساسية لجمال الإنسان، وبعبارة أوضح إن الجمال المتكامل للإنسان يشمل الجمال الظاهري والجمال الباطني وكلاهما يسميان بالجمال.

إن الجمال الطبيعي والمصطنع والمقصود منه التجمل يجملان ظاهر الإنسان، إنما جمال العلم والروح والأخلاق وهو أسمى درجات الجمال ، يزيد المرء الجميل جمالاً روحياً ومعنوياً.

جمال العلم والاخلاق:

ومع أن الجمال والتجمل الظاهري يجعلان المرء محبباً إلى قلوب الناس معززاً ، إلا أن الجمال الذي يليق بمقام الإنسان ويوصله إلى الكمال الحقيقي والعزة الواقعية هو جمال العلم والأخلاق وجمال الصفات الحميدة والسجايا الإنسانية المحمودة.

قال علي (عليه السلام): ميزة الرجل عقله وجماله مروته(1).

وعنه (عليه السلام) أنه قال : العلم جمال لا يخفى ونسب لا يجفى(2).

وقال أبو محمد العسكري (عليه السلام) في الجمال : حسن الصورة جمال ظاهر وحسن العقل جمال باطن(3) .

إن كلمة جمال وردت بحق الله سبحانه وتعالى في كثير من الروايات والأدعية المباركة ، وكان أولياء الله (عليهم السلام) يعطون صفة الجمال لله تباركت أسماؤه .

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن الله جميل يجب الجمال ويجب أن يرى اثر النعمة على عبده(4). 

الجمال الالهي:

ليس هناك مجال للشك في أن المقصود بالجمال الإلهي ليس الجمال الطبيعي أو الجمال المصطنع ، بل المراد منه هو جمال الصفات والكمال المعنوي لله سبحانه وتعالى ، فهو خير مطلق وكمال مطلق وجمال مطلق ، وليس في ذاته المنزه من كل عيب ونقص سوى الكمال والجمال، (اللهم إني أسالك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل. اللهم إني أسالك بجمالك كله). إن الله سبحانه وتعالى قد اختار لنفسه صفات جميلة مثل العلم والمقدرة والرحمة والحلم والجود والاستجابة للدعوة وستر العيوب وقبول الاستغفار والعفو عن المذنبين التائبين والعدل وغيرها من الصفات الحميدة الجميلة التي تشكل أساس الجمال المعنوي إن الله تبارك وتعالى يحب أن يتصف عباده بهذه الصفات ويتزينوا بالجمال المعنوي.

______________________________

(1و2) غرر الحكم، ص759 و54.

(3) البحار ج1 ، ص 32 .

(4) الكافي ج6، ص438. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.