أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2019
1663
التاريخ: 14-1-2023
1566
التاريخ: 17-1-2023
977
التاريخ: 21-1-2023
1059
|
يقوم تفسير فيزياء الكم الذي صار الطريقة المعيارية لرؤية الأشياء طيلة عقود على فكرة الموجات؛ وبدرجة كبيرة على نسيان التحذير الخاص بـ «كأن». في عشرينيات القرن العشرين، كان علماء الفيزياء يعلمون بالفعل أن عالم الكم يمكن وصفه بواحدة من طريقتين رياضيتين. إحداهما تتضمن الموجات، وتلخّصها معادلة شرودنجر. أما الأخرى فتنطوي على أرقام محضة، في صورة مجموعات تُسمى مصفوفات، طورت من بحث فيرنر هايزنبرج وبول ديراك. وقد أعطت كلتا الطريقتين نفس الإجابات، فكان العمل بإحداهما مسألة تفضيل، ولما كان أغلب علماء الفيزياء معتادين على المعادلات الموجية إلى حد ما، كانوا يختارونها. غير أن ما تحسبه في أي حسابات كمية هو العلاقة بين حالتي نظام ما، حيث قد يكون النظام إلكتروناً، أو تجربة الثقبين، أو (نظريا) الكون بأكمله، أو أي شيء فيما بين الإلكترون والكون. فإن كان لديك مجموعة من المعايير تصف النظام في الحالة «أ»، فيمكنك حساب احتمالية تحوله إلى الحالة «ب» بعد فترة زمنية محددة. لكن لا يوجد ما يخبرك بما سيحدث أثناء ذلك.
المثال النموذجي على ذلك هو الإلكترون داخل الذرة. يمكن، في بعض التقديرات، أن نرى الإلكترونات كأنها (ذلك التحذير) في مدارات مكافئة لكميات مختلفة من الطاقة. حين تطلق الذرة طاقة في شكل ضوء يختفي إلكترون من أحد المدارات ويظهر في مدار آخر أقرب إلى نواة الذرة. وحين تمتصُّ الذرة ضوءًا، يختفي إلكترون من أحد المدارات ويظهر في مدار أبعد عن نواة الذرة. ولكنه لم يتحرك من مدار إلى الآخر. كلُّ ما هنالك أنه كان في البداية هنا، ثم صار هناك. ويُعرف هذا بالقفز الكمي (أو القفزة الكمية).1 أراد شرودنجر بميكانيكا الموجات الخاصة به تفسير ما يحدث أثناء القفزة، لكنها لم تفعل وفي ذلك قال: «إن بقيت مسألة القفز الكمي اللعينة هذه برُمَّتها لزمن طويل حقًّا، فسوف أندم على تدخُلي في نظرية الكم يوما.» للأسف يا شرودنجر، لقد بقيت، وما زالت باقية. ومنهج المصفوفة أكثر أمانة وصدقًا؛ إذ لا يدَّعي أنه يحاول إخبارنا بما يحدث بين الحالة «أ» والحالة «ب»، لكنه يمنح عزاءً أقل مما تمنحه معادلة شرودنجر.
نیلز بور
«جيتي إيميدجز»
صار ما ظل لعقود الأسلوب القياسي للنظر إلى عالم الكم يُعرَف بتفسير كوبنهاجن؛ لأن نيلز بور الذي جعل يروّج له ترويجا، كان من الشخصيات المؤثرة التي كانت تقيم في تلك المدينة. وقد أثارت هذه التسمية (الذي أطلقها في الواقع فيرنر هايزنبرج على مجموع الأفكار التي تضمنها هذا التفسير) قدرًا كبيرًا من الضيق لماكس بورن، الذي لم يكن عضوا في فريق بور، ولم يكن يعمل في كوبنهاجن، لكن كانت أفكاره عن الاحتمالية جزءًا لا يتجزأ من التفسير. فقد كان بور مسيطرًا تمامًا على أي نقاش عن فيزياء الكم في نهاية عشرينيات القرن العشرين، حتى إنه علاوةً على أن جعل بلدته معروفة على هذا النحو، ظل ينتقد بشدة تفسيرًا بديلًا عمليًّا تمامًا لميكانيكا الكم، حتى إنه ظل مغفلًا طيلة عقدين.
كان بور في الأساس براجماتي الطابع، يروق له تجميع أفكار متفرقة من هنا وهناك معا ليصنع منها مجموعة أفكار صالحة للتطبيق، دون أن يشغل باله كثيرًا بما تعنيه في مجملها. ونتيجة لذلك لا توجد جملة مباشرة محدَّدة تفيد بما يعنيه تفسير كوبنهاجن، وإن كان بور قد اقترب من البوح به في محاضرة ألقاها في كومو في إيطاليا، عام 1927؛ أي قبل أن يكتسب التفسير اسمه بمدة طويلة. كان المؤتمر الذي أُلقيت فيه المحاضرة لحظة فارقة في عالم الفيزياء؛ إذ كانت إيذانًا ببدء مرحلة تزويد علماء الفيزياء بالأدوات التي سيحتاجون إليها لكي «يلزموا الصمت ويؤدوا العمليات الحسابية»، مطبقين حلول ميكانيكا الكم على مشکلات عملية تتعلق بالذرات والجزيئات (مثل الكيمياء والليزر والبيولوجيا الجزيئية) من دون الحاجة للتفكير في أساسيات ما تعنيه المسألة برمتها.
وقد طال أسلوب بور البراجماتي تفسيره. فقد قال إننا لا نعلم شيئًا سوى نتائج التجارب. وهذه النتائج تعتمد على ما صُمِّمت التجارب لقياسه؛ أي على التي نختار طرحها بشأن عالم الكم بشأن الطبيعة. وهذه الأسئلة تتأثر بخبراتنا اليومية في الحياة، على نطاق أكبر بكثير من الذرات وغيرها من الكيانات الكمية. لذا لنا أن نخمن أن الإلكترونات جسيمات، ونُعِدَّ تجربة لاختبار ذلك بطريقة واضحة من خلال قياس كمية الحركة لأحد الإلكترونات، معتبرين الإلكترون كرة بلياردو صغيرة. وللغرابة أننا حين نحذو هذا الحذو، تقيس التجربة كمية حركة الإلكترون؛ وهو ما يؤكد اعتقادنا بأن الإلكترونات جسيمات. لكن لنا صديقة لديها رأي مختلف. فهي ترى أن الإلكترونات موجات، وتصمم تجربة لقياس الطول الموجي للإلكترون وللغرابة أن تجربتها تعطينا قياسًا للطول الموجي؛ وهو ما يؤكد اعتقادها بأن الإلكترونات موجات. لكن بور لا يرى مشكلة. فمجرد تصرف الإلكترونات كأنها جسيمات حين تكون بصدد البحث عن جسيمات، أو «كأنها» موجات حين تكون بصدد البحث عن موجات لا يعني أنها أي منهما، فضلًا عن كليهما. فأنت تجد ما تتوقعه، وما تتوقعه يتوقف على ما تختار البحث عنه. فلا جدوى، بحسب تفسير كوبنهاجن، من التساؤل عن ماهية كيانات كمية مثل الإلكترونات والذرات، أو ما تفعله، حين لا يكون هناك من يقوم بقياسها، أو رصدها إذا شئت.
حتى الآن يبدو بور براجماتيا لأقصى الحدود، ولا يوجد ما يدعو للانزعاج الشديد. بيد أن بور ما لبث أن زاد الموقف تعقيدًا. وهنا يأتي دور الاحتمالية حين توصل شرودنجر الى معادلته الموجية، كان يراها وصفا دقيقًا للإلكترون (أو كيانًا كميًّا آخر؛ فالإلكترونات هي أبسط مثال يُستخدم للتوضيح). كان من وجهة نظره أن الإلكترون كان موجة. لكن بور أخذ فكرة شرودنجر وانطلق بها، دامجًا بينها وبين أفكار بورن عن دور الاحتمالية ليخرج بمزيج عجيب ومزعج، كان ناجعًا (وما زال)، فيما يتعلق بالحسابات الكمية، لكنه يسبب لك صداعًا حين تتوقف لتأمله. إن المعادلة التي يقدمها لنا شرودنجر، في هذه الصورة الجديدة، يُنظر إليها باعتبارها «موجة احتمالية»، ويتحدَّد احتمال العثور على أي إلكترون عن طريق «مربع الدالة الموجية»، الذي يتم التوصل إليه بالأساس بضرب المعادلة التي تصف الموجة في نفسها، في أي مرحلة. حين نجري قياسًا، أو نرصد كيانًا كميا، «تنهار» الدالة الموجية عند نقطة ما تتحدَّد من خلال الاحتمالات لكن رغم أن بعض المواضع أرجح من غيرها، فقد يظهر الإلكترون، نظريًا، في أي مكان انتشرت فيه الدالة الموجية. وثَمة مثال بسيط جدا يُبرز غرابة هذا السلوك.
لنتخيل إلكتروناً وحيدًا محبوسًا داخل صندوق تنتشر موجة الاحتمالية لتملأ الصندوق بالتساوي؛ وهو ما يعني تساوي احتمالات العثور على الإلكترون في أي موقع داخل الصندوق. الآن ضع فاصلًا في منتصف الصندوق. يقتضي المنطق البديهي أن يكون الإلكترون حتمًا محبوسًا الآن في أحد نصفي الصندوق. لكن تفسير كوبنهاجن يقول إن موجة الاحتمالية ما زالت تملأ كلا نصفي الصندوق، وإن الإلكترون قد يكون موجودًا على أي من جانبي الفاصل وتتساوى الفرص في ذلك. والآن قسم الصندوق إلى جزأين من منتصف الفاصل. احتفظ بأحد نصفي الصندوق في مختبرك، وضع النصف الآخر في صاروخ لينطلق به إلى المريخ تظل احتمالات ظهور الإلكترون في الصندوق الذي في المختبر أو على المريخ متعادلة، حسب رأي بور. والآن افتح الصندوق الذي في مختبرك. إما أنك ستجد الإلكترون أو لن تجده. لكن في كلتا الحالتين انهارت الدالة الموجية. إن كان صندوقك فارغا، فالإلكترون في المريخ، وإن كان الإلكترون معك، فالصندوق الآخر فارغ. «ليس» هذا مثل القول بأن الإلكترون «كان دائمًا» في أحد نصفي الصندوق؛ إذ يصر تفسير كوبنهاجن على أن الانهيار يحدث فقط عند تفحص محتويات الصندوق الذي في المختبر. وهذا هو جوهر الفكرة وراء مفارقة بحث إي بي آر ولغز شرودنجر الشهير الذي يتضمن القطة الميتة الحية. لكن قبل الخوض في تلك القصة، أود أن ألقي نظرة على طريقة «شرح» تفسير كوبنهاجن لتجربة الثقبين وفقًا لتفسير كوبنهاجن الذي تعلمته حين كنت طالبًا، والذي ما زال العديد من الطلاب يتلقونه في الوقت الحاضر، باعتباره السبيل إلى «فهم» ميكانيكا الكم، يُطلق إلكترون من مصدر ما – مدفع إلكتروني – في جانب من التجربة باعتباره جسيمًا. يتحلل الإلكترون في الحال متحولاً إلى «موجة احتمالية» تنتشر في أنحاء التجربة وتتجه نحو شاشة الكاشف على الجانب الآخر. تمرُّ هذه الموجة عبر الثقوب المفتوحة أيا كان عددها، متداخلةً مع نفسها أو غير متداخلة حسب الاقتضاء، ويصل إلى شاشة الكاشف في صورة نمط من الاحتمالات، يعلو في بعض الأماكن وينخفض في أخرى، تنتشر في أنحاء الشاشة. في تلك اللحظة، «تنهار» الموجة وتعود جسيمًا، يتم اختيار مكانه على الشاشة عشوائيا، لكن بما يتوافق مع الاحتمالات. ويُسمى هذا «انهيار الدالة الموجية». ينتقل الإلكترون كموجة لكنه يصل كجسيم.
إرفين شرودنجر
«جيتي إيميدجز»
بيد أن الموجة تحمل أكثر من مجرد احتمالات. إذا كان للكيان الكمي حالات عدة يمكن أن يكون فيها، مثل الإلكترون الذي قد يدور لأعلى أو يدور لأسفل، فالدالة الموجية تتضمن بطريقة ما كلتا الحالتين، ويُسمَّى الموقف تراكب الحالات، وكذلك تتحدد الحالة التي يستقر عليها الكيان عند مرحلة الكشف، أو التفاعل مع كيان آخر، في لحظة انهيار الدالة الموجية. في محاضرة في جامعة سانت أندروز عام 1955، قال فيرنر هايزنبرج إن «الانتقال من الممكن» إلى «الفعلي» يحصل أثناء عملية الرصد.»
فيرنر هايزنبرج
«جيتي إيميدجز»
يصلح هذا كطريقة لحساب السلوك الكمي، كأن الأشياء التي من قبيل الإلكترونات كانت تتصرف هكذا بالفعل. لكنه كذلك يطرح العديد من الألغاز. ولعل أحد أكثر هذه الألغاز استغلاقًا تجربةٌ يُطلَق عليها «الاختيار المتأخر»، التي اختلقها عالم الفيزياء جون ويلر. بدأ ويلر تجربته انطلاقًا من حقيقة أن الفوتونات عند إطلاقها، كلُّ واحدة على حدة خلال تجربة الثقبين، تُكوِّن نمط تداخل على شاشة الكاشف. لكن حسب تفسير كوبنهاجن، إذا وضعنا جهازًا بين الثقبين وشاشة الكاشف لرصد الثقب الذي تمرُّ عبره الفوتونات، فسيختفي نمط التداخل؛ وهو ما يدل على أن كل فوتون قد مرَّ بالفعل عبر ثقب واحد فقط من الثقبين. يحدث الاختيار المتأخر؛ لأننا نستطيع أن نقرّر إذا ما كنا سنراقب الفوتونات «بعد مرورها من الحاجز ذي الثقبين أم لا. لا شك أن ردود الأفعال البشرية ليست سريعةً بما يكفي للقيام بذلك. ولكن أُجريت تجارب باستخدام أجهزة رصد أوتوماتيكية للقيام بذلك تحديدًا؛ إذ يتم تشغيل أجهزة الرصد أو إغلاقها بعد مرور الفوتونات من الثقبين.
تبين هذه التجارب أن نمط التداخل يختفي بالفعل عند رصد الفوتونات؛ وهو ما يعني أن كل فوتون (أو الموجة الاحتمالية) يمرُّ من خلال ثقب واحد فقط، وإن كان قرار رصد الفوتون قد حُسِم فقط بعد مرورها من الثقبين.
أشار ويلر إلى أن من الممكن تخيل تجربة مماثلة على مستوى كوني حرفيًا. ففي ظاهرة تُعرف باسم التأثر العدسي التثاقلي، يتركز الضوء القادم من جسم بعيد، نجم زائف مثلا، بفعل جاذبية جسم دخيل، وليكن مجرة مثلًا، بحيث يتبع مسارين (أو أكثر) حول عدسة الجاذبية. يصنع هذا صورتين للجسم في الكواشف الموجودة هنا على الأرض. بدلًا من تكوين هاتين الصورتين، يجوز نظريا دمج الضوء القادم من طرق شتّى حول العدسة لتكوين نمط تداخل، ينتج عن اتباع الموجات كلا المسارين حول العدسة. إنها نسخة كونية لتجربة الثقبين. لكن يمكن عندئذٍ مراقبة الفوتونات قبل أن تتسنى لها فرصة تكوين نمط التداخل لنرى أي طريق سلكته حول العدسة. في تلك الحالة، ووفقًا لنتائج التجارب المختبرية، سيختفي نمط التداخل. قد يكون النجم الزائف على بعد 10 مليارات سنة ضوئية، وقد تكون المجرة القائمة مقام عدسة الجاذبية على بعد خمسة مليارات سنة ضوئية. لكن بناءً على كلٌّ ما نعرفه من التجربة، يتأثر ما كانت الفوتونات تفعله قبل مليارات السنين وعلى بعد مليارات السنين الضوئية بما نختار قياسه هنا والآن. فما الذي يحدث؟ «يأمرنا تفسير كوبنهاجن بألا نطرح مثل تلك الأسئلة»، على حدّ تعبير ويلر نفسه.2 إنه ليس تفسيرًا رائعًا للغاية إذَن.
يقول تفسير كوبنهاجن في الأصل، إن الكيان الكمي لا تكون له خاصية معينة – أي خاصية – حتى يتم قياسه وهو ما يثير شتّى التساؤلات حول مقومات القياس. هل يجب أن يكون لذكاء البشر دخل في ذلك؟ هل يكون القمر في مكانه حين لا ينظر إليه أحد؟ هل يوجد الكون فقط لأن البشر لديهم الذكاء الكافي لملاحظته؟ أو هل التفاعل بين كيان كمي وجهاز كاشف يُعد قياسًا؟ أو أين بين هذين الطرفين تجد الحد الفاصل بين عالم الكم وعالم فيزياء نيوتن القديمة السلسة «الكلاسيكي»؟ كان هذا النوع من التساؤلات هو ما حدا بشرودنجر للتوصل إلى لغزه الشهير حول القطة الحبيسة في حجرة (وقد استخدم الكلمة الألمانية لـ «حجرة»، وليس كلمة «صندوق») مع جهاز مرعب مهيأ لقتل القطة، لكنها في حالتي تراكب بنسبة متساوية. على سبيل تحديث مثاله، تخيَّل كاشفًا في حجرة يقيس دوران الإلكترون. إذا كان لأعلى، دار الجهاز وماتت القطة. وإن كان لأسفل، كانت القطة في مأمن. فالإلكترون يكون في حالة تراكب قبل رصده. لكن لا يوجد أحد في الحجرة ليرى ما يحدث عند دوران الكاشف هل تنهار الدالة الموجية أم لا؟ هل تكون القطة هي الأخرى في حالة من التراكب ميتة وحية في آن واحد، حتى يفتح أحد الأشخاص باب الحجرة ليلقي نظرة؟
يتضمن تطويري لهذه الفكرة اثنتين من نسل القطة (بافتراض أنها بقيت على قيد الحياة) سأسميهما هِرَّتَي شرودنجر.3 تعيش هاتان الهرتان المتطابقتان المنحدرتان من نسل قطة شرودنجر في كبسولتين فضائيتين متطابقتين، مجهزتين بكل ضروريات الحياة، بل وبعض الألعاب للهو بها. تتصل الكبسولتان بواسطة أنبوب، وفي منتصف الأنبوب يوجد صندوق يحتوي على إلكترون واحد تملأ موجة الإلكترون الصندوق على نحو متساو. يُوضع فاصل لتقسيم الصندوق إلى نصفين وللفصل بين الكبسولتين؛ وبذلك تكون كل كبسولة متصلة الآن بصندوق يحتوي على نصف موجة إلكترون. تذهب الكبسولتان في رحلتين طويلتين منفصلتين، في اتجاهين متعاكسين وبالسرعة نفسها بالضبط، حتى تصيرا على بعد عامين ضوئيين. ويكون لكلِّ منهما كاشف لرصد وجود الإلكترون. بعد مدة زمنية معينة (ليس بالضرورة أن تكون المدة واحدة في كل كبسولة) يُفتح نصف الصندوق في كل كبسولة عن طريق جهاز أوتوماتيكي. إن كان الإلكترون موجودًا فيه، تموت القطة التي صارت بالغةً الآن. وإن لم يكن موجودًا، عاشت القطة. لكن لا يوجد مراقب ذكي ليعلم ما يحدث. فهل كلٌّ من القطتين في حالة تراكب؟ يستحوذ كائن فضائي ذكي في مركبة فضائية عابرة على إحدى الكبسولتين وينظر بداخلها، فيرى إما قطة ميتة أو قطة حية. هل هذه هي اللحظة التي تنهار فيها الدالة الموجية في «كل» من الكبسولتين، فيكون ما يراه الفضائي هو ما يحدد مصير القطة الأخرى الكائنة على بعد عامين ضوئيين؟ نعم، وفقًا لتفسير كوبنهاجن المتواضع.
ما البديل إذَن؟ البدائل عديدة، وإن كنت قد تراها مثيرةً للضحك تماما مثل تفسير كوبنهاجن، وأولها ذلك الذي شرع يظهر في نفس توقيت ظهور تفسير كوبنهاجن، وكاد بور أن يقضي عليه في مهده، ولكن كتب له البقاء.
هوامش
(1) على خلاف ما يعتقد المعلنون، القفزة الكمية تغيير صغير جدا يأتي عشوائيا.
(2) اقتبسه فيليب بيل.
(3) أخذ علماء فيزياء الجسيمات الاسم واستخدموه في سياق آخر. وذاك حق أصيل لهم.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|