أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-7-2016
3031
التاريخ: 2-8-2016
3667
التاريخ: 2023-03-20
1832
التاريخ: 2-8-2016
3705
|
إنّ إمامة الإمام المهدي ( عليه السّلام ) من الحقائق الثابتة عند المسلمين على اختلاف مذاهبهم ، وهو المصلح الأكبر والمنقذ الأعظم للبشرية من شتّى أنواع الانحراف ، وهو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد امتلائها ظلما وجورا .
وقام الإمام الرضا ( عليه السّلام ) بدوره ومسؤوليته في توجيه الانظار إلى حقيقة هذا المبدأ الإسلامي المتمثّل في قضية الإمام المهدي ( عليه السّلام ) ، لقرب العهد بولادته وغيبته ، وقد جاءت رواياته وإخباراته مطابقة لما صدر عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من روايات وأحاديث :
فقد قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « لو لم يبق من الدهر إلّا يوم لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا »[1].
كما قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « المهدي من عترتي من ولد فاطمة »[2] ، وقال : « المهدي من ولد الحسين »[3].
ووردت روايات عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) تصرّح بغيبة الإمام المهدي ( عليه السّلام ) ، بقوله ( صلّى اللّه عليه واله ) : « والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود اليه منّي ، حتى يقول أكثر الناس : ما للّه في آل محمد حاجة ، ويشك آخرون في ولادته ، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ، ولا يجعل للشيطان اليه سبيلا بشكّه . . . »[4].
وقد قام الإمام الرضا ( عليه السّلام ) بالترويج لهذا المبدأ الإسلامي عند المقرّبين لديه . وقد بلغت النصوص الخاصة بالإمام الرضا ( عليه السّلام ) عن هذه القضية الإسلامية كما أحصاها مسند الإمام الرضا ( عليه السّلام ) ستّة وثلاثين نصّا .
وإليك نماذج منها :
1 - عن أيوب بن نوح قال : قلت للرضا ( عليه السّلام ) : انّا لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر ، وأن يردّه اللّه عزّ وجل إليك من غير سيف ، فقد بويع لك ، وضربت الدراهم باسمك .
فقال ( عليه السّلام ) : « ما منا أحد اختلفت اليه الكتب ، وسئل عن المسائل ، وأشارت اليه الأصابع ، وحملت اليه الأموال الّا اغتيل أو مات على فراشه ، حتى يبعث اللّه عزّ وجلّ لهذا الأمر رجلا خفيّ المولد والمنشأ غير خفيّ في نسبه »[5].
2 - عن محمد بن أبي يعقوب البلخي قال : سمعت أبا الحسن الرضا ( عليه السّلام ) يقول : « إنّه سيبتلون بما هو اشدّ وأكبر ، يبتلون بالجنين في بطن أمه والرضيع ، حتى يقال :
غاب ومات ، ويقولون : لا امام . . . »[6].
3 - وصرّح ( عليه السّلام ) بخصوصية الإمام المهدي - عجّل اللّه فرجه - بأنه الثالث من ولده فقال : « كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه ، فقال له علي بن الحسن بن فضّال : ولم ذلك يا ابن رسول اللّه ؟ قال : لأنّ امامهم يغيب عنهم . . . لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف »[7].
4 - ثم صرّح بأكثر من ذلك فحدّد اسمه فقال ( عليه السّلام ) : « لا بد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وحرّى وحرّان ، وكل حزين لهفان ، بأبي أنت وامّي سميّ جدّي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران . . . »[8].
وكان العباسيون يدركون أن قضيّة الإمام المهدي ( عليه السّلام ) حقيقة إسلامية لا بدّ منها ، ويتخّوفون من زوال حكمهم على يديه ، لذا كانت الروايات في شأنه في غاية السرّية والكتمان . ولعلّ إشخاصهم للأئمة ( عليهم السّلام ) إلى مركز حكمهم وعاصمتهم كان قائما على أساس ترقب ولادة المهدي ( عليه السّلام ) والقضاء عليه في مهده إن لم يمكنهم الحيلولة دون ولادته .
فالمأمون أشخص الإمام الرضا ( عليه السّلام ) إلى خراسان ، وأشخص ابنه الإمام الجواد ( عليه السّلام ) أيضا إلى بغداد بعد انتقال مركز خلافته إليها . ولعلّ تزويجه للإمام ( عليه السّلام ) من ابنته كان باعتبار هذا الهدف ، إضافة إلى محاولة اختلاط النسب بين العباسيين وأئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) فضلا عن الحضور داخل حياتهم الشخصية ليكونوا على معرفة بما يستجدّ في حياة أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
وقد أشخص الحكّام من بعد المأمون الأئمة الباقين إلى مركز حكمهم كالإمام الجواد ( عليه السّلام ) والإمامين الهادي والعسكري ( عليهما السّلام )[9].
ولعلّ سمّ الأئمة منهم واغتيالهم من قبل الحكّام وعمّالهم واقع في هذا الطريق ، فالإمام الجواد ( عليه السّلام ) مات مسموما وعمره خمس وعشرون سنة ، والإمام الهادي سمّ وهو في الثانية والأربعين من عمره والإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) مات مسموما وعمره ثمان وعشرون سنة[10].
ويؤيّد هذا التحليل النصّ المروي عن الإمام أبي محمد الحسن العسكري ( عليه السّلام ) إذ قال : قد وضع بنو اميّة وبنو العبّاس سيوفهم علينا لعلّتين : إحداهما انّهم كانوا يعلمون ليس لهم في الخلافة حق فيخافون من ادّعائنا ايّاها ، وتستقرّ في مركزها .
وثانيها انّهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة والظلمة على يد القائم منّا ، وكانوا لا يشكّون انّهم من الجبابرة والظلمة فسعوا في قتل أهل بيت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى منع تولّد القائم ( عليه السّلام ) أو قتله ، فأبى اللّه أن يكشف أمره لواحد منهم ، إلّا أن يتم نوره ، ولو كره المشركون .
وبوجود الأئمة ( عليهم السّلام ) في البلاط كان يسهل على الحكّام متابعة نشاطهم وحركتهم والتدخل في شؤونهم الخاصة ؛ لذا فإن الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) والد الإمام المهدي ( عليه السّلام ) لم يتزوّج زواجا عاديا ورسميا ، وحينما ولد له الإمام المهدي ( عليه السّلام ) أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وشدة طلب السلطان له ، واجتهاده في البحث عن أمره ، لما كان قد شاع من مذهب الشيعة الإمامية فيه وعرف ذلك من انتظارهم له[11].
وهذه المواقف التي كانت تبدر من السلطة والتحفّظات الكثيرة هي التي جعلت الإمام المهدي ( عليه السّلام ) يختفي دون أن تقوم السلطات باعتقاله ، وهي نتيجة للتخطيط الدقيق الذي كان قد بدأه الإمام الرضا ( عليه السّلام ) وتلميحاته وتصريحاته السرية في خصوص الايمان بالمهدي ( عليه السّلام ) وولادته واسمه .
وقد تابع الأئمة من بعده نفس التخطيط ، دون أن تشعر بهم السلطات القائمة .
وخلاصة القول : ان الإمام الرضا ( عليه السّلام ) قد رسم مستقبل الرسالة بالتمهيد لها من خلال الوصية بإمامة ابنه الجواد ( عليه السّلام ) ، ثمّ عليّ الهادي ثمّ الحسن العسكري ثم ابنه الإمام المهدي المنتظر ؛ لتواصل الأمة ولاءها وتستمر في انتمائها الفكري والعاطفي والسلوكي .
[1] سنن أبي داود : 4 / 107 .
[2] سنن أبي داود : 4 / 107 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1368 ، عقد الدرر : 42 .
[3] عقد الدرر : 46 ، كفاية الطالب : 503 .
[4] كمال الدين وتمام النعمة : 1 / 51 .
[5] الكافي : 1 / 341 ، كمال الدين وتمام النعمة : 2 / 370 .
[6] بحار الأنوار : 51 / 155 ، عن الغيبة للنعماني .
[7] بحار الأنوار : 51 / 152 .
[8] كمال الدين وتمام النعمة : 2 / 372 ، الفصول المهمة : 251 .
[9] والملفت للنظر لدى الباحث التاريخي أن الأئمة من بعد الرضا ( عليه السّلام ) لم يولد لهم مثل ما ولد لآبائهم من قبل ، وهو شاهد على مدى تحديدهم وإحكام الرقابة عليهم ، وكما أنه مؤشّر إلى تخوّف الحكّام منهم خشية من ظهور المهدي الموعود من بين أبنائهم ( عليهم السّلام ) .
[10] راجع منتخب الأثر : الباب 34 من أبواب الفصل الثاني عن أربعين الخاتونآبادي .
[11] الارشاد : 2 / 337 وعنه في بحار الأنوار : 50 / 334 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|