المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



عيون يحبّها الله سبحانه وتعالى.  
  
1291   12:19 صباحاً   التاريخ: 2023-03-11
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 389 ـ 406.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «يا علي كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاثة أعين: عين سهرت في سبيل الله، وعين غضّت عن محارم الله، وعين فاضت من خشية الله» (1).

 

الآخرة رهن العمل:

يوم القيامة يوم إزاحة الحجب عن أعين الناس ليروا نتائج أعمالهم التي عملوها في الدنيا، والنتيجة تكون إمّا النجاح أو الفشل، لأنّ الحياة الدنيا كقاعة الدرس يدخلها الطالب ليحصّل العلوم منها ومن ثم يعرض للاختبار والامتحان فيسأل عمّا حصّله من العلوم وبعد ذلك ينتظر الطالب بشوق ولهفة نتيجة سعيه في التحصيل، ويوم ظهور النتائج يتميّز الناجح عن الفاشل، فالناجح يبدو عليه السرور والفرح لأنّه بذل وسعه وسهر ليله واستغنى عن الأمور الجانبيّة التي قد تلهيه عن هدفه، وقد يحترق قلبه في الفحص والبحث وعندما يحصل على النتيجة الجيدة تتفتح أساريره ويفرح لعدم ذهاب جهده هباءً بالإضافة إلى ما حصّله من العلم من لذات وفوائد معنوية، أمّا الفاشل فإنّه لم يتعب نفسه وشغلته التوافه عن التحصيل ويوم ظهور النتائج تراه مغموماً مهموماً وقد يبكي لافتضاحه أمام الناس أو يشعر بالخيبة أمام نفسه التي تلومه على ما فرّط في أيام دراسته واهتمامه بالتوافه من الأمور لذا فهو أمام طريقين إمّا أن يحصّل ما فاته ويبذل جهده لبلوغ هدفه أو ينسحب من المجال العلميّ إلى مجال آخر غير علميّ.

وإذا كان هذا مستطاعاً في الدنيا، فإنّ هذا التدارك متعذّر في الآخرة.

 

سائق وشهيد:

إنّ الدنيا قاعة امتحان كبيرة ولكن الفاشل عند ظهور النتائج لم ينقطع عن العمل لأنّ الدنيا دار عمل، أمّا يوم القيامة فلا يمكنه تدارك الأمر هناك لأنّ الآخرة دار الحساب والجزاء لا العمل، إذ ما تبذره في الدنيا تحصله وتجنيه في الآخرة، وعندما يرى الإنسان الفاشل ضآلة ما قدّمه لحياته الحقيقيّة وهي الآخرة عندها يقول: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24] وهذا التمنّي لا يفيد وقتها فقد جاءته الرسل والأنبياء لتنذره من هذا اليوم العصيب وتحته على العمل والزرع ولكنه لم يستفد منها وتركها وراء ظهره، وعندما يجيء يوم القيامة ويجد أمامه ما وعده الرسل والأنبياء حقاً وهو لم يقدم شيئاً لهذا اليوم يندم ويبكي على نفسه بعدما كانت مغمورة بالفرح والسرور في الدنيا لغفلتها ولهوها وقسوة قلبه من جراء تراكم الذنوب على القلب، وفي الآية الكريمة قال تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 21، 22] ومعنى الآية كما في مجمع البيان: «أي: وتجيء كلّ نفس من المكلّفين في يوم الوعيد ومعها سائق من الملائكة يسوقها أي يحثّها على السير إلى الحساب وشهيد من الملائكة يشهد عليها بما يعلم من حالها وشاهده منها وكتبه عليها، فلا يجد إلى الهرب ولا إلى الجحود سبيلاً، وقيل: السائق من الملائكة والشهيد الجوارح تشهد عليها عن الضحّاك {لقد كنت في غفلة} أي يقال له لقد كنت في سهو ونسيان {من هذا} اليوم في الدنيا والغفلة ذهاب المعنى عن النفس {فكشفنا عنك غطاءك} الذي كان فى الدنيا يغشى قلبك وسمعك وبصرك حتّى ظهر لك الأمر وإنما تظهر الأمور في الآخرة بما يخلق الله تعالى من العلوم الضرورية فيهم فيصير بمنزلة كشف الغطاء لما يرى وإنما يراد به جميع المكلّفين برّهم وفاجرهم لأنّ معارف الجميع ضروريّة {فبصرك اليوم حديد} أي فعينك اليوم حادّة النظر لا يدخل عليها شكّ ولا شبهة. وقيل: معناه فعلمك بما كنت فيه من أحوال الدنيا نافذ ولا يراد به بعد العين كما يقال فلان بصير بالنحو والفقه" (2).

 

الوجوه في القيامة:

وهناك من زرع وبذر الخير وعمل صالحاً وأدّى ما عليه من تكاليف وبذل جهده ووسعه من أجل الوصول إلى الكمال والقرب من الله تعالى وقد يسهر الليالي ويترك ملذّات الدنيا، ويحترق قلبه خشوعاً وذلّة لله تعالى ويوم ظهور النتائج تراه فرحاً ومسروراً بنتيجته وأنّه حصد ما بذر وجنى ما بذل من أجله جلّ وقته، وفي الآية الكريمة:

{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 33 - 39]

وفرحها هذا بما أعد لها من جنات وثواب جزاءً لعملها الصالح ومقابل هذا السرور للناجح كان هناك الفاشل الذي لم يقدّم شيئاً لآخرته ويصفهم الله تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} [عبس: 40 ـ 42].

أي عليها سواد وكآبة وعيونهم باكية ممّا اقترفوه.

عيون فرحة:

هنالك عيون لا تبكي في ذلك اليوم بل فرحة مسرورة وضاحكة مستبشرة منها ما ذكره الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديثه الشريف: «عين سهرت في سبيل الله، وعين غضّت عن محارم الله، وعين فاضت من خشية الله» (3).

لنتعرّف على بعض مضامين هذا الحديث الشريف بحسب ما يسمح به المجال.

أولاً - عين سهرت في سبيل الله:

هناك أوقات يسهر الإنسان فيها ويظلّ يقظاً إلى ساعات متأخّرة من الليل فأغلب النّاس نيام وهذه العين التي سهرت وطردت النوم عنها تروم بذلك وجه الله تعالى ورحمته وثوابه يوم القيامة.

ولكن ليس كل من أسهر عينه وظل يقظاً إلى الصباح هو من المحصّلين للثواب والنجاح في يوم القيامة، وإنّما هنالك موارد خاصّة يجمعها القربة إلى الله تعالى وفي سبيله ومنها:

1- العلم والتفقّه: من الأمور المهمّة التي حثّ عليها الإسلام هو طلب العلم والتفقّه في الدين بل أوجبها في حال عدم كفاية طالبيه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة» (4) ومن أشرف العلوم معرفة أصول الدين والعبادات والأخلاق لأنّها مرتبطة بالتعبّد للخالق تعالى والقرب منه.

ولا يهمل الإسلام العلوم الأخرى بل يحثّ عليها ويدعو إلى معرفتها وتعلّمها لأنّها فضل وخصوصاً ما يحتاج المجتمع الإسلاميّ إليه من الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وما شابه لأجل اكتفائه الذاتيّ وتطوّره، ولا شكّ أنّ هذه العلوم سواء الدينيّة أو الإنسانيّة تحتاج إلى جهد وسعي حثيث لإتقانها والاستفادة منها وبالتالي نشرها وتعليمها للنّاس وما دام الهدف هو إخراج الناس من الجهل إلى العلم ومن الظلمات إلى النور وهدايتهم إلى الخالق تعالى، ولأجل هذه الأهداف السامية صارت العين التي تستنفد طاقتها في سبيل تحصيل العلم ومدارسته من أجل هذه الأهداف الشريفة عيناً قريرة يوم القيامة.

وقد امتاز علماؤنا الأعاظم على طول التاريخ بهذه السمة الرفيعة إذ يسهرون الليالي الطوال من أجل العلم الذي به ينيرون الطريق للناس.

شريف العلماء:

وقد جاء في ترجمة حياة الشيخ محمد شريف بن حسن علي المازندرانيّ المعروف بشريف العلماء الحائريّ (قده) الذي كان مسكنه في كربلاء وتوفّي في كربلاء أيضاً سنة 1245 هجريّة ودُفن في داره في الجهة الجنوبيّة لصحن الإمام الحسين (عليه السلام) وقبره مزار معروف ومشهور هناك. وينقل أنّه كان المدرّس الأوّل في كربلاء ومتكلّماً فيلسوفاً بارعاً بأصول المتأخّرين وكان يحضر مجلس درسه ألف رجل أو يزيد بين عالم وفاضل، وقد ذكر العلامة الأمينيّ في ترجمته له:

وفضيلة كلّ من تأخّر من القواعد الأصوليّة مأخوذة عنه وصرف عمره الشريف في تربية الطلّاب وكان له مجلسان في الدرس أحدهما للمنتهين والآخر للمبتدئين، ويدرّس في أيّام التعطيل لجمع آخر من الطالبين وفي شهر رمضان يدرّس في الليل ويشتغل بالتدريس إلى نصف الليل وبعده بالزيارة والعبادة، ونسب إليه أنّه لم يطفأ مصباح حجرته7 سنوات ممّا يدلّ على جهده وسهره في طلب العلم (5).

2- العبادة: من الموارد التي يسهر الإنسان فيها في سبيل القربة إلى الله تعالى هي العبادة وذكر الله تعالى ومناجاته والخشوع والبكاء وأداء الصلاة وكان من دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في يوم عرفة: «واعمر ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك، وتفرّدي بالتهجّد لك وتجرّدي بسكوني إليك، وإنزال حوائجي بك» (6).

ومن الطبيعي أنّ سكون الليل وعزلته يعطيان للإنسان حالة خشوع وارتباط بالخالق تعالى أكثر وكأنّ الظلام يستر الإنسان العابد عن أنظار الاخرين بقيامه وقعوده وسجوده وبكائه.

 وفي الحديث الشريف: «السهر روضة المشتاقين» (7).

وهنالك ليالٍ خاصة ركّزت عليها الأحاديث الشريفة في إحيائها والسهر فيها.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ومَن أحيى ليلة العيد وليلة النصف من شعبان، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (8).

وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لا ينام ثلاث ليال:

«ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وليلة الفطر، وليلة النصف من شعبان، وفيها تقسّم الأرزاق والآجال وما يكون في السنة» (9).

وسهر العيون في العبادة يتطلّب أيضاً أن يكون الإنسان على يقين وعلم في العمل العبادي والهدف هو القربة لله تعالى وإلّا فإنّ السهران ليله على شك ومؤمّلاً غير الله تعالى فإنّه لا ينال غير التعب والضرر، سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلاً من الحروريّة يتهجّد ويقرأ، فقال: «نوم على يقين خير من صلاة في شك» (10).

3- المرابطة: إذا تعرّضت البلاد الإسلامية وكيانها لخطر حقيقي من قبل الأعداء والكفار يستلزم الأمر من أبنائها الدفاع عنها والجهاد في سبيل الله فيتطلب الأمر أن يسهر بعض المسلمين ليلهم للحفاظ على البلاد الإسلامية ولا يتركوا مجالا للأعداء لاقتحام هذه الثغور لأن الأعداء عادة يستغلون هذه الأوقات المظلمة للمداهمة والهجوم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «الرباط ثلاثة أيام، وأكثره أربعون يوماً، فإذا كان ذلك فهو جهاد» (11).

ولعلّ من مصاديق المرابطة أيضاً هو السهر في سبيل إنقاذ المسلمين من أزماتهم وحلّ مشكلاتهم والوقوف بوجه التيارات الفكرية المعادية والإعلام المضاد الذي ما فتىء لحظة من نهار أو ليل إلّا وهو يعمل لأجل شقّ وحدة المسلمين وتصدير أفكاره المسمومة إلى أوساط المجتمع الإسلاميّ فعند تزاحم هذه الأمور وتكالبها على المجتمع الإسلامي يقف العلماء والمفكرون والمخلصون للإسلام بوجه هذه التيارات لردها وتوعية الناس وإرساء دعائم الحق ومبادئ الإسلام الحنيف في المجتمع وهذا العمل يفقدهم الراحة الجسديّة ويتطلب منهم العمل ليلاً ونهاراً لأجل تمتين العلاقات الإجتماعية والفكرية والسياسية في المجتمع الإسلامي وفي الحديث الشريف: «أسهروا عيونكم وضمّروا بطونكم وخذوا من أجسادكم تجودوا بها على أنفسكم» (12) و«طوبى لعين هجرت في طاعة الله غمضها» (13).

إذن فإنّ العين من حقّها الراحة والليل جعل لسكنها وراحتها ولكن السهر في سبيل الله تعالى ومن أجل المجتمع الإسلامي فالهدف يستحق ذلك التعب وهذا التعب يستحق عليه الثواب يوم القيامة لذلك ترى هذه العيون الساهرة فرحة يوم القيامة مسرورة بعطاء الله قريرة برحمته لأنّها صرفت طاقتها فى سبيله سبحانه.

ثانياً - عين غضت عن محارم الله تعالى:

الحرام هو ما نهت الشريعة الإسلاميّة عنه بالنهي المولوي كما يعبّر عنه علماء الأصول، ويحصل الحرام بأعمال دنيئة ورذيلة فرديّة أو اجتماعيّة من سرقة الناس أو ظلمهم أو الاعتداء على أعراضهم، وعادة الأعمال المحرّمة تكون حلوة المذاق وبهيجة المنظر لأنّ الشيطان يزيّنها في قلوب الناس ولكنّها كالحيّة ليّن مسّها قاتل سمّها وسرعان ما تنتهي هذه اللذة والنشوة ولا يبقى سوى العقاب والألم ويفسد الإنسان دنياه وآخرته بها وفي الحديث: «العيون مصائد الشيطان» (14).

وأمام كل هذه المحرمات المغرية يقف الإنسان المؤمن صلباً لا ينجر إليها ويغض طرفه أو يغمض عينيه عنها ولا يتقرب إليها لأن العين من الجوارح التي ترى الأمور وتزينها للنفس فإذا ما أطاعتها النفس في مرادها السيء تكون العين أحد الأسباب التي جرت النفس إلى هذا التصرف الرذيل.

ومِن وصايا الإمام الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن جندب:

«يا ابن جندب إنّ عيسى بن مريم (عليهما السلام) قال لأصحابه: إيّاكم والنظرة فإنّها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بعده في عينه» (15).

وأمّا إذا أغمضت العين أمام الرذائل ولم تزيّنها للنفس فإنّها تجرّها إلى الفضيلة ومن هنا ورد في بعض الأحاديث الشريفة اللعن لمن ينظر إلى بعض المحرّمات منها صحيحة حمّاد قال: دخل رجل من البصريّين على أبي الحسن الأول (عليه السلام) فقال له: جعلت فداك إني أقعد مع قوم يلعبون بالشطرنج ولست ألعب بها ولكن أنظر؟  فقال (عليه السلام): ما لك ولمجلس لا ينظر الله إلى أهله (16).

فهذا النظر قد يستلزم الحرمة والانجرار إلى المعصية لذا نهت الشريعة عنه وهناك نظر في الأصل محرّم بالأدلة الشرعيّة كما أفتى بذلك بعض فقهائنا المعاصرين.

كما نصّت الشريعة على حرمة النظر إلى عورة الغير والنظر إلى الأجنبيّة وحرمة النظر بريبة وتلذّذ إلى غير الزوجة ونحوها سواء من الرجل إلى المرأة أو من المرأة إلى الرجل أو من كلّ جنس إلى نفس جنسه (17).

قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا..} [النور: 30، 31].

وفي الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:

«وفرض الله على البصر ألّا ينظر إلى ما حرّم الله عليه، بأن يعرض عمّا نهى الله عنه، ممّا لا يحلّ له وهو عمله وهو من الإيمان فقال تبارك وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من أن تنظر إليها وقال: كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا هذه الآية فإنّها من النظر» (18).

ومقابل هذا النظر نظر يستلزم الفضيلة والثواب دعت إليه الأحاديث الشريفة ومنها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «النظر إلى العالم عبادة، والنظر إلى الإمام المقسط عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر إلى الأخ تودّه في الله عزّ وجلّ عبادة» (19).

وفي حديث آخر:

«النظر في المصحف عبادة وفي البحر عبادة» (20).

كلّ ذلك لما يجرّ هذا النظر صاحبه إلى الفضيلة وذكر الله سبحانه.

حرمة النظر إلى الأجنبية:

ومن أظهر المصاديق التي يجب غض النظر عن رؤيتها هي المرأة الأجنبيّة وهي كلّ امرأة ليست بمحرّم للإنسان أي لم تكن أمّه أو أخته أو ابنته وأم زوجته وغيرهن من اللواتي يحرم عليه الزواج منهنّ، وحرمة النظر للأجنبيّة بالنسبة إلى غير الوجه والكفّين، والأفضل عدم النظر إلى الوجه والكفين أيضاً احتياطاً، إلّا في موارد منها إذا أراد الزواج من امرأة وتقدّم لخطبتها فيجوز النظر لوجهها ومعاصمها - بالشرائط الشرعيّة التي ذكرها الفقهاء.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): «لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوّجها» (21).

ولا شكّ في أنّ الشريعة أرادت من غضّ البصر وحرمة النظر إلى الأجنبيّة الحفاظ على المجتمع من التفسّخ والميوعة وحفظ القلب من سهام إبليس وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «النظر سهم مسموم من سهام إبليس فمن تركها خوفاً من الله أعطاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه» (22).

 وهناك قصص عديدة للغاضين أبصارهم عن محارم الله تعالى ووجدوا حلاوة ذلك الإيمان في قلوبهم، ويصفهم الله تعالى بالعباد المخلصين.

بين يوسف (عليه السلام) وزليخا:

كانت منّة الله تعالى على يوسف (عليه السلام) بالجمال الرائع مكمناً لمحنته وإظهار مقاماته السامية ومن تلك المحن أنّ امرأة العزيز (زليخا) نظرت إلى يوسف وما هو عليه من الخلق السويّ والجمال المفرط فأشعل ذلك في نفسها جذوة الحب، وصار ذلك يزداد بتكرّر رؤيتها له إلى أن غلبها الحب على حيائها، فأخذت تداعب يوسف (عليه السلام) وهو يعرض عنها لعاملين يكفي كلّ واحد منهما لعزوفه عمّا تريد:

أوّلهما: إيمانه بالله تعالى وامتثاله أوامره بالتزام الطهارة من الأرجاس الخلقية تلك الطهارة التي وجد عليها أباه وجده وجد أبيه.

ثانيهما: أنّ بعلها سيّده الذي حدب عليه، وأكرم مثواه، ومكّن له في بيته، وجعله المتصرّف في أمواله وخدمه، ووثق به ثقة ليس لها حد، فلا ينبغي أن يقابل نعمته بالكفران.

وبعد أن هاج بزليخا الغرام واعتزمت على شفاء ما في نفسها من الصبابة صارحته القول، ودعته إلى نفسها دعوة لا هوادة معها.

واحتاطت للأمر، وأعدت له، وغلّقت الأبواب وقالت ليوسف (عليه السلام): {هيت لك} فأبى وقال: {إنّه} أي: بعلها {ربّي أحسن مثواي إنّه لا يفلح الظالمون} (23).

وفي هذا الموقف العنيف، شاب في ريعان شبابه وغضارة الفتوّة تدعوه سيّدته الجميلة إلى نفسها فيغلبه دينه ويعصمه. ثم يولّي وجهه شطر الباب يطلب النجاة من شيطان غوايتها، وهي تجاذبه ثوبه وهو يعصي حتّى تمزّق من خلفه (24).

قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 23، 24].

فبالإضافة إلى فوز يوسف (عليه السلام) بالآخرة وسروره فلقد أنعم الله تعالى على يوسف (عليه السلام) بمقامات سامية ومنحه الملك والعلم كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 54 - 56].

وقال تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].

 

موسى (عليه السلام) وابنتا شعيب (عليه السلام):

في قصّة موسى (عليه السلام) وهروبه من فرعون مصر إلى مدين ورد إلى بئر ووجد عنده أناساً يسقون وكانت هناك امرأتان تذودان لا يمكنهما السقي، فسقى لهما موسى (عليه السلام) وذهب ليستريح في ظل نخلة؛ لأنّه كان متعباً وجائعاً وهناك دعا ربّه بالفرج فجاءت إحدى البنتين تدعوه ليراه أبوها ويجزيه عن عمله هذا، ولمّا جاء موسى إلى الشيخ وكلّمه وطمأنه قالت إحدى بنات شعيب (عليه السلام) وهي التي دعت موسى:

يا أبت استأجره لرعي ماشيتنا ليكفينا مؤونة هذا العمل إن خير من استأجرت القوي الأمين.

ويذكر أصحاب التفاسير أنّ أباها سألها عن أمانته وقوّته من أين علمتهما؟

فقالت: أمّا قوته فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أرَ رجلاً قطّ أقوى في السقي منه.

وأمّا أمانته فإنّه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له فلما علم أنّي امرأة صوّب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إليّ حتّى بلّغته رسالتك.

ثم قال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق ولم يفعل ذلك إلّا وهو أمين (25).

قال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].

وقد تزوّج بابنة شعيب (عليه السلام): {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 27، 28].

ومن ثَمَّ كلّمه الله تعالى من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة عندما سار بأهله بعدما انقضى الأجل وبعثه إلى فرعون وقومه ومكّنه في الأرض {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: 29، 30].

 وهذا هو ثمن الإخلاص لله سبحانه والصبر على طاعته والغض عن محارمه.

ثالثاً - عين فاضت من خشية الله تعالى:

وهناك عين لا تبكي يوم القيامة هي العين التي بكت في الدنيا من خشية الله تعالى وابتعدت عن المعاصي والذنوب لتذكرها أهوال يوم القيامة ووقوفها بين يدي الله سبحانه وتعالى، والبكاء نابع من رقة القلب ودليل الإخلاص في العمل، أمّا جمود العين فنابع من قساوة القلب وتراكم الكدورات عليه والآثام والتمسّك بالدنيا وملذّاتها دون النظر إلى عواقب الأمور وأهوال يوم القيامة.

وقد جاء في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إذا اقشعرّ جلدك ودمعت عيناك ووجل قلبك فدونك دونك فقد قصد قصدك" (26).

أي إذا ظهرت عليك تلك العلامات فعليك بطلب الحاجات والاهتمام في الدعاء للمهمّات فقد أقبل الله عليك بالرحمة وتوجه نحوك للإجابة، وفيما أوصى الله تعالى به موسى (عليه السلام): «يا موسى لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو قلبك، وقاسي القلب منّي بعيد» (27).

وفي البكاء من خشية الله تعالى خصوصيّات وفضائل منها قرب صاحبها من الله تعالى، ومحبة الله تعالى له وعدم دخوله النار وإغاثة الله له وعدم بكائه يوم القيامة وإجابة الدعاء، وهذه الخصوصيّات قد لا تكون في غيره من أصناف الطاعات وقد روي أنّ بين الجنّة والنّار عقبة لا يجوزها إلّا البكّائون من خشية الله تعالى (28).

 

بكاء أمير المؤمنين (عليه السلام):

عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال:

كنّا جلوساً في مجلس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبو الدرداء: يا قوم ألا أخبركم بأقل القوم مالاً وأكثرهم ورعاً وأشدهم اجتهاداً في العبادة؟ قالوا: مَن؟ قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلّا معرض عنه بوجهه ثم انتدب له رجل من الأنصار فقال له: يا عويمر لقد تكلّمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها، فقال أبو الدرداء: يا قوم إنّي قائل ما رأيت وليقل كلّ قوم منكم ما رأوا، شهدت علي بن أبي طالب بشويحطات النجّار، وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممّن يليه واستتر بمغيلات النخل، فافتقدته وبعد عليّ مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: «إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرّمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا بمؤمّل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك».

فشغلني الصوت واقتفيت الأثر، فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعينه، فاستترت له وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى، فكان ممّا به الله ناجاه أن قال:

"إلهي أفكّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي" ثم قال: «آه إن أنا قرأت في الصحف سيّئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أُذن فيه بالنداء» ثم قال: «آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزّاعة للشوى، آه من غمرة من ملهبات لظى».

قال: ثم أنعم في البكاء فلم أسمع له حسّاً ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، أوقظه لصلاة الفجر.

قال أبو الدرداء: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحرّكته فلم يتحرك، وزويته فلم ينزوِ، فقلت: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» مات والله علي بن أبي طالب، قال: فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة (سلام الله عليها):

يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ومن قصته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي واله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله.. (29).

وهذه العين التي بكت حتّى غشي عليها من خشية الله تعالى هي التي لا تبكي يوم القيامة وتجوز الصراط إلى الجنّة بل وتشفع لمحبّيها بإذن الله تعالى.

مناجاة الإمام زين العابدين (عليه السلام): روي عن يوسف بن أسباط عن أبيه، قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا شاب يناجي ربّه وهو يقول في سجوده:

«سجد وجهي متعفّراً في التراب لخالقي وحقّ له» فقمت إليه فإذا هو علي بن الحسين (عليه السلام) فلمّا انفجر الفجر، نهضت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله تعذّب نفسك وقد فضّلك الله بما فضلك؟ فبكى ثم قال: حدّثني عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلّ عين باكية يوم القيامة إلّا أربعة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين فقئت في سبيل الله، وعين غضّت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة ساجدة يباهي بها الله الملائكة ويقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي، قد جافى بدنه عن المضاجع، يدعوني خوفاً من عذابي وطمعاً في رحمتي، اشهدوا أنّي قد غفرت له (30).

والعين التي سهرت ساجدة لله سبحانه وتعالى هي من مصاديق العين التي سهرت في سبيل الله تعالى بالعبادة وذكرناها سابقاً.

ومن هنا يتبيّن أنّ العين إذا سهرت في سبيل الله تعالى ولم تنظر إلى محارم الله تعالى وفاضت بالبكاء من خشية الله تعالى، فقد اختصّها الله تعالى بالإجابة والرحمة وهي تأتي يوم القيامة فرحة مسرورة قريرة بعد أن أتعبت نفسها في الدنيا وبذرت بذور الخير هنا وحصدته في يوم القيامة.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تحف العقول: ص 15.

(2) مجمع البيان: المجلّد الخامس ص 219.

(3) تحف العقول: ص 15.

(4) البحار: ج 1، ص 177، باب 1، ح54، ط ـ بيروت.

(5) راجع معارف الرجال: ج 2، ص 298؛ تراث كربلاء: ص 267، وأعيان الشيعة: ج7، ص338.

(6) الصحيفة السجّاديّة: دعاء 47.

(7) تصنيف غرر الحكم: ص 319، ط 1.

(8) البحار: ج 94، ص 86، باب 57، ح6، ط ـ بيروت.

(9) المصدر نفسه: ص 88، ح 15.

(10) نهج البلاغة: حكم 97.

(11) وسائل الشيعة: ج 11، ص 19، باب 6، ح1.

(12) تصنيف غرر الحكم: ص 319، ط 1.

 (13) المصدر نفسه.

(14) المصدر نفسه: ص 260، ط 1.

(15) البحار: ج 75، ص 283 – 284، باب 24، ح 1، ط ـ بيروت.

(16) الوسائل: ج 12، ص 238، باب 102، ح 1.

(17) راجع موسوعة الفقه: المحرّمات ج 93، ص 368، ط ـ بيروت.

 (18) تفسير البرهان للبحرانيّ: ج 3، ص 130، ح 2.

(19) البحار: ج 71، ص73، باب 2، ح 59.

(20) راجع البحار: ج 10، ص 368، باب 20، ح 10 (بتصرّف).

(21) فروع الكافي: ج5، ص 365، باب النظر لمن أراد التزويج، ح2.

(22) البحار: ج 101، ص38، باب 91، ح 34.

(23) قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].

(24) راجع قصص الأنبياء: ص 123.

(25) راجع مجمع البيان: المجلّد الرابع، ص 247.

(26) عدّة الداعي: ص 167، ط 1.

(27) المصدر نفسه.

(28) المصدر نفسه: ص 169.

(29) البحار: ج 41، ص 11، باب 101، ح 1، ط ـ بيروت.

(30) البحار: ج 46، ص 99، باب 5، ح 88، ط ـ بيروت.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.