​قد بيّن اللّه كيفية إقرائه لرسوله والنظام الّذي يتبعه الرسول في تلقي القرآن في قوله تعالى :

{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة : 17 - 19] .

أي : إنّ النصّ القرآني مع بيان معناه بوحي غير قرآني ينزل من اللّه على رسوله (صلى الله عليه وآله) فاذا تمّ نزوله على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتابع قراءته.

وان على اللّه جمع القرآن بكلّ ما لجمع القرآن من معنى ووعد الرسول بأنّه سوف لا ينسى القرآن الّذي يقرئه اللّه وقال :

{سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى} والاقراء تعليم اللفظ والمعنى معاً. وتضميناً لحفظ القرآن أبد الدهر من النسيان فرض اللّه على الجميع قراءة القرآن في كلّ ركعة من صلوات الفريضة والنافلة وقال :

{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء : 78]

وفرض على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصّة قيام الليل وشرّفه بالخطاب وقال له :

{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل : 1 - 4]

هكذا فرض اللّه على نبيه إحياء ثلث من كل ليلة عمره في ترتيل القرآن في نافلة الليل وندب المسلمين إلى ذلك (1).

وفي شهر رمضان من كل عام كان جبريل يعارض الرسول القرآن مرّة أي ان جبريل كان يقرأ ما نزل من القرآن إلى ذلك التاريخ على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة ورسول اللّه ـ أيضاً ـ كان يقرأه عليه، وفي عام وفاته عارضه القرآن مرتين (2).

_________________

1- راجع استحباب صلوات النوافل وخاصة نافلة الليل في كتب الحديث.

2- مسند أحمد 6 / 282، وسنن ابن ماجة ص 518 الحديث 1621 كتاب الجنائز باب ماجاء في ذكر مرض رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجاء بعض الحديث في صحيح مسلم فضائل الصحابة 4 / 1905 الحديث 98 ـ 99.