أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
43743
التاريخ: 24-09-2015
1717
التاريخ: 25-03-2015
1941
التاريخ: 24-09-2015
1752
|
وهو
أن يستعين الشاعر ببيت لغيره، في شعره بعد أن يوطئ له توطئة لائقة به هنا بحيث لا
يبعد ما بينه وبين أبياته، وخصوصاً أبيات التوطئة له، وقد شرط بعض النقاد التنبيه
عليه، إن لم يكن البيت مشهوراً، وبعضهم لم يشترط ذلك، وهو الصحيح، فإن أكثر ما
رأينا ذلك في أشعار الناس غير منبه عليه، وأما الناثر فإن أتى في أثناء نثره ببيت
لنفسه سمى ذلك تشهيراً، وإن كان البيت لغيره سمى استعانة، كقول علي عليه السلام في
خطبته المعروفة بالشقشقية: بينا هو يستقبلها في حياته، إذ عقد لآخر بعد وفاته [سريع]:
شتان
ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر
فهذا
البيت للأعشى استعان به علي عليه السلام كما ترى: ومثال الاستعانة في الشعر قول
الحارثي [طويل]:
وقائله
والدمع سكب مبادر ... وقد شرقت بالماء منها المحاجر
وقد
أبصرت حمان من بعد أنسها ... بنا وهي منا موحشات دواثر
كأن
لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فقلت
له والقلب مني كأنما ... يقلبه بين الجوانح طائر
بلى
نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود
العواثر
فاستعان
هذا الشاعر ببيتي حرقة بنت تبع، وأرشق من هذا وأخصر قول أبي نواس: [بسيط]
حتى
تغني وما تم الثلاث له ... حلو الشمائل محمود
السجيات
يا
ليت حظي من مالي ومن ولدي ... أني أجالس ليلى بالعشيات
ووقع
لي من طريق الاستعانة أبيات هجوت بها متطبباً يهودياً [طويل]:
رأيت
أبا الخير اليهودي ممسكا ... بقارورة كالورس راق
حليبها
وقد
رش منها فوق صفحة وجهه ... وقال: لقد أحيا فؤادي
طيبها
فقلت
له: ما هذه؟ قال: بولة ... لأسود يشفي الداء مني
قضيبها
قريبة
عهد بالحبيب وإنما ... هوى كل نفس حيث حل حبيبها
ولا
يضر تصحيف الحرف أو تحريفه من الكلام المتقدم، ليدخل في معنى الكلام المتأخر عند
الاستعانة كما فعلت ببيت من الحماسة حيث قلت [طويل]:
إذا
ما خليل صد عنك ملالة ... وأصبح من بعد الوفا وهو
غادر
فلا
تحتفل واستغن بالله إنه ... على أن ترى عنه غنياً
لقادر
وهبه
كشيء لم يكن أو كنازح ... به الدار أو من غيبته
المقابر
فإن
هذا البيت كان نسيباً، وكان أوله وهبها فحرفت ضمير التأنيث لضمير التذكير حتى دخل
في معناي.
والفرق
بين هذا القسم من الاستعانة، وبين المواربة، أن المواربة تكون في كلام المتكلم
نفسه، والاستعانة لا تكون إلا بكلام غيره، وإن ابتدأ ببيت غيره وبنى عليه فذلك
تأسيس، مشتق من أس البناء، فإن هذا الشاعر يكون قد جعل بيت غيره أساساً بنى عليه
شعره، والله أعلم.