أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015
2419
التاريخ: 26-03-2015
1423
التاريخ: 25-09-2015
1433
التاريخ: 23-09-2015
1708
|
وهو
أن يدمج المتكلم غرضاً له في ضمن معنى قد نحاه من جملة المعاني ليوهم السامع أنه
لم يقصده، وإنما عرض في كلامه لتتمة معناه الذي قصد إليه، كقول عبيد الله بن عبد
الله لعبد الله بن سليمان بن وهيب حين وزر للمعتضد، وكان ابن عبيد الله قد اختلت
حاله، فكتب لابن سليمان [طويل]:
أبي
دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعَفَنا فيمن نحب ونكرم
فقلت
له: نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدّم
فأدمج
شكوى الزمان، وشرح ما هو عليه من الاختلال في ضمن التهنئة وتلطف في المسألة، ودقق
التحليل لبلوغ الغرض، مع صيانة نفسه عن التصريح بالسؤال، وحمايته من الإذلال، لا
جرم أن ابن سليمان فطن لذلك ووصله واستعمله.
ومن
لطيف الإدماج قول ابن نباتة السعدي [طويل]:
ولا
بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل
أودع الحلم عنده
فإنه
أدمج الفخر في الغزل حين جعل حلمه لا يفارقه بتة، ولا ترغب نفسه عنه جملة، وإنما
عزم على أن يودعه، إذ كان لا بد له من وصل هذا المحبوب، لأن الودائع تستعاد، ثم
استفهم عن الخل الصالح أن يستودع الحلم بلفظ يشعر بالاستبعاد والتعذر، فيكون مفهوم
الخطاب بقيا حلمه لعدم من يصلح لأن يودعه عنده وأدمج الفخر في الغزل من جهة تصريحه
بذكر الحلم، ورشح بالإدماج الطباق بين الحلم والجهل، ثم أدمج فيهما شكوى الزمان
لتغير الإخوان بحيث إنهم لم يبق منهم من يستصلح لمثل هذا الشأن في الإشارة.
ومثل
هذا الإدماج ما وقع لبعض الأندلسيين في قوله [وافر]:
أأرضى
أن تصاحبني بغيضاً ... مجاملة وتحملني ثقيلا
وحقك
لا رضيت بذا لأني ... جعلت وحقك القسم الجليلا
والبيت
الثاني أردت، لأنه أدمج فيه الغزل في العتاب من الفنون، والمبالغة في القسم من
البديع.
ومن
شواهد الإدماج في الكتاب العزيز قوله تعالى: (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ) فإن هذه الجملة أدمج فيها المبالغة في الحمد في
ضمن المطابقة، إذ أفرد نفسه سبحانه بالحمد حيث لا يحمد سواه، إذ قال: وهو أعلم: (لَهُ
الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ).
والفرق
بين التعليق والإدماج أن التعليق يصرح فيه بالمعنيين المقصودين على شدة اتحادهما،
والإدماج يصرح فيه بمعنى غير مقصود قد أدمج فيه المعنى المقصود، والله أعلم.