أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2017
2361
التاريخ: 2024-04-16
922
التاريخ: 8-6-2016
19742
التاريخ: 2024-04-13
718
|
من المعلوم أن إضبارة أي دعوى سواء كانت عادية أم إدارية تعد الوعاء الذي يحفظ فيه كل ما يتعلق بالدعوى، وأن وسائل الإثبات التي تتعلق بالتحضير لإضبارة الدعوى الإدارية على قدر من الأهمية والتي لا يمكن الاستغناء عنها في طريق فض المنازعات (1)، وهي تتمثل في الوسائل الآتية :
أولاً تكليف أطراف الدعوى بتقديم الأوراق والمستندات : لقد إجتمعت التشريعات المقارنة على إعطاء هذه السلطة سواء لمفوض الدولة أو القاضي الإداري حسب النظام المتبع (2)، تطبيقاً للوظيفة الإجرائية والإستيفائية التي يمارسها القاضي الإداري الذي له أن يكلف أطراف الدعوى بتقديم ما لديها من الأوراق والمستندات اللازمة لاستيفاء أوراق الدعوى وذلك ليتمكن من الفصل فيها.
وهذا الدور الإستيفائي للقاضي الإداري يتمثل فيما له من حق في استكمال الأوراق والملفات التي لم يستكمل، فضلاً عما له من حق في طلب الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن(3)، وعليه فمن المبادئ المستقرة في هذا الخصوص هو أن القاضي الإداري حر في أن يطلب تقديم مختلف وسائل الإثبات وتقدير مدى فائدتها في الملف وما فيها من تقديم كل مستند ضروري لإستجلاء الحقائق المتعلقة بالخصومة (4) ، ويرى أنها لازمة في تكوين عقيدته وإقتناعه ولها أثر في إثبات الدعوى أو نفيها، فيباشر القاضي هذه الوسيلة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب يقدم إليه من أحد أطراف الدعوى (5). وإذا كان للقاضي تكليف الإدارة بتقديم مستند ما قد يكون بناء على طلب خصمها، فهو غير ملزم في جميع الأحوال بالاستجابة لهذا الطلب دون أن يشكل إمتناعه عن إجابته إخلالاً بحق الدفاع، حيث أن سلطته في هذا الشأن تقديرية، يخضع فيها لرقابة محكمة الطعن (6) ، وعلى الرغم من أن هذه السلطة التقديرية فقد جرت العادة على أن تكون إستجابة القاضي لهذا الطلب في حالات محددة تبدو فيها الحاجة الى تلك المستندات ملحة، كما لو تقدم المدعي بتأكيدات وأمارات محددة من شأنها تكوين قرائن قوية على صحة إدعائه، أو حين يثار الخلاف بشأن حقيقة بعض الوقائع حيث يحتاج القاضي فيها الى الإطلاع على مستندات إضافية للكشف عن الحقيقة (7).
إن هذا التكليف لا يدخل في نطاق توجيه الأوامر للإدارة، وذلك لأن أساس هذا التكليف تحكمه القاعدة الإجرائية التي تخول القاضي سلطة في تحقيق الدعوى، ومنها الطلب من الإدارة بتقديم المستندات أما قاعدة الفصل بين القاضي والإدارة وهي التي تمنع القاضي بالتدخل في أمر يعد من صميم إختصاص الإدارة، فذلك ليس في مجال تطبيقه، وإنما هذه الطلبات من صميم الوظيفة القضائية المرتبطة بتحقيق الدعوى تمهيداً لإصدار الحكم فيها. (8).
أما بالنسبة لإلزام الخصم بتقديم ما لديه من المستندات فإن الأصل في الإثبات أنه لا يجوز لطرف في أن يجبر طرفاً على تقديم دليل ضد نفسه يفيد خصمه (9) ، وإذا كانت هذه القاعدة يمكن تطبيقها الدعوى على الإدارة بصفة أحد الخصوم في الدعوى الإدارية، فإن مركزها السهل في الدعوى يجعلها في حالة لا يستفيد منها، نتيجة العمل على إعادة التوازن للدعوى. وبالنسبة للأفراد أيضاً هناك إستثناء على هذه القاعدة حسب ما جاء في بعض قوانين الإثبات المقارنة، مثل قانون الإثبات المصري والعراقي، حيث يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب للخصم أن يطلب من الخصم الآخر تقديم ما لديه من المستندات التي تتعلق بموضوع الدعوى وكان ضرورياً لضمان حسن الفصل فيها، إضافة الى بعض الشروط التي تتعلق بالمستند نفسه أو بإجراءات طلبه(10) وهذه القاعدة يستعان بها أمام القضاء الإداري، ونرى أنه لامانع من تطبيقها وليس هناك في هذا الإستثناء مالا يتلاءم مع طبيعة الدعوى الإدارية، وإنما قد يساعد القاضي الإداري في الحمل الذي يقع عليه في نطاق إجراءات الإثبات من الحفاظ على التوازن، ويخدم وظيفته في حماية الصــــــالح العام وتحقيق المشروعية.
ثانياً التحقق من صحة أوراق ومستندات: إن أطراف الدعوى تقدم في أثناء عملية التحضير مستندات وأوراقاً مختلفة لتأييد إدعائاتها أو دفوعها، فترفق بالملف، وقد تكون مستندات رسمية أو عرفية (عادية) ، وقد تثار أحياناً مسألة صحة هذه المحرارات، وذلك بالطعن في التزوير بالنسبة للمحررات الرسمية(11)، أو إنكار الورقة العرفية (العادية) (12) ، وهذا ما يقتضي الفصل بمسألة الطعن في التزوير بالوسائل المقررة قانوناً، وكذلك حسم مسألة إنكار الورقة العرفية (العادية) عن طريق تحقيق الخطوط ( المضاهاة) طبقاً للإجراءات المقررة قانوناً (13).
فالمستند الرسمي يعد حجة في نفسه دون الحاجة الى الإقرار به، فلا يطلب ممن يتمسك به أن يقيم الدليل على صحته، وإنما على الخصم الذي يتنازع فيه أن يثبت ادعاءه عن طريق الطعن بالتزوير (14).
لقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا المصرية في شأن التزوير في المحررات الرسمية الى أنه أما أن يكون مادياً متى ما أنصب على البناء المادي للمحرر المتمثل في الكتابة وإما أن يكون التزوير معنوياً متى ما أنصب على جوهر المحرر وموضوعه. (15) وإتجه مجلس الدولة الفرنسي الى التفريق بين المستندات الخاصة والمستندات والأحكام الإدارية، حيث يمد إختصـاصــه للنظر في الطعن بالتزوير المثار أمامه بالنسبة للمستندات والأحكام الإدارية، ويقوم بإحالة المستندات الخاصة الى القضاء العادي في حالة تعرضها للطعن بالتزوير . (16) أما في مصر فنظراً لعدم تنظيم الإجراءات المتبعة في حالة تقديم الطعن بالتزوير أمامه، فقد رســـــم مجلس الدولة نهجه في هذا الشأن عندما قضي باختصاص القضاء الإداري بتحقيق الطعن بالتزوير فيما يقدم من مستندات أو أوراق في الدعوى الإدارية وعدم إيقاف سير الدعوى بسبب الإدعاء بالتزوير، حيث ان خلو نصوص قانون مجلس الدولة المصري من هذا الامر يوجب الرجوع للقواعد المعمول بها أمام القضاء العادي الواردة في قانون الإثبات المصري. (17) أما في العراق وإقليم كوردستان، فعملاً بنص الفقرة أولاً من المادة / 83 من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 ، و المادة /36 من قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979، إذا ادعى الخصم تزوير سند للقاضي الإداري بصورة اختيارية وليست اجبارية، إيقاف المرافعة، إلا إذا وجدت قرائن قوية على صحة إدعائه، التي تجبره على الاستجابة لطلبه، وإحالة الخصوم على قاضي التحقيق ليثبت من صحة الإدعاء، ويستأخر الدعوى لحين صدور حكم بات بخصوص واقعة التزوير. أما تحقيق الخطوط (المضاهاة) فهو مجموع الإجراءات التي وضعها القانون لإثبات صحة الأوراق العرفية التي يحصل انكارها لتكون حجة للتمسك بها قبل ذلك المنكر (18) ، وهو إجراء يعد من السلطات التقديرية للقاضي الإداري ومن ثم يكون بوسعه رفض الطلب من أحد طرفي الدعوى (19)، ويختلف عن الطعن بالتزوير من حيث النطاق، لأن لا يمكن إجراء المضاهاة إلا بالنسبة للأوراق العادية دون الرسمية على خلاف الطعن بالتزوير حيث يمكن الطعن بالتزوير في المستندات الرسمية والعادية على السواء .
وفي شأن هذا الإجراء أمام القضاء الإداري، نظمت المادة / 37 من قانون المحاكم الإدارية الفرنسي عملية تحقيق الخطوط التي أجازت للمحكمة الإدارية القيام بها بمعرفة خبير أو أكثر وفي حضور احد أعضاء المحكمة، ونصت المادة / 741 من مدونة المحاكم الإدارية على أنه للمحكمة أن تأمر القائم بعملية المضاهاة من قبل خبير أو عدة خبراء بحضورها ، وفي حالة الضـــــرورة من قبل أحد أعضائها (20).
أما في مصر فقد نظمت المواد / 30 الى 48 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968، التحقيق في الأوراق العرفية (العادية) وفق إجراءات معينة وتحت إشراف المحكمة نفسها. ويأخذ مجلس الدولة المصري بهذه الإجراءات والسلطات للقضاء الإداري لاتصالها بحق الدفاع وعدم تعارضها مع طبيعة الدعوى الإدارية أو روابط القانون العام (21).
وبالنسبة للعراق وإقليم كوردستان، فإن التحقيق في المستندات العادية يتم وفق المواد /43 الى 52 من قانون الإثبات المتبع أمام المحاكم الإدارية، لأنه لانرى ما يمنع الأخذ بهذه الإجراءات من قبل المحكمة الإدارية، وتعد الدعوى مستاخرة وفق المادة /83 من قانون المرافعات المدنية لحين البت في موضوع إنكار المستند.
____________
1- ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018، ص67.
2- وذلك في المادة /37 من مرسوم الصادر بتاريخ 1963/7/30 بشأن مجلس الدولة الفرنسي، ذكره ماهر عباس ذيبان الشمري، مصدر سابق، ص 67 ، والمادة / 26 و 27 و 31 من قانون مجلس الدولة المصري، والمادة /57 من قانون الإثبات العراقي.
3- علي الدين زيدان ومحمد السيد ، الموسوعة الشاملة في شرح القضاء الإداري، ج 1، التعليق على قانون مجلس الدولة المكتب الفني للإصدارات القانونية القاهرة، بدون سنة النشر، ص 140.
4- أنسام فالح حسن حمزة الأحمدي، السلطات غير التقليدية للقاضي الإداري، ط1، المركز العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2018 ص 169
5- شريف أحمد بعلوشة، إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، ط1، مركز الدراسات العربية، الجيزة، 2016، ص513
6- د. عبد العزيز عبدالمنعم خليفة أصول الإثبات وإجراءاته في الخصومة الإدارية، ط1، المكتب الجامعي الحديث، الأسكندرية، 2013 ، ص144.
7- د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012 ، ص 297 وما بعدها.
8- د.حمدي علي عمر، سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر للإدارة، منشأة المعارف، الأسكندرية، 2018، ص 66 .
9- د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج6، الإثبات في الدعوى الإدارية ، منشأة المعارف الإسكندرية، 2010، ص98.
10- المادة / 20 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المصري والمادة /53 من قانون الإثبات العراقي.
11- يقصد بالمستندات الرسمية، كل مستند يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يده أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقاً للأوضاع النظامية وفي حدود سلطته واختصاصه. للمزيد أنظر عبدالعزيز بن سعد الدغيثر، المستندات الكتابية وقوتها في الإثبات، بحث منشور في مجلة العدل، العدد 47 ، رجب 1431هجري، ص 95.
12- فهو كل ورقة تصدر عن الأفراد، لا يتدخل في كتابتها موظف عام، وتحمل هذه الورقة توقيع من صدرت عنه أو ختمه أو بصمة أصبعه، للمزيد أنظر د. حابس ركاد خليف الشبيب البيانات الحية لإثبات عدم مشروعية القرار الإداري في دعوى الإلغاء، ط1، دار حامد للنشر والوزيع عمان، 2011، ص 165.
13- د. علي سلمان المشهداني، قواعد الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2017 ص377.
14- د. حابس ركاد خليف الشبيب البيانات الحية لإثبات عدم مشروعية القرار الإداري في دعوى الإلغاء، ط1، دار حامد للنشر والوزيع عمان، 2011 ، ص 150.
15- الطعن رقم 1947 لسنة 39 ق – جلسة 1994/5/17 نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج 6 ، الإثبات في الدعوى الإدارية ، مصدر سابق، ص 424.
16- ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018، ص 93
17- الطعن رقم 3671 و 3745 لسنة 44ق - جلسة ،1/9/ 19942002 نقلاً عن د.حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج 6 ، الإثبات في الدعوى الإدارية ، مصدر سابق، ص 429.
18- مصطفى مجدي هرجة، الموسوعة القضائية الحديثة، الإثبات الجنائي والمدني في ضوء الفقه والقضاء ، ج 2، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص 704
19- د. عبد العزيز عبدالمنعم خليفة، الموسوعة الإدارية الشاملة في الدعاوى والمرافعات، ج 2، أصول إجراءات التقاضي والإثبات في الدعواى الإدارية ، ص 366.
20- ماهر عباس ذيبان الشمري وسائل الإثبات في الدعوى الإدارية، دار السنهوري، بيروت، 2018 ص93
21 - د. أحمد كمال الدين موسى، نظرية الإثبات في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2012 ، ص 214.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|