أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-3-2016
2421
التاريخ: 2023-12-16
1088
التاريخ: 23-1-2023
1051
التاريخ: 9-3-2016
1498
|
ربما يكون علم الكونيات في الواقع فرعًا من فيزياء الجسيمات. ذلك أنه وفقًا لإحدى الأفكار التي تطورت من اعتبارها محض فكرة مجنونة تمامًا إلى أن حظيت بالتقدير باعتبارها فرعًا من فروع علم الكونيات، ربما يكون الكون وكل شيء فيه، ليس سوى واحد من تلك التقلبات الفراغية التي تسمح لمجموعات من الجسيمات بأن تنبثق من لا شيء، وتعيش لفترة ثم يُعاد امتصاصها ثانيةً داخل الفراغ. ترتبط هذه الفكرة ارتباطا وثيقًا باحتمالية أن يكون الكون مغلقًا فيما يتعلق بالجاذبية. فكون ولد في لهيب انفجار كبير ويتمدد لفترة من الزمن ثم يتقلص مرةً أخرى إلى كرة من اللهب ويختفي، هو تقلب فراغي بالفعل، لكن على مستوى ضخم جدا. وإذا كان الكون متوازنا تماما على مستوى الجاذبية بين التمدد اللامحدود والانهيار المحتوم، فلا بد أن طاقة الجاذبية السالبة للكون ستلغي بالضبط كتلة الطاقة الموجبة لكل المادة الموجودة فيه. إنَّ إجمالي الطاقة في كون مغلق تساوي صفرًا، وليس من الصعب جدًّا تكوين شيء ما بطاقة كلية صفرية من إحدى التقلبات الفراغية حتى وإن كان الأمر ينطوي على خدعة محبوكة بعض الشيء لكي تتمدد جميع الأجزاء الصغيرة مبتعدة بعضها عن بعض، وتسمح - مؤقتا - بوجود كل ذلك التنوع المثير للاهتمام الذي نراه حولنا.
يمكننا أن ننسب الفكرة الأصلية إلى لودفيج بولتزمان، وهو فيزيائي من القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الديناميكا الحرارية الحديثة والميكانيكا الإحصائية. لقد افترض بولتزمان أنه بما أنَّ الكون ينبغي أن يكون في حالة اتزان ديناميكي، لكن ذلك لا يبدو ظاهريًا، فربما يكون مظهره الحالي نتيجة انحراف مؤقت عن الاتزان الذي تسمح به قواعد الإحصاء، شريطة الحفاظ على الاتزان في المتوسط، على المدى الطويل. إنَّ احتمالية حدوث مثل ذلك التقلب على مقياس الكون المرئي ضئيلة، لكن إذا كان الكون موجودًا في حالة مستقرة على مدار زمن لا نهائي، فثمة يقين افتراضي بوقوع شيء من هذا النوع في نهاية المطاف، وحيث إن انحرافًا عن الاتزان هو وحده ما يمكن أن يسمح بوجود الحياة، فليس من الغريب أن نكون هنا خلال حدث نادر من انحراف الكون عن الاتزان.
لم تلق أفكارُ بولتزمان القبول قط، لكن بعض التنويعات على هذه الفكرة قد استمرت في الظهور من حين لآخر. وفي عام 1971 ظهرت تلك الفرضية التي راقت لي كثيرًا، وكتبتُ عنها في مجلة «نيتشر»، وهي احتمالية أن يكون الكون قد ولد من نار وهو يتمدد وسيتقلص بعد ذلك إلى لا شيء. (7) وبعد ذلك بسنتين قدَّم إدوارد من جامعة سيتي بنيويورك، بحثًا إلى مجلة نيتشر طوّر فيه فكرة الانفجار الكبير بصفته تقلبا فراغيًّا، لكنه أشار في الخطاب المرفق بالبحث إلى أن مقالي غير الموقع هو نقطة البداية لافتراضاته. (8) ولهذا فإنني مهتم على نحو خاص بهذا النموذج الكوني على وجه التحديد، ومن الملائم بالطبع أن يُنسب الفضل الآن كاملا إلى ترايون في التوصل إلى تلك الفكرة الحديثة عن الكون بصفته تقلبًا فراغيًا. لم يفكر بها أحد في البداية، لكن كما أشار هو حينذاك أنه إذا كانت محصلة الطاقة في الكون تساوي صفرًا، فإنَّ مقدار الزمن المسموح بوجوده بما يتماشى مع المعادلة:
∆t E ∆ = ħ
يمكن أن يكون طويلًا جدا بالفعل. وقال: (لست أزعم أن أكوانا مثل كوننا تظهر كثيرًا، وإنما الوتيرة المتوقعة لظهورها لا تساوي صفرًا فحسب.) وأوضح أيضًا: (إنَّ منطق الظروف يقتضي على كل حال أن يجد المراقبون أنفسهم دائمًا في أكوان قادرة على توليد الحياة، ومثل هذه الأكوان كبيرة بدرجة مثيرة للإعجاب.) ظلت هذه الفكرة مهملة لعشر سنوات. لكن في ثمانينيات القرن العشرين، بدأ الناس يأخذون نسخةً جديدةً منها على محمل الجد. وبرغمِ آمال ترايون الأولية، أظهرت الحسابات المقترحة أن أي (كون كمي) جديد يتكون من تقلب فراغي سيكون في الواقع ظاهرة دقيقة، وقصيرة الأجل، ولا تشغل سوى حجم صغير للغاية من الزمكان. غير أنَّ علماء الكون قد اكتشفوا بعد ذلك طريقةً تؤدي بهذا الكون المتناهي الصغر إلى تمدد دراماتيكي يمكن أن يضخُمه حتى يصل إلى حجم الكون الذي نعيش فيه في أقل من طرفة عين صار مصطلح «التضخم» هو الكلمة السحرية في علم الكون في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، ويفسر التضخم كيف أن تقلبا فراغيًا متناهي الصغر يمكن أن ينمو إلى الكون الذي نعيش فيه.
هوامش
(7) Nature, volume 232, page 440, 1971.
(8) Nature, volume 246, page 396, 1973.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|