أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/9/2022
1286
التاريخ: 17/12/2022
1624
التاريخ: 19/11/2022
1375
التاريخ: 24/12/2022
1513
|
الجواب : إنّ غيبة الإمام المنتظر عليه السلام كانت ضرورية لابدّ للإمام منها ، نذكر لك بعض الأسباب التي حتمت غيابه عليه السلام :
1 ـ الخوف عليه من العباسيين :
لقد أمعن العباسيون منذ حكمهم ، وتولّيهم لزمام السلطة في ظلم العلويين وإرهاقهم ، فصبّوا عليهم وابلاً من العذاب الأليم ، وقتلوهم تحت كُلّ حجرٍ ومدرٍ ، ولم يرعوا أيّة حرمة لرسول الله صلى الله عليه واله في عترته وبنيه ، ففرض الإقامة الجبرية على الإمام علي الهادي ، ونجله الإمام الحسن العسكري عليهما السلام في سامراء ، وإحاطتهما بقوى مكثّفة من الأمن ـ رجالاً ونساءً ـ هي لأجل التعرّف على ولادة الإمام المنتظر عليه السلام لإلقاء القبض عليه ، وتصفيته جسدياً ، فقد أرعبتهم وملأت قلوبهم فزعاً ما تواترت به الأخبار عن النبيّ صلى الله عليه واله ، وعن أوصيائه الأئمّة الطاهرين : أنّ الإمام المنتظر هو آخر خلفاء رسول الله صلى الله عليه واله ، وأنّه هو الذي يقيم العدل ، وينشر الحقّ ، ويشيع الأمن والرخاء بين الناس ، وهو الذي يقضي على جميع أنواع الظلم ، ويزيل حكم الظالمين ، فلذا فرضوا الرقابة على أبيه وجدّه ، وبعد وفاة أبيه الحسن العسكري أحاطوا بدار الإمام عليه السلام ، وألقوا القبض على بعض نساء الإمام الذين يظنّ أو يشتبه في حملهن.
فهذا هو السبب الرئيسي في اختفاء الإمام عليه السلام ، وعدم ظهوره للناس ، فعن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره » ، قلت : ولَمِ؟ فقال عليه السلام : « يخاف » ، وأومئ بيده إلى بطنه ، قال رزارة : يعني القتل (1).
ويقول الشيخ الطوسي : « لا علّة تمنع من ظهوره عليه السلام إلاّ خوفه على نفسه من القتل ، لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار » (2).
2 ـ الامتحان والاختبار :
وثمّة سبب آخر علّل به غيبة الإمام عليه السلام ، وهو امتحان العباد واختبارهم ، وتمحيصهم ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « أمّا والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهركم ، ولتمحصن حتّى يقال : مات أو هلك ، بأيّ وادٍ سلك ، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر ، فلا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه » (3).
ولقد جرت سنّة الله تعالى في عباده امتحانهم ، وابتلاءهم ليجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون ، قال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [الملك: 2] ، وقال تعالى : {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] .
وغيبة الإمام عليه السلام من موارد الامتحان ، فلا يؤمن بها إلاّ من خلص إيمانه ، وصفت نفسه ، وصدّق بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه واله والأئمّة الهداة المهديين من حجبه عن الناس ، وغيبته مدّة غير محدّدة ، أو أنّ ظهوره بيد الله تعالى ، وليس لأحدٍ من الخلق رأي في ذلك ، وإن مثله كمثل الساعة فإنّها آتية لا ريب فيها.
3 ـ الغيبة من أسرار الله تعالى :
وعُلّلت غيبة الإمام المنتظر عليه السلام بأنّها من أسرار الله تعالى ، التي لم يطّلع عليها أحد من الخلق ، فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه واله أنّه قال : « إنّما مثله كمثل الساعة ، ثقلت في السماوات والأرض ، لا تأتيكم إلاّ بغتة » (4).
4 ـ عدم بيعته لظالم :
ومن الأسباب التي ذكرت لاختفاء الإمام عليه السلام أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم ، فعن علي بن الحسن بن علي بن فضّال عن أبيه ، عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال : « كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه » ، قلت له : ولم ذلك يا بن رسول الله؟ قال عليه السلام : « لأنّ إمامهم يغيب عنهم » ، فقلت : ولِمَ؟ « لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف » (5).
وأعلن الإمام المهدي عليه السلام ذلك بقوله : « إنّه لم يكن لأحد من آبائي عليهم السلام إلاّ وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي » (6).
هذه بعض الأسباب التي علّلت بها غيبة الإمام المنتظر عليه السلام ، وأكبر الظنّ أنّ الله تعالى قد أخفى ظهور وليّه المصلح العظيم لأسباب أُخرى أيضاً لا نعلمها إلاّ بعد ظهوره عليه السلام.
قد يقول قائل : ما العلّة وما فائدة الإمام المنتظر في استمرار وجوده غائباً؟ وعدم ظهوره ليصلح ما أفسده الناس ، وما جرفوه من حكم الإسلام.
الجواب : قد ورد في جواب الإمام الحجّة عليه السلام لإسحاق بن يعقوب ، كما في توقيعه الشريف : « وأمّا علّة ما وقع مِن الغيبة ، فإنّ الله عزَّ وجلّ يقول : {ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة: 101] إنّه لم يكن أحد من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد مِن الطواغيت في عنقي.
وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب ، وإنّي لأمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان أهل السماء ، فأغلقوا أبواب السؤال عمَّا لا يعنيكم ، ولا تتكلّفوا على ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك فرجكم ، والسلام عليكم يا إسحاق بن يعقوب وَعلى مَن اتبع الهدى » (7).
فالعلّة في غيبة الإمام وفائدتها أُمور :
1 ـ الغيبة سرّ مِن أسرار الله فلا تتكلّفوه ، كما ذكر الإمام عليه السلام واستشهد بالآية.
2 ـ غيبته إنّما وقعت لئلا يكون في عنقه بيعة لطاغية.
3 ـ إنّ مثل وجوده ونفعه للمجتمع كمثل وجود الشمس ، فإنّ غيبته لا تمنع مِن الاستفادة بوجوده الشريف.
4 ـ الإمام الحجّة أمان لأهل الأرض بوجوده ودعائه وبركاته.
5 ـ طلبه الدعاء له بالفرج ، لأنّ تضرّع المؤمنين إلى الله بتعجيل فرجه له تأثير عند الله بتقريب ظهوره.
6 ـ إنّ لله حكم وأسرار فيها ما هو جلي ، ومنها ما هو خفي ، قد أخفاها لمصالح تعود للعباد ، وأمر المهدي عليه السلام في غيبته كذلك.
7 ـ إنّ وجود المهدي حجّة لله قائمة في الأرض يحفظ الله به البلاد والعباد.
8 ـ قد يكون المانع مِن ظهوره هم الناس أنفسهم ، لعدم وجود أنصار له.
9 ـ إنّ تأخير ظهوره قد يكون لإعطاء فرصة ومهلة للرجوع إلى الله تعالى.
10 ـ إنّ الحجّة المنتظر بوجوده يحفظ الله التوازن في المجتمع البشري ، كما تحفظ الجاذبية التوازن في المجموعة الكونية.
جعلنا الله وإيّاكم محلّ رضاه ، وجمعنا به العليّ القدير عاجلاً غير آجل ، إنّه سميع مجيب.
وعلى كُلّ واحد ـ أينما كان ـ أن يجعل ارتباطه بالله تعالى شفّافاً ، واضحاً ، قوياً ومتكاملاً.
نسألكم الدعاء.
____________
1 ـ علل الشرائع 1 / 246 ، كمال الدين وتمام النعمة : 481.
2 ـ الغيبة للشيخ الطوسي : 329.
3 ـ الإمامة والتبصرة : 125 ، الكافي 1 / 336 ، الأمالي للشيخ الصدوق : 191.
4 ـ كفاية الأثر : 168 و 250 ، ينابيع المودّة 3 / 310.
5 ـ علل الشرائع 1 / 245 ، عيون أخبار الرضا 2 / 247.
6 ـ كمال الدين وتمام النعمة : 485 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 292.
7 ـ الغيبة للشيخ الطوسي : 292 ، كمال الدين وتمام النعمة : 485.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|