أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-5-2018
2750
التاريخ: 11-9-2019
2830
التاريخ: 2023-10-13
1333
التاريخ: 19-1-2016
12066
|
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (أحسنوا ظنكم بإخوانكم)(1).
وعن الأمام علي (عليه السلام): (حسن الظن من أكرم العطايا، وأفضل السجايا)(2).
دعا الإسلام إلى (حسن الظن)، بالناس، اي ترجيح الجانب الإيجابي، او على الأقل غير السلبي فيما يفعله الناس مما قد يبدو سلبياً.
من امثلة ذلك:
مر أمامي أحد زملائي في العمل دون ان يلقي التحية عليّ.
ـ يبدأ التحليل: لماذا فعل ذلك؟ هل هو يتكبر علي؟
ـ هل هو يبغضني؟ أو أنه لم يلتفت ألي، أثناء مروره؟
أن حسن الظن يقول لي: أبنِ أنه لم يلتفت اليك، فلعله شارد أثناء مروره نحوك.
استدعاني مدير المؤسسة التي أعمل فيها، ووبخني على بعض ما فعلته، مع العلم أني لم أكن وحدي، بل كان برفقتي زميل لي.
هنا يبدا التحليل:
ـ هل صاحبي هو الذي نقل ذلك الى المدير؟
ـ أو يمكن أن يكون عند المدير مصدر آخر؟
أن حسن الظن يقول لي: أبنِ على الاحتمال الثاني.
رأيت أخاً يشرب سائلً يحتمل أنه (بيرة) محرمة أو (ماء شعير) حلال.
أن حسن الظن يقول لي: أبنِ انه ماء شعير حلال.
قد أجد في بعض الحالات صعوبة في تبرير العمل، ومع هذا فقد دعانا النبي (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته (عليهم السلام)، إلى التماس العذر له، والبحث عن محمل حسن لعمله، فعن النبي (صلى الله عليه وآله): (اطلب لأخيك عذراً، فإن لم تجد له عذراً، فالتمس له عذرا)(3)، وعن الإمام علي (عليه السلام): (ضع أمر اخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك، ولا تظن، بكلمة خرجت من أخيك سوءاً، وأنت تجد له في الخير محملاً(4).
يمكن مقاربة هذا النوع من الأحاديث من خلال التأمل في ان المعلومة بين ان يتلقاها الإنسان وما ينتج من موقف على اساسها تمر بقناة ذهنية نفسية تؤثر فيها خلفيات الإنسان وتوجهاته الداخلية التي لحياته الخاصة ولبيئته وثقافته أثر بارز فيها، فينعكس هذا الأمر على الموقف المتخذ. وهذا ما أشار اليه الإمام علي (عليه السلام)، في بعض كلماته حول اسباب سوء الظن التي عد منها:
1ـ الشر الذاتي
فعنه (عليه السلام): (الشرير لا يظن بأحد خيرا؛ لأنه لا يراه إلا بطبع نفسه)(5)، وفي المقابل فان حسن الظن ينطلق عادة من صفاء الداخل، وسلامة القلب، كما وردت الإشارة إلى ذلك في حديث للإمام الصادق (عليه السلام): (حسن الظن أصله من حسن ايمان المرء وسلامة صدره)(6).
2ـ مجالسة الأشرار
عن الإمام علي (عليه السلام): (مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار)(7).
حسسن الظن بين التعمية والموضوعية
قد يعتقد بعضدهم أن حسن الظن بالناس فيه نوع سلبي من التعمية على الحقيقة، فهل هذا الأمر صحيح؟
الجواب: نحن نسلم بان حسن الظن فيه نوع من الإغماض، لكنها إيجابية في آمرين:
الأول: أنه قد يكون موضوعيا أكثر من سوء الظن.
الثاني: انه من عوامل سكينة النفس واطمئنان القلب.
اما كونه مقاربا للموضوعية؛ فلأن سوء الظن في كثير من الأحيان يكون ناتجا من فهم خاطئ للموضوع، كما في الأمثلة الثلاثة المتقدمة، فقد يكون انشغال الإنسان ببعض همومه هو سبب عدم التفاته والقاء التحية، وقد يكون للمدير مصدر معلومات غير ذلك الزميل، وقد يكون ما يشربه الأخ هو ماء شعير حلالاً.
اما الاحتمال السلبي الآخر، وان كان موجوداً، الا ان مصدره قد يكون تلك القناة الذهنية بين تلقي الخبر او الحدث وبين ناتج الفهم له.
آثار حسن الظن
1ـ العلاقات الاجتماعية السليمة
من الواضح ان حسن الظن بالآخرين يحافظ على سلامة العلاقة الاجتماعية، وعدم تفسخها، لما لها من أثر في تعميم ثقافة أصالة الخير في عمل الناس.
2- السعادة الشخصية
مما لا يخفى ان منشأ سعادة الإنسان يقتصر على أمر واحد هو اطمئنان القلب وراحته وسكينته، وهذا ما يجده الإنسان من خلال حسن ظنه بالناس، وقد أكد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والإمام علي (عليه السلام)، هذا المعنى من خلال أحاديث عديدة وردت عنهما، منها:
عن رسول (صلى الله عليه وآله): (أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب)(8).
عن الإمام علي (عليه السلام): (حسن الظن راحة القلب)(9).
وعنه (عليه السلام): (حسن الظن يخفف الهم)(10).
وعنه (عليه السلام): (إن حسن الظن يقطع عنك نصبا(11)، طويلا)(12).
3ـ النجاة في الأخرة
ان حسن الظن يبعد الإنسان عن تحمل ذلك الحرام، وهذا ما أرشد إليه الإمام علي (عليه السلام)، بقوله: (حسن الظن ينجي من تقلد الاثم)(13) .
حدود حسن الظن
ان حسن الظن بالناس رغم ايجابيّاته الكثيرة، الا ان له حدودا ينبغي الالتفات اليها منها:
1ـ ان حسن الظن انما هو عند الاحتمال في مقابل احتمال آخر، وليس عند اليقين بالسوء، فقد يعلم الإنسان علم اليقين بشيء سلبي قام به الآخر، فهنا عليه ان يكون فطنا في ردة فعله ضمن الضوابط الشرعية، وقد عبر عن هذا المطلب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيما ورد من قوله (عليه السلام): (ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه)(14).
2ـ ان حسن الظن لا يعني التفريط في التعامل مع الآخرين بثقة مطلقة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تثقن بأخيك كل الثقة، فان صرعة الاسترسال لا تستقال)(15).
وقد أعطى الإمام علي (عليه السلام)، تطبيقا عمليا ينفع في العلاقات مع الآخرين، لا سيما الجانب الأمني، فعنه (عليه السلام): (احذر من أصحابك ومخالطيك الكثير المسألة، الخشن البحث، اللطيف الاستدراج، الذي يحفظ اول كلامك على آخره، ويعتبر ما أخرت بما قدمت، ولا تظهرن له المخافة، فيرى أنك قد تحرزت وتحفظت، واعلم أن من يقظة الفطنة أظهار الغفلة مع شدة الحذر، فخالط هذا مخالطة الآمن، وتحفظ منه تحفظ الخائف)(16).
3ـ ينبغي التحفظ في قيمة حسن الظن في المجتمعات التي يغلب عليها الظلم والجور، بحيث يصبح حسن الظن من السذاجة السلبية في مثل هذه البيئة، وهذا ما أشار اليه الإمام الكاظم (عليه السلام)، في الحديث الوارد عنه: (إذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد ان يظن بأحدٍ خيراً حتى يعرف ذلك منه)(17).
4ـ ان حسن الظن بالناس لا يشمل اعداء الله تعالى، وهذا ما أشار اليه الإمام علي (عليه السلام)، في عهده لمالك الأشتر لما ولاه مصر: (الحذر، كل الحذر من عدوك بعد صلحه؛ فان العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم، واتهم في ذلك حسن الظن)(18).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الأمام الصادق، جعفر، مصباح الشريعة (المنسوب اليه)، ط1، بيروت، الأعلمي، 1980م، ص173.
2ـ الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، تحقيق حسين البير جندي، ط1، قم، دار الحديث، (لا، ت)، ص228.
3ـ الصدوق، الخصال، (لا، ط)، منشورات جماعة المدرسين، قم، 1403هـ، ص622.
4ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص362.
5ـ الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، ص57.
6ـ الإمام الصادق، جعفر، مصباح الشريعة (المنسوب اليه)، ص 173.
7ـ الصدوق، الأمالي، تحقيق ونشر مؤسسة البعثة، ط4، طهران، 1417هـ، ص531.
8ـ الإمام الصادق، جعفر، مصباح الشريعة (المنسوب إليه)، ص173.
9ـ الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، ص229.
10ـ المصدر السابق، ص228.
11ـ اي تعبا.
12ـ ابن ابي طالب، الإمام علي، نهج البلاغة، ج3، ص89.
13ـ الواسطي، علي، عيون الحكم والمواعظ، ص227.
14ـ الكليني، محمد، الكافي، ج2، ص362.
15ـ الحراني، ابن شعبة، تحف العقول، ط2، مؤسسة النشر الإسلامي، 1404هـ، ص357.
16ـ ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد ابراهيم، (لا، ط)، مؤسسة اسماعيليان، (لا، ت)، ج20، ص318.
17ـ الحراني، ابن شعبة، تحف العقول، ص409.
18ـ ابن ابي طالب، الأمام علي، نهج البلاغة، ج3، ص106.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|