أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2016
19115
التاريخ: 22-11-2016
2778
التاريخ: 12/9/2022
1445
التاريخ: 12/9/2022
1168
|
إن من مسؤوليات الإنسان الخطيرة في الحياة حفظ العهود التي يلتزم العمل بها. وهو يحس بقبح نقضها وحسن الوفاء بها في جميع الأمور الفردية والإجتماعية من أي دين كان أو لم يكن، فإن إدراك لزوم الوفاء بالعهد من فطرة الإنسان، وهو من أسس سعادته إن للأسس التي تبنى في ضمير كل إنسان من دور الطفولة تأثيراً كبيراً في ما يفعل في مستقبل حياته أو يترك، ومن هنا يتضح ضرورة الالتفات إلى التربية الصحيحة والاستفادة من نتائجها المثمرة والثمينة والاحتراز عن الأمور التي تضر بأساس الفطرة، إذ هي التي تشكل أسس الصحة والسلامة الأخلاقية.
إن الأخلاق تحكم باحترام وتقدير كل قرار قولي يعقد بين الطرفين وإن لم يكن له ضمان رسمي وقانوني، وأن نقض العهد يعد في الحقيقة تحرراً عن قيود الشرف والفتوة، وأن التجاوز عن العهود من دون موافقة الطرفين نوع من عدم المروءة. وقد قال بوذرجمهر: (أن نقض العهد يبعد عن الفتوة بفواصل بعيدة جداً).
إن الذي ينحرف عن الصراط المستقيم فينقض العهد بكل سهولة ويسر، إنما يبذر بعمله هذا المضر بذور التأثر والعناد في صدور الآخرين عليه، وسيضطر إلى أن يتحمل الخجل منهم من عمله هذا، ثم هو يحاول أن يغطي على عمله هذا ولو بالمعاذير المتناقضات، ولكنه لا يظفر بالتالي إلا بإثبات شخصيته المنافقة وغير المستقيمة في الوجود.
إن نقض العهود أكثر العوامل اثراً في تشتيت شمل المجتمع الإنساني وأن شيوعه بينهم يسبب لهم الضعف والانحطاط، ويوهن حبال المودة بين الناس ولا شك أن المجتمع الذي يحكمه التشتت وفقدان الثقة المتبادلة سيفقد توازن الحياة وتعادله، ولا يطمئن أحد بأحد حتى أقرب الأقرباء إلى أقربهم. وقد راج سوق نقض العهود والخداع ضمن الانحطاط الأخلاقي الذي أصيب به الناس في هذا العصر، وقد تفشت صفة المجاملة في الأخلاق العامة، بصورة رهيبة.
أنه يوجد في المجتمع أفراد لا ينظرون مواعيدهم باللاإعتناء واللاقيديّة فحسب، بل يعدون الخداع نوعاً من الحذق والذكاء والفطنة، ويباهون به على الآخرين.
إن الوفاء بالعهد من عوامل التعايش الإجتماعي، وهو من أركان سعادة المجتمع، وله الأثر الكبير في جميع شؤون حياة الناس، وهو الأساس الذي يبتني عليه التقدم والموفقية والاطراد.
أسر على عهد الحجاج بن يوسف الثقفي جماعة من الخوارج وأتي بهم إلى الحجاج، فاستعرضهم الحجاج وأمر في كل واحد منهم بما شاء، فلما بلغ إلى آخر رجل منهم ارتفع صوت المؤذن للصلاة، فتهيأ الحجاج للصلاة ودفع الأسير إلى رجل من الأشراف كان معه فى القصر وقال له أمسكه الليلة وأحضره غداً بين يدي حتى ارى فيه رأيي. فخرج الرجل بالأسير من القصر، فقال له الأسير أنا لست من هؤلاء الخوارج، وإني أرجو الله من لطفه ورحمته البراءة من هذه التهمة، فإني قد وقعت بيدهم اسيراً بلا ذنب، وإني أرجوك أن تأذن لي ان أقضي ليلتي هذه مع عائلتي وأولادي وأوصيهم بوصاياي، وإني أعدك أن أحضر لديك صباح غد فسكت الرجل، ولكنه لما رأى إصرار الرجل والتماسه منه ذلك وافق على طلبه، ولكنه لم يمض شيء من الوقت حتى اضطرب الرجل وندم من ذلك وظن أنه سيقع ذلك عرضة لغضب الحجاج. وأصبح الرجل في اضطراب عجيب، ولكنه ما أن حان الموعد المقرر حتى لاحظ بكل تعجب حضور الرجل الأسير على باب بيته. فلم يتمالك نفسه من الحيرة والعجب، فالتفت إلى الأسير وقال له: ولماذا حضرت حين الموعد؟، وأجاب الأسير قائلاً: من عرف الله بالعظمة والقدرة وأشهده على عهده وجب عليه الوفاء به.
ذهب الرجل والأسير معه إلى الحجاج وبين له ما جرى بينه وبين الأسير، فتأثر الحجاج بإيمان الرجل ووفائه مع ما هو عليه من الشقاء والقساوة، وصمم على إصدار أمر بإطلاق سراحه، فالتفت إلى الرجل المحافظ وقال له: أتحب أن اهب لك هذا لأسير؟ فأجاب الرجل: لو فعلت لمننت عليّ بذلك كثيراً. فوهب له الأسير، وأخرجه الرجل معه من القصر وأطلقه.
افترضوا لو أن مؤسسة تجارية استهانت بمسؤوليتها ولم تعتن بمقرراتها فهل ينتهي تخلفاتها عن مواعيدها إلا إلى فقدان الثقة والاعتبار بين الناس وأنها - وقد توسمت اخطاءها - لا تسير إلا في طريق الاضمحلال، ولا شيء يهب للمجتمع الثبات والاستقرار كالثقة المتبادلة بين أفراده، ولا تستقر العلاقات المتبادلة بين الناس على أساس الثقة المتبادلة ولا تتجلى روح الثقة المتبادلة - وهي من لوازم الحياة السعيدة - إلا فيما إذا اهتم كل أحد بقوله كما يهتم بالمكاتبات الرسمية الحقوقية والقانونية الدولية، وتقيد في أعماله في جميع شؤون الحياة بحفظ العهود معتقداً ان ذلك من وظائفه القطعية، فيسلم البائع ـ مثلا - البضاعة في الموعد المقرر الى المشتري، ويؤدي المدين دينه في موعده إلى الدائن ... وحينذاك ترتفع أكثر المشاجرات بين البشر، ويترقى مستوى الحياة بينهم إلى أرقى المستويات.
والشرط الأول في العهود أن ينظر الشخص إلى إمكانياته وقدراته، فيحذر من عقد قرار خارج عن حدود قدراته وقواه، إذ أنه لو لم يتمكن من تحقيق قراره حتى ولو كان ذلك بسبب عدم القدرة والاستطاعة عد مسؤولاً عن ذلك، فهو بالطبع يجعل نفسه بذلك في معرض اللوم والنقد.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|