أقرأ أيضاً
التاريخ: 9/10/2022
1650
التاريخ: 26-9-2019
2389
التاريخ: 6-6-2022
2251
التاريخ: 9/10/2022
1242
|
التوسع الحضري غير المخطط
التخطيط كلمة شاملة تشمل كل نواحي الحياة الإنسانية، وهو تفكير مسبق للقيام بفعل أو سلسلة أفعال في المستقبل، وهو تنظيم بشري واع ومستمر يستعمل لاختبار أحسن السبل لتحقيق غايات وأهداف معينة. وتعتبر عمليات التخطيط الحضري في الوقت الحاضر بمثابة جهود واعية ومشتركة يمكن من خلالها تصور أو إعادة تصور شكل أية مدينة أو منطقة حضرية، أو أية منطقة أوسع، ومن ثم ترجمة ذلك التصور إلى أولويات للاستثمار في المنطقة، واتخاذ تدابير حماية البيئة، وإيجاد مناطق سكنية جديدة أو مطورة، والاستثمارات في مرافق البنية التحتية الاستراتيجية، ومبادئ تنظيم استعمال الأراضي.
كما يشير مصطلح "التخطيط" إلى الطريقة المثلى التي تضمن تحقيق أهداف معينة بأقل كلفة وأكثر كفاءة وأقصر وقت، وهو أسلوب إداري موجه يعتمد على السياسات التشاورية(1).
لقد أدى تعقد الحياة الحضرية الحديثة، وجذب المدن للمهاجرين إليها من المناطق الريفية إلى خلق العديد من المشكلات الاجتماعية. إضافة لذلك فإن تزايد سكان المدن بشكل ملحوظ قد ولد الكثير من المشاكل الاجتماعية، وذلك ما جعل المدينة تعاني من سوء التنظيم الاجتماعي بشكل ملموس، وأول هذه المشكلات مشكلة صراع المعايير والقيم الثقافية بين المهاجرين الذين يحملون جذور ثقافة تقليدية في الريف، ويتفاعلون مع معايير وقيم ثقافية مستحدثة في نطاق المدينة. إضافة لذلك، فإن وجود هذه المشاكل يعقد الحياة الحضرية ويزيدها صعوبة. مما جعل المجتمع الحضري الحديث يحتاج لتخطيط محكم ودقيق لمواجهة تلك المشكلات المتزايدة.
إن التحول الحضري المتسارع يضيف أعباء جديدة على البنية التحتية المتهالكة أصلاً في بعض المدن، ويخلق أوضاعاً اجتماعية غير صحيحة. وقد شهد القرن العشرون نمواً سريعاً لسكان المدن في العالم. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد ارتفعت نسبة السكان الحضر من مجموع عام 1900 إلى 29% عام 1950 ووصلت إلى 49% عام 2005 ومن المتوقع أن تبلغ 60% عام 2030. إلا أن ما يميز التطور الحضري، في الدول النامية ومنها الدول العربية، منذ النصف الثاني من القرن العشرين، هو النمو السريع في أعداد سكان المدن بدون مواكبة في البنية الاجتماعية - الاقتصادية. ففي الدول العربية كان هناك 8 يسكنون المناطق الحضرية وفقاً لإحصائيات عام 1970، وارتفعت النسبة إلى 55% عام 2005، ومن المتوقع أن تصل نسبة السكان الحضر إلى 60% من سكان السكان البلدان العربية بحلول عام 2020(2) علماً بأن هناك تبايناً واضحاً في نسب التحضر بحسب الدول العربية (الشكل 4)، لذا يتطلب التخطيط الحضري السليم وضع رؤية مستقبلية لمواجهة المشكلات الناجمة عن النمو السريع للمدينة، ومن هنا اتجهت أنظار الباحثين في السنوات الأخيرة للرصد والتحليل والتنبؤ في مشاكل التخطيط الحضري كرد فعل لتلك المشكلات، وتبنى مثل هذه التصورات والرؤى المستقبلية على تنبؤات قائمة وفق معايير علمية واضحة(3).
إن التخبط في المناهج التخطيطية وعدم وجود نظرة مستقبلية بعيدة المدى تسهم في تفكك النسيج العمراني للمدينة وتصبح المعالجات التي يضعها المخطط اللاحق تعدياً على حقوق الأجيال القادمة.
إن التخطيط الحضري يعني التوقيع العلمي والمنظم لاستعمالات الأرض والمباني وتطويرها بما يتلائم مع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، أو هو الإجراءات والفعاليات الضرورية لتنظيم البيئة الحضرية لجعلها متآلفة قدر الإمكان لتلبي الحاجات والمتطلبات للمدينة. وتتضمن العملية استعمالات الأرض وتنظيم تخطيط الأرض وجعل المدينة قادرة على استيعاب أوزان سكانية أخرى بدون أن يكون هناك ضغط على مواردها. أو بأنه وضع خطة لتحقيق أهداف المجتمع في ميدان وظيفي لمنطقة ما في مدى زمني محدد، ويجب أن يكون واقعياً محققاً للهدف في الوقت المناسب(4). وفي حالة غياب التخطيط الممنهج فإن التوسع الحضري غير المخطط Unplanned Urban Growth والتطور العشوائي للمدن يقود إلى مشاكل اجتماعية ناجمة عن عوامل متعددة أبرزها:
1- النقص في إمدادات الطاقة اللازمة وارتفاع أسعارها بسبب زيادة الطلب ونقص الإنتاج، والاستهلاك المرتفع لإمدادات الغاز المنزلي ووقود الطاقة، وتهالك أغلب الخطوط الناقلة للطاقة الكهربائية وعدم كفاية المحولات الثانوية للأحمال الزائدة، وخاصة في موسم ارتفاع درجات الحرارة.
2- تدهور مؤشرات التنمية البشرية المتعلقة بالجوانب الصحية والتعليمية والخدمية، وواقع خدمات الصرف الصحي وخدمات الماء الصالح للشرب، والمؤشرات الأخرى بسبب ارتفاع الحجم السكاني للمدينة، مما يؤدي إلى ضعف كفاءتها وقصورها في تقديم الخدمة اللازمة، إذ يلاحظ وجود فجوة بين المؤشرات العالمية والمؤشرات المتعلقة بالمدن التي تعاني من النمو الحضري غير المخطط .
3- عدم القدرة على توفير الحاجات الأساسية لسكان المدن، كالمياه النقية والخدمات الصحية والتعليمية ونظم المواصلات والاتصالات والخدمات التحتية Infrastructure، فضلاً عن ارتفاع أسعار الغذاء والحاجات الاستهلاكية الأخرى وحالات التضخم الاقتصادي.
4- تفشي الاستعمالات المخالفة للمخطط الأساسي التي يقصد بها أي استعمال مخالف لما هو مقرر في المخطط الأساسي، وبعض هذه الاستعمالات مؤثرة على الراحة والصحة، بالإضافة إلى انتشار السكن العشوائي أو ما يسمى بالعشوائيات وما ينجم عنها من آثار بيئية واجتماعية.
5- تدهور البيئة الحضرية من خلال نقص الإسكان والخدمات والازدحامات المرورية، والمشكلات الاجتماعية الناجمة عن التغيرات في أنماط السلوك. وتؤثر التغيرات الاجتماعية على اتجاه السكان نحو مجتمعات ثانوية أو أقليات. فتصبح المدينة عبارة عن هيكل كبير يجمع جماعات اجتماعية متباينة اجتماعياً وثقافياً ولها خلفيات حضارية متباينة، وتمثل كل مجموعة أو فئة اجتماعية انماطا حضرية ومستويات تعليمية متفاوتة واهتمامات وظيفية وميولاً واتجاهات متباينة، وهذه الاختلافات تجعل مجتمع المدينة مصدراً للتفكك والتصدع الاجتماعي واختلال التنظيم الاجتماعي. وتكمن المشكلات الاجتماعية أحياناً في التناقض بين الموجود الفعلي والواقعي في المجتمع وما ترغب به مجموعة معينة في المجتمع. والمشكلات الاجتماعية تفرز أنواعاً متعددة من السلوك الانحرافي، ولاسيما إذا اتسع نطاقها واستعصت على الحل مدة طويلة، وأصبحت تشكل جانباً مرضياً في جسم المجتمع، ولعل عمليات الصراع الثقافي من بين العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى إحداث عدد كبير من المشكلات الاجتماعية .
ودائما ما تكشف البيانات عن تفاوتات صحية في المناطق الحضرية، تعرف بأنها تفاوتات صحية منتظمة، ناشئة عن عوامل اجتماعية، وتحدث هذه التفاوتات نتيجة الظروف التي ينشأ فيها الناس ويعيشون ويعملون فيها. وتوضح الأمثلة معاناة سكان الأحياء الفقيرة بنسب متفاوتة من مجموعة واسعة من الأمراض والمشكلات الصحية وسوء الخدمات والاختناقات المرورية. وقد تبين أن الأسر الأقل دخلاً في المناطق الحضرية هي الأكثر تعرضاً للمشاكل الصحية، مثل الوفيات المبكرة للأطفال، إذ ارتفع معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في أرياف العالم 1.4 مرة منه في المناطق الحضرية، وأعلى 1.9 مرة بين أفقر 20 % من الأسر عما هو عليه في أغنى 20 % من الأسر(5). وقد تعاني أحياء بعينها من تضافر الحرمان والمرض معاً فاحتمالات تمتع ، سكان المدينة بالصحة، تتوقف إلى حد كبير - على مكان إقامتهم داخل المدينة. فمثلاً: لوحظ تركز اعتلال الصحة في أحياء معينة من مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، كما تبين أن الأحياء الأسوأ في النتائج الصحية هي نفسها الأكثر فقراً من الناحية الاقتصادية. وفي عام 2001 انخفض متوسط العمر المأمول للسكان في أفقر أحياء نيويورك ثماني سنوات بالمقارنة بأكثر أحيائها ثراء. وعلاوة على الحالة الاجتماعية الاقتصادية في الأحياء السكنية، يعاني بعض سكان المدن من نتائج صحية سيئة، بسبب تهميش المجتمعات لهم والتمييز ضدهم لأسباب عرقية أو قومية أو أثنية.
إن عمليات التنمية والتخطيط الحضري في مدن العالم الثالث، ومنها المدن العربية، تعاني من مشاكل عديدة، وأول المشاكل وأهمها هي انعدام وجود المعلومة الإحصائية الدقيقة والشاملة التي تعد شرطاً لا غنى عنه لحدوث تنمية واقعية وفعلية. وفضلاً عن النقص والعجز والتباين في الإحصاءات والبيانات اللازمة، وعدم وجود وعي معلوماتي وإحصائي يبين أهمية المعلومة الإحصائية، فإن هناك مشاكل في طبيعة المعلومات ذاتها وطرق جمعها ومستوياتها وعدم القدرة على معالجتها إن توفرت. لذا يمكن القول: إن النقص المعلوماتي والإحصائي يشكل تحدياً لسلامة استراتيجيات الخطط التنموية في المدن ومعالجة مشاكلها، كما أنه يؤثر سلباً على حسن أداء وسرعة إنجاز البرامج والمخططات الأساسية وإجراءاتها التنفيذية.
إن من الشروط الرئيسة في العمل التخطيطي السليم الشمولية والمشاركة الفعالة من العديد من الجهات على اختلاف تخصصاتها، ولا يمكن حصر العملية التخطيطية على تخصصات أو خلفيات معينة، بل يجب مشاركة جميع القدرات ذات الطبيعة الابداعية بحسب التخصص، وهو أمر من شأنه إثراء المنتج التخطيطي، وفي هذا التوجه الجماعي مساعدة على إنتاج نسيج عمراني ملائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة، التقرير العالمي للمستوطنات البشرية 2009. http://www.unhabitat.org/grhs/.
(2) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المكتب الإقليمي للدول العربية تقرير التنمية الإنسانية العربية، طبع شركة كركي للنشر، بيروت، 2009، ص3.
(3) عبد الاله أبو عياش ويعقوب اسحق قطب، النمو والتخطيط الحضري في دول الخليج العربي، وكالة المطبوعات، الكويت، 1980، ص236.
(4) عبد الله بن سعد بن محمد الخالدي، الأسلوب الجغرافي التطبيقي في التخطيط الحضري، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد (119) لسنة (31)، جامعة الكويت، اكتوبر 2005 ص 287.
(5) منظمة الصحة العالمية، الإحصائيات الصحية العالمية، 2009، ص95.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|