أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2017
2038
التاريخ: 4-6-2016
2745
التاريخ: 10-11-2021
1889
التاريخ: 31-5-2016
14091
|
النتائج الاجتماعية
صرحت المنظمة الدولية للهجرة بأن هناك أكثر من مائتي مليون مهاجر حول العالم في الوقت الراهن. واستقبلت أوروبا أكبر عدد من المهاجرين، حيث بلغ العدد 70.6 مليون شخص في عام 2005. وتليها في المرتبة الثانية أمريكا الشمالية بعدد يزيد عن 45.1 مليون مهاجر، وتتبعها آسيا التي استقبلت حوالي 25.3 مليون مهاجر.
إن للهجرة تأثيرات اجتماعية واسعة النطاق فقد ساهمت الهجرة في ضرب المنظومة القيمية لبعض المجتمعات، التي استقبلت تيارات عريضة من المهاجرين استمرت لمراحل زمنية طويلة، كما أثرت تلك الموجات البشرية على تغيير اللغة الأم ودخول مصطلحات جديدة عليها، وما ركاكة اللغة وغرابة بعض مفرداتها ووجود الألفاظ والمصطلحات الغريبة في المناطق الساحلية التي تعد أكثر المناطق استقبالاً للمهاجرين إلا دليل يوضح التأثيرات السلبية للهجرة الوافدة إلى تلك المناطق. ومن الأمثلة على ذلك دول مجلس التعاون الخليجي التي استقبلت مئات الجنسيات من بلدان مختلفة الأمر الذي صاحبه العديد من التأثيرات على اللغة والدين والروابط الأسرية وغيرها.
لا تقتصر المشاكل الاجتماعية على الدول المستقبلة، بل تشمل الدول المصدرة أيضاً، فالمهاجرون هم أناس هاجروا بعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم وآرائهم المختلفة ونوازعهم الشخصية وطموحات لاحد لها، وهؤلاء يحاولون أن يندمجوا في المجتمع ضمن فترات متباينة بحسب النظم والقوانين والتقاليد السائدة، وهو ليس بالأمر السهل للجانبين، وغالباً ما يتركز الوافدون في منطقة واحدة سعياً للاطمئنان النفسي والشعور بالتبعية. وفي أحيان كثيرة تكون الأحياء التي يقطنها الوافدون بؤرة لمشاكل اجتماعية متعددة ناتجة عن غياب الرقابة وعوامل التحرر من القيود الاجتماعية، وفي أحيان أخرى تنشأ المشاكل بين أفراد المجتمع الوافد.
فضلاً عما تقدم، فإن ظاهرة اللا تجانس السكاني - العرقي- الحضاري - الاجتماعي- الاقتصادي هي ظاهرة ليست صحية إطلاقاً، ولها مردودات سلبية على سلوك الأفراد وأنماط معيشتهم وعلاقاتهم، وهي كفيلة بخلق حالة من التناقض والتفكك الاجتماعي وفقدان التماسك الحضاري. أما الدول والمجتمعات المصدرة للهجرة، فهي الأخرى تتعرض إلى اختلال في تركيبها النوعي، أي ازدياد أعداد الإناث مقارنة بالذكور الذين هم الأكثر استعداداً للهجرة، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور مشكلات اجتماعية متعددة في ظل غياب رب الأسرة.
تبدو الآثار الاجتماعية للهجرة واضحة من خلال انتشار ظاهرة المربيات وتأثيرها في تربية الأطفال، وهو موضوع أغنته الدراسات الاجتماعية وبينت أخطاره وآثاره السلبية. وغالباً ما يتصف المهاجر أو المغترب بالإهمال والكسل واللامبالاة بالآخرين والانهماك في العمل والكسب اليومي.(1) ويظهر الصراع القيمي بوضوح لدى المهاجرين بسبب قيم الموطن الأصلي وقيم البلد المهاجر إليه، وأحياناً يصل الصراع إلى مرحلة الازدواجية والمرض النفسي(2).
والمشاكل الاجتماعية الناتجة عن الهجرة تتمثل في ضعف عملية الضبط الاجتماعي عند بعض المهاجرين، أي أن الهجرة تؤدي أثراً كبيراً في ضعف المنظومة الضبطية للمهاجرين. ولا يخفى أن الضبط الاجتماعي من المحددات الرئيسة لتصرف الأفراد والجماعات، وهي عامل مساعد للقوانين والأنظمة والإجراءات، حيث تعد تلك العملية إلى جانب عملية التنشئة الاجتماعية من العمليات الكبيرة التي تجعل الأفراد يلتزمون بقواعد المجتمع وقوانينه وسلوكياته.
والضبط الاجتماعي كما عرفه العالم روس Ross هو سيطرة اجتماعية مقصودة وهادفة(3). سيطرة تجعل من الأفراد منقادين وممتثلين للقوانين والأعراف والأنظمة ومبتعدين عن التصرفات والأفعال غير المرغوبة اجتماعياً، وتجعل من سلوكهم منسجماً مع القيم والأعراف السائدة، ومبتعدة عن الانحرافات والتصرفات الشاذة. ومن الطبيعي أن الهجرة تساهم في تخفيف الرقابة المجتمعية لدى المهاجر، وبالتالي إضعاف منظومة الضبط الاجتماعي والوقوع في نطاق المحذور أو الممنوع، لاسيما وأن معايير الضبط الاجتماعي عند الأفراد متغيرة، إذ لا نجد الجميع يحكمهم المعيار نفسه في الضبط الاجتماعي.
إن اشتداد تيارات الهجرة نحو بعض البلدان العربية والإسلامية أمر يدق ناقوس الخطر، لكونه يهدد الهوية العربية والتقاليد والعادات الإسلامية. فينبغي الوقوف أمامه بحزم وجدية، ومما يزيد الأمر تعقيداً أن النسبة الأكبر من هؤلاء هم من الأميين والمتسربين من مراحل التعليم المختلفة. والغالبية العظمى من المتزوجات والمتزوجين المهاجرين لا يصطحبون معهم أقرانهم، وهو أمر يزيد الوضع الاجتماعي تدهوراً، خاصة إذا علمنا أن الكثير من هؤلاء يعملون داخل المنازل كسواقين أو مربيات أو خدم وغير ذلك.
أما بالنسبة للديانة، فهناك نسبة كبيرة ينتمون إلى الهندوسية والبوذية والمسيحية وديانات أخرى، ولا يخفى ما لهذه الديانات من تأثيرات اجتماعية تتعارض في معظمها مع تعاليم الإسلام التي تدين بها البلدان العربية، ويزداد الأمر سوءاً . تطبيق تلك الشعائر من قبل أفراد تلك الديانات في المنازل الإسلامية، وخاصة الإناث الوافدات، أمام مرأى من الأطفال والشباب. فقد أشار تعداد مملكة البحرين لسنة 2010 إلى أن الديانات الأخرى (البوذية، الهندوسية، المسيحية والديانات الأخرى) احتلت المرتبة الأولى بالنسبة للانتماءات الدينية للإناث الوافدات البالغ عددهن 109733 نسمة، أي بنسبة Y.3 من جملة الإناث الوافدات البالغ عددهن 184997 نسمة.
إن الآثار الاجتماعية تبدو واضحة في الهجرة نحو بلدان الخليج العربي لاسيما وأن أغلب المهاجرين من دول جنوب شرق آسيا (باكستان، الهند، بنغلادش، الفليبين، تايلند) وقد جلب هؤلاء بعض العادات السيئة التي تتعارض مع عادات الدين الإسلامي وتقاليده، الذي تدين به دول مجلس التعاون الخليجي. وإن الأفواج الضخمة من الوافدين، لاسيما الخدم والسواقين والمربيات، قد زرعت روح الاتكالية لدى السكان والأنفة من بعض ا الأعمال الخدمية والإنتاجية، وابتعد عدد كبير منهم عن العمل المنتج أو العمل اليدوي، وركنوا إلى الوظائف الحكومية المضمونة وذات الدخل المرتفع، مما أدى إلى تزاحم المواطنين عند الوظائف الحكومية وتهميش دورهم وهدر طاقاتهم في الوقت الحاضر، والإضرار بإمكانيات عطائهم في المستقبل.
ومن الآثار الاجتماعية social Influences التي شهدها المجتمع العراقي وتركت بصماتها على نمط الحياة الاجتماعية لسكان الأهوار في جنوبي العراق والمحافظات القريبة الأخرى، عملية تجفيف الأهوار وما تلاها من هجرة سكانية بمجاميع عنقودية باتجاه المدن،، كما أن لعملية التجفيف آثاراً اجتماعية واضحة أثرت في سكان الأهوار، الذين فقدوا مهنهم المتمثلة بالصيد وتربية الحيوانات بعد أن جففت مساحة تزيد على (20000 كم2)(4).
والأهوار ذات نمط حياة فريد من نوعه منذ تاريخ موغل في القدم، تمثلت بالحضارة السومرية، وأقدم بيئة مائية في العالم، وتمتلك بيئة الأهوار تكويناً إيكولوجياً وثقافياً وتاريخياً فريداً في طبيعته، وقد اضطر السكان إلى الهجرة باتجاه المدن العراقية المتاخمة للأهوار، أو إلى الدول المجاورة, وعملية هجرة سكان الأهوار أثرت سلباً على المدن المهاجر إليها بسبب الضغوط المتزايدة على مرافق التنمية، وعلى إمكانيات المدن المحدودة والمتهرئة أصلاً، فضلاً عن نشوء المشاكل الاجتماعية في المدن مثل انخفاض المستوى المعاشي، البطالة، وارتفاع أجور السكن، والنزاعات، السكن العشوائي، المشاكل الاجتماعية (5).
ولقد أسهمت هذه الهجرة الهجينة في خلق مشكلات نفسية واجتماعية، إذ كان المهاجرون يلاحظون الفوارق الشاسعة بين مناطقهم التي تحولت إلى صحراء مجدبة بفعل فاعل، وبين المناطق التي كانوا يعملون بها، فضلاً عن ما كانوا يتعرضون إليه من تمييز طبقي، الأمر الذي كرس مشاعر الحقد والكراهية عند هؤلاء الذين صاروا يعتقدون أن ما اقتطع منهم أعطي لغيرهم، على الرغم من أن الجميع أبناء لوطن واحد ومن المفترض أن يكونوا متساويين بالحقوق والواجبات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمود شمال حسن، ضغوط الحياة ومقتضيات العصرنة، مجلة دراسات اجتماعية، العدد 6، السنة الثانية، بيت الحكمة، بغداد، 2000، ص73.
(2) علي وطفة، الثقافة وأزمة القيم في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 29، ط1، مركز الوحدة العربية، بيروت، 2003، ص36.
(3) سامية محمد جابر، القانون والضوابط الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1985، ص34.
(4) حسين عليوي ناصر الزيادي، التوزيع الجغرافي لسكان أهوار جنوبي العراق (دراسة في جغرافية السكان باستعمال GIS، مجلة كلية التربية، جامعة ذي قار، العدد (3)، المجلد(1)، 2011، ص250.
(5) حسين عليوي ناصر الزيادي، بعض مؤشرات التنمية في أهوار جنوبي العراق، بحث ألقي في المؤتمر العلمي الرابع لجامعة واسط كلية التربية للمدة 6-7/ نيسان / 2011، مجلة كلية التربية، جامعة واسط، عدد خاص ببحوث المؤتمر، 2011، ص949 - 969.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|