أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
2040
التاريخ: 9-10-2014
2736
التاريخ: 2024-10-28
142
التاريخ: 28-3-2022
2358
|
كما هو معلوم فإِنّ الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع تمثل أهم دعائم رسوخ المجتمع ، بل من دعائم تشكيل المجتمع وإِخراجه من حالة الآحاد المتفرقة وإِعطائه صفة التجمع ، وبالإِضافة لكون أصل الثقة المتبادلة يعتبر السند القويم للقيام بالفعاليات الإِجتماعية والتعاون على مستوى واسع. والعهد والقسم من مؤكدات حفظ هذا الإِرتباط وهذه الثقة ، وإِذا تصورنا مجتمعاً كان نقض العهد فيه هو السائد ، فمعنى ذلك انعدام الثقة بشكل عام في ذلك المجتمع ، وعندها سوف يتحول المجتمع الى آحاد متناثرة تفتقد الإِرتباط والقدرة والفاعلية الاجتماعية. ولهذا نجد أنّ الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تؤكّد باهتمام بالغ على مسألة الوفاء بالعهد والأيمان ، وتعتبر نقضها من كبائر الذنوب.
وقد أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) إِلى أهمية هذا الموضوع في الإِسلام والجاهلية واعتبره من أهم المواضيع في قوله عند عهده لمالك الأشتر «فإِنّه ليس من فرائض اللّه شيء الناس أشد عليه اجتماعاً من تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم ، من تعظيم الوفاء بالعهود ، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر» (1).
ونجد في أحكام الحرب الإِسلامية أنّ إِعطاه الأمان من قبل فرد واحد من جيش المسلمين لشخص أو كتيبة من كتائب العدو يوجب مراعاة ذلك على كل المسلمين !
يقول المؤرخون والمفسّرون : من جملة الأُمور التي جعلت الكثير من الناس في صدر الإِسلام يعتنقون هذا الدين الإِلهي العظيم هو التزام المسلمين الراسخ بالعهود والمواثيق ورعايتهم لأيمانهم.
وما لهذا الأمر من أهمية بحيث دفع سلمان الفارسي لأنْ يقول : (تهلك هذه الأُمّة بنقض مواثيقها) (2).
أيْ أنّ الوفاء بالعهد والميثاق كما أنّه يوجب القدرة والنعمة والتقدم ، فنقضهما يؤدي إِلى الضعف والعجز والهلاك.
ونجد في التأريخ الإِسلامي أنّ المسلمين عندما غلبوا جيش الساسانيين في عهد الخليفة الثّاني وأسروا الهر مزان قائد جيش فارس ، وجاؤوا به إِلى عمر ، قال له عمر : ما حجتك وما عذرك في انتقاضك مرّة بعد أُخرى ؟
فقال : أخاف أنْ تقتلني قبل أنْ أخبرك.
قال : لا تخف ذلك ، واستسقى ماءً فأتى به في قدح غليظ.
فقال : لو مت عطشاً لم أستطع أنْ أشرب في مثل هذا ! فأتى به في إِناء يرضاه..
فقال : إِنّي أخاف أنْ أُقتل وأنا أشرب.
فقال عمر : لا بأس عليك حتى تشربه ، فأكفأه...
فقال عمر : أعيدوا عليه ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش..
فقال : لا حاجة لي في الماء ، إِنّما أردت أنْ أستأمن به.
فقال عمر له : إِنّي قاتلك.
فقال : قد أمنتني.
فقال : كذبت.
قال أنس : صدق يا أمير المؤمنين قد أمنته.
فقال عمر : يا أنس ، أنا أُؤمن قاتل مجزأة بن ثور ، والبراء بن مالك! ولله لتأتّين
بمخرج أو لأعاقبنّك.
قال : قلتَ له : لا بأس عليك حتى تخبرني ، ولا بأس عليك حتى تشربه..
وقال له من حوله مثل ذلك...
فأقبل على الهر مزان وقال : خدعتني ، واللّه لا أنخدع إِلاّ أنْ تسلم فأسلم (3).
_________________
1.نهج البلاغة ، الرسالة 53.
2.تفسير مجمع البيان ، ج6 ، ص383 ، ذيل الآية مورد البحث.
3.الكامل في التاريخ ، ج2 ، ص549.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|