أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-2-2018
1525
التاريخ: 21-2-2018
1274
التاريخ: 30-06-2015
3140
التاريخ: 27-3-2017
790
|
(ذلك يعني) أنه يجب نصب الإمام على الله عقلا مطلقا ، وتثبيت الإمامة المطلقة لواحد من أهل الدين على وجه النيابة الخاصّة عن خاتم النبيّين على جميع المكلّفين بثبوت الرئاسة ووجوب الطاعة إمكانا وفعلا في الجملة على وجه المطلقة العامّة ، بل ثبوتهما في الجملة لعليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام الذي به إكمال الدين ، كما نطق به القرآن المبين على وجه المطلقة الخاصّة ، الذي يكون من حيث الإمكان والوقوع في الجملة من أصول الدين وإن كان من حيث الوجوب من أصول المذهب ، بمعنى أنّه يجب نصب الإمام على الله تعالى عقلا مطلقا.
خلافا لطوائف من الخوارج ،
حيث يقولون بعدم وجوبه مدّعين بوجوب الخروج عليه لو ادّعى الإمامة على ما حكي عنهم
؛ ولجمهور أهل السنّة فقالوا بوجوبه على الأمّة سمعا على ما حكي عنهم ، ولجمهور
المعتزلة والزيديّة فقالوا بوجوبه عليهم عقلا ، ولبعض فقال بوجوبه عند الخوف وظهور
الفتن ، وأمّا مع الأمن فلا يجب ، ولآخر فقال بالعكس.
لنا : أنّ وجود الإمام بعد
النبيّ صلى الله عليه وآله وعدم إمكانه بسبب ختم النبوّة مع بقاء التكاليف
الشرعيّة ـ سيّما ما يوجب اجتماع الناس وازدحامهم كسدّ الثغور وتجهيز الجيوش
للجهاد والدفاع ونحو ذلك ممّا فيه مظنّة وقوع الفتن ـ لطف على المكلّفين ؛ إذ لا
يتمّ الغرض ـ وهو الاستعداد للنعيم الأبدي ـ إلاّ به كما لا يخفى ، فهو واجب في
الصورة المفروضة بدلا عن النبوّة ؛ لأنّ الوقائع غير محصورة والحوادث غير مضبوطة
بحيث لا يكفي الكتاب والسنّة ، بمعنى أنّه لا يكفي ـ كما نشاهد ـ أنّ فرق الأمّة
ثلاث وسبعون ، وكلّهم يقرءون القرآن ، ويزعم كلّ فريق أنّه على الحقّ ، فلو كان
القرآن في رفع الحيرة كافيا لما وقع ذلك ، فلا بدّ من إمام منصوب من قبل الله
المتعال معصوم عاصم عن الضلال لو فقد المانع ، ويحصل التمكّن من الامتثال لقوله تعالى
: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].
والاعتراض بإمكان حصول اللطف
من جهة كون جميع المكلّفين معصوما فلم يحتاجوا إلى الإمام من أفحش الأغلاط ؛
لامتناع ما فرض عادة ، سيّما أنّ المكلّفين الموجودين بعد النبيّ صلى الله عليه
وآله مع كونهم غير معصومين ضرورة كانوا محتاجين إلى الإمام عليه السلام ، والعجب
أنّهم يوبّخون القائل بوجود معصوم واحد ويجوّزون عصمة كلّ الناس.
وما يقال من أنّه يحتمل أن
يكون مفسدة مانعة عن نصب الإمام فلا يجب على الله وإن لم تكن المفسدة معلومة لنا.
ففيه أنّ المفسدة إمّا دينيّة
أو دنيويّة ، وكلاهما في نصب الإمام العادل المعصوم منفيّان.
أمّا الأولى فظاهرة ؛ لأنّه
حافظ للشريعة ، ففيه مصلحة لا مفسدة.
وأمّا الثانية ؛ فلأنّها
راجعة إلى مصالح العباد ومفاسدهم في الحياة الدنيويّة وحفظ النظام وإخلاله، وليس
في تلك الأمور ما يحكم العقل بكون نصب الإمام عليه السلام مفسدة بالنظر إليه، بل
هو جازم بأنّ سدّ مفاسد أمور المعاش لا يمكن إلاّ بوجود سلطان قاهر عادل عالم
معصوم ، فيجب على الله تعالى نصبه ؛ لئلاّ يختلّ نظام المعاش اختلالا موجبا
لاختلال نظام المعاد الموجب لعدم حصول الغرض ، الموجب لكون أفعال الله تعالى
قبيحة.
فإن قلت : هذا مناف لما هو
مذهبكم من جواز غيبة الإمام عليه السلام وجواز عدم تعرّضه للأحكام عند حضوره مرّ
الأيّام ؛ إذ لا لطف مع عدم الظهور ولا مع الظهور بلا تنفيذ الأحكام.
قلت : أوّلا : إنّ المانع ـ
وهو الخوف من الأعداء ـ موجود ، ويشترط في كلّ واجب عدم المانع ولو كان منعه
بالنظر إلى حال العباد.
وثانيا : إنّ اللطف مع الغيبة
موجود أيضا ؛ لأنّه يحفظنا ويردعنا عن الضلالة ، فمثله كمثل الشمس تحت السحاب.
وثالثا : إنّ من اعتقد وجوده
وعلم أنّ غيبته بسبب الخوف ، وجوّز ظهوره في كلّ ساعة بسبب زوال المانع ، انزجر عن
كثير من المعاصي ، بخلاف ما إذا اعتقد بعدم وجوده أو بعدم وجوب إيجاده ، فوجوده مع
الغيبة أيضا لطف وإن كان حضوره لطفا آخر ، وكذا تنفيذ الأحكام ، فحيث حصل من جهة
الأنام مانع عن الأخيرين سقطا فبقي الأوّل على حاله.
ورابعا : إنّ من انتظر ظهوره
يحصل له فوز عظيم أخرويّ ، وهو أيضا لطف.
وخامسا : إنّ الرياضات
الجسمانيّة والروحانيّة ـ المقتضية لحصول الاستعداد لنعيم الآخرة في حال الغيبة ـ
أكثر ، ففيها لطف.
وبالجملة ، فالواجب على الله
تعالى إيجاد الإمام ، وأمّا تسليطه على التصرّف في الأمور فهو باختيارنا ، لئلاّ
يلزم الجبر.
فعمدة أدلّة أهل السنّة ـ على
ما حكي عنهم ـ إجماع الصحابة على وجوب تعيين الإمام عليه السلام بعد فوت رسول الله
صلى الله عليه وآله حتّى جعلوا ذلك من أهمّ الواجبات واشتغلوا عن دفن رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وكذا عقيب موت كلّ إمام من أئمّتهم ، كما روي أنّه لمّا مات
الرسول صلى الله عليه وآله خطب أبو بكر وقال : أيّها الناس من كان يعبد محمّدا
فإنّ محمّدا مات ، ومن كان يعبد ربّ محمّد فإنّه حيّ لا يموت ، فلا بدّ لخلافته من
تقوم به فعيّنوه بآرائكم ، فقالوا : صدقت ولم يكذّبه أحد ، وهو المعنيّ من الإجماع
على وجوب تعيين الإمام.(1)
ويرد عليهم أنّ أمر الخلافة
إذا كان بهذه المرتبة بحيث يجوز ترك تجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله بل هو تالي
النبوّة الموجب لحفظ الشريعة وحصول السعادة والشقاوة بالمتابعة والمخالفة ، فكيف
يجوز ترك النبيّ صلى الله عليه وآله لبيانه وإهماله وتفويضه على رأي من لا يتمكّن
من إدراك الكمالات الظاهريّة فضلا عن الباطنيّة التي لا يستحقّ الخلافة بدونها ،
وقد بيّن لما هو أخسّ الأمور كالتخلّي؟ ومسائل عديدة ولم يفوّضه إلى رأي الأمّة ،
فكيف يتعقّل منه إهمال ما هو من أصول الدين وعدم بيانه بل عدم الأمر بتعيينه بعده
، مع أنّه مبعوث لبيان الواجبات وغيرها من أحكام الله تعالى وقد بلّغ جميعها حتّى
آداب دخول الحمّام وأكل الطعام والتخلّي ونحو ذلك ، مع أنّ دأبه صلى الله عليه
وآله ـ كما قيل ـ كان نصب الخليفة حين الحياة بسبب أدنى الغيبة من المدينة ونصب
الأمير لجنوده وسريّته؟ فكيف يتصوّر منه تخلية جميع الأمّة بعد وفاته بلا رئيس
حافظ للشريعة؟
وأيضا فإنّ الأصحاب ـ الذين
تركوا تجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله واشتغلوا بخطبة أبي بكر ـ لا اعتبار
بإجماعهم.
وأيضا فإنّ أبا بكر تكلّم
بكلام فيه سوء الأدب بالنسبة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله كما لا يخفى، ونسب
العبوديّة إليه صلى الله عليه وآله فمثل هذا كيف يصلح للخلافة؟! ختم الله على
قلوبهم.
مضافا إلى أنّ الإجماع الذي
ليس فيه رئيس الملّة وهو عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومن يعتنى به كالعبّاس
وسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة وغير ذلك ، ليس به اعتناء ، وقد نقل
إجماعهم أنّ الجماعة المذكورين لم يكونوا حاضرين ، بل كانوا بتجهيز الرسول صلى
الله عليه وآله مشغولين.
وأيضا فإنّ الوجوب النقلي قد
ثبت بعد الإجماع بزعمهم فقبل تحقّقه بأيّ شيء استندوا حيث تركوا تجهيز النبيّ صلى
الله عليه وآله وقالوا : إنّ تعيين الإمام من أهمّ الواجبات ، مع أنّهم لا يقولون
بالوجوب العقلي ، ولم يتحقّق حينئذ الوجوب النقلي ، فإن كان تمسّكهم بسمع آخر فلم
لم ينقلوه ولم تمسّكوا بالإجماع الفاسد؟
ومن هذا ظهر بطلان مذهب
المعتزلة والزيديّة ؛ لعدم تصوّر إمكان نصب الخليفة لنا. نعم ، يتصوّر منّا نصب
رئيس وأمير لحفظ النظام في الدنيا ، وهذا غير مراد ، وحيث بيّنّا وجوب تعيين
الخليفة على الله والرسول لم يكن للقول بوجوب نصب الرئيس المذكور وجه.
والحاصل : أنّه يجب على الله
نصب الإمام عقلا ، من جهة كونه سببا لبقاء نظام المعاش والمعاد ، وكونه لطفا وإن
كان في الإظهار والإنفاذ مانع ؛ ردّا على طوائف كالخوارج وجمهور أهل السنّة
والمعتزلة وأمثالهم ، كما قال تعالى : {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ
هَادٍ} [الرعد: 7]، وقد فسّر في الخبر بأنّ كلّ إمام هاد للقوم الذي هو فيهم.
وعن الصادق عليه السلام « أنّ
الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلاّ بإمام حتّى يعرف » (2).
وعنه عليه السلام عن عليّ بن
الحسين عليه السلام أنّه قال : « لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليه السلام من
حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة
الله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله » قيل له عليه السلام : فكيف ينتفع الناس
بالحجّة الغائب
المستور؟ قال : « كما ينتفعون
بالشمس إذا سترها السحاب » (3) ، إلى غير ذلك من الأخبار.
__________________
(1) يعدّ هذا الدليل واحدا من
الأدلّة التي ساقها أهل السنّة على وجوب نصب الإمام ، وذكر التفتازاني أنّه العمدة
بحيث إنّ الصحابة قدّموه وجعلوه من أهمّ الواجبات واشتغلوا به عن دفن الرسول صلى
الله عليه واله . انظر « شرح المقاصد » 5 : 236.
(2) « الاختصاص » : 268.
(3) « إكمال الدين » : 119 ـ 120 ؛ « الأمالي
» للصدوق : 112.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|