أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-06-2015
1258
التاريخ: 6-12-2018
1224
التاريخ: 26-2-2018
970
التاريخ: 30-06-2015
3203
|
إنّ الإمام يجب أن يكون منصوبا منصوصا من الله ورسوله ، كما أشرنا إليه بقوله : (والعصمة تقتضي النصّ وسيرته ). بمعنى أنّ العصمة المعتبرة في الإمام من الأمور الخفيّة التي لا يعلمها إلاّ عالم السرائر ، فيجب أن يكون الإمام منصوصا من عند الله.
وأيضا سيرة نبيّنا صلى الله عليه وآله
وطريقته تقتضي التنصيص بالإمام ؛ لأنّه كان أشفق للأمّة من الوالد لولده ؛ ولهذا
لم يقصّر في إرشاد أمور جزئيّة مثل ما يتعلّق بالاستنجاء وقضاء الحاجة ، وكان في
غاية الحرص في الهداية ، وكان إذا سافر عن المدينة يوما أو يومين استخلف فيها من
يقوم بأمر المسلمين ، فمن هو بهذه المثابة من الإشفاق كيف يهمل أمرهم فيما هو أهمّ
المهمّات ولا ينصّ على من يتولّى أمرهم بعده؟!
فيجب أن يكون الإمام منصوصا عليه ـ كما هو
مذهب الإماميّة ـ خلافا للعامّة والعبّاسيّة والزيديّة وأمثالهم ؛ فإنّ المحكيّ عن
العبّاسيّة : أنّ الطريق إلى تعيين الإمام النصّ أو الميراث. وعن الزيديّة : أنّ
تعيين الإمام بالنصّ أو الدعوة إلى نفسه. وعن باقي المسلمين : أنّ الطريق إنّما هو
النصّ أو باعتبار أهل الحلّ والعقد بمعنى أنّ اختيار الأمّة أيضا طريق في إثبات
الإمامة. (1)
ومختار الإماميّة وأكثر طوائف الشيعة : أن
لا طريق غير التنصيص من الرسول صلى الله عليه وآله أو الإمام بالعقل والنقل :
أمّا العقل ؛ فلأنّ التنصيص لطف واجب ولو
بدلا عن نحو المعجزة فيكون واجبا.
وأمّا النقل ؛ فلقوله تعالى : {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ
مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68]، وقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ
اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 33، 34].
وعن سعد بن عبد الله قال : سألت القائم في
حجر أبيه فقلت : أخبرني يا مولاي عن العلّة التي تمنع القوم من اختيار إمام
لأنفسهم ، قال : « مصلح أو مفسد؟ » قلت : مصلح ، قال عليه السلام : « هل يجوز أن
تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟».
قلت : بلى ، قال عليه السلام : « فهي العلّة أيّدتها لك ببرهان ينقاد
له عقلك؟ » ، قلت : نعم ، فذكر اختيار موسى سبعين رجلا ظنّ أنّهم من الصالحين وقد
كانوا من المنافقين (2).
وعن الصادق عليه السلام أنّه قال : « عرج بالنبيّ صلى الله عليه وآله إلى السماء مائة وعشرين مرّة ما من مرّة
إلاّ وقد أوصى الله عزّ وجلّ فيها النبيّ صلى الله عليه وآله بالولاية لعليّ عليه السلام والأئمّة : أكثر ممّا أوصاه بالفرائض » (3).
وعنه عليه السلام : « الإمام يعرّف الإمام الذي يكون من
بعده » (4). إلى غير ذلك من الأخبار.
والحاصل : أنّ الإمام له حقوق خمسة لا بدّ
للمكلّف أن يعرفها :
الأوّل : العصمة بمعنى كونه صاحب ملكة
إلهيّة مانعة من صدور العصيان والقبح في حالتي العمد والنسيان في تمام عمر الإنسان
من جهة كمال الفطانة والمعرفة البالغة إلى مرتبة حقّ اليقين المانعة عن الغفلات ،
كما أنّ عين اليقين مانعة عن الخطرات دون الغفلات ، وعلم اليقين مانع عن الشبهات
دون الخطرات ، فلا يصدر من صاحب العصمة الكاملة العصيان والنسيان ، بل ترك الأولى
أيضا.
الثاني : الأعلميّة والأفضليّة في العلم
والعمل وكون الإمام عالما بالأحكام والأحوال والأديان وكيفيّة حفظ الدين ودفع
الكافرين ورفع شبه المبطلين ودعوة الناس إلى الحقّ المبين.
الثالث : المنصوبيّة والمنصوصيّة ، بمعنى
كون الإمام ذا رئاسة إلهيّة على وجه التنصيص من الله ورسوله من غير أن تكون رئاسة
خلقيّة.
الرابع : ما يستفاد من قوله تعالى : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]، من وجوب المودّة والمحبّة بالحبّ
الربّاني لا الحيواني والشهواني والإنساني والإحساني ، بمعنى جعله كالرأس وإفداؤه
بنفسه وأبيه وأمّه وأخيه وعشيرته وأهله وعياله وماله وحاله ، كإفداء الرأس باليد
ونحوها عند نزول سهم البلاء وجعل غيره هدفا ليسلم كما يشير إليه قوله عليه السلام
في مقام الإرشاد : « بأبي أنتم وأمّي ونفسي ... » (5) إلى آخره.
الخامس : فرض الطاعة وكونه مفترض الطاعة في
الدين والدنيا والمال والحال والأهل والعيال، كما يستفاد من نحو قوله تعالى : {أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] ، وقوله تعالى : {لَا تَجْعَلُوا
دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] ، {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ} [الأحزاب: 36]، كما أن تلك الحقوق في كلّ واحد من أئمّتنا ، ويزيد مولانا عليّ بن
أبي طالب عليه السلام بحقوق ثلاثة :
الأوّل : الإمارة بكونه صاحب لقب أمير
المؤمنين من جانب الله.
[ الثاني : ] الخلافة بلا فصل من رسول
الله.
والثالث : الولاية خاصّة الخاصّة المنتقلة
من النبيّ صلى الله عليه وآله المتعلّقة بجميع من كان له صلى الله عليه وآله عليه رئاسة حتّى فاطمة عليها السلام والحسنين عليهما السلام ، التي تستفاد من قوله تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ
اللَّهُ} [المائدة: 55] إلى آخره.
مضافا إلى الولاية التي هي عامّة العامّة ،
والعامّة التي بجميع أولياء الله بسبب الرئاسة على أنفسهم والعامّة للمجتهدين
والخاصّة لأئمّة الدين.
نعم ، الأخصّ مختصّة بالرسول ؛ إذ الرئاسة
بالأصالة لا بالنيابة. وبالجملة فـ {هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } [يوسف: 108].
وصل : هذا الاعتقاد أيضا من أصول المذهب
ومنكره بريء منه أصل المذهب.
__________________
(1) انظر « شرح
المقاصد » 5 : 232 وما بعدها ؛ « الأربعين في أصول الدين » للفخر الرازي : 255 وما
بعدها.
(2) « كمال الدين » 2 : 461 ، ح 21 ، بتفاوت في بعض الألفاظ.
(3) « الخصال » 2 : 601 ، ح 2.
(4) « الكافي » 1 : 277 ، باب أنّ الإمام يعرّف الإمام
الذي يكون بعده ، ح 6.
(5) « الأنوار اللاّمعة في شرح الزيارة الجامعة » : 26 و 193.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|