أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1809
التاريخ: 21-4-2018
1554
التاريخ: 21-4-2018
789
التاريخ: 31-3-2017
778
|
إذا كان الاِعجاز القرآنيُ من الناحية الاَدبية قابلاً للدَرك والفهم عند طائفة خاصّة لها إلمامٌ كافٍ بالأدب العربي، فإنّ الجوانبَ الاُخرى من الاِعجاز القرآني ولحسن الحظ مفهومة لآخرين.
أ: إنّ الآتي بالقرآن الكريم كان شخصاً أُميّاً لم يدرُس، ولم يَتلقَّ تعليماً قبل النبوة، فلا هو دخل مدرسة أو كَتّاباً، ولا هو تلمَّذ على أحد، أو قَرَأَ كتاباً كما قال: {مَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48].
إنّ نبيَّ الاِسلام تلا هذه الآية على قومٍ كانوا يعرفون حياتَه وتفاصيلها، تمام المعرفة، فإذا كان له سابقة تحصيل وتعلّم لكذّبوا ادّعاءَهُ هذا. وأمّا اتّهام البعض إيّاه بأنه { يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [النحل: 103].
فهي تهمة لا أساس لها مثل سائر التهم الاُخرى، كما يقول: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].
ب : لقد تُلي القرآنُ الكريم على الناسِ طيلةَ ثلاثٍ وعشرينَ سنة وفي ظروف مختلفة (في الصلح والحرب، في السفر والحضر ، و...) بواسطة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتقتضي طبيعة هذا النمط من التحدُّث والتكلّم أن يقع في كلام المتكلّم نوعٌ من الاختلاف والتعدُّديّة في الاُسلوب والخصُوصِيّات البيّانية فلطالما يقع المؤلّفون الذين يُؤَلِّفُونَ كُتُبَهُمْ في ظُروفٍ عاديّةٍ متماثِلةٍ ـ رغم مراعاة قواعد التأليف والكتابة، وأُصولِها ـ في الاِختلاف والاِضطراب في الكلام، فكيف بالذي يُلقي كلاماً بالتدريج، وفي أوضاع متباينة وأحوال مختلفة تتراوح بين الشدّة والرخاء، والحزن والفرح، والقتال والسلام، والاَمن والخطر؟!
إنّ المُلفت للنظر هو أنّ رسول الاِسلام تَحدَّث حول موضوعات مختلفة ومتنوعة، بدءاً بالإلهيات ومروراً بالتاريخ ، والتشريع، والاَخلاق، والطبيعة، والاِنسان، وانتهاء بالحياة الاُخرى، وفي نفس الوقت تمتّع كلامه هذا من بدئه إلى ختمه بأعلى نوع من الانسجام، والتناغم، من حيث الاسلوب، والمحتوى.
يقول القرآن نفسُهُ عن هذا الجانب من الاِعجاز{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
ج : إنّ القرآنَ الكريمَ جعل الفطرةَ الاِنسانيةَ الثابتة نُصب عَينيه وشرّع على أساسها قانونَه، فكانت نتيجةُ هذه الرؤية الاَساسِيّة أنْ أخَذَ في نظر الاِعتبار جميع أبعاد الروح والحياة الاِنسانية، وذكّر بالأُصول والاُسس الكلية التي لا تقبَلُ الزوال والاندثار.
فمن خصائص القوانين الاِسلامية الكليَّة هو أنَّ هذه القوانين قابلةٌ للتطبيق في جميع الظروف المختلفة والبيئات المتنوعة ويوم كان المسلمون يسيطرون على مساحة جدُّ كبيرة من العالم، كانوا يديرون المجتمعات البشرية قروناً عديدة في ظلّ هذه القوانين والتشريعات بقوّة، ونجاح.
يقول الاِمام محمّد الباقر عليه السلام: «إنَّ اللهَ لَمْ يَدَع شَيْئاً تَحْتاجُ إلَيْهِ الاُمَّةُ إلاّ أَنْزَلَهُ في كتابهِ، وَبَيَّنَهُ لِرَسُولِهِ وجَعَلَ لِكُلّ شيءٍ حَدَّاً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ دَلِيْلاً»(1).
د : إنّ القرآن الكريم بيّن في آيات مختلفة ومتعدّدة وفي مناسبات متنوّعة أسرارَ عالَم الخلق التي لم يَكُنْ لدى البَشَر أيُّ عِلمٍ، ولا إلمام بها.
ولا شكَّ أنَّ الكشف عن هذه الاَسرار لشخصٍ لم يتلقَّ تعليماً، ولم يدرس، وذلك في مجتمع جاهليّ لا يعرف شيئاً أصلاً، لا يمكن إلاّ عن طريق الوحي.
إنّ الكشف عن قانون الجاذبية الذي يفسَّر على أساسِه قيامُ صرح الكون يُعَدّ من مفاخر العِلم الحديث.
ولقد كَشَفَ القرآنُ الكريمُ القناعَ عن هذا القانونِ في عبارةٍ قصيرةٍ إذ قال: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2].
إنّ الكَشْفَ عن قانون الزوجية العامّة هو الآخر يُعدّ من مكتسَبات العِلم الحديث، وقد تحدّث عنه القرآنُ الكريمُ في عَصرٍ لم يكنِ البشرُ يعرف عنه أيَّ شيء مطلقاً إذ قال: { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: 49].
هذا وثمّت نماذج أُخرى في هذا المجال جاء ذكرُها في كتب التفسير والعقيدة، أو دوائر المعارف.
هـ : إنّ القرآنَ الكريم أخبر عن طائفة من الحوادث والوقائع المستقبلية إخباراً قطعيّاً، وقد وقعت تلك الوقائع والحوادث فيما بعد بصورةٍ دقيقةٍ، ولهذا النمط من الإخبارات نماذج عديدة، وكثيرة إلاّ أنّنا نشير إلى واحدة منها هنا على سبيل المثال:
يَوم غَلَبَ الساسانيون عُبّادُ النار على الرُّوم الموحّدين تفاءَلَ المشركونَ العرب بهذا الحَدَث وقالوا سننتصر نحن على موحِّدي الجزيرة العربية (المسلمين) أيضاً، وعند ذاك أَخبر القرآنُ الكريمُ بانتصار الرُّوم على الفُرس:
{غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 2 - 4].
ولم تمض بضع سنوات إلاّ وتحقّقت النبوءةُ المذكورة، وانتصر كلا الفريقين المؤمنين (الرّوم المسيحيّون ومسلمو الجزيرة العربية) على أعدائهم (الساسانيين ومشركي قريش).
ولهذه الناحية تحدّثَ القرآن في ذيل الآية عن سرور المؤمنين إذ قال: {يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ}. لاَنّ كلا الانتصارين حدثا في وقتٍ واحدٍ.
و: إنّ القرآنَ الكريمَ تَحدَّثَ عن حياة الاَنبياء وأُممهم السابقة في سورٍ مختلفةٍ بتعابيرَ مختلفةٍ.
إنّ هذه الوقائع وَرَدَت كذلك في كتاب العَهدين (التوراة والاِنجيل) أيضاً، ولكن إذا ما قيست تلك مع ما وَرَدَ في القرآنِ الكريمِ اتّضح أن القرآن الكريم من الوحي الاِلَهيّ برمَّته، وأنّ ما جاء في العهدين لم يسلم من تحريف المحرّفين.
ففي رواية القرآن لقصص الاَنبياء لا يوجَد أيُّ موضوع يخالف العقلَ، والفطرة، ولا يناسب مقام الاَنبياء، في حين تزخر الرِوايات والقصص الموجودة في كتاب العهدين بهذه العيوب والنواقص. وفي هذا الصعيد يكفي إجراء مقارنة بين القرآن والعهدين في قصة آدم.
___________
(1) الكافي: 1 | 59 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|