أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2018
1271
التاريخ: 4-12-2018
1295
التاريخ: 1-07-2015
1785
التاريخ: 1-07-2015
1761
|
المراد أنّ الاعتقاد يطلق على التصديق الذي هو أحد قسمي العلم ؛ وذلك ... أنّ العلم يقال على التصوّر وعلى التصديق ؛ لأنّه جنس لهما ، والاعتقاد هو التصديق ، وهو قسم من قسمي العلم.
ولكن لا يخفى أنّ التصديق ـ الذي جعله
المصنّف أحد قسمي العلم ـ كان مقيّدا بكونه جازما مطابقا ثابتا ـ أعني اليقين ،
والاعتقاد يطلق على مطلق التصديق جازما كان أم لا ، مطابقا كان أم لا ، ثابتا كان
أم لا.
نعم ، الإطلاق على المطلق يستلزم الإطلاق
على المقيّد ؛ لوجود المطلق فيه ، بل قد يطلق الاعتقاد على خصوص اليقين كما قيل
(1) ، ففيه اصطلاحات وله إطلاقات.
قال : ( فيتعاكسان في العموم والخصوص ).
أقول : هذا نتيجة ما مضى.
والذي نفهمه منه أنّ الاعتقاد قد ظهر أنّه
يطلق على أحد قسمي العلم ، فهو أخصّ بهذا المعنى ؛ لأنّ العلم شامل للتصوّر
والتصديق الذي هو الاعتقاد.
والاعتقاد ـ باعتبار آخر واصطلاح آخر ـ
أعمّ من العلم ؛ لأنّه شامل للظنّ والجهل المركّب واعتقاد المقلّد.
فهذا ما ظهر لنا من قوله : « فيتعاكسان »
أي الاعتقاد والعلم « في العموم والخصوص » فباعتبار الاصطلاحين أو ما يؤدّي
معناهما يتحقّق التعاكس.
وفيه : أنّ الاعتقاد باصطلاح آخر أيضا ليس
أعمّ مطلقا من العلم الشامل للتصوّر والتصديق بل أعمّ من وجه ، وهو خلاف ظاهر
التعاكس ؛ لكون العلم بأحد الاصطلاحين أعمّ مطلقا من الاعتقاد من غير أن يكون
الاعتقاد أعمّ مطلقا باصطلاح آخر.
اللهمّ إلاّ أن يحمل العلم حينئذ على
اليقين ، أو يكتفى بالعموم من وجه في التعاكس ، فتأمّل.
قال : ( ويقع فيه التضادّ بخلاف العلم ).
أقول : المراد أنّ الاعتقاد قد يقع فيه
التضادّ بأن يتعلّق أحد الاعتقادين بإيجاب نسبة ، والآخر بسلبها بعينها ، فيكون
التضادّ لتعلّقه بالإيجاب والسلب لا غير.
وأمّا العلم فلا يقع فيه تضادّ ؛ لوجوب
المطابقة فيه ، والمطابق للواقع لا يكون إلاّ أحدهما ، فلا يتصوّر علمان تعلّق
أحدهما بإيجاب نسبة والآخر بسلبها ؛ فإنّ غير المطابق لا يكون علما وإن أطلق عليه
العلم قبل ظهور المخالفة لاعتقاد المطابقة ؛ وذلك لصحّة السلب بعد ظهور المخالفة،
فيقال : ما كان علما بل اعتقادا مخالفا.
قال : ( والسهو عدم ملكة العلم ، وقد يفرق
بينه وبين النسيان ).
أقول : قد أفيد (2) أنّ هذا هو المشهور عند
الأوائل والمتكلّمين.
وذهب الجبّائيان (3) إلى أنّ السهو معنى
يضادّ العلم.
وقد فرّق الأوائل (4) بينه وبين النسيان ،
فقالوا : إنّ السهو زوال الصورة عن المدركة خاصّة، دون الحافظة التي هي الخزانة ،
والنسيان زوالها عنهما معا.
وعلى هذا فالسهو حالة متوسّطة بين التذكّر
والنسيان ؛ إذ فيه زوال الصورة من وجه وبقاؤها من وجه ؛ ولهذا لا يحتاج إلى تجشّم
كسب جديد بخلاف النسيان.
هذا بحسب الاصطلاح الخاصّ ، وإلاّ فظاهر
العرف الترادف أو التساوي عموما أو خصوصا.
وكيف كان فالظاهر أنّ النسيان كالسهو عبارة
عن المحو بعد حصول العلم ، لا مطلق عدم ملكة العلم ؛ ولهذا فيكون التقابل على وجه
التضادّ.
قال : ( والشكّ تردّد الذهن بين الطرفين ).
أقول : الشكّ هو عدم الاعتقاد وتردّد الذهن
بين طرفي النقيض على التساوي ، وليس معنى قائما بالنفس عند الأوائل وأبي هاشم (5).
وقال أبو عليّ (6) : إنّه معنى يضادّ
العلم. واختاره البلخي (7) ؛ لتجدّده بعد أن لم يكن.
وهو الأصحّ ؛ لظهور كونه حالة وجوديّة
مضادّة للعلم.
قال : ( وقد يصحّ تعلّق كلّ من العلم
والاعتقاد بنفسه وبالآخر ، فيتغاير الاعتبار لا التصوّر ).
أقول : اعلم أنّ العلم والاعتقاد من قبيل
الإضافات يصحّ تعلّقهما بجميع الأشياء حتّى بأنفسهما ، فيصحّ تعلّق الاعتقاد
بالاعتقاد وبالعلم ، وكذا العلم يتعلّق بنفسه وبالاعتقاد.
إذا عرفت هذا ، فإذا تعلّق العلم بنفسه وجب
تعدّد الاعتبار ؛ إذ العلم كان آلة ينظر به ، وباعتبار تعلّق العلم به يصير شيئا
منظورا ، فيكون الشيء معلوما مغايرا لاعتبار كونه علما ، فلا بدّ من تغاير
الاعتبار.
أمّا التصوّر بالاحتياج إلى صورة أخرى فلا
، وإلاّ لزم وجود صور لا تتناهى بالنسبة إلى معلوم واحد ؛ لأنّ العلم بالشيء لا
ينفكّ عن العلم بالعلم بذلك الشيء عند اعتبار المعتبرين.
واعلم أنّ العلم بالعلم علم بكيفيّة وهيئة
للعالم تقتضي النسبة إلى معلوم ذلك العلم ، وليس علما بالمعلوم.
قال : ( والجهل بمعنى يقابلهما ، وبآخر قسم
لأحدهما ).
أقول : اعلم أنّ الجهل يطلق على معنيين :
بسيط ومركّب.
فالبسيط هو عدم العلم عمّا من شأنه أن يكون
عالما ، وبهذا المعنى يقابل العلم والاعتقاد مقابلة العدم والملكة.
والمركّب هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو
عليه ، وهو قسم من الاعتقاد ؛ إذ الاعتقاد جنس للجهل وغيره.
وسمّي الأوّل بسيطا ؛ نظرا إلى عدم تركّبه
، والثاني مركّبا ؛ لتركّبه من اعتقاد وعدم مطابقة الواقع ، فيكون مركّبا من العلم
الظاهري والجهل الواقعي ، أو من الجهلين : الجهل بالشيء ، والجهل بأنّه جاهل
باعتقاده أنّه عالم ، فهو لا يدري ولا يدري أنّه لا يدري ، وهو أقبح من الجهل
البسيط وأضرّ ؛ فإنّ صاحبه لا يطلب العلم الذي هو خير.
قال : ( والظنّ ترجيح أحد الطرفين ، وهو
غير اعتقاد الرجحان ).
أقول : الظنّ ترجيح أحد الطرفين ـ أعني طرف
الوجود وطرف العدم ـ ترجيحا غير مانع من النقيض ، ولا بدّ من هذا القيد لإخراج
الاعتقاد الجازم ، فكأنّ المصنّف اكتفى بالظهور من الخارج أو ممّا سبق ، وإلاّ
فالتعريف غير مانع.
واعلم أنّ رجحان الاعتقاد مغاير لاعتقاد
الرجحان ؛ لأنّ الأوّل ظنّ لا غير ، والثاني قد يكون علما.
قال : ( ويقبل الشدّة والضعف وطرفاه علم
وجهل ).
أقول : لمّا كان الظنّ عبارة عن ترجيح
الاعتقاد من غير منع للنقيض ، وكان للترجيح مراتب داخلة بين طرفي شدّة في الغاية
وضعف في الغاية ، كان قابلا للشدّة والضعف. وطرفاه العلم ـ الذي لا مرتبة بعده
للرجحان ـ والجهل البسيط الذي لا ترجيح معه البتّة ، أعني الشكّ المحض.
__________________
(1) نسبه في « المطوّل
» : 39 إلى المشهور ، ونسبه القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : 259 إلى القيل ، واللاهيجي
في « شوارق الإلهام » : 426 إلى غير المشهور.
(2) المفيد هو العلاّمة في « كشف المراد » : 236.
(3) نقله عنهما العلاّمة في « كشف المراد » :
236 و « مناهج اليقين » : 96 ، وفي « شرح المواقف » 6 : 27 نقله عن الآمدي.
(4) نقله العلاّمة عن الأوائل في « كشف المراد » : 236 ، وذكره في
« شرح المواقف » 6 : 26 دون أن ينسبه لأحد ، وفي « كشّاف اصطلاحات الفنون » 1 :
987 نسبه إلى البعض.
(5) نقله عنهما العلاّمة في « كشف المراد » :
237.
(6) ذكره في « كشف المراد » : 237 ونقل خلافه في
« مناهج اليقين » : 97.
(7) انظر : « كشف المراد » : 237.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|