مشكلة تنازع القوانين في تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم الموطن |
2613
10:10 صباحاً
التاريخ: 19-1-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2016
3118
التاريخ: 2023-04-29
961
التاريخ: 11-3-2021
11466
التاريخ: 6-4-2021
6781
|
إن تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم الموطن يعد من المسائل الضرورية في تعيين القانون الواجب التطبيق عندما تكون هذه المسائل مشوية بعنصر أجنبي ويكون الموطن فيها من ضوابط الإسناد، وكذلك الأمر عندما يكون الموطن هو الذي يحدد المحكمة التي تنظر في هذا النزاع، فإذا ادعي شخص أنه متوطن في دولة معينة بصدد مسألة تتنازع فيها القوانين، فهل يأخذ القاضي بالمفهوم السائد في قانونه بصدد الموطن أم بالمفهوم السائد في الدولة التي يدعي الشخص توطنه بها.
ظهرت في الفقه والقضاء (1) عدة نظريات في تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم الموطن في القانون الدولي الخاص وهي على النحو الآتي: أولا: النظرية الأولى: نظرية تطبيق اختصاص قانون الإرادة: مقتضى هذه النظرية أن الموطن يقوم على إرادة الشخص وأن هذه الإرادة تكون كافية التحديد الموطن، بشرط أن تكون هذه الإرادة صحيحة قانونا وأن لا يكون هناك مانع قانوني ضد هذه الإرادة. وأدلتهم في ذلك، أن الشخص يتوطن أو يقيم في الدولة التي يرغب فيها ولا يجبر على الإقامة أو التوطن في إقليم معين، ذلك أن هناك حالات للأقامة الفعلية لا يكون فيها أي أثر بالنسبة للموطن، کما هو الحال في إقامة الأشخاص المكرهين على الوجود في الدولة، كالمسجونين أو الهاربين من بلادهم والأسرى والسفراء، فتوطن هؤلاء اضطراري ولا يؤدي إلى وجود موطن لهم بالمعنى المفهوم في القانون الدولي الخاص. وانتقدت هذه النظرية ولم تلق قبولا لدى الفقه وذلك للأسباب الآتية:
1- إن إرادة الشخص ليست محل اعتبار، لأن آثار ثبوت الموطن تتعلق غالبا بسيادة الدولة ولا تترك لإرادة الفرد وحده.
2- صعوبة إثبات الإرادة، لأنها في الغالب تكون غير صريحة، مما يؤدي إلى الغش والتحايل
3- إن الأطفال وناقصي الأهلية لا يستطيعون الإعلان عن إرادتهم في اختيار الموطن لأن إرادتهم ناقصة. ثانيا: النظرية الثانية: نظرية تطبيق القانون الوطني للشخص: وترى هذه النظرية بإعطاء الاختصاص بتحديد مفهوم الموطن وتقرير وجوده من عدمه القانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص المتنازع في موطنه، أي الأخذ بالقانون الشخصي. وهذا القانون أما أن يكو قانون الجنسية أو قانون الموطن الأصلي، فإذا كان المتوطن عراقية في فرنسا فإن القانون العراقي هو الذي يحدد مفهوم الموطن، لأنه قانون جنسيته، أما إذا كان المتوطن انجليزية متوطنة في فرنسا فإن القانون الانجليزي لا يطبق، بل القانون الفرنسي، لأن القانون الانجليزي يأخذ بضابط الموطن (2)
وتعرضت هذه النظرية للانتقادات الآتية:
1- إن هذه النظرية أهملت حالة عديم الجنسية الذي لا يمكن تحديد موطنه عند التنازع لأنه لا يحمل جنسية أية دولة.
2- إن الأخذ بهذه النظرية يؤدي إلى حلقة مفرغة في الدولة التي تعتبر القانون الوطني هو قانون موطن الشخص، كما هو الحال في القانون الانجليزي لأن الأخذ بقانون الشخص سيؤدي إلى اعطاء الاختصاص بتحديد موطن الشخص القانون الموطن ذاته، وهذا يقود إلى مصادرة على المطلوب، فيجب أن عرف أولا: ما هو الموطن وذلك لكي نستطيع تحديد الاختصاص القانون الدولة التي يوجد بها الشخص.
ثالثا: النظرية الثالثة: نظرية تطبيق قانون القاضي: وهذه النظرية تخضع تحديد الموطن إلى قانون المحكمة التي تنظر النزاع المفروض عليها. وهذه النظرية تأخذ بها غالبية القوانين ويؤيدها غالبية الفقه (3) ، فالمحكمة هي التي تفصل في أمر موطن ذلك الشخص، وتسوغ هذه النظرية، بأن تحديد الموطن مسألة تتعلق بالتكيف، ولما كان التكييف في مسائل تنازع القوانين يخضع لقانون المحكمة فإن محكمة موطن ذلك الشخص هي التي تفصل في النزاع. وانتقدت هذه النظرية بأن تحديد مفهوم الموطن للتكييف أمر لا يمكن أن يتعلق به بأي حال من الأحوال.
رابعا: النظرية الرابعة: نظرية اختصاص القانون الإقليمي: يرى أنصار هذه النظرية أن تحديد الموطن، يجب أن يكون طبقا لأحكام القانون الإقليمي الذي يدعي الشخص أنه متوطن فيه، فإذا أدعي شخص أن له موطنا في دولة معينة، كان قانون تلك الدولة وليس القانون الشخصي أو قانون الإرادة أو قانون القاضي، هو صاحب الاختصاص في تحديد وجود موطن لذلك الشخص من عدمه، على اعتبار أن الجنسية والموطن هما من الضوابط والأسس التي يستند عليها القانون الدولي الخاص، فكما أن الجنسية أداة لتوزيع الأشخاص دولية، فإن تحديد الموطن يجب أن يترك لقانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته. وأخذ بهذه النظرية العديد من التشريعات وتبنتها الاتفاقيات الدولية. وانتقدت هذه النظرية أيضا على أساس أن تشبيه الموطن بالجنسية واعتباره من مسائل القانون العام، هو تشبیه خاطی، فالجنسية فكرة سياسية ترتبط بالقانون العام أما الموطن فهو فكرة واقعية ترتبط بالقانون الخاص (4).
خامسا: النظرية الخامسة: النظرية التوفيقية بين قانون القاضي والقانون الإقليمي: وتقضي هذه النظرية بأن المحكمة إذا رأت أن الشخص المدعي غير متوطن في بلد القاضي، فإن المحكمة تترك قانونها الوطني وتطبق قانون الدولة المطلوب الفصل في اعتبار الشخص متوطنا فيها. وبالرغم من أن هذه النظرية تعد أفضل النظريات، لأن الموطن عبارة عن رابطة بين شخص ودولة ويتأثر بالاعتبارات السياسية، فإن هذه النظرية، تعرضت للانتقاد أيضا، لأنها تتضمن قانون القاضي من ناحية أخرى، مما يجعله في النهاية محلا لأوجه النقد السابق توجيهها إلى كل من النظريتين السابقتين لأن النظرية التوفيقية ليس لها من التوفيق إلا الاسم (5)
سادسا: النظرية السادسة: نظرية الأثر القانوني للموطن: إن تحديد الموطن يجب أن يتم وفقا لقانون الدولة الذي يحكم آثاره القانونية. وهذه النظرية هي الراجحة لأن القانون الذي يرتب الأثر القانوني للموطن هو الذي يجب الرجوع إليه لبيان الشروط الواجب توافرها لوجوده (6) .
موقف المشرع العراقي من هذه النظريات: المشرع العراقي أسوة بغالبية التشريعات، سکت عن بيان القانون الواجب التطبيق الذي يحكم الموطن في القانون الدولي الخاص، واكتفي في المادة (42) من القانون المدني العراقي بوضع تصويره الخاص في مجال القانون الداخلي وأخذ بالتصوير الواقعي، إذ أجاز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد.
____________
1- للمزيد من التفصيل راجع د. هشام علي صادق، دروس في القانون الدولي الخاص الجنسية المصرية وتنزع الاختصاص القضائي الدولي ، طبع دار الفكر ، الإسكندرية 2005 ، ص193 وما بعدها. د. محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص، ط1، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية 1978 ، ص215.
2-Cheshire's, Op, cit, p 161
3- للمزيد من التفصيل راجع د. هشام علي صادق، المرجع السابق، ص147 وما بعدها
4- د. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، ج1، ط11، القاهرة 1986 ، 552.
5- د. هشام علي صادق، المرجع السابق، ص 192.
6- للمزيد من التفصيل في هذه النظرية راجع د. هشام علي صادق، المرجع السابق، ص155.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|