أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-5-2022
1561
التاريخ: 30-12-2021
2137
التاريخ: 15-1-2022
1760
التاريخ: 8-10-2020
5878
|
الأهمية بالنسبة للواجهات البحرية للدول
لكل دولة أوضاعها الخاصة الناجمة عن علاقات الموقع والمكان، وعلاقاتها السياسية الدولية؛ مما يؤدي إلى تغاير زمني واضح في القيمة النسبية للواجهات البحرة لكل دولة على حدة، وهذا بطبيعة الحال إلى جانب عوامل أخرى أسلفنا قولها مثل نوع البحار التي تطل عليها الدول، فضالا عن الأهمية المجردة لوجود واجهة بحرية من أي حجم للدول المختلفة، وهذا أمر ليس تحقيقه سهلا على كل دولة.
وفي الحقيقة تنبع الأهمية النسبية للسواحل من علاقات الدولة السياسية، وبما أن هذه العلاقات ليست ثابتة زمنيا، فان أهمية السواحل تختلف من عصر إلى آخر، وبنفس قوة تأثير العلاقات السياسية نجد الظروف الجغرافية عاملا آخر من عوامل تحديد الأهمية النسبية للواجهات البحرية، ونعني بالظروف الجغرافية هثا تكامل التفاعلات الجغرافية من طبيعة الشاطئ وطبيعة خلفيته بالنسبة للتفاعلات السكانية والاقتصادية والتجارية، وبذلك فإن الأهمية النسبية للواجهات البحرية يمكن أن تصبح ذات قيمة ثابتة غير متغيرة بفعل أشكال الشاطئ الطبيعية وخلفيته التضاريسية والمناخية والإيكولوجية، ولكن تفاعلات المظاهر البشرية الجغرافية — عمران ونشاطات اقتصادية متغيرة وخطوط مواصلات — بحكم تغايرها زمانيا تؤدي بدورها إلى إحداث أنواع من التغيير في بعض الأشكال الثابتة للمظاهر الطبيعية الشاطئية في صورة شتى الأعمال الهندسية الغني تقام في مناطق المستنقعات واللاجونات والشطوط الرملية والسواحل المفتوحة أمام تأثيرات البحر المختلفة من أجل بناء الموانئ الصناعية.
إذن إن أهمية الجبهات البحرية للدول أو الدولة الواحدة تتغير حسب ظروف بشرية بحتة: العلاقات السياسية واتجاهات الدولة في سياساتها الخارجية والاقتصادية والتجارية من ناحية، ونتيجة تغير خلفية السواحل عمرانيا واقتصاديا من ناحية ثانية.
وربما كانت فرنسا خير ما نسوقه من أمثلة على قيمة التغيرات السياسية والاقتصادية في تحديد الأهمية النسبية لواجهاتها البحرية الثلاث: الشمالية المطلة على بحر المانش، والغربية المطلة على خليج بسكي والمحيط الأطلنطي، والجنوبية المطلة على البحر المتوسط. وتقدم لنا الدراسات الرمانية تغيرا في مركز الثقل السياسي الاقتصادي الفرنسي، ومن نغم تبعه تغير مماثل في أهمية الجبهات الساحلية على النحو الملخص التالي:
أولا: برزت الجبهة الجنوبية بروزا واضحا في خلال العصور القديمة حتى انتهاء العصر الروماني بحكم أن العلاقات البحرية والتجارية كانت أكثف ما يكون فى البحر المتوسط خلال تلك العصور التاريخية المبكرة، وفي خلال العصر الروماني أيضا برزت أهمية الساحل الشمالي لغترة لا بأس بطولها إبان الحكم الروماني لبريطانيا، بينما كانت الجبهة الغربية غير ذات أهمية واضحة.
ثانيا: في خلال العصر النورماني كانت الأهمية النسبية للسواحل الشمالية المواجهة لبريطانيا على أكبر جانب من الأهمية بعد أن تقسمت فرنسا إلى دويلات وإمارات صغيرة — القرن الحادي عشر — وكذلك نتيجة لحرب المائة سنة (١٤٥٣,١٣٣٨) بين إنجلترا وفرنسا.
ثالثا: تلا ذلك تدعيم آخر للجبهة الساحلية الشمالية والغربية خلال القرن الثامن عشر بعد إنشاء الإمبراطورية الفرنسية في أمريكا الشمالية: كندا ولويزيانا (فقدت فرنسا كندا لصالح بريطانيا في ١٧٦٣) وأملاكها في البحر الكاريبي وغيانا (ما زالتا تحت الحكم الفرنسي).
رابعا: ابتداء من ١٨٣٠ — احتلال الجزائر — بدأت الجبهة المتوسطية الفرنسية تصبح عاملا فعالا في التعبير عن اهتمامات فرنسا بإمبراطورية جديدة في أفريقيا الشمالية والغربية، وقد زادت أهمية هذه الجبهة بعد فتح قناة السويس؛ إذ أصبح البحر المتوسط معبرا بحريا هاما لتجارات العالم المداري في المحيط الهندي الآسيوي الأفريقي.
وبعد أن تقلصت فرنسا عبر البحار إلى مناطق محدودة جدا — الممتلئات الفرنسية في الكاريبي والصومال الفرنسي وبعض جزائر الباسيفيكي الجنوبي — فإننا نرى كل جبهاتها البحرية الثلاث تعمل فيما يشبه التوازن النسبي، ولم يعد هناك ثقل سياسي معين يدعو إلى زيادة في أهمية جبهة عن أخرى، ولكن برغم ذلك فإن موقع الجبهات الثلاث يعمل دوره في رفع قيمة واحدة عن الأخرى، هذا فضلا عن التأثيرات السياسية النابعة عن تكوين مقدمات الاتحاد الأوروبي وإنشاء السوق الأوروبية.
وعلى هذا فإن الواجهة الشمالية الفرنسية أصبحت تقع على ممر الملاحة الأعظم أهمية بين أوروبا الغربية وأمريكا عبر الأطلنطي الشمالي، وخلفيتها الصناعية ابتداء من السين ونورماندي تجعلها امتدادا لأضخم امتداد صناعي أوروبي غربي — شمال فرنسا وبلجيكا وهولندا وغرب ألمانيا الاتحادية — أما الواجهة المتوسطية فقد أصبحت منفذا بحريا عظيم القيمة، ليس لفرنسا فحسب، وإنما للتكتل الاقتصادي الأوروبي القاري — فيما عدا إيطاليا — وذلك عبر وادي الرون إلى الراين، فمرسيليا بحكم موقعها الجنوبي هي ميناء هام لكثير من المنتجات المدارية الأفريقية التي يعاد تصديرها بحرا إلى أمريكا وبررا إلى بقة أوروبا، وهي في الوقت نفسه الميناء الهام الذي يستقبل بترول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والغاز الأرضي من شمال أفريقيا، أما الواجهة الغربية فإنها أقل أهمية بالقياس إلى سابقتيها، وإن كانت بدورها حيوية لبعض أشكال التجارة، خاصة وأن خلفيتها الزراعية تؤهلها لذلك.
وبالمثل نجد أن الأهمية النسبية لسواحل الولايات المتحدة الثلاثة كانت متغيرة زماندا، فالساحل الشرقي كان وما زال أكثر هذه السواحل قيمة للدولة الأمريكية بحكم وقوعه على الأطلنطي الشمالي في مواجهة أوروبا، وبحكم خلفيته المتعددة الأنشطة الاقتصادية، وكان الساحل الجنوبي المطل على خليج المكسيك ذا أهمية خاصة بالنسبة لتجارة الأوليات الزراعية، ثم زادت قيمته بما ينتجه من بترول، وبالأهمية السياسية التدي تعلقها الولايات المتحدة على علاقاتها السياسية بأمريكا الوسطى وقناة بنما، وكان الساحل الغربي أقل هذه السواحل أهمية إلى أن بدأت الولايات المتحدة عبور الباسيفيك إلى هاواي والفلبين وشرق آسيا، وزادت هذه الأهمية بصورة واضحة نتيجة العلاقات السياسية الجيوبوليتيكية الأمريكية مع اليابان وجنوب شرق آسيا وأستراليا، وكثافة التجارة الأمريكية اليابانية وبالعكس عبر مياه الباسيفيك الشاسعة.
وقد كان لواجهة السويد على البلطيق أهمية خاصة عندما توسعت مملكة السويد عبر البلطيق إلى فنلندا وسواحل البلطيق الشرقية والجنوبية الشرقية حتى القرن السابع عشر، وبعد تلك الفترة بدأ عهد التوجيه الغربي إلى بحر الشمال، وأنشئ ميناء جوتبورج الذي يحتل المكانة الأولى بين موانئ السويد تعبيرا عن أهمية الساحل الغربي بالنسبة لسواحل الدولة، وبالمثل انتقلت أهمية
السواحل الألمانية من البلطيق إلى الامتداد الساحلي القصير على ركن بحر الشمال عند مصبات الألب والفيزر تبعا لاتساع رقعة الدولة من مجرد مملكة شرقية (بروسيا) إلى دولة اتحادية (ألمانيا قبل الحربين العالميتين)، والأمثلة بذلك كثيرة على تأثير التوجيه السياسي والتجاري للدول على أقدر جبهاتها الساحلية المختلفة وتؤثر الأشكال الطبيعية للشواطئ وخلفيتها بدورها تأثيرا شبه ثابت على الأهمية النسبية للواجهة أو الواجهات البحرية للدولة، وتتعدد هتا العوامل الطبيعية الغني تتضافر على تقليل أهمية الواجهة البحرية للدولة، فالتضاريس العنيفة للشواطئ ومناطقها الخلفية وإن كانت حاجزا دفاعيا طيبا، إلا أنها تحدد أشكال النشاط الاقتصادي والعمران بصورة تجعل من المنطقة وإقليمها نطاق عزلة قليل الأهمية باستثناء جيوب صغيرة ينحت فيها الإنسان لنفسه موطئ عمران ونشاط محدود، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك غالبية شواطئ النرويج وأيسلندا وما شابههما من سواحل الفيوردات في ألاسكا وغرب كندا وجرينلاند وتيرا دلفويجو وشيلي الجنوبية (وساحل دلماشيا اليوجسلافي بصورة مخففة.
وحينما تشترك الظروف المناخية المعادية للسكن البشري — البرودة الشديدة وأقاليم الجفاف — مع أشكال التضاريس الوعرة، تصبح قيمة السواحل قليلة جدا، مثال ذلك سواحل خليج العقبة ومعظم سواحل البحر الأحمر، أو سواحل الجزيرة الجنوبية من نيوزيلندا، وعلى نحو آخر تقل أهمية السواحل في مناطق اللاجونات — المستنقعات الساحلية — والسواحل المتميزة بالشطوط الرملية، «السيرف» (الأمواج العالية المتكسرة على الشواطئ أبدا) مثل سواحل غرب أفريقيا.
وعلى الرغم من أن هذه الطروف الطبيعية قوية التأثير فإن طهور الموارد الاقتصادية من أي نوع يؤدي بالإنسان إلى إقامة منشآت مكلفة لتصحيح المعالم الطبيعية موضعيا، وتشهد على ذلك سكة حديد كيروذا-نارفيك لتصدير خام الحديد السويدي عبر جبال وفيوردات النرويج، وسكة حديد لبرادور (شيفرفيل- ست ايل، جانيون-بوركارتيه) والطرق البرية المصرية على طول ساحل البحر الأحمر وإلى وادي النيل (خامات معدنية وبترول)، والطريق بين إيلات وساحل البحر المتوسط في إسرائيل، ومجموعة الطرق الحديدية في موانئ غرب أفريقيا الصناعية إلى مناطق الإنتاج الأولية الزراعية والتعدينية.
وعلى هذا فإن اشتراك العوامل الطبيعية والبشرية يؤثر بطرق مختلفة على أقدار الشواطئ وقيمتها الفعلية، فالشاطئ الشرقي للولايات المتحدة يمكن أن يقسم إلى قسمين: الشمالي والجنوبي، والقسم الشمالي أصلح طبيعيا لقيام المرافئ وخلفيته واسعة تمتد إلى حوض سنت لورنس الكندي — شتاء — والأمريكي، بما في ذلك منطقة البحيرات العظمى الأمريكية ومنطقة بنسلفانيا الفحمية، وكنها خلفية متنوعة الموارد التعدينية والصناعية، كما أنها أقل صلاحية من الناحية الطبيعية لقيام الموانئ (لكثرة المستنقعات والرؤوس الرملية)، وخلفيته — برغم امتدادها السهلي الواسع — أقل تنوعا في المواد الصناعية ومرتبطة بالموارد الأولية والزراعية بصفة عامة، ومن ثم تظهر في القسم الشمالي موانئ عديدة لامعة كثيفة الحركة عالية الأهمية — على رأسها نيويورك وبوسطن ونيوآرك — بينما لا تتردد أسماء الموانئ الجنوبية إلا في حالات خاصة «مثل نورفولك وتشارلزتون وسفانا.«
والأهمية النسبية للسواحل المصرية الطويلة محدودة القيمة بسبب الوعورة والجفاف والمستنقعات إلا في مناطق محدودة بأكيومين ضيق — موارد تعدينية وبترولية — وتقتصر المناطق المهمة من السواحل المصرية على منطقتي خليج قناة السويس والإسكندرية اللتين تنفتحان طبيعيا على الأكيومين المصري الرئيسي في الدلتا، وحيث تتنوع الموارد الأولية والصناعية، وبالمثل فإن السواحل الكندية هائلة الطول قليلة الأهمية إلا في منطقتين محدودتين هما مصب سنت لورنس — خلال الصيف فقط — وفيوردات منطقة فانكوفر الغربية، والأمر نفسه ينطبق على السواحل السوفيتية الطويلة، والتني لا تظهر قيمتها إلا في نقاط محدودة بصفة دائمة (مورمانسك والبلطيق والأسود وبحر اليابان)، أو بصفة مؤقتة شتاء على طول خط الملاحة الشمالي من مورمانسك إلى كمتشكا وفلاديفوستوك.
وسواء كانت السواحل ذات قيمة طبيعيا واقتصاديا، أو ليست بذات قيمة واضحة، فإن الدول تسعى سعيا حثيثا إلى امتلاك واجهات بحرية لما لذلك من أهمية فعلية في النقل البحري، وهو أرخص أنواع النقل وأكبرها حجما حتى الآن، لكن ذلك ليس كل ما في الأمر، فإن الدول تسعى أيضا للحصول على منافذ بحرية بحيث تتوقع أهمية مستقبلية لتلك الشواطئ، مهما كان حجم تلك المنافذ وأيا كانت صورتها الطبيعية، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حصول إسرائيل على منفذ ضيق صحراوي على رأس خليج العقبة، وقد حققت بذلك ثلاثة مبادئ:
1- المبدأ السياسي الاستراتيجي: فصل العالم العربي إلى أرضين واتخاذ اللسان البري الفاصل قاعدة انطلاق توسعية، أو على الأقل قاعدة انطلاق مؤثرة بشتى الوسائل على المناطق المحيطة.
2- مبدأ تعدد الواجهات البحرية الذي هو في حقيقته أمر صحي للدول سياسيا واستراتيجيا.
3- المبدأ الاقتصادي الذي يجعل من إيلات نهاية جسر لاحتمالات وإمكانات تجارية مستقبلية مع عالم المحيط الهندي الأفروآسيوي: بترول وماس وخامات أولية وتجارة مصنعات صادرة وواردة.
ولا شك في أن بلغاريا كان يمكن أن تصبح في مركز أقوى فيما لو استبقت لها منفذا على بحر إيجة، وكانت بولندا دائما في موقف ضعيف — فترة ما بين الحربين العالميتين — إلى أن حصلت على واجهة بحرية طويلة نسبيا على البلطيق، وجمهورية زائيري — الكنغو كئشاسا سابقا — في مركز ضعيف اقتصاديا وعسكريا بسبب ضيق جبهتها البحرية ضيقا متناهيا بالقياس إلى مساحتها الضخمة، ويضطرها ذلك إلى الاعتماد على موانئ تسيطر عليها البرتغال في أنجولا بدرجة كبيرة، وميناء دار السلام التنزاني بدرجة أقل.
وبرغم صغر الواجهات البحرية لبعض الدول إلا أنها ما زالت أحسن حالا من الدول الداخلية المحبوسة بجيرانها، خاصة إذا لم تكن علاقات الجيران طيبة أو تسوء في فنترة من الفترات، فسويسرا والنمسا وتشيكوسلوفاكيا والمجر أمثلة طيبة من أوروبا على الدول المعتمدة اعتمادا ضروريا على علاقات حسن الجوار، وجمهورية مالي وجدت نفسها في مأزق حينما ساد العداء علاقاتها بالسنغال، واضطرت إلى ترك الطريق الجغرافي المفتوح عبر السنغال والالتجاء إلى طريق مكلف وعر وموسمي إلى منفذ في ميناء كوناكري — جمهورية غينيا. وتواجه زامبيا مأزقا أشد وأنكى، فهناك حكومتان معاديتان تعترضان طريقها الحديدي الحالي إلى البحر: حكومة البيض في روديسيا وحكومة الاستعمار البرتغالي في موزمبيق، وقد اضطرها ذلك إلى اللجوء إلى طريق طويل وشاق وغير طبيعي عبر مساحتها الشمالية الشرقية الخالية من السكان أو تكاد، وعبر تنزانيا كلها حتى تصل إلى ميناء دار السلام، وقد احتاج الأمر إلى إنشاء طريق بري مكلف وخط أنابيب بترولية مكلف أيضا، وهي بسبيل إتمام خط حديدي أشد تكلفة، فما أصعب المواقف التي تتكامل فيها العوائق الطبيعية والحرمان من واجهة بحرية مع العداء السياسي، وما أشد تأثيره على الحياة الطبيعية للدول.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|