المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05



قاعدة « السلطنة »  
  
2592   11:09 صباحاً   التاريخ: 23-12-2021
المؤلف : الشيخ محمد باقر الإيرواني
الكتاب أو المصدر : دروس تمهيدية في القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج2، ص 94
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2021 1570
التاريخ: 18-9-2016 4513
التاريخ: 2024-07-30 316
التاريخ: 2024-07-30 304

من القواعد المسلمة لدى الفقهاء والتي يذكرونها عادة في باب المعاملات قاعدة السلطنة ولكنّهم كعادتهم في بقية القواعد يكتفون بمجرّد الإشارة إليها والمرور عليها بلا بحث مستقل.

ففي مسألة ان المعاطاة تفيد الملك دون الاباحة ذكر الشيخ الأعظم في المكاسب ان من الوجوه التي قد يستدل بها على ذلك قاعدة الناس مسلّطون على أموالهم. وهكذا أشار الى امكان الاستدلال بها في مسألة ان الأصل في الملك عند الشك في كونه جائزا أو لازما هو اللزوم.

وهناك موضع آخر يشار فيه الى القاعدة المذكورة وهو مسألة لا ضرر عند بحثهم عن حدودها وتفاصيلها ، فان أحد الأبحاث هناك مسألة تعارض قاعدة لا ضرر مع قاعدة السلطنة ، كما لو أراد شخص أن يحدث حماما في داره ولكنّه كان موجبا لتضرّر جاره ، فان قاعدة لا ضرر تنفي جواز الاضرار بالجار بينما قاعدة السلطنة تقضي بجواز‌ ذلك وان لزم تضرّر الجار لأنّ ذلك مقتضى سلطنة المالك على ملكه ، وعند التعارض المذكور ما ذا يكون الموقف؟

ولكنهم في هذا الموضع وسابقه يكتفون بالإشارة الى قاعدة السلطنة من دون بيان مدركها وحدودها وما يرتبط بها من أبحاث.

وحديثنا عن القاعدة المذكورة يقع ضمن النقاط التالية :

١ ـ مضمون القاعدة.

٢ ـ مدرك القاعدة.

٣ ـ المحتملات في قاعدة السلطنة.

٤ ـ حدود قاعدة السلطنة.

٥ ـ التسلّط على الحقوق.

٦ ـ التسلّط على النفس والأعضاء.

٧ ـ السلطنة والضرر.

٨ ـ تطبيقات.

١ ـ مضمون القاعدة‌ :

يقصد بقاعدة السلطنة ان كل مالك لشي‌ء هو مسلّط على التصرّف فيه بما يشاء ضمن الحدود الشرعية ، فله الحق في بيعه واهدائه وايجاره وأكله إلى غير ذلك من التصرّفات التي لم يثبت من الشريعة صدور منع عنها.

هذا هو المقصود من قاعدة السلطنة. وليس المقصود منها ان المالك لشي‌ء لا يحق لغيره التصرّف فيه بدون رضاه وطيب نفسه فان ذلك ليس تمام المقصود من قاعدة السلطنة بل المقصود منها أوسع‌ من ذلك وهو ان المالك لشي‌ء له حق التصرّف فيه بأي شكل شاء ، ولازم ذلك ان الغير لا يحق له التصرف فيه بدون رضاه.

٢ ـ مدرك القاعدة‌ :

المدرك المهم للقاعدة المذكورة أمران :

أ ـ السيرة بكلا قسميها : سيرة العقلاء وسيرة المتشرّعة.

امّا سيرة العقلاء فمن الواضح انعقادها على ذلك بحيث لو منع أحدهم من التصرف في ماله لهبّ العقلاء منددين بالمنع ورافضين لذلك التضييق للسلطنة. بل ان حكمهم بسلطنة كل انسان على ما يملكه يكاد يكون من البديهيات الأولية عندهم.

وحيث ان السيرة المذكورة لا نحتمل حدوثها بعد عصر المعصوم عليه ‌السلام ، كما ولا نحتمل الردع عنها فيثبت بذلك امضاؤها.

واما سيرة المتشرعة فانعقادها بينهم وبشكل متصل بزمن المعصوم عليه ‌السلام أمر لا يقبل التشكيك.

وحيث انها سيرة متشرعة بما هم متشرعة فيكفي نفس افتراض ذلك لحجيتها بلا حاجة إلى افتراض فكرة الامضاء المستكشفة بعدم الردع ـ على خلاف سيرة العقلاء حيث تحتاج إلى ذلك ـ لأنّ نفس افتراض كونها سيرة متشرعة يستبطن تلقيها يدا بيد من المعصوم عليه‌ السلام.

ب ـ النصوص الدالة على ان الانسان ما دام حيّا فله الحق في أن يصنع بماله ما شاء من قبيل موثقة سماعة : «سألت أبا عبد الله عليه‌ السلام عن عطية الوالد لولده فقال : اما إذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء ، واما في مرضه فلا يصلح» [١] ، فان ظاهر «يصنع به ما شاء» ان له الحق في كلّ تصرّف شاء بلا اختصاص لذلك بالعطية.

هذا هو الدليل على قاعدة السلطنة.

وقد يستدل على ذلك أيضا بالإجماع أو بالحديث المشهور «الناس مسلّطون على أموالهم» أو بالنصوص الدالّة على عدم جواز التصرّف في أموال الآخرين بدون رضاهم.

من قبيل قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، فانّه يدل على اعتبار التراضي في صحّة التجارة فلا تصح التجارة بأموال شخص بدون رضاه.

ومن قبيل قوله تعالى : {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } [النساء: 4] ، فانّه يدل على عدم جواز أكل مهور النساء بلا طيب أنفسهن.

ومن قبيل الحديث المشهور : «لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه» [2].

هذا والكل قابل للتأمّل.

امّا الاجماع فلأنّه بعد انعقاد السيرة العقلائية فمن المحتمل قريبا استناد المجمعين الى السيرة المذكورة وليس ذلك لوصول الحكم لهم‌ من الامام عليه ‌السلام يدا بيد.

وامّا الحديث المشهور فهو ضعيف السند لأنّه لم يروه إلاّ الشيخ المجلسي في بحاره [3] عن عوالي اللآلي .

وإذا رجعنا الى المصدر الأصلي وجدنا ابن أبي جمهور الاحسائي صاحب العوالي يروي الحديث في مواضع أربعة : تارة عن بعض كتب الأصحاب واخرى عن بعض كتب الشهيد وثالثة عن الفاضل المقداد ورابعة عن ابن فهد الحلي [4].

والواسطة بين المنقول عنه والامام عليه‌ السلام حيث انّها مجهولة فتسقط الرواية عن الاعتبار.

وقد روي الحديث في كتبنا الفقهية الاستدلالية ولكن بشكل مرسل أيضا فقد رواه العلاّمة الحلّي في المختلف [5] والتذكرة [6] والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان [7] والشهيد الثاني في مسالك الافهام [8] وفخر المحققين في إيضاح الفوائد [9] .

وهو في جميع الموارد المذكورة روي بشكل مرسل عن النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم.

وعليه فالحديث ضعيف السند لإرساله ، ولا طريق لتصحيحه‌ سوى دعوى انجباره اما بالشهرة الروائية أو بالشهرة الفتوائية ، ولكن ذلك قابل للتأمّل.

اما انجباره بالشهرة الروائية فباعتبار عدم تحقّق الشهرة المذكورة لأنّها انّما تتحقق بشهرة نقل الرواية في كتب الحديث وذلك لم يتحقق لأنّها لم تنقل في شي‌ء من كتب الحديث سوى عوالي اللآلي الذي هو معروف بالضعف لنقل الأحاديث فيه بشكل مرسل.

واما انجباره بالشهرة الفتوائية فباعتبار ان ذلك موقوف على عمل الطبقة المتقدّمة من اعلامنا به ولا يكفي اشتهار العمل به بين الطبقة المتأخرة كالعلاّمة الحلي ومن بعده فان الكاشف عن حقانية الرواية وصدورها هو عمل الطبقة المتقدّمة المقاربة لعصر صدور النص ولا يكفي عمل الطبقة المتأخرة.

وامّا النصوص الدالّة على اعتبار الرضا في جواز التصرف في أموال الآخرين فهي أجنبية عن المقام أو غير وافية بالمطلوب إذ أقصى ما تدل عليه ان غير المالك لا يجوز له التصرف في املاك غيره إلاّ برضاه ولا تدل على ان المالك يحق له التصرّف في ملكه بأي نحو شاء.

والخلاصة : ان مهم المستند على قاعدة السلطنة هو السيرة والنصوص الدالّة على ان الإنسان ما دام حيّا له الحق أن يصنع بماله ما شاء.

٣ ـ المحتملات في قاعدة السلطنة‌ :

في المراد من قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» عدّة احتمالات :

أ ـ ان يكون المقصود اثبات السلطنة للمالك بشكل مطلق بما في ذلك السلطنة على أسباب النقل والانتقال كالبيع والاجارة والهبة و... بل بما في ذلك تفاصيل أسباب النقل ، فكل مالك مسلّط مثلا على بيع ماله بالعربية وبغيرها وبالقول وبالمعاطاة وبالماضوية وبغيرها و... وهكذا بالنسبة الى الهبة والاجارة و....

وعلى أساس هذا الاحتمال يمكن التمسّك بالقاعدة المذكورة لإثبات صحة البيع بالمعاطاة وبغير العربية وبغير الماضوية و....

ولربما يظهر هذا الاحتمال من صاحب الجواهر حيث استدل على شرعية المعاطاة المقصود بها الاباحة بعموم سلطنة الناس على أموالهم [10].

ب ـ ان يكون المقصود اثبات السلطنة على أسباب النقل والانتقال من دون نظر إلى تفاصيلها ، فالمالك له حق بيع ماله واجارته وهبته و... وليس لها نظر إلى تفاصيل الأسباب ، فهي لا تدل على السلطنة على البيع بالمعاطاة أو بغير العربية أو بغير الماضوية وانّما تدل على السلطنة على أصل البيع وعلى أصل الاجارة وعلى أصل الهبة لا أكثر.

وهذا الاحتمال هو المختار للشيخ الأعظم حيث ذكر في مبحث المعاطاة عند الاستدلال على شرعيتها وافادتها الملك ما نصّه : «واما قوله صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم : ان الناس مسلّطون على أموالهم فلا دلالة فيه على المدعى لأنّ عمومه باعتبار أنواع السلطنة فهو انّما يجدي فيما إذا شك في ان هذا النوع من السلطنة ثابتة للمالك وماضية شرعا في حقّه أم لا ، اما إذا قطعنا بأن سلطنة خاصة كتمليك ماله للغير نافذة في حقّه وماضية شرعا لكن شك في ان هذا التمليك الخاص هل يحصل بمجرّد التعاطي مع القصد أم لا بدّ من القول الدال عليه فلا يجوز الاستدلال على سببية المعاطاة في الشريعة للتمليك بعموم تسلّط الناس على أموالهم» [11].

ج ـ ان يكون المقصود نفي الحجر عن كل تصرف مشروع ، فالحديث لا يدل على شرعية البيع والسلطنة عليها ولا على شرعية الاجارة والسلطنة عليها ولا على ... وانّما يدل على ان البيع مثلا إذا كان مشروعا بقطع النظر عن حديث السلطنة فصدوره من المالك لا يتوقف على كسب الاجازة من الغير ، فالزوجة إذا أرادت هبة بعض أموالها أو بيعها فلا يتوقف ذلك على موافقة الزوج مثلا. وهكذا الحال بالنسبة الى غير البيع.

فالحديث على هذا يدلّ على ان كل سبب ثبتت مشروعيته في نفسه فالمالك غير محجور عليه ولا يتوقف صحته على موافقة الآخرين ، اما ما هي الأسباب المشروعة فذلك ساكت عنه ولا يمكن من خلاله اثبات مشروعية هذا السبب وذاك عند الشك.

وهذا الاحتمال هو ظاهر الآخوند الخراساني في حاشيته على المكاسب [12].

د ـ ان يكون المقصود اثبات السلطنة بلحاظ التصرّفات غير الناقلة فيجوز للمالك ان يخيط ثوبه المملوك له ويجوز له أيضا ان‌ يضعه في هذا المكان أو ذاك وغير ذلك من التصرّفات غير الناقلة.

واما بيعه وهبته ونحو ذلك من الأسباب الناقلة فلا يدل على شرعيتها ، فان عنوان «ماله» والاضافة الخاصة المذكورة لا بدّ من انحفاظها بعد ذلك ، فمثل البيع والهبة لا يدل الحديث على شرعيتهما لأنه بذلك يزول عنوان «ماله» والحديث لا ينظر إلى حيثية ازالة المال عن الملك بل إلى كل تصرّف بعد انحفاظ الاضافة الخاصة.

وهذا الاحتمال هو ظاهر الشيخ الايرواني في حاشية المكاسب [13].

هذه احتمالات أربعة في مفاد قاعدة السلطنة.

ولا معنى للنظر الى لفظ القاعدة وان الظاهر منه أي واحد من الاحتمالات المذكورة فان ذلك وجيه لو كان سند القاعدة باللفظ المذكور تامّا وصادرا من المعصوم عليه‌ السلام ، اما بعد عدم تمامية السند وكون المدرك السيرة العقلائية والروايات الدالّة على ان الإنسان ما دام صحيحا له الحق ان يصنع بماله ما شاء فلا بدّ من ملاحظة ذلك دون لفظ حديث السلطنة.

اما السيرة فالقدر المتيقن انعقادها على الاحتمال الثالث وان المالك ليس بمحجور عليه في التصرف في ملكه ولا تتوقف صحة تصرّفه على كسب موافقة الآخرين بعد ان كان السبب قد ثبتت شرعيته في نفسه. ان هذا ممّا يجزم بانعقاد السيرة عليه بخلاف الاحتمالين الأولين فإنّه لا جزم بانعقادها عليهما. وينبغي الاقتصار على القدر المتيقن وهو الاحتمال الثالث عند الدوران بينه وبين الأولين.

واما الاحتمال الرابع فيجزم بعدم تقيد السيرة به. وهل يحتمل عدم انعقاد السيرة على جواز بيع المالك ملكه أو اهدائه.

واما المدرك الثاني فلا يبعد نظره إلى الاحتمال الثالث أيضا ـ أو لا أقل هو القدر المتيقن عند اجمال النص ـ ، أي ان كل مالك لشي‌ء له الحق ان يصنع به ما شاء ما دام صحيحا بلا حاجة إلى كسب الاجازة من غيره كأولاده وغيرهم.

٤ ـ حدود قاعدة السلطنة‌ :

لم تمض الشريعة الاسلامية قاعدة السلطنة على اطلاقها بل أجرت عليها بعض التعديلات بنحو التخصيص أو التخصص ، ونذكر لذلك بعض الأمثلة :

أ ـ موارد التبذير والاسراف ، فمن حق كل انسان أن يتصرّف في أمواله ما دام لم يصل تصرّفه حدّ الاسراف والتبذير وإلاّ منع لقوله تعالى : {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 26، 27] .

وعلى هذا فليس من حق المالك لشي‌ء اتلافه بإلقائه في البحر أو احراقه بالنار وما شاكل ذلك من التصرّفات التي يصدق عليها عنوان السرف والتبذير ، ومثل المورد المذكور خارج عن قاعدة السلطنة بالتخصيص.

ب ـ موارد الضرائب المالية ، فليس من حق المالك لأموال تتعلّق بها ضريبة الزكاة أو الخمس التصرّف فيها قبل اخراج‌ الضريبة المتعلقة بها.

وهذا يرجع اما الى تخصيص قانون السلطنة ، بمعنى ان المالك للأموال المتعلق بها الضريبة هو مالك لها جميعا ولكنه ممنوع من التصرّف فيها قبل اخراج الضريبة ، أو إلى التخصص ، بمعنى ان المالك للأموال المتعلق بها الضريبة ليس هو مالكا لمجموعها بل هو مالك لما عدا مقدار الضريبة ، فمقدار الضريبة ليس مملوكا له بل هو مملوك لأربابها ، وذلك المقدار حيث انّه مشاع فيكون المالك ممنوعا من التصرّف باعتبار ان المال المشترك لا يجوز التصرف فيه إلاّ بموافقة جميع الملاك.

ج ـ موارد صرف المال في المجال المحرم ، فليس من حق المالك أن يشتري بأمواله خمرا أو بعض آلات اللهو والفساد أو بعض كتب الضلال أو اقراضه وبيعه بشكل ربوي وما شاكل ذلك ، فان قانون السلطنة قد طرأ عليه التخصيص في المجالات المذكورة.

د ـ التصرّف بعد الموت بالمقدار الزائد على الثلث ، فان من حق كل إنسان ما دام حيّا أن يهب جميع أمواله أو يوقفها أو ... واما بعد موته فله الحق في أمواله بمقدار الثلث دون ما زاد ، فله الحق أن يوصي باهداء مقدار من أمواله بعد وفاته لبعض أصدقائه أو الفقراء ما دام ذلك لا يتجاوز مقدار الثلث وإلاّ توقف مضي الوصية على اجازة الورثة.

وهذا في روحه لا يرجع إلى التخصيص بل الى التخصيص ، بمعنى ان الشخص بعد وفاته لا يكون مالكا إلاّ بمقدار الثلث لا انّه مالك للمجموع ويمنع من التصرّف في المقدار الزائد على الثلث.

هـ ـ موارد مرض الموت ، فان المشهور اختار ان المالك إذا تمرّض‌ بمرض الموت فليس من حقّه اهداء أمواله أو بيعها بأقل من ثمن المثل إلاّ إذا كان ذلك التصرّف في حدود الثلث.

و ـ موارد الشفعة ، فان لكل مالك لدار مشتركة بينه وبين غيره بيع حصّته متى ما أحب ، ولكن متى ما أراد بيعها لإنسان آخر غير الشريك فمن حق الشريك أن يعمل حق الشفعة ، بمعنى الزام المالك ببيعها عليه دون غيره.

فالمالك إذا باع حصّته بثمن معيّن فمن حق الشريك متى ما اطّلع على البيع أن يقول أعملت حق الشفعة فيأخذ بذلك الحصة التي بيعت بعد دفع الثمن الى المالك.

ي ـ إذا أراد المالك احداث حمّام مثلا في ملكه وكان ذلك موجبا للإضرار بجاره فإنّه ليس من حقّه ذلك ما دام الجار يتضرّر بذلك وهو لا يتضرّر بترك احداث مثل ذلك.

وهذا المورد ـ وهكذا سابقاه ـ يرجع في روحه إلى التخصيص كما هو واضح.

٥ ـ التسلّط على الحقوق‌ :

لا اشكال في ثبوت السلطنة للمالك على ما يملكه. وهل هناك سلطنة على الحقوق أيضا؟ فلو كان لشخص خيار المجلس فهل له سلطنة على اسقاطه؟ ولو ثبت له حق في مكان معيّن بسبب التحجير ـ فيما إذا كان من المباحات العامة ـ أو بسبب السبق إليه ـ فيما لو كان مسجدا ـ فهل له سلطنة على اسقاطه؟ والزوجة لها حق النفقة والمبيت عندها هل لها سلطنة على اسقاطه؟ والعمّة والخالة لهما الحق في أن لا‌ يجيزا عقد بنت الأخ والاخت هل لهما سلطنة على اسقاطه؟ والزوج له حق الزواج بالثانية والثالثة والرابعة هل له سلطنة على اسقاطه؟ إلى غير ذلك من الأمثلة.

والجواب : ان بعض الحقوق قابل لذلك ، كما في الخيار وحق النفقة والمبيت وبعضها لا يقبل ذلك كالزواج بالثانية.

ولربما يصطلح على الثاني الذي لا يقبل الاسقاط بالحكم ، فجواز الزواج بالثانية حكم شرعي وليس حقّا ليقبل الاسقاط ، وهذا كما هو الحال في شرب الماء والحليب واشباه ذلك فان لكل انسان الحق في ذلك ولكنه لا يقبل الاسقاط ، وهو لأجل ذلك يكون في الحقيقة حكما شرعيّا وليس حقّا.

وعليه فنخرج بهذه النتيجة ، وهي ان كل ما يقبل الاسقاط يكون حقّا وما لا يقبله يكون حكما شرعيا.

وبعد هذا نعود إلى التساؤل من جديد. لما ذا صارت الحقوق قابلة للإسقاط وما هي النكتة في ذلك؟ فهل ذلك لقاعدة السلطنة وان كل إنسان كما هو مسلّط على أمواله مسلّط على حقوقه؟

والجواب : انّه متى ما استظهرنا من النص الشرعي ان هذا أو ذاك حق شرعي فهذا بنفسه يستبطن افتراض قابليته للإسقاط وإلاّ لم يكن حقّا بل حكما شرعيا.

وعليه فالدليل على قابلية الحقوق للإسقاط هو نفس الدليل على تشريع الحقوق المذكورة بلا حاجة الى التماس دليل آخر من قاعدة السلطنة أو غيرها.

٦ ـ التسلّط على النفس والأعضاء‌ :

هل الانسان مسلّط على نفسه وأعضائه كما هو مسلّط على أمواله؟ كلا ليس مسلّطا على ذلك ، فان السلطنة المذكورة لا دليل عليها ، ويكفي عدم الدليل للحكم بانتفائها.

بل قد يقال بدلالة الدليل على نفي السلطنة المذكورة. فبالنسبة الى النفس دلّ قوله تعالى : {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة: 195] على نفي السلطنة عليها وان الإنسان ليس له سلطنة على نفسه بإلقائها في التهلكة من خلال الانتحار وغيره.

واما بالنسبة إلى الأعضاء ـ كالتبرّع بالكلية أو العين أو اليد أو الرجل ـ فقد يستدل على حرمة ذلك بأحد الوجوه التالية :

أ ـ التمسك بالسيرة العقلائية الجارية على التجنب عن كل ما يوجب الضرر. وحيث انه لم يردع عنها شرعا فتكون ممضاة.

وفيه : ان سيرة العقلاء وان جرت على ما ذكر إلاّ انّها ليست بنحو الالزام بل قد يقدمون عليه إذا كان لداع عقلائي ، كالتبرع بالكلية لمن كان بحاجة ماسة إلى ذلك.

وكيف يقال بلزوم التجنب عمّا يوجب الضرر والحال ان لازم ذلك حرمة الأكل الزائد أو الجماع الكثير أو الخروج من المكان الدافئ إلى البارد وما شاكل ذلك.

ب ـ التمسك بحديث نفي الضرار حيث ورد في الحديث الشريف : «لا ضرر ولا ضرار» [14] ، وحيث ان إرادة النهي عن الاضرار من الفقرة الثانية «ولا ضرار» أمر قريب جدّا فيلزم الحكم بحرمة الاضرار.

وفيه : ان المنصرف إليه النهي المذكور تحريم الاضرار بالآخرين دون الاضرار بالنفس.

ج ـ التمسّك بما دلّ على حرمة الجناية على النفس وظلمها بتقريب ان قطع مثل اليد أو الرجل نحو ظلم لها فيحرم لقوله تعالى : {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118] .

وفيه : ان صدق عنوان ظلم النفس فرع حرمة مثل قطع اليد في المرحلة السابقة ، والمفروض فقدان ذلك.

والتأمّل في صدق عنوان الظلم أوضح لو فرض ان الداعي للقطع كان عقلائيا كالتبرّع بالكلية للحفاظ على نفس محترمة.

د ـ التمسّك بما دلّ على ان علّة تحريم الخمر اضرارها ـ كما قال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] ـ فانّه بعد ضمّ ما دل على «ان الله حرّم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام» [15] الى ذلك يثبت ان كل ما كان مضرّا فلا فرق بين كثيره وقليله في التحريم.

وفيه : ان هذا حكم خاص بالخمر ولا يمكن التعدّي منه إلى غيره لاحتمال وجود خصوصية فيه.

ذ ـ التمسك ببعض الروايات الدالة على ان علّة تحريم بعض المحرمات اضرارها ببدن الإنسان ، من قبيل رواية المفضل بن عمر : «قلت لأبي عبد الله عليه ‌السلام : لم حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ قال : ان الله تبارك وتعالى ... علم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ...» [16] بتقريب ان علّة تحريم المحرّمات إذا كان هو الاضرار بالنفس فيلزم حرمة كل ما يوجب الضرر كقطع اليد أو الرجل وإلاّ لما صلح ان يكون علّة لتحريم المحرّمات.

وفيه : ان الحديث وان دلّ على حرمة الاضرار بالنفس ولكن لم يبين ان الضرر بأي درجة يكون محرّما ، وليس له اطلاق من هذه الناحية ليتمسك به ، ولعل المحرم حصّة خاصّة من الضرر.

بل ان بعض الأحاديث يستفاد منها عدم حرمة الاضرار بالنفس كالأحاديث التي ترشد الى رجحان عدم تناول بعض الأطعمة لكونها مضرّة.

ومن خلال هذا كلّه يتضح عدم تمامية دليل على حرمة مطلق الاضرار بالنفس ليثبت من خلاله حرمة قطع الانسان بعض أعضائه.

والمناسب ان يقال : ان الاضرار بالنفس إذا كان بحدّ يعلم بمبغوضية الشارع له ـ كقطع الانسان يديه ورجليه مثلا ـ فهو محرّم ، وإذا لم يكن بالحدّ المذكور ـ كإخراج الدم من بعض الأعضاء أو التسبيب الى طرو الحمى ـ فيكون جائزا لا من باب التمسك بقاعدة السلطنة بل لأصل البراءة عن حرمة مثل ذلك.

اذن الاضرار بالنفس إذا لم يكن بالدرجة التي يعلم بمبغوضيتها شرعا فارتكابه جائز لا من باب سلطنة الانسان على نفسه وأعضائه ، فان السلطنة المذكورة لم تثبت ، بل لأننا ما دمنا نشك في حرمة مثل ذلك فمقتضى أصل البراءة الجواز.

٧ ـ السلطنة والضرر‌ :

قد تتعارض أحيانا قاعدة السلطنة مع قاعدة نفي الضرر فما هو الموقف في مثل ذلك؟

فمثلا إذا أراد المالك أن يحدث في ملكه حمّاما أو بالوعة وكان ذلك موجبا للإضرار بالجار فسوف تتعارض قاعدة حرمة الاضرار بالجار مع قاعدة تسلّط المالك على ملكه ، فان مقتضى قاعدة السلطنة جواز احداث المالك للحمام أو البالوعة في ملكه بينما مقتضى قاعدة نفي الضرر عدم جواز مثل ذلك. ومعه فأي من القاعدتين هو المقدّم؟

والمناسب أن يقال : تارة يفترض ان المالك لا يتضرّر من عدم احداث الحمام والبالوعة واخرى يتضرّر.

فعلى الأوّل يكون المناسب عدم جواز احداث ذلك لحرمة الاضرار بالآخرين.

ولا يعارض ذلك بقاعدة السلطنة لقصورها عن شمول مثل الحالة المذكورة فان السلطنة الثابتة للمالك بالسيرة العقلائية قاصرة عن الشمول لما إذا كان اعمال السلطنة مستلزما للإضرار بالآخرين.

وهكذا موثقة سماعة الدالة على ان المالك ما دام حيّا صحيحا فله‌ أن يصنع بماله ما شاء [17] قاصرة عن الشمول لمثل هذه الحالة فانّها ليست في مقام البيان من الجهة المذكورة ، فلا تريد أن تقول ان له حقا في ان يصنع بماله ما شاء وان استلزم ذلك الاضرار بالآخرين.

واما إذا فرض تضرّر المالك من عدم احداثه للحمام والبالوعة فالمورد يدخل في تعارض الضررين : ضرر المالك وضرر الجار. وفي مثله حيث لا دليل على حرمة احداث المالك لما ذكر في ملكه فلا يعود محذور في التمسّك بأصل البراءة لإثبات جواز ذلك.

٨ ـ تطبيقات‌ :

١ ـ إذا شك في حلية لحم الأرنب وكان لإنسان أرنب فهل يمكن التمسّك بقاعدة السلطنة لإثبات جواز أكله؟

٢ ـ إذا شك في شرطية معلومية العوضين في باب البيع فهل يمكن التمسك بقاعدة السلطنة لإثبات جواز البيع في حالة عدم معلومية العوضين؟

٣ ـ هل يمكن التمسك بقاعدة السلطنة لإثبات ان البيع المعاطاتي مفيد للتمليك دون مجرّد الاباحة؟

٤ ـ إذا شك في لزوم البيع المعاطاتي فهل يمكن التمسّك بقاعدة السلطنة لإثبات اللزوم؟ وبأي بيان؟

٥ ـ من حق الإنسان أن يتناول الأطعمة المباحة. هل بامكانه اسقاط الحق المذكور بقاعدة السلطنة؟

٦ ـ من حق الرجل الزواج بالثانية ، هل بامكانه اسقاط الحق المذكور؟ وإذا لم يمكنه ذلك فما هو الطريق لتوصل الزوجة الاولى إلى عدم تزوج زوجها بزوجة ثانية؟

٧ ـ هل يمكن التمسك بقاعدة السلطنة لإثبات جواز طلاق الزوجة نفسها إذا اشترط لها الزوج ذلك في العقد؟ وما هي الطريقة الشرعية للتوصل إلى ذلك إذا لم يمكن التمسّك بقاعدة السلطنة؟

٨ ـ كيف نوجّه اخراج الدم من الرأس في عزاء سيّد الشهداء عليه ‌السلام. وهكذا الضرب على الظهر بالسلاسل الحديدية؟ وهل الجواز موقوف على اثبات سلطنة الإنسان على جوارحه؟

______________

[١] وسائل الشيعة باب ١٧ من أبواب الوصايا حديث ١١.

[2] عوالي اللآلي ١ : ١١٣ حديث ٣٠٩.

[3] بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢.

[4] عوالي اللآلي ١ : ٢٢٢ ، ٤٥٧ ، و ٢ : ١٣٨ ، و ٣ : ٢٠٨.

[5] مختلف الشيعة ٦ : ٢٧٨.

[6] تذكرة الفقهاء ١ : ٤٨٩.

[7] مجمع الفائدة والبرهان ٩ : ٣٥٨.

[8] مسالك الافهام ٦ : ٢٨ ، ١٣٥ ، ٣١٤.

[9] إيضاح الفوائد ٢ : ٥٩٤.

[10] جواهر الكلام ٢٢ : ٢١٨.

[11] كتاب المكاسب للشيخ الأعظم الأنصاري ـ قسم البيع ـ منشورات دار الحكمة : ٤١.

[12] حاشية المكاسب للشيخ الآخوند : ١٢ ، ١٤.

[13] حاشية المكاسب للشيخ الايرواني ١ : ٧٧.

[14] راجع الحديث في الجزء الأول عند البحث عن قاعدة لا ضرر.

[15] وسائل الشيعة باب ١٥ من أبواب الأشربة المحرّمة حديث ٤.

[16] وسائل الشيعة باب ١ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث ١.

[17] وسائل الشيعة باب ١٧ من أبواب الوصايا حديث ١١.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.