أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-30
304
التاريخ: 2-1-2022
2349
التاريخ: 2-1-2022
1820
التاريخ: 21-12-2021
1521
|
أوّلاً: من الكتاب: استدلّ على حجّيّة القاعدة بآيات ادّعي دلالتها على المطلوب، منها: قوله تعالى: ﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾(1)، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (2) .
فالمستفاد من الآيتين عدم جواز أكل أموال الناس إلّا من خلال طرق خاصّة مشروعة، تبنى على رضا الطرفين، وجعل حرمته كحرمة قتل الأنفس، وكأنّ هذا القول يتوافق مع الحديث المعروف: "حرمة مال المسلم كحرمة دمه"(3)، وكأنّه يريد القول: إنّ عدم جواز أكل أموال الناس وحرمته متفرّع عن كونهم مسلّطين عليها. مراده أنّ تصرّف الغير بإذن المالك هو إعمال للسلطنة بالإذن .
وفيه أنّه لا ريب في دلالة الآيتين الكريمتين على حرمة مال المسلم، وهذا المعنى يختلف عمّا يُراد إثباته في قاعدة السلطنة، فقاعدة احترام مال المسلم، وقاعدة السلطنة مستقلّتان عند العقلاء وفي الشريعة - دليلاً وملاكاً (4) - فإنّ قاعدة السلطنة قاعدة عقلائيّة هي من أحكام المالكيّة عند العقلاء، فالمالك للشيء مسلّط عليه بأنحاء التسلّط عندهم، وقد أمضاها الشارع وأنفذها بقوله في النبوي المشهور: "الناس مسلّطون على أموالهم"، وقاعدة حرمة المال عبارة عن كونه في حريم المملوكيّة ومحترماً، لا يجوز لأحد التصرّف فيه بلا إذن من مالكه، ومع الإتلاف كان ضامناً. وهذا غير سلطنة المالك على ماله وجواز دفع الغير عن التصرّف فيه، وهذه أيضاً قاعدة عقلائيّة أمضاها الشارع، والدليل عليها روايات كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فإنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلّغت؟"(5) ، فينبغي عدم الخلط بينهما.
ثانياً: أدلّة القاعدة من السنّة: يمكن الاستدلال على القاعدة بعدّة طوائف من الروايات:
الطائفة الأولى: ما دلّ على أنّ لصاحب المال الحقّ بالتصرّف بماله ما شاء، منها:
- ما عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: "الرجل يكون له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال: هو ماله يصنع ما شاء به إلى أن يأتيه الموت"(6) ، وعنه أيضاً قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن عطيّة الوالد لولده؟ فقال: "أمّا إذا كان صحيحاً فهو ماله يصنع به ما شاء، وأمّا في مرضه فلا"(7) .
- ما عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله، وزاد: "إنّ لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيّاً إن شاء وهبه، وإن شاء تصدّق به، وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت، فإن أوصى به فليس له إلّا الثلث، إلّا أنّ الفضل في أن لا يضيّع من يعوله ولا يضرّ بورثته"(8) .
وتقريب الاستدلال بهذه الطائفة من الروايات أنّها تصرّح بسلطنة صاحب المال على ماله، فيتصرّف فيه كيف شاء، وأنّ كون الشيء (ماله) يكون علّة تامّة في جواز تصرّفاته، ولكنّها ضعيفة سنداً .
الطائفة الثانية: النبويّ المشهور: "الناس مسلّطون على أموالهم"(9)، فهذا النبويّ هو مدلول القاعدة بتمامه وكماله، والقاعدة متّخذة منه، فلا كلام ولا إشكال في تماميّة الدلالة وعموميّتها، كما قال الشيخ الأنصاري رحمه الله: وأمّا قوله عليه السلام: "الناس مسلّطون على أموالهم"، كان عمومه باعتبار أنواع السلطنة، فهو إنّما يجدي فيما إذا شكّ في أنّ هذا النوع من السلطنة ثابت للمالك وماضٍ شرعاً في حقّه أم لا؟ (10).
والإشكال إنّما هو في السند, لأنّ النبويّ مرسل، أضف إلى ذلك أنّه لم يذكر في مصادر الحديث عند الإمامية، فعليه لا يصلح أن يكون هذا النبويّ بعنوانه دليلاً في المقام، ولكنّ الّذي يسهِّل الخطب أنّ مدلوله يُستفاد من الروايات الواردة في أبواب المعاملات. منها: ما رواه الحسن بن علي بن شعبة، عن الصادق عليه السلام، سؤالاً عن معائش الناس، في حديث طويل الذيل: "وكلّ شيء يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كلّه حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته. - إلى أن قال عند بيان وجوه الحلال -: ما يجوز للإنسان إنفاق ماله وإخراجه بجهة الحلال في وجوهه، وما يجوز فيه التصرّف والتقلّب من وجوه الفريضة والنافلة"(11) ، يدلّ هذا الحديث على قاعدة سلطنة المالك بالنسبة إلى ماله، دلالة تامّة كاملة. ولكنّه بما أنّ الحديث مرسل لا يمكن المساعدة عليه تجاه الاستدلال، فلا يُستفاد منه هناك إلّا التأييد للمطلوب .
ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: "سأله رجل من أهل النيل عن أرض اشتراها بفم النيل، وأهل الأرض يقولون: هي أرضهم، وأهل الأسنان يقولون: هي من أرضنا، فقال: "لا تشترها إلا برضا أهلها"(12) . دلّت على عدم جواز الاشتراء بدون ارتضاء المالك، وهذا هو معنى سلطنة المالك على ماله، وكيف كان الأمر فالروايات الدالّة على مدلول القاعدة كثيرة جدًّا، ولا يسعنا المجال لذكرها .
الاستدلال بالسيرة
المدرك المهمّ لهذه القاعدة سيرة المتشرّعة، وسيرة العقلاء:
1- سيرة المتشرّعة:
إنّ بناء المتديّنين والمتشرّعين، بل أهلٍ التقوى، قائم على أنّ لكلّ مالك أن يتصرّف في ملكه بما شاء، ممّا يكشف إنّا(13) عن تلقّي ذلك من الشارع، ولا يحتمل أن يكون هذا السلوك ناشئاً من غفلتهم عن الاستعلام عن حكمه الشرعيّ، وخصوصاً مع ملاحظة حجم السيرة وشمولها وامتدادها. وعلى هذا الأساس يُفسَّر الإجماعُ القائمُ على ذلك، بتقريب أنّه يكشف عن الارتكاز المتشرّعي المتلقّى من المعصوم المعاش سلوكاً، لا رواية مكتوبة .
2- سيرة العقلاء:
فقد استقرّت السيرة عند العقلاء بأنّ صاحب المال مسلّط على ماله تمام التسلّط، ولا تحديد ولا ردع إلّا في مورد الضرر والحرمة، وعليه أفتى الفقهاء بأنّ التمليك بدون إذن المالك باطل، فإنّ بناءهم في كلّ عصر ومصر قائم على أساس أنّ المالك له كلّ حقوق التصرّف في ماله، يتصرّف فيه كيف يشاء، من نقل وهبة ووصيّة وإعارة...إلخ، وليس لأحد أن يزاحمه في ذلك، ولا أن يمنعه عنه، والشارع قد أمضى هذه السيرة، ويكفي للقطع به سكوته، إمّا على أساس العقل (14)، حيث إنّ سكوته وعدم نهيه - مع افتراض عصمته - يكشف إنّاً عن كونها مرضيّة لديه, وإمّا على أساس الظهور الحاليّ المستكشف من كونه شارعاً ومسئولاً عن تبليغ الشريعة, فسكوته - مع افتراض مخالفتها للدين - خلاف ظاهر حاله، مع أنّه لم يصل إلينا ولو برواية ضعيفة تدلّ على نهي الشارع عنها، بل وصل إلينا – ولو بروايات ضعيفة - ما يعزّز الحجّيّة ويؤيّدها. وهذا ما ذكره الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ قاعدة السلطنة قاعدة عقلائيّة هي من أحكام المالكيّة عند العقلاء، فإنّ المالك للشيء مسلّط عليه بأنحاء التسلّط عندهم، وقد أمضاها الشارع وأنفذها بقوله في النبويّ المشهور: الناس مسلّطون على أموالهم"(15) .
_______________
(1) النساء:29 .
(2) البقرة: 18 .
(3) الشيرازي، القواعد الفقهية، م.س، ج2، ص14 .
(4) الملاك: ما في الفعل من مصلحة أو مفسدة .
(5) العاملي، وسائل الشيعة، م.س،ج29، الباب1 من أبواب القصاص في النفس،ح3 .
(6) م.ن، ج19، الباب17 من أبواب أحكام الوصايا،ح1 .
(7) م.ن،ح 11 .
(8) م.ن،ح2 .
(9) المجلسي، بحارالأنوار، م.س، ج2، ح7، ص272 .
(10) الأنصاري، المكاسب (البيع)، م.س، ص83 .
(11) العاملي، وسائل الشيعة،ج12، باب2 م نأبواب ما يكتسب به،ح1، ص 55-57 .
(12) العاملي، وسائل الشيعة،ج12، باب2 م نأبواب ما يكتسب به،ح1، ص 55-57 .
(13) الإنّ: هو كشف المعلول عن علّته .
(14) الأساس العقليّ يقوم إمّا على كون المعصوم مكلّفاً، وإمّا على كونه شارعاً هادفاً، هدفه تبليغ الأحكام بشكلها السليم. فلو كان ما يفعله العقلاء منكراً لنهاهم المعصوم عنه، ولمّا لم ينههم يكشف ذلك عن كونه صحيحاً غير منكر. ولو كان ما يفعله العقلاء ناشئاً عن الجهل لكان الواجب على المعصوم أن يعلّمهم, لأنّ تكليفه تعليم الجاهل. وهذا على أساس كون المعصوم مكلّفاً، ولو فرضناه شارعاً هادفاً، وقد سكت، فهذا يكشف عن كون الفعل لا يتنافى مع هدف الشارع .
(15) روح الله الموسوي الخميني، بدائع الدررفي قاعدة نفي الضرر، م.س، ص127 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|