الخصخصة  

Privatization

إن أهم حدث شغل العالم في عقد الثمانينات مصطلح "الخصخصة" وأن هذا الاهتمام يتواكب مع الأزمة المالية التي اجتاحت العالم في ذلك العقد. وبشكل عام تعني الخصخصة وضع سياسات واستراتيجيات من شأنها تحفيزتحويل نشاطات القطاع العام إلى القطاع الخاص بهدف رفع الكفاءة والفعالية للخدمات والسلع المقدمة لأفراد المجتمع، ويشير أحد الكتاب في هذا الصدد بقوله : " زاد الاهتمام بالتخصصية على أثر التدهور الكبير الذي طرأ على البنية الاقتصادية العالمية ، إن البلاد النامية تواجه عدداً من المشكلات الاقتصادية الحادة ومن ذلك انخفاض أسعار سلع التصدير الرئيسية وما ترتب عليه من تدهور معدل التبادل التجاري، والصدمة البترولية.. وترتب على ذلك كله اختلالات كبيرة خارجية وداخلية بالإضافة إلى تباطؤ ملموس في معدلات النمو وتدخل الخصخصة في باب التصحيحية التي تساعد على إزالة الإختلالات و استعادة معدلات مقبولة للنمو الاقتصادي . 

حقيقة يعود قصب السبق إلى الدعوة لتطبيق الخصخصة، كما يشير إلى ذلك رمز من رموز الإدارة بيتر دراكر (Peter Drueker) حيث نادى بانتهاج سياسة الخصخصة في النشاطات التي تقوم بها الدولة وتقليص دور الدولة في أواخر الستينات الميلادية، لكن الخصخصة كظاهرة سياسية واقتصادية طُبّقت بشكل واسع وملموس في عام ۱۹۷۹م في بريطانيا على يد رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر Thatcher)) ومنذ ذلك التاريخ أصبح الهاجس الذي يشغل الدول المتقدمة والنامية على حد سواء هو تطبيق سياسة الخصخصة على أمل الحد من المشكلات الاقتصادية المتفاقمة التي تواجهها دول العالم .  

مفهوم الخصخصة : Concept of Privatization 

إن مفهوم الخصخصة من المفاهيم المتشعبة التي جذبت اهتمام المتخصصين في حقول المعرفة المختلفة فهناك عدد من الدراسات والندوات العلمية والمؤتمرات الدولية التي سُخّرت لهذا الموضوع. نحن نتناول مفهوم الخصخصة كمفهوم من المفاهيم الحديثة في الإدارة لابد لطالب الإدارة أن يلم به .

إن مصطلح الخصخصة من المصطلحات العلمية الواسعة الانتشار وذات أبعاد مختلفة فالمنظور الإداري بطرح الخصخصة "باعتبارها مجموعة من الخيارات المتاحة أمام المسئولين الحكوميين الذي يسعون إلى تحسين أداء الحكومة " أيضاً تعني "صندوقاً من الأساليب التقنية يمكن للمسئولين الرسميين أن يتناولوا منه الأساليب الأكثر ملاءمة لإنجاز المهام المطلوبة".   

بينما المنظور الاقتصادي يطرح الخصخصة "باعتبارها النتيجة الحتمية للحقائق الكلاسيكية الجديدة التي تملي انكماش دولة الرفاهية (المعتمدة على الدعم الحكومي) بما تتسم به من ضخامة وتشعب" .

أما المنظور السياسي فيطرح مفهوم الخصخصة على أنه "استراتيجية لإعادة تنظيم مؤسسات وعمليات في اتخاذ القرار".

جودمان (Goodman) يرى أن التخصيص هو "عملية تحويل النشاطات الحكومية من ملكية القطاع العام إلى ملكية القطاع الخاص، أو هو تحویل إنتاج السلع والخدمات كلياً أو جزئياً من ملكية القطاع العام إلى ملكية القطاع الخاص " ، في حين يرى باسكال (Pascal) "أن التخصيص يحدث عندما تُحوّل الحكومة مسئولية تقديم الخدمات العامة التي كانت تتولاها إلى شركات خاصة ويدفع المستفيدون بهذه الخدمات أجوراً مقابل الحصول عليها .

يری عفيفي "أن التخصيص هو عبارة عن مجموعة من السياسات التي تستهدف الاعتماد الأكبر على آليات السوق ومبادرات القطاع الخاص والمنافسة في تحقيق الأهداف التنموية والعدالة الاجتماعية" .

يتضح مما سبق أن هناك اختلافاً بين هذه التعاريف التي تم ذكرها آنفاً في شكلها العام لكن من حيث الجوهر والمضمون الحقيقي فهي تنطلق من أساس واحد حيث تعني في مجملها مجموعة السياسات التي تحاول إسناد بعض الوظائف والمهام التي تقوم بها الدولة إلى القطاع الخاص وذلك بهدف تقديم هذه الخدمات إلى المجتمع بكفاءة عالية وهذا يعني تقليص الموارد المالية والبشرية والمادية المستخدمة لتقديم نفس الخدمات التي كانت تُقدم من قبل الدولة.