أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-05
937
التاريخ: 21-5-2021
6310
التاريخ:
2815
التاريخ: 20-10-2019
1796
|
هجرة زينب ربيبة النبي صلّى الله عليه وآله :
إنه بعد شهر من وقعة بدر كانت هجرة زينب ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة. حيث أرسل «صلى الله عليه وآله» زيد بن حارثة ، وأنصاريا آخر ليأتيا بها. كما أن زوجها كان قد أمرها بأن تهاجر إلى أبيها ، وفاء بالشرط الذي شرطه لها حينما أسر في بدر.
وخرج بها جهارا ليسلمها إلى زيد ؛ فأنف القرشيون خروجها من بينهم على هذه الحالة ؛ فخرجوا في طلبها ؛ فأدركوها بذي طوى ؛ فسبق إليها هبار بن الأسود ، فروعها بالرمح ، وكانت حاملا ، فأهراقت الدم ، ولما رجعت طرحت ذا بطنها.
وفي نص آخر : أنه دفعها ، فسقطت على صخرة ، فأسقطت ، وأهراقت الدماء ؛ فلم يزل بها مرضها حتى ماتت (١) ؛ فبرك حموها كنانة بن الربيع ، ونثل كنانته ؛ وتهددهم ، فتكركر الناس عنه ، ففاوضه أبو سفيان ؛ فكان مما قاله له :
«قد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد أبيها ؛ فيظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهارا : أن ذلك عن ذل أصابنا ، وأن ذلك منا وهن وضعف».
ثم طلب منه أن يرجعها إلى مكة ، ثم يسلها سرا ؛ فقبل منه ذلك ، وعاد بها ، ثم أخرجها ليلا ، وسلمها إلى زيد ، فقدم بها على رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وفي نص آخر : أنه لما أرجعها بقيت عند هند بنت عتبة ؛ فكانت تقول لها : هذا بسبب أبيك. فأرسل الرسول «صلى الله عليه وآله» زيد بن حارثة ، ومعه خاتمه علامة لها ، فأعطاه إلى راعي أبي العاص ؛ فأوصله إليها ، فسألته عن مكانه ، ثم خرجت إليه ليلا ، فقدم بها على الرسول «صلى الله عليه وآله» (2).
وفي عام الفتح أرجع الرسول «صلى الله عليه وآله» زينب إلى زوجها ، كما سيأتي إن شاء الله.
وقد أهدر الرسول «صلى الله عليه وآله» دم هبار بن الأسود ورفيقه ، بسبب ما جرى لزينب ، كما ورد في رواية صحيحة على شرط السنن (3). وكما هو معروف ومشهور.
وقبل أن نمضي في الحديث ، لا بد من تسجيل النقاط التالية :
ألف : ما جرى لزينب ، وما جرى لفاطمة عليها السّلام :
قال ابن أبي الحديد المعتزلي : «قلت : وهذا الخبر أيضا قرأته على النقيب (4) أبي جعفر رحمه الله ؛ فقال : إذا كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسلم أباح دم هبار بن الأسود ، لأنه روع زينب ؛ فألقت ذا بطنها ؛ فظهر الحال : أنه لو كان حيا لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها.
فقلت : أروي عنك ما يقوله قوم : إن فاطمة روعت ؛ فألقت المحسن؟!.
فقال : لا تروه عني ، ولا ترو عني بطلانه ؛ فإني متوقف في هذا الموضع ؛ لتعارض الأخبار عندي فيه» (5).
وهكذا ، فلقد خاف أبو جعفر : من أن يتعرض لما تعرض له غيره ممن يروي فضائل أمير المؤمنين ، وأهل البيت «عليهم السلام» لقد خاف على نفسه ، أو لا أقل على مكانته واعتباره ومستقبله العلمي. ولا سيما إذا كانت هذه الرواية تتضمن إباحة دم عدد من كبار الصحابة؟! الذين لبعض الناس فيهم حسن ظن وتعلق عاطفي ، ومحبة ظاهرة.
ب : أين روايات إسقاط المحسن؟! :
وليت شعري ، أين هي تلك الأخبار في إسقاط المحسن ، التي قال عنها أبو جعفر : إنها موجودة ومتعارضة؟! فها نحن لا نجد لها عينا ولا أثرا في كتبهم ومؤلفاتهم اليوم ، إلا القليل مما هو من قبيل هذا التعبير الذي نحن بصدد الحديث عنه.
أليس ذلك يعني : أن هذه الأخبار قد أسقطت ، وقضي عليها ، كغيرها من الكثير مما رأوه يضر بمصالحهم وبعقائدهم؟! وإن كان قد بقي حتى الآن الكثير النافع ، والقاطع لكل عذر ، ولا مجال لأحد أن ينكره ، أو أن يشكك فيه مما ليس فيه حرج بالغ ، أو خزي فاضح.
ولأجل قضية إسقاط المحسن حرفوا كتاب : «المعارف» لابن قتيبة ، فقد قال ابن شهرآشوب المتوفى سنة ٥٨٨ ه :
«وفي معارف القتيبي : «أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي» (6).
وقال الكنجي الشافعي ، المتوفى سنة ٦٨٥ ه : وزاد على الجمهور ، وقال : إن فاطمة «عليها السلام» أسقطت بعد النبي ذكرا ، كان سماه رسول الله «صلى الله عليه وآله» محسنا ، وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل ، إلا عند ابن قتيبة» (7).
ولكن الموجود في كتاب المعارف لابن قتيبة ، المطبوع سنة ١٣٥٣ ه. صفحة ٩٢ هكذا : «وأما محسن بن علي ؛ فهلك وهو صغير». وهكذا في سائر الطبعات المتداولة الآن ، فلماذا هذا التحريف ، وهذه الخيانة للحقيقة وللتاريخ يا ترى؟! (8).
ونسب المقدسي : إسقاط فاطمة لمحسن بسبب ضرب عمر لها إلى الشيعة (9). وهو الذي يظهر من الذهبي والعسقلاني أيضا (10).
ولكن النظّام قد أعلن رأيه في هذه القضية بشكل جعل من الصعب على الشهرستاني تجاهله ، فقال عن النظام ، إنه قال : «إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها» (11).
وذكر البغدادي قول النظام بضرب عمر لفاطمة ، وترك التصريح بأنها أسقطت جنينها (12).
ج : عروة يتنقص فاطمة عليها السّلام ، وموقف السجاد عليه السّلام منه :
وقد روى عروة بن الزبير ما جرى لزينب ، عن عائشة ، وفي آخر كلامها العبارة التالية : «فكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول : هي أفضل بناتي ، أصيبت فيّ.
قال : فبلغ ذلك علي بن الحسين زين العابدين ؛ فأتى عروة ، فقال : ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه ، تتنقص فيه حق فاطمة؟!
فقال عروة : ما أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب : أن أتنقص فاطمة حقا هو لها ، وأما بعد ، فلك أن لا أحدث به أبدا» (13).
لقد كان لا بد لعروة من إنكار : أنه كان يتنقص فاطمة ، ولو بأن يجعل المسؤولية تتوجه إلى عائشة نفسها ؛ لأن تنقص فاطمة «عليها السلام» علنا ، معناه الكفر الصريح ، وتكذيب القرآن ولم يكن ذلك مقبولا ، ولا مستساغا عند عامة المسلمين ، رغم الدعايات الواسعة التي حاولت الحط من كرامة وشأن أهل البيت ، وتعظيم ورفع أعدائهم ومناوئيهم.
ولا نريد أن نزيد هنا شيئا على موقف السجاد «عليه السلام» ، فإنه قد أوضح لنا بما لا مجال معه للشك المرمى والهدف من روايتهم تلك. وقام «عليه السلام» ليؤدي رسالته في نصرة الحق وأهله.
مع الطحاوي في تمحلاته :
ولكن ما يلفت نظرنا هنا هو : أن الطحاوي يحاول أن يؤكد على صحة ما كذبه الإمام السجاد «عليه السلام» ، وأن يجد له التأويل والمخرج ، حتى لقد حكم بأن تفضيل زينب على سائر بناته «صلى الله عليه وآله» إنما هو حينما كانت فاطمة «عليها السلام» صغيرة ، ولم تكن بهذه المنزلة ، ثم وفقت فاطمة إلى الأعمال الصالحة ، وما وهب لها من الذرية ؛ فصارت أفضل (14).
ونقول :
إن ما نعرفه : هو أن فاطمة إنما فضلت على نساء العالمين بنفسها ، وبعملها ، وجهادها هي ، لا بما وهب لها من الذرية ؛ فإن مجرد أن يكون للإنسان ذرية صالحة لا يجعل له امتيازا ، ما لم يكن هو بنفسه شريفا وكريما وفاضلا ، فإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
كما أننا نعرف : أن الطحاوي نفسه يذكر : أن فاطمة لم تكن حينئذ صغيرة ، لأنه يقول : إنها توفيت وعمرها ٢٥ سنة (15) ، مما يعني أن عمرها كان حين هجرة زينب ١٧ سنة.
والغريب هنا أنه يقول : إن كون فضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام ، لا ينافي فضل فاطمة ، لأنه يجوز أن يكون ذلك قبل بلوغ فاطمة (16) ، مع أنه هو نفسه يقول : إن فاطمة كانت أكبر من عائشة بسبع سنين ، لأن النبي توفي وعمر عائشة ١٨ سنة عنده ، وكان عمر فاطمة ٢٥ سنة عنده (وقد قدمنا نحن أن العكس هو الصحيح ، فراجع مباحث أول من أسلم ، حول سبق عائشة إلى الإسلام ، ومباحث العقد على عائشة ، وانتقالها إلى بيت النبي «صلى الله عليه وآله» ..).
ثم أليس البلوغ هو بلوغ تسع سنين؟
وقد كان عمر فاطمة يزيد حينئذ على تسع سنين على جميع الأقوال؟!.
كما أن آية التطهير قد نزلت بعد هجرة زينب بحوالي سنتين فقط ، وقد شملت فاطمة دون زينب وعائشة.
وعلى كل حال ، فإننا لا نستغرب على الطحاوي ولا على غيره هذه التناقضات والغرائب ، فإنما هي «شنشنة أعرفها من أخزم».
__________________
(١) مستدرك الحاكم ج ٤ ص ٤٤ ، وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤٤٦ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢١٦ ، وقال : رواه الطبراني ، وهو مرسل ، ورجاله رجال الصحيح.
(2) راجع في هذه الرواية : ذخائر العقبى ص ١٥٧ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢١٢.
(3) راجع : البداية والنهاية ج ٣ ص ٣٣١.
(4) قد تقدم في غزوة بدر حين الكلام عن فداء الأسرى ، حينما أرسلت زينب بالقلائد بعض ما يعبر عن شخصية أبي جعفر هذا ، فراجع.
(5) شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ١٩٣.
(6) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٣٥٨.
(7) كفاية الطالب ص ٤١٣.
(8) وليراجع كتاب : بانوى كربلاء (فارسي) (ط سنة ١٣٣٩) هامش ص ١٨ و١٩ ، ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام (للمؤلف) ج ١ ص ٢٩.
(9) البدء والتاريخ ج ٥ ص ٢٠.
(10) ميزان الاعتدال ج ١ ص ١٣٩ ، ولسان الميزان ج ١ ص ٢٦٨.
(11) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٥٧ (ط سنة ١٣٨٧ ه.) والمطبوع بهامش الفصل في الملل والنحل ج ١ ص ٧٣ مع تصريحه باسم «المحسن» في هذه الطبعة.
(12) الفرق بين الفرق ص ١٤٧ و١٤٨.
(13) مستدرك الحاكم ج ٤ ص ٤٣ و٤٤ ، وصححه على شرطهما ، وتلخيص المستدرك للذهبي ، وقال : إنه حديث منكر. والبداية والنهاية ج ٣ ص ٣٣١ ، وذخائر العقبى ص ١٥٨ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢١٢ و٢١٣ ، عن الطبراني في الكبير ، وفي الأوسط بعضه ، ورواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٣٧٩ عن المجمع ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٧٤ ، ومختصر تاريخ دمشق ج ٢ ص ٢٦٧ ، ومشكل الآثار ج ١ ص
(14) مشكل الآثار ج ١ ص ٤٦ و٤٧.
(15) مشكل الآثار ص ٤٧ وليراجع ص ٥١.
(16) المصدر السابق ص ٥٣.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|