المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



ماهية التحقيق الابتدائي  
  
6659   11:08 صباحاً   التاريخ: 16-1-2021
المؤلف : جلال ثروت – سليمان عبد المنعم
الكتاب أو المصدر : اصول المحاكمات الجزائية
الجزء والصفحة : ص260- 270
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

تمهيد

التحقيق الابتدائي - بوصفه عملا إجرائية يضم في ثناياه مجموعة إجراءات متعددة . يهدف إلى مواصلة البحث عن الحقيقة في شأن الجريمة الواقعة. لكن هذا البحث التحقيقي يخضع لمبادئ وآليات حرص المشرع على تنظيمها حتى يأتي التحقيق الغاية المرجوة منه. وهكذا فللتحقيق الابتدائي مقصود ينبغي تحديده والكشف عنه، وله مجموعة مبادئ تهيمن عليه وتضبط سير حركته.

ندرس إذن المقصود بالتحقيق الابتدائي أولا، ثم نعرض للمبادئ التي تهيمن على حركته ثانية.

المطلب الأول

المقصود بالتحقيق الابتدائي التعريف بالتحقيق الابتدائي :

التحقيق الابتدائي في الدعوى الجنائية هو عمل إجرائي يضم في ثناياه مجموعة من الإجراءات التي تتخذها سلطة معينة هي سلطة التحقيق؛ وموضوع هذا التحقيق هو الجريمة الواردة في محضر الاستدلالات، والهدف منه كشف الحقيقة بصدد هذه الجريمة والتحقق من مدى نسبتها إلى المتهم المذكور، بغية إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في حالة رجحان أدلة الإدانة، أو إصدار قرار بمنع المحاكمة إذا رجحت أدلة البراءة.

طبيعة مرحلة التحقيق الابتدائي:

يمثل التحقيق الابتدائي الحلقة الوسط في ثلاثية سيرورة الدعوى الجنائية. فهذه المرحلة تعقب مرحلة الاستقصاء التي يقوم عليها رجال الضابطة العدلية، وتسبق مرحلة المحاكمة التي يضطلع بها نضاء الحكم.

ومرحلة التحقيق الابتدائي لازمة ولا غنى عنها في مواد الجنايات.. إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال عرض جناية على المحكمة ما لم يكن قد سبق تحقيقها بواسطة سلطة التحقيق. أما في مواد الجنح والمخالفات ، فالتحقيق ليس إجبارية. ولهذا فقد أن للنيابة العامة - بناء على محضر الاستقصاء (جمع الاستدلالات) - أن تحيل الدعوى الجنائية مباشرة أمام المحكمة المختصة دون عرضها على سلطة التحقيق.

وليس من الضروري أن تنتهي مرحلة التحقيق إلى إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة. فسلطة التحقيق هي سلطة محايدة وموضوعية غايتها ليست إلا تمحيص الأدلة ومحاولة الكشف عن حقيقة الجريمة الواقعة، ومدى صحة نسبتها إلى المنهم. وبالتالي فليس ثمة ما يمنع من أن توقف سيرورة الدعوى الجنائية ونصدر قرارا بمنع المحاكمة إذا ما ارتأت أن الأدلة التي بين يديها، وما توفر لها من حقائق بناء على ما اتخذته من إجراءات، لا يؤكدان ثبوت التهمة في مواجهة المتهم.

الجهة التي بعهد إليها القانون بمهمة التحقيق (قاضي التحقيق):

تسمى الجهة التي تتولى التحقيق بسلطة التحقيق. وقد تجمع هذه السلطة بالإضافة للتحقيق سلطة الادعاء. وقد تستقل بالتحقيق فقط دون الادعاء. وقد أخذ المشرع اللبناني بنظام الفصل بين سلطتي الادعاء

وتتولاها النيابة العامة) وسلطة التحقيق (ويضطلع بها قاضي التحقيق). أما المشرع المصري، فقد عهد بسلطتي الادعاء والتحقيق معا إلى النيابة العامة بصفة أصلية. لكنه أجاز في حالات معنية أن يتولى التحقيق قاضي التحقيق او مستشار التحقيق.

وقد نظم المشرع اللبناني أمور تعيين قضاة التحقيق وتحديد وظائفهم وحدود سلطاتهم، وما يقومون به من معاملات التحقيق في المادة 51 وما بعدها من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

ونظرا لأهمية مرحلة التحقيق، بما قد تسفر عنه سواء من استمرار الدعوى الجنائية، او صرف النظر عنها فقد احاط القانون هذه المرحلة بقيود وضمانات متنوعة. فإجراءات التحقيق لا بد وأن تصدر فقط عن الجهة التي خولها المشرع هذه السلطة، ألا وهي قاضي التحقيق. وبالتالي فلا تعتبر الإجراءات التي يتخذها مأمور الضبط العدلي المندوب من جهة التحقيق من قبيل إجراءات التحقيق. فمأمور الضبط المندوب إنما يستمد سلطته من أمر الندب ذاته وليس من صفته كأمور للضبط .

بل إن الإجراء التحقيقي الذي يتخذه قاضي التحقيق لا بد لصحته من مراعاة بعض القيود والضمانات. وأي إجراء يخالف هذه القيود والضمانات يفقد صفته كعمل تحقيقي، ويلحقه البطلان. من ذلك سماع المحقق شهادة أحد الأشخاص دون سبق تحليفه اليمين؛ أو القيام باستجواب المتهم في غير حضور كاتب للتحقيق يقوم بنفسه بتدوين أقوال المتهم في محضر التحقيق الرسمي.

المطلب الثاني

 المبادئ المهيمنة على التحقيق الابتدائي

تمهيد

ثمة مبادئ ثلاثة تهيمن على مرحلة التحقيق الابتدائي، وتوجه قضاة التحقيق فيما يقومون به من أعمال تحقيقية. وهذه المبادئ تهدف . جميعها - إلى حماية حقوق الدفاع المقررة لمن قدر لهم أن يقفوا موقف الاتهام من ناحية، وإلى ضمان فعالية التحقيق ذاته وبخاصة في كشف حقيقة الجرم الواقع والاتهام المسند من ناحية ثانية . وهذه المبادئ الثلاثة هي:

۱- استقلالية سلطة التحقيق عن سلطتي الادعاء والحكم.

۲- سرية التحقيق.

۳. تدوين التحقيق بإفراغه في محضر رسمي

 

أولا - استقلالية سلطة التحقيق عن سلطتي الادعاء والحكم:

ويتضمن هذا المبدأ جانبين من الاستقلالية : فمن ناحية أولى تستقل سلطة التحقيق عن سلطة الادعاء (أو الاتهام). فلا يجوز أن يعهد بهاتين المهمتين إلى سلطة واحدة لما يتميز به كل واحدة منهما من خصوصية . ومن ناحية ثانية تستقل سلطة التحقيق عن سلطة الحكم فلا يجوز لنفس القاضي أن يشترك في أعمال التحقيق وأعمال المحاكمة عن نفس الدعوى الجنائية.

ويراعى أن الاستقلال لا يعني الاستقلال العضوي: فكل من يضطلع بأعمال الادعاء والتحقيق والمحاكمة هم من القضاة . ولكن الاستقلال يعني الفصل بين المهام الوظيفية أو الموضوعية التي يؤديها أفراد كل سلطة. ومن هنا ندرك أن استقلال سلطة التحقيق يعني الفصل بينها وبين كل من سلطة الادعاء من ناحية، وسلطة الحكم من ناحية أخرى .

١ - الفصل بين سلطة التحقيق وسلطة الادعاء (الاتهام):

ويقصد بذلك تقسيم مهام ومسؤوليات كل من النيابة العامة، وقاضي التحقيق. فالأولى، أي النيابة العامة هي التي تتولى أمر الادعاء أو الاتهام وتحريك الدعوى الجنائية إلى قاضي التحقيق. ومتى دخلت هذه الدعوى الجنائية في حوزة قاضي التحقيق كان له مباشرة كافة الأعمال التحقيقية الخاصة بكشف الحقيقة والبحث عن مدى نسبة الاتهام بارتكابها إلى الشخص المقدم أمامه.

والقاعدة أن قاضي التحقيق لا يمكنه الاضطلاع من تلقاء نفسه بأعمال التحقيق؛ فليس له إذن مبادأة اتخاذ أي إجراء تحقيقي قبل أن يحرك النائب العام الدعوى الجنائية أمامه. والاستثناء الوحيد الذي يرد على هذه القاعدة هو حالة الجرم المشهود. فيكون لقاضي التحقيق إذا وقع جرم مشهود حق اتخاذ أي عمل تحقيقي بمبادرته الفردية دون انتظار الادعاء النيابة العامة. والعلة في ذلك واضحة: وهي أن حالة الجرم المشهود تنطوي في ذاتها على عنصر السرعة والخوف من ضياع الأدلة أو العبث بمعالم الجريمة.

ولربما كان مبرر الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق هو الخشية من انسياق المدعي العام إلى التمسك بالقناعة التي تكونت لديه بشأن الاتهام إذا ما عهد إليه بأمر التحقيق أيضا. فقد يواصل التشبث برأيه في اتهام الشخص بما قد يحمله ذلك من مخاطر المساس بحقوق دفاع المتهم. وقد أخذ المشرع اللبناني مبدأ الفصل بين سلطتي التحقيق والادعاء عن المشرع الفرنسي (1).

والحق لدينا أن مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق وإن كان يحقق ظاهرية ضمانة احترام حقوق الدفاع. إلا أن العبرة في ذلك ليست بتخصيص جهة مستقلة للتحقيق، بقدر ما تتمثل في وضع قيود وضمانات موضوعية تضمن بنزاهة التحقيق واحترام الحقوق والحريات الفردية . فقاضي النيابة العامة، وقاضي التحقيق، كلاهما من هذه الناحية سواء . فهما اللذان يسيران إجراءات التحقيق، وبالتالي فاحترامهما للقيود والضمانات الخاصة نزاهة التحقيق لا يتأتى بالحتم من الشكل القانوني الذي يعملان من خلاله، وإنما ينبع من الحقيقة القواعد الموضوعية التي يلتزمان بها. فرب فضاء مستقل للتحقيق يكون أقل غيرة على احترام الحقوق والحريات الفردية، وأقل حرصا على حيادية وموضوعية ما يتخذه من أعمال؛ ورب سلطة تجمع بين الاتهام والتحقيق معا تكون أكثر غيرة على احترام هذه الحقوق والحريات، وأكثر حرصا على حيادتها وموضوعها فيما يصدر عنها من أعمال.

 

۲ - الفصل بين سلطة التحقيق وقضاء الحكم :

ويقصد بذلك أنه لا يجوز أن يشترك في المحاكمة، أو في بعض من مداولاتها كل قاض يكون قد سبق قيامه بالتحقيق في القضية ذاتها المعروضة أمام المحكمة. فليس من الملائم أن يجمع الشخص بين صفته كمحقق إبان التحقيق الابتدائي، وصفته كقاضي حكم يقوم بنظر الدعوى الجنائية والحكم فيها.

ويستخلص هذا المبدأ مما نصت عليه المادة 52 من قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني التي تقول.... ولا يجوز لقاضي التحقيق أن ينظر أو يحكم بالدعوى التي حقق فيها». .

ويزيد الفقه اللبناني سريان مبدأ حظر الجمع بين صفتي المحقق الابتدائي، وقاضي الحكم فيما يتعلق بقضاة الهيئة الاتهامية. فلئن لم يرد ذكر هؤلاء القضاة صراحة في نص المادة 52 السابق الإشارة إليها، إلا أن هذا لا يمنع من إخضاعهم لنفس الحكم السابق . وبالتالي يمتنع على قضاة الهيئة الاتهامية أن ينظروا كقضاة حكم نفس الدعوى الجنائية التي سبق لهم الإشراف على أعمال التحقيق فيها، أو نظر الطعن في القرارات الصادرة  فيها(2).

والعلة في ضرورة فصل سلطة التحقيق عن قضاء الحكم هي ضمان أكبر قدر من الحيادية والموضوعية فيمن يشترك في المحاكمة كقاضي حكم. فهذا الأخير قد يتأثر بما سبق أن اتخذه من قرارات، أو بما تكون لديه من قناعات بشان الدعوى الجنائية التي سبق له القيام بالتحقيق فيها . فهو قد يميل عند المحاكمة إلى رأيه السابق الذي اتخذه إبان التحقيق.

ثانيا - سرية التحقيق:

يقصد بسرية التحقيق أن تتم إجراءات التحقيق في غير علانية .

ويعتبر ذلك مظهرا من مظاهر النظام التنقيبي أو التحقيقي. ومع ذلك يختلف نطاق سرية التحقيق بحسب ما إذا تعلق الأمر بالجمهور أو بالخصوم أطراف الدعوى الجنائية ووكلائهم.

1- مدى سرية التحقيق بالنسبة للجمهور : المبدأ هو السرية مطلقة :

من المبادئ المهيمنة على التحقيق الابتدائي سريته، أي عدم القيام به في علانية بالنسبة لكافة الأفراد من الجمهور. وعلة ذلك لا تخفى على أحد: فعلانية التحقيق والسماح بحضوره للجمهور تنطوي على مخاطر الإلمام بتفاصيل هذا التحقيق وهي لم تصل بعد إلى غايتها (كشف الحقيقة). وقد يؤدي ذلك إلى التأثير على الشهود أو التلاعب بآثار الجريمة، وأدلتها، أو العبث بمعالم الجريمة.

بل إن مبررات سرية التحقيق بالنسبة للجمهور تشمل ضرورة حماية المتهم من التشهير به، لا سيما والأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم من محكمة مختصة. فاحترام قرينة البراءة يتعارض مع علانية التحقيق. يضاف إلى ذلك الخوف من تأثير الرأي العام على المحقق خاصة مع ذيوع تفاصيل التحقيق.

ويظل المبدأ هو سرية التحقيق مطلقا بالنسبة لكافة طوائف الجمهور من أفراد عاديين، أو من صحافيين، أو من غيرهم من أقارب المجني عليه أو المتهم. وتبقى السرية قائمة حتى تحال الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة، فينسحب مبدأ السرية ويحل محله مبدأ علانية المحاكمة.

والإخلال بمبدأ السرية وإجراء التحقيق في علانية لا يؤدي إلى بطلان ما تم اتخاذه من إجراءات تحقيقية . وكل ما يترتب من أثر على علانية التحقيق هو التهوين - لربما - من قيمة الدليل الناشئ عن التحقيق العلني.

وعلى أية حال، فقد كان المشرع اللبناني حريصة على توكيد الالتزام بسرية التحقيق بالنسبة للجمهور إلى حد تجريمه ومعاقبته لإفشاء أسرار التحقيق الابتدائي (م 579 ع .ل).

۲ - مدى سرية التحقيق بالنسبة للخصوم أطراف الدعوى الجنائية ووكلائهم: المبدأ هو علانية التحقيق.

المبدأ العام أن التحقيق الابتدائي هو علانية بالنسبة لسائر الخصوم في الدعوى الجنائية، بل ووكلائهم. فمن حق المجني عليه، والمدعي بالحق المدني (المضرور من الجريمة)، والمتهم وكذلك وكلائهم حضور كافة إجراءات التحقيق.

وعلة تقرير مبدأ علانية التحقيق الابتدائي في حضور الخصوم تتمثل في عدم حرمان هؤلاء من متابعة إجراءات التحقيق بهدف دحض ما قد يوجه إليهم من اتهامات، ونفي ما قد يوجد من أدلة في مواجهتهم (بالنسبة للمتهم أو وكيله). كذلك منح المجني عليه أو المدعى بالحق المدني فرصة تدعيم الأدلة بما يعين سلطة التحقيق على الكشف عن الحقيقة. وفي كافة الأحوال، فإن حضور الخصوم ووكلائهم يمثل نوعا من أنواع الرقابة على إجراءات التحقيق.

الاستثناء هو سرية التحقيق بالنسبة للخصوم :

إذا كان المبدأ العام هو علانية التحقيق بالنسبة للخصوم أطراف الدعوى الجنائية ووكلائهم، فإن هذه العلنية تنحسر وتحل محلها السرية مرة ثانية .

ويشترط لإعمال سرية التحقيق بالنسبة للخصوم على سبيل الاستثناء أن يكون هناك ما يبرز هذه السرية. وتكون سرية التحقيق مشروطة بأمرين: توافر حالة الاستعجال، أو إذا فرضت ذلك مصلحة التحقيق.

أ. حالة الاستعجال : يجوز إعمال سرية التحقيق الابتدائي في مواجهة الخصوم إذا توافرت إحدى حالات الاستعجال التي تبرر ذلك. فانتقال المحقق إلى مكان وقوع الجريمة التي وقعت توا لمعاينة الحادث يمكن أن يتم في غير حضور الخصوم؛ حيث لا يتصور انتظار حضور الخصوم؛ بل يجب الانتقال فورا للمعاينة للحيلولة دون العبث بالأدلة أو التلاعب بمعالم الجريمة. كما يجوز سماع شهادة الشخص الذي بوشك على الموت ولو في غير حضور الخصوم.

ولكن حالة الاستعجال التي تجيز سرية التحقيق مشروطة بكون اتخاذ الإجراء فورة يهدف إلى الكشف عن الحقيقة. كما أن سرية التحقيق لا تحول دون حق الخصوم في الاطلاع على كافة الإجراءات المدونة بمحضر التحقيق والتي تم اتخاذها في غيبتهم. كما أن المقصود بالسرية في مواجهة الخصوم مجرد جواز القيام بالتحقيق في غيبتهم، وبالتالي فإذا حضر أحدهم لا يجوز منعه من الحضور .

ب . مصلحة التحقيق : ويقصد بذلك أن يقدر المحقق ملاءمة اتخاذ إجراء ما في غيبية الخصوم، لما في حضورهم من تأثير على فعالية التحقيق وضمان الكشف عن الحقيقة. ومثال ذلك أن يقرر المحقق سماع الشاهد في غير حضور المتهم إذا كان الأول بعمل خادمة للثاني، أو يخضع لنفوذه، أو يستشعر حرجة أدبية في الإدلاء بشهادته أمام المتهم لما بينهما من صلة. والأمر متروك في نهاية الأمر لتقدير المحقق على ضوء مصلحة التحقيق ذاتها.

ثالثا - تدوين التحقيق بإفراغه في محضر رسمي:

يقصد بتدوين التحقيق أن يكون هناك محضر رسمي تثبت فيه كافة الإجراءات والأوامر الصادرة عن سلطة التحقيق، بواسطة كاتب التحقيق، على أن يشتمل هذا المحضر على بيانات معينة.

1- وجود محضر رسمي لإثبات كافة الإجراءات والأوامر الصادرة عن سلطة التحقيق : ويقصد بذلك أنه لا يجدي اتخاذ الإجراء التحقيقي من الناحية الفعلية دون إثباته في محضر رسمي. كما لا يجدي الأمر الشفهي بالتوقيف الاحتياطي أو بالتفيش مثلا. وإنما ينبغي تدوين هذه الإجراءات والأوامر في محضر رسمي هو محضر التحقيق.

ولا يعني ذلك بداهة وجود محضر رسمي واحد، فمن المتصور أن  يستغرق إثبات الإجراءات والأوامر الصادرة عن سلطة التحقيق أكثر من محضر.

وللمحضر الرسمي الذي تدون فيه أعمال التحقيق أهمية بالغة، إذ يترتب على تخلف التدوين في محضر انعدام الإجراء أو الأمر الصادر عن المحقق. ولا يقدح في ذلك أن يشهد المحقق بحصول الإجراء أو بإصدار الأمر غير المدون. ويترتب على ذلك أن الأمر الصادر بالتوقيف الاحتياطي (الحبس الاحتياطي) الذي لا يدون في محضر رسمي يكون منعدمة من الناحية القانونية ولا يرتب أي أثر فيما يتعلق بسيرورة الدعوى الجنائية(3) .

٢. تدوين المحضر بواسطة كاتب للتحقيق:

القاعدة أن المحقق لا بد وأن يصحب معه كاتبا بتولی تدوین المحضر حتى يتفرغ المحقق للتحقيق ذاته بوصفة عمة ذهنية خالصة. ويستخلص هذا الشرط مما نص عليه القانون صراحة. وفي هذا المعنى تنص المادة 57 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على ضرورة أن يصطحب قاضي التحقيق كاتبة معه عندما ينتقل إلى موقع الجريمة.

واصطحاب كاتب لتدوين محضر للتحقيق الرسمي ضرورة حتى في الحالة التي يضطلع فيها بالعمل التحقيقي أحد رجال الضبط المندوبين في ذلك من قبل سلطة التحقيق. فعلى مأمور الضبط أن يصحب معه كاتبة التدوين ما يتخذه من إجراءات في محضر رسمي.

وليس المقصود بتدوين المحضر بواسطة كاتب التحقيق أن يتم ذلك بالحتم من جانب الموظف المختص بالفعل بتدوين محاضر التحقيق.

وإنما يكفي أن يقوم المحقق بندب أي شخص آخر لتدوين المحضر، ولو لم يكن هو الموظف المختص فعلا بهذا العمل.

وتجدر الإشارة إلى أن مبدأ تدوين إجراءات التحقيق في محضر لا يشمل بطبيعة كافة الإجراءات والأوامر المتخذة من سلطة التحقيق. فهناك من الإجراءات ما يلزم فيه بالضرورة تحرير محضر كاستجواب المتهم، والانتقال لمعاينة مكان وقوع الجريمة، وسماع شهادة الأشخاص. لكن ثمة «أوامره للتحقيق يكفي تدوينها من جانب المحقق نفسه دون حاجة إلى إثباتها في محضر رسمي من جانب كاتب التحقيق، ومثال ذلك أوامر القبض والتفتيش والتوقيف الاحتياطي.

ويترتب على عدم استصحاب المحقق لكاتب التحقيق بطلان الإجراء المتخذ لكن هذا البطلان نسبي لا يتقرر إلا لمصلحة الخصوم فقط . وبالتالي فلا يجوز التمسك بالدفع الناشئ عن هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة التمييز، بل يتعين إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإلا سقط الحق في التمسك به. وفي كافة الأحوال فإن بطلان الإجراء التحقيقي المتخذ لعدم استصحاب كاتب للتحقيق لا يفقد هذا الإجراء قيمته باعتباره من إجراءات الاستدلال وذلك في الحالة التي يجمع الشخص متخذ الإجراء بين صفة المحقق وصفة رجل الضبط معا.

٣- اشتمال المحضر على بيانات معينة :

مضمون محضر التحقيق الرسمي هو إثبات كافة الإجراءات التي اتخذها المحقق من انتقال للمعاينة، وسماع الشهود، والاستجواب... الخ. ولكن يجب أن يشتمل محضر التحقيق بالإضافة إلى ذلك على إثبات تاريخ تحريره، والساعة التي حرر فيها. كما يلزم توقيع المحقق والكاتب على كافة صفحات المحضر .

ولا شك أن لهذه البيانات أهميتها: إذ أن إثبات تاريخ تدوين المحضر يفيد في تحديد وقت قطع التقادم. كما أن مذكرات الجلب والإحضار (أوامر الضبط والإحضار) ينبغي تنفيذها خلال مدة معينة من تاريخ صدورها، وإلا سقط الحق في اتخاذها .

__________

1- وعلى خلاف ذلك، فإن النيابة العامة في مصر تجمع في بدها بين سلطتي الاتهام والتحقيق كقاعدة عامة. لكن يجوز أن يعهد بتحقيق الجنايات إلى قاض للتحقيق أو مستشار للتحقيق. وعلى أي حال، فإن أمر التحقيق في الجنايات مرهون باحترام قواعد وقيود معينة الكفالة احترام حقوق الدفاع وحريات الأفراد؛ بستري بعد ذلك أن يتولى هذا التحقيق عضو من أعضاء النيابة العامة أو قاض للتحقيق.

2- د. عاطف النقيب، أصول المحاكمات الجزائية، دراسة مقارنة، منشورات عويدات، بيروت، 1986، ص437.

3- يلاحظ أنه ليس المقصود بتدوين الإجراء وجود نسخة من المحضر الرسمي بالفعل. فقد بدون الإجراء، ولكن المحضر الدال على التدوين يفقد لسبب أو لآخر. فعدم تدوين الإجراء ابتداء برتب الانعدام من الناحية القانونية؛ أما تدوين الإجراء، ولكن فقد المحضر المثبت فيه هذا الإجراء، فذلك لا يرتب الانعدام. ويكون للمحكمة أن نستوثق من حصول الإجراء بأي دليل آخر.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .