أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-12-2016
2685
التاريخ: 11-5-2017
4068
التاريخ: 20-2-2017
6672
التاريخ: 1-3-2017
13667
|
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة : 254] .
لما قص الله سبحانه أخبار الأمم السابقة وثبت رسالة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) عقبه بالحث على الطاعة فقال {يا أيها الذين آمنوا} أي صدقوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيما جاء به {أنفقوا مما رزقناكم} قيل أراد به الفرض كالزكاة ونحوها دون النفل لاقتران الوعيد به عن الحسن ولأن ظاهر الأمر يقتضي الإيجاب وقيل يدخل فيه النفل والفرض عن ابن جريج واختاره البلخي وهو الأقوى لأنه أعم ولأن الآية ليس فيها وعيد على ترك النفقة وإنما فيها إخبار عن عظم أهوال يوم القيامة وشدائدها {من قبل أن يأتي يوم} أي يوم القيامة {لا بيع فيه} أي لا تجارة {ولا خلة} أي ولا صداقة لأنهم بالمعاصي يصيرون أعداء وقيل لأن شغله بنفسه يمنع من صداقة غيره وهذه كقوله الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين {ولا شفاعة} أي لغير المؤمنين مطلقا فأما المؤمنون فقد يشفع بعضهم لبعض ويشفع لهم أنبياؤهم كما قال سبحانه ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ومن ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه {والكافرون هم الظالمون} إنما ذم الله الكافر بالظلم وإن كان الكفر أعظم منه لأمرين :
( أحدهما ) الدلالة على أن الكافر ضر نفسه بالخلود في النار فقد ظلم نفسه ( والآخر ) أنه لما نفي البيع في ذلك اليوم والخلة والشفاعة وأخبر أنه قد حرم الكافر هذه الأمور قال وليس ذلك بظلم منا بل الكافرون هم الظالمون لأنهم عملوا بأنفسهم ما استحقوا به حرمان هذه الأمور ووجه آخر في (2) تخصيص الكافر بالظلم وهو إن ظلم الكافر هو غاية الظلم وليس يبلغ ظلم المؤمنين لأنفسهم وغيرهم مبلغ ظلم الكافرين ونظيره قول القائل فلان هو الفقيه في البلد وفلان هو الفاضل ويراد به تقدمه على غيره فيما أضيف إليه .
___________________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج2 ، 155-156 .
2- [فائدة] .
حث اللَّه سبحانه على بذل المال في أساليب شتى ، وسبق تفسير قوله : {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهً قَرْضاً حَسَناً} الآية 245 وغيرها ، وأيضا يأتي نظير ذلك ، وفي هذه الآية : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ} حث على الإنفاق مع الإشارة إلى أن ما في يد الناس من مال هومن عطائه سبحانه ، وان غدا تفلت منهم الفرصة ، وعلى المؤمن العاقل أن يغتنم قبل فوات الأوان .
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَةٌ} . المراد بالبيع هنا الفدية بالمال من النار ، وبالخلة المودة التي تستدعي التساهل والتسامح ، وبالشفاعة التوسط للخلاص من العذاب . . والقصد ان الإنسان يجيء غدا وحده أعزل من كل شيء إلا من العمل الصالح . وتفيد هذه الآية نفس المعنى الذي تفيده الآية 48 من هذه السورة : {واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ} . وتكلمنا عن الشفاعة عند تفسير هذه الآية ، فقرة الشفاعة .
{والْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لأنفسهم بترك العمل الصالح الذي ينجيهم من العذاب ، ومن فعل فعلهم يكون ماله مالهم . . وتجمل الإشارة إلى أن الظلم والكفر يتواردان في الاستعمال على معنى واحد ، فتارة يستعمل الكفر في الظلم ، كما في الآية 13 من سورة لقمان : {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} . وقوله هنا : والكافرون هم الظالمون . وتارة يستعمل الظلم في الكفر ، كما في الآية 33 - الانعام : {ولكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} .
_____________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص390 .
الإنفاق من أهمّ أسباب النجاة يوم القيامة :
بعد أن تحدّثت الآيات السّابقة عن الاُمم الماضية وجهاد حكوماتها الإلهيّة والإختلافات الّتي حدثت بعد الأنبياء (عليهم السلام) تخاطب هذه الآية المسلمين وتشير إلى أحد الواجبات المهمّة عليهم الّتي تسبّب في تقوية بنيتهم الدّفاعيّة وتوحّد كلمتهم فتقول : {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم} .
جملة {ممّا رزقناكم} لها مفهوم واسع حيث يشمل الإنفاق الواجب والمستحب ، وكذلك الإنفاق المعنوي كالتعليم وأمثال ذلك ، ولكن مع الإلتفات إلى التهديد الوارد في ذيل الآية لا يبعد أن يكون المراد به الإنفاق الواجب يعني الزكاة وأمثالها ، مضافاً إلى أنّ الإنفاق الواجب هو الّذي يعزّز بيت المال ويقوّم كيان الحكومة ، وبهذه المناسبة يشير تعبير (ممّا) أنّ هذا الإنفاق يكون بجزء من المال الّذي يملكه الشخص لا كلّه .
وقد رجّح المرحوم (الطبرسي) في مجمع البيان شموليّة الآية للإنفاق الواجب والمستحب ، وذهب إلى أنّ ذيل الآية لا يُعتبر تهديداً ، بل هو إخبار عن الحوادث المخوفة يوم القيامة (2) .
ولكن مع ملاحظة آخر جملة في هذه الآية الّتي تقول إنّ الكافرين هم الظالمون يتضح أنّ ترك الإنفاق نوع من الكفر والظلم ، وهذا لا يكون إلاّ في الإنفاق الواجب .
ثمّ تضيف الآية {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ } [البقرة : 254] (3) .
عليكم أن تنفقوا ما دمتم اليوم قادرين على ذلك ، لأنّ العالم الآخر الذي هو محلّ حصاد ما زرعتموه في الدنيا لن يتسنى لكم فيه أن تفعلوا شيئاً ، فلا معاملات ولا صفقات تجارية تستطيعون بها أن تشتروا السعادة والخلاص من العقاب ، ولا هذه الصداقات المادّية التي تكسبونها في الدنيا بأموالكم تنفعكم في شيء هناك ، لأنّ أصدقاءكم أنفسهم يعانون نتائج أعمالهم ولا يدفعون من أنفسهم للآخرين ، ولا تنفعكم شفاعة ، لأنكم بتخلّفكم حتّى عن الإنفاق الواجب لم تفعلوا ما هو جدير بأن يشفع لكم . وعليه فإنّ جميع أبواب النجاة مسدودة بوجوهكم .
(والكافرون هم الظالمون) لأنهم بتركهم الإنفاق والزكاة يظلمون أنفسهم ويظلمون الناس .
ويريد القرآن في هذه الآية أن يوضّح ما يلي :
أولاً : إنّ الكافرين يظلمون أنفسهم ، فبتركهم الإنفاق الواجب وسائر التكاليف الدينية والإنسانية حرموا أنفسهم من أعظم السعادات ، وأنّ أعمالهم هذه هي التي تثقل كواهلهم في العالم الآخر ، لذلك فإنّ الله لم يظلمهم أبداً .
ثانياً : يظلم الكافرون أفراد مجتمعهم أيضاً ، لأنّ الكفر منبع القسوة وتحجّر القلب والتمسّك بالمادة وعبادة الدنيا ، وهذه كلّها من مصادر الظلم ، لابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الكفر في الآية يعني التمرّد والعصيان والتخلّف عن إطاعة أمر الله لورود الكلمة بعد الأمر بالإنفاق . واستعمال الكفر بهذا المعنى شائع في القرآن وغيره من النصوص الإسلامية .
________________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج2 ، ص77-78 .
2 ـ مجمع البيان : ج 1 وج 2 ص 360 .
3 ـ «خُلّة» مأخوذة من مادة «خلل» بمعنى الفاصلة بين شيئين وبما أن المحبّة والصداقة تحل في وجود الإنسان وروحه وتملأ الفواصل لذا اُطلقت هذه المفردة على الصداقة العميقة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|