ما تفسير قول الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة (...والزموا السواد الأعظم) مع قيام المنهج القرآني بأنّ الأحقّية غالباً في الأقلّية ؟ |
1714
11:41 صباحاً
التاريخ: 10-12-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2020
1697
التاريخ: 10-12-2020
1715
التاريخ: 10-12-2020
1289
التاريخ: 10-12-2020
8094
|
السؤال : مع قيام المنهج القرآني بأنّ الأحقّية غالباً في الأقلّية ، كيف يوجّه كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة : ومن كلام له عليه السلام ، وفيه يبيّن بعض أحكام الدين ، ويكشف للخوارج الشبهة ، وينقض حكم الحكمين :
« فإن أبيتم إلاّ أن تزعموا أنّي أخطأتُ وضللتُ ، فلم تضلّلون عامّة أُمّة محمّد صلى الله عليه وآله بضلالتي ، وتأخذونهم بخطئي ، وتكفّرونهم بذنوبي ... والزموا السواد الأعظم ، فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإيّاكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان ، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب » (1).
هذا النصّ ، وقد استغله الإخوة الأشاعرة عندنا للإشارة إلى أنّ أحقّية أهل السنّة تنبع من كونهم السواد الأعظم وبنصّ أمير المؤمنين ، فما قولكم يا مولانا؟
الجواب : نلفت انتباهكم إلى النكات التالية :
1 ـ إنّ هذه الخطبة ليس لها سند معتبر ، ولم يقل أحد بصحّة كُلّ ما جاء في نهج البلاغة ، فلابدّ من استخراج أسانيد كُلّ خطبة فيه.
2 ـ إنّ الخطبة قد وردت في ردّ الخوارج المارقين ، فلابدّ من ملاحظة المخاطبين في فهم كلامه عليه السلام ، وذلك ليلزمهم بما ألزموا به أنفسهم.
ويمكن أن يكون المراد من السواد الأعظم المذكور في الخطبة هو : أتباعه ومن بايعه ، وبعبارة واضحة : أنّ الإمام عليه السلام يريد أن ينبّه الخوارج بالرجوع إلى الخطّ العام الذي كانوا عليه قبل انحرافهم ، ويدلّ على هذا المعنى أن نعرف أنّ المسلمين في تلك الفترة قد انقسموا إلى ثلاث طوائف :
الأُولى : هم أصحاب الإمام عليه السلام ومن بايعه من عامّة الناس.
الثانية : أصحاب معاوية.
الثالثة : هم الذين انشقّوا من معسكر الإمام عليه السلام ، واتبعوا أهواءهم ، فضلّوا وأضلّوا.
فحينئذٍ هل يعقل أنّ الإمام عليه السلام ينصح هذه الفئة الثالثة بالرجوع إلى أصحاب معاوية؟ فلا يبقى إلاّ القول بأنّه عليه السلام كان يوبّخهم لخذلانهم الحقّ ، وهم الطائفة الأُولى ، الذين سمّاهم بالسواد الأعظم ، ويريد منهم أن لا يفترقوا عنها.
3 ـ إنّ هذا المعنى يتبيّن بوضوح من السياق الموحد في الخطبة ، إذ يذكر الإمام في الفقرة السابقة : « وخير الناس فيّ حالاً النمط الأوسط فالزموه ».
ثمّ يقول مباشرةً بعدها : « والزموا السواد الأعظم ، فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإيّاكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان ... » ، فمن مجموع هذه الفقرات المتتالية يمكننا معرفة مقصود الإمام من عبارة : « السواد الأعظم ، والجماعة ، والفرقة ، والشذوذ » ، فنعرف أنّ المشار إليه في تلك المقاطع مجموعات معيّنة ، أي : أن « أل » المذكور في كُلّها للعهد لا للجنس.
ويدلّ على هذا الاستعمال بعض الروايات التي وردت في توضيح تلك الكلمات ، فمنها : أنّ رجلاً سأل علياً عليه السلام عن السنّة والبدعة والفرقة والجماعة؟
فقال : « أمّا السنّة فسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمّا البدعة فما خالفها ، وأمّا الفرقة فأهل الباطل وإن كثروا ، وأمّا الجماعة فأهل الحقّ وإن قلّوا » (2).
ومنه يظهر أنّ تعريفه عليه السلام لتلك الفقرات هو تعريف خاصّ ، يجب ملاحظته في فهم كلامه عليه السلام في المقام.
4 ـ وأخيراً : توجد في نفس نهج البلاغة كلمات وخطب أُخرى تصرّح باحتمال تواجد الحقّ مع القلّة ، مثل : « لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله » (3) ، أو « إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة » (4).
وعليه ، فيجب أن نفهم كلام الإمام عليه السلام في المقام بشكل يتّفق مع كلماته وخطبه في سائر الموارد.
__________________
1 ـ شرح نهج البلاغة 8 / 112.
2 ـ تحف العقول : 211.
2 ـ شرح نهج البلاغة 10 / 261.
3 ـ المصدر السابق 9 / 95.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|