المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



تزويج سعيد بن المسيب (1)  
  
2031   04:51 مساءً   التاريخ: 24-11-2020
المؤلف : حسين هادي الشامي
الكتاب أو المصدر : زواج بغير اعوجاج
الجزء والصفحة : ص115ـ116
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مقبلون على الزواج /

إنه شخصية إسلامية مشهورة ، فقد خطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته إلى ولي عهده « الوليد بن عبد الملك » ، وكانت من أحسن النساء جمالا وكمالا وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله ، ولكن سعيد بن المسيب لم يتردد في الاعتذار عن ذلك ، وأصر عليه رغم ما أوقعه به عبد الملك من إيذاء ، حتى ضربه مائة سوط لما عرف به الوليد من مجون واستهتار. وعاد سعيد بن المسيب إلى المدينة المنورة فزاره عبدالله بن أبي وداعة أحد تلامذته فسأله عن حاله ، وعلم منه وفاة زوجته فقال له : « هلا استحدثت امرأة ؟ » فقال : يرحمك الله تعالى ، ومن يزوجني وما أملك سوى درهمين أو ثلاثة ؟! فقال له سعيد : أنا أزوجك ..! قال : وتفعل ؟! قال : نعم. فزوجه ابنته على درهمين أو ثلاثة. وهكذا آثر سعيد بن المسيب الفقير التقى الذي توفرت له الكفاءة في الدين على الأمير الغني الذي يفتقر إليها. ولم يكتف بذلك بل بلغ به الاطمئنان والثقة في دين ذلك الفقير.

يقول عبدالله بن أبي وداعة : « فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح .. فصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين ؟ فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي ، فأسرجت وكنت صائما فقدمت طعامي لأفطر وكان خبزاً وزيتا ، وإذا بابي يقرع فقلت : من هذا ؟ قال : سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب ، وذلك أنه لم يُر أربعين سنة إلا بين داره والمسجد. فخرجت إليه فإذا به سعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له. فقلت : يا ابا محمد .. لو أرسلت إليّ لأتيتك. فقال : لا .. أنت أحقّ أن تؤتى. قلت : فما تأمر ؟ قال إنك كنت رجلا عزباً فتزوّجت ، فكرهت أن تبيت هذه الليلة وحدك. وهذه امرأتك ..!! وإذا هي قائمة خلفه في طوله. ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب وردّه ، فسقطت المرأة من الحياء. فصعدت السطح وناديت الجيران فجاءوني وقالوا : ما شأنك ؟ قلت : ويحكم !! زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم !! وقد جاء بها الليلة على غفلة. فقالوا : أو سعيد زوجك ؟!! قلت : نعم. قالوا : وهي في الدار ؟!! قلت : نعم. فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام. فأقمت ثلاثا ثم تزوجتها ، فإذا هي من أجمل النساء وأحفظ الناس لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأعرفهم بحق الزوج. فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان بعد الشهر أتيته وهو في حلقته العلمية ، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام ولم يكلّمني حتى تفرق الناس من المجلس. فقال : ما حال ذلك الإنسان ؟ فقلت : بخير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو. فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم ». فما أعظم اطمئنان ذلك الوالد إلى مصير ابنته ، حتى إنه لم يفكر في استقصاء أحوالها لأنّه علم أنها في كنف رجل تقى يخشى الله تعالى ، ويعرف حقها عليه ، ومكانتها منه.

أيها الآباء الأغنياء: متعوا بناتكم بحياة طيبة بتزويجهن للفقراء الأبراء وأغنوهم من أموالكم لتكسبوا ذرية مطيعة لربّ العالمين وذلك هو الفوز العظيم.

________________

(1) عن كتاب إحياء العلوم للغزالي (كسر الشهوتين).




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.