أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-26
1091
التاريخ: 15-9-2016
1732
التاريخ: 1-12-2016
1764
التاريخ: 22-9-2016
2043
|
الوضع السياسي في العراق في القرن الحادي عشر قبل الميلاد
بدأ هذا القرن وكان العراق القديم يحكم من قبل الملكين مردوخ نادن آخي في بابل، الذي حكم ثمانية عشر عاما امتدت من 1099-1082 ق. م (1). و تجلاتبلصر الأول في آشور والذي حكم مدة تسع وثلاثين عاما امتدت من 1115-1077 ق. م (2) .
اتسمت العلاقة بين هذين الملكين بالعداء الذي وصل في بعض الأوقات إلى الحرب، وعلى الرغم من امتلاك مردوخ نادن آخي قوة تمكن بفضلها من إحراز بعض الانتصارات على الدولة الآشورية (3)، إلا إن ذلك لا يعني ضعف الملك الآشوري تجلاتبلصر الأول الذي كان يحارب في الجهة الغربية ضد الأقوام الآرامية (4)، مما سهل على البابليين التقدم شمالا مستغلين انشغال الآشوريين بالحرب ضد الآراميين. إن الملك تجلاتبلصر الأول يمثل الصحوة الآشورية بعد مدة من الضعف وتردي الأوضاع السياسية في بلاد آشور بسبب الضغط الخارجي المتمثل بالبابليين من الجنوب والآراميين من الغرب (5).
فقد تمكن هذا الملك من التصدي لهجمات الآراميين والحق بهم الهزيمة (6)، ولاحقهم إلى داخل بلاد الشام فوصل إلى جبل بشرى معقلهم هناك، ولكن بادية الشام في ذلك الوقت كانت ممتلئة بالأقوام الآرامية التي تحاول النزوح إلى بلاد النهرين (7).
خلف لنا الملك الآشوري تجلاتبلصر الأول نصا كتابيا أشار فيه إلى المدى الذي وصل إليه هذا الملك بقواته حيث وصل إلى الساحل الفينيقي و تمكن من فرض الجزية على ارفاد و بيبلوس و سيدون، وذكر انه جلب غنائم كثيرة من حملاته هذه (8) .
و يذكر لنا هذا الملك أيضا عدد المعارك التي خاضها ضد الآراميين ، و يصف أحدى هذه المعارك حيث عبر نهر الفرات مرتين في عام واحد ، ثم يذكر لنا أن بلادهم هي امورو (9) ، و يحدد لنا بعد ذلك الرقعة الجغرافية التي تمركز بها الآراميون الممتدة من أنات حتى رابيقوم (10) ،و هذا النص دون فيه الاتي :ـ (نازلت الاحلاموـ آراميين في ثمان و عشرين معركة ، و في أحدى حملاتي عبرت الفرات مرتين في غضون عام واحد ، و لقد هزمتهم في كل مكان من تدمر الكائنة في بلد امورو ، و أنات الواقعة في بلد سوخو ، حتى رابيقوم التي تقع في كاردنياش و جلبت ممتلكاتهم أسلابا إلى مدينتي أشور) (11) .
هذا و لم يكن الخطر الأرامي هو الخطر الأوحد الذي يهدد الدولة الآشورية في عهد تجلاتبلصر الأول بل كان المشكينيون يشكلون خطرا من الشمال ، و بخاصة بعد أن عبروا جبال طوروس بعدد كبير من المقاتلين و زحفوا باتجاه بلاد أشور و بالتحديد العاصمة نينوى ، إلا إنهم لم يفلحوا بفضل ما امتلك تجلاتبلصر الأول من قوة و مقدرة على ادارة المعارك ، هذا و لم يكتف هذا الملك بصد هجماتهم بل لاحقهم إلى اعالى الجبال و توغل في عمق أرمينيا و أقام نصبا في ملازكيرد الكائنة خلف بحيرة وان (12) ، و كذلك قامت جيوشه بتطهير أراضى موسرى و كوماني في جبال زاكروس من الجيوش المعادية (13) .
أما فيما يخص ملك بابل الآنف الذكر الذي عاصر تجلاتبلصر الأول فلم تقتصر أعماله على الجانب العسكري بل كان بناءا شيد العديد من الأبنية ووثقها بنصوص كتابية عديدة، و كذلك اهتم بأعمار العديد من مدن العراق القديمة من أهمها تلك الأعمال العمرانية في العاصمة بابل و كذلك مدينة أور فقد تلقب بلقب مطعم أور (14)، ومن الإبداعات التي أوجدها هذا الملك هو وضع اسمه في عقود البيع و الشراء ليضمن لها صفة رسمية توجب الالتزام بها (15).
انتهى حكم الملك مردوخ نادن آخى فخلفه في الحكم ابنه مردوخ شابك زيري وعاصر هذا الملك ثلاثة من الملوك الآشوريين هم تجلاتبلصر الأول وأشارد ـ ابل ـ أيكور و الملك أشور ـ بيل ـ كالا و علاقته بالملكين الأولين غير معروفة أما علاقته بالملك الثالث فقد كانت ودية، إذ ترك الطرفان حالة الحرب و العداء و صارا إلى اتفاق مشترك يهدف إلى الدفاع المشترك ضد الآراميين (16). و هذا ما وثق بنص كتابي جاء فيه (في عهد أشور ـ بيل ـ كالا ، ملك أشور ومردوخ شابك زيري ملك بابل عقد اتفاق ودي) (17) . و مما يجدر ذكره أن الآشوريين امتلكوا قوة لا يستهان بها في هذا الوقت، إلا إنهم و على الرغم من هذه القوة لم يتمكنوا من القضاء على الآراميين (18) .
مات ملك بابل و الملك الاشورى أشور ـ بيل ـ كالا ما زال في الحكم فتدخل في عرش بابل فأوصل تدخله الملك ادد ـ ابلا_ أدنا إلى العرش البابلي ، فعاصر هذا الملك الذي امتد حكمه لاثنين و عشرين عاما أربعة ملوك من الآشوريين هم على التوالي أشور بيل كالا ، أريبا ادد الثاني ، شمشى ادد الرابع و أشور ناصر بال الأول (19) ، ان علاقته بالدولة الآشورية كانت ودية و لم تشهد نزاعات إلا في أوقات محدودة جدا ، و من أهم ما سجل في هذه العلاقة هي المعاهدة التي عقدت بين البابليين و الآشوريين و التي ختمت بمصاهرة سياسية تزوج بموجبها الملك الاشورى أشور ـ بيل ـ كالا من ابنة ملك بابل ادد ـ ابلا ـ أدنا (20) . و دون بهذه المناسبة نص كتابي جاء فيه (( ملك أشور ـ بيل ـ كالا تزوج من ابنة ادد ـ ابلا ـ أدنا ، ملكة بابل و سار بها بمعية مهرها الضخم إلى أشور فاتحد شعب أشور مع بابل سوية (21) .
و يذهب بعض الباحثين إلى أن الملك ادد ـ ابلا ـ ادنا كان من اصل ارامى ، بدليل تمكن الآراميين من التوغل إلى المناطق الجنوبية من بلاد بابل و تأسيسهم لممالك و إمارات عدة (22) ، و كذلك يستدلون برأيهم هذا على اسم الملك الذي كان اسما آراميا ، إلا أنى لا أجد في هذين الدليلين الكفاية لإرجاع أصله إلى الآراميين فالدليل الأول ضعيف لان اندفاع الآراميين كان محصلة حتمية بسبب الموجات البشرية الكبيرة التي كانت تعانى من مجاعة في أعالي الفرات فنزوحها إلى وسط و جنوب العراق أمر ليس بالغريب ولا الأول من نوعه فقد سبقهم بذلك الاموريون (23) ، و أما الدليل الثاني وهو الاسم الارامى فهو ضعيف أيضا لأننا نمتلك أدلة كثيرة على اتخاذ الاكدين اسماءً سومرية ، و السومريين أسماء أكدية، والحال كذلك ينطبق كذلك على الكشيين الذين تسموا بأسماء بابلية ، هذا فضلا عن امتلاكنا لدليل يناقض الراى السابق وهو أن المفروغ منه أن الآراميين قاموا بهجمات على المدن العراقية أسفرت عن تدمير لتلك المدن و طال التدمير ألاماكن المقدسة في كل من سبار ، أكد ، دير ، نفر و بور سبا في حين نجد أن الملك ادد ـ ابلا ـ أدنا يقوم بعمل معاكس فيعمد إلى اعمار هذه المدن و معابدها و يقدم الهدايا و القرابين لألهتهم.
استمرت العلاقة بين بابل وأشور على هذا النحو من الهدوء ولم تشهد المدة بعد ادد ـ ابلا ـ أدنا إحداثا تذكر فقد حلت مدة ضعف استمرت حتى نهاية سلالة بابل الرابعة في حدود 1026 ق. م، والتي لا نعرف كيف انتهت بالضبط. لكن الأستاذ طه باقر يرجح أنها انهارت من جراء ضغط جماعات أخرى من الآراميين (24)، فأعقبها في الحكم عدة سلالات لا نعرف عنها سوى تسلسلها بالنسبة السلالات الأخرى وأسماء ملوكها حسب ما جاء في إثبات الملوك البابلية (25).
فقد حكم بلاد بابل في المدة الواقعة بين 1026 ق. م و بدايات القرن العاشر سلالتين هي هما سلالة القطر البحري الثانية التي أسسها سمبا ـ شباك و سلالة بازى التي أسسها اى اولماش شاكن شومى، و هاتان السلالتان من السلالات الضعيفة جدا (26) .
إن الحالة السياسية في بلاد أشور بعد حكم الملك أشور بيل كالا وحتى بدايات القرن العاشر لم تكن بأحسن مما كانت عليه بلاد بابل فقد ازداد الضعف الأرامي، وحكم البلاد مجموعة من الملوك الضعفاء الذين لم يكونوا قادرين على النهوض بالبلاد فقد حكم بعده أشور بيل كالا حتى بدايات القرن العاشر ستة ملوك لم تشهد البلاد إنجازات تذكر في عهدهم.
_______________
(1) القران الكريم .
(2) اوبنهايم ، ليو ، بلاد ما بين النهرين ،( بغداد- 1986 ) ، ترجمة سعدى فيضي عبد الرزاق ، ص448.
(3) نفسه، ص 461 .
(4) الحسيني، عباس على، التاريخ السياسي لمدينة أيسن تحت حكم السلالتين الأولى 2017 ـ 1794 ق. م و الثانية 1156 ـ 1026 ق. م، أطروحة ماجستير غير منشورة، جامعة القادسية، 2000م ، ص 73
(5) Grayson , A. k , "problematical battles in Mesopotamia History" in AS6, (1965), p.338
(6) الآراميون: ـ من الأقوام الجزيرية التي نزحت باتجاه بلاد الشام وكان ذلك بحدود منتصف الألف الثانى قبل الميلاد واستقروا في أواسط الفرات واخذوا من الأقوام العربية المجاورة بعض المظاهر الحضارية لكنهم حافظوا على لغتهم التي انتشرت فيما بعد إلى إرجاء واسعة من منطقة الشرق الأدنى بفضل أبجديتها. أن أول ذكر لهم يرجع إلى عهد الملك الاشورى تجلاتبلصر الأول ولا يعرف معنى اسمهم بالضبط والمرجح انه اشتقاق من كلمة ارم التي ورد ذكرها في القران الكريم جاء من اسمهم ((بسم الله الرحمن الرحيم: ـ ارم ذات العماد)) آية 7 سورة الفجر ينظر للتفصيل حول ذلك، جوهر، حسن محمد، لبنان أرضها وتاريخها وحياة شعبها (بيروت، د.ت) ص76 ـ 80.
(7) Brinkman,G.A.,A political History of Post –kassite Babylonian 1158-722,(Rome1968) ,p.361.
(8) رو، جورج، العراق القديم، (بغداد-1986) ، ترجمة حسين علوان ، ص 375 .
(9) نفسه، ص 376.
(10) رابيقوم: ـ واحدة من الممالك الامورية التي قامت في العهد البابلي القديم وكان لها اثر في تاريخ العراق في ذلك الوقت لما تمتعت به من مكانة سياسية و ما لها من موقع مؤثر فهى تقع على نهر الفرات في منطقة الرمادي الحالية.
(11) رو، جورج، المصدر السابق، ص 375، وينظر كذلك 366. Brinkman, Op.cit, p365
(12) نفسه، ص 375.
(13) نفسه، ص 375.
(14) Woolly , L, "Royal Inscription", in UE6 , (1968), p.50.
(15) الحسيني ، عباس على ، المصدر السابق ، ص 74 .
(16) نفسه ، ص .111
(17) Frame , G ., Rulers of Babylonian from the Second dynasty of Isin to the end of Assyrian Domination (Tornto 1996) ,p.45.
(18) ساكز ، هاري ، قوة أشور ( بغداد -1999 ) ، ترجمة عامر سليمان ، ص 103.
(19) باقر ، طه ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ج1، ( بغداد - 1973 ) ، ص 624 .
(20) الحسيني ، عباس على ، " الزواج السياسي في العراق القديم " ، مجلة القادسية 2 ، 2002 م ، ص 52 .
(21) باقر، طه ، المصدر السابق ، ص .463
(22) دونو بت، سومير، "الآراميون"، سومر 16، (1963)، ترجمة البير ابونا، ص 101.
(23) باقر، طه ، المصدر السابق ،ص 463 .
(24) نفسه ، ص 363 .
(25) باقر ، طه ، و آخرون ، تاريخ العراق القديم ، ج1 ، ( بغداد - 1980 ) ، ص 197 .
(26) صالح ، وليد محمد ، العلاقات السياسية للدولة الآشورية ، أطروحة ماجستير غير منشورة جامعة بغداد ، 1976 ص 75 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|