أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2016
6077
التاريخ: 12-4-2017
21103
التاريخ: 9-6-2016
9967
التاريخ: 2024-04-15
835
|
إن القول بخضوع الدول إلى القانون تفعيلا لمبدأ المشروعية فإننا نعني بمصطلح القانون هنا القانون بمعناه الواسع، شاملا بذلك القواعد القانونية المكتوبة باختلاف درجتها وكذا القواعد القانونية غير المكتوبة ، لذا فإن الحديث عن مصادر مبدأ
المشروعية يسوقنا إلى دراسة مصادره المدونة وغير المدونة.
الفرع الأول : المصادر المكتوبة
تمثل المصادر المدونة كافة القواعد القانونية المكتوبة بغض النظر عن قيمتها القانونية، فالقواعد القانونية المكتوبة هي تلك القواعد التي وضعتها السلطة المختصة بسن القانون في الدولة وصاغتها في وثيقة مكتوبة، وتختلف درجات القواعد القانونية وفق ما يصطلح على تسميته بهرم تدرج القواعد القانونية وفي ما يلي نوضح هذا التدرج في القاعدة القانونية.
1.الدستور : يعتبر الدستور التشريع الأسمى والأعلى في كل الدولة، ويمثل قمة هرم النصوص القانونية و أعلاها مرتبة و أكثرها حجية على وجه الإطلاق. ويقصد بالقواعد الدستورية مجموعة القواعد القانونية التي تبين نظام الحكم في الدولة وتحدد الحقوق والحريات العامة للأفراد وتقرر الأسس والأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة. ولما كانت هذه القواعد التي تنش ئ وتنظم السلطات العامة جميعها وتحدد نطاق اختصاص كل منها وكيفية ممارسة هذه الاختصاصات، فإنه يترتب على ذلك أن تسمو هذه القواعد وتحتل المرتبة الأولى على قمة التنظيم القانوني للدولة، وتبعا لذلك تلتزم جميع السلطات باحترامه (1)
2.المعاهدات: تعتبر المعاهدات مصدرا من مصاد ر الشرعية في الدولة، وذلك بعد التصديق عليها من السلطة المختصة وفقا للإجراءات القانونية، إذا أنها تصبح بعد التصديق عليها جزءا من القانون الداخلي للدولة (2)، ومن ثم يلتزم الأفراد كما تلتزم السلطات العامة جميعا باحترامها والنزول على أحكامها (3)
3 .القوانين(التشريعات): ويقصد بها كل القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية، سواء تمثلت هذه السلطة التشريعية في البرلمان (المجلس النيابي) أو هيئة أو سلطة أخرى أق ر لها الدستور بسلطة التشريع، حيث لابد للسلطة التشريعية أن تراعي القواعد الدستورية ومعنى ذلك أن تكون القواعد القانونية الصادرة عنها مطابقة للدستور بصفته التشريع الأساسي (4) ، ويتوجب على الإدارة العامة أن تلتزم بما تضعه السلطة التشريعية من قوانين (5)
4. التشريعات الفرعية (اللوائح): وهي القرارات التنظيمية التي تصدرها جهة الإدارة، وتعتبر اللوائح من الناحية الشكلية أعمالا إدارية، ولكنها تعتبر أعما لا تشريعية على أساس المعيار الموضوعي أو المادي، لأنها تتضمن قواعد قانونية عامة ومجردة، ولهذا تعتبر عنصرا من عناصر البناء القانوني للدولة ومصدرا من مصادر الشرعية. وتلتزم الإدارة باحترام ما تتضمنه مادامت قائمة رغم أنها من أصدرها، ومن ثم فلا تملك الإدارة مخالفة اللوائح بقرارات إدارية، وإذا أصدرت مثل تلك القرارات كانت غير مشروعة (6)
الفرع الثاني: المصادر غير المكتوبة
تعتبر المصادر غير المدونة مصدرا هاما لمبدأ المشروعية، حيث يبرز جليا دورها من خلال اللجوء إليها في غياب النص القانوني المكتوب، فالقاض ي يلجأ إلى القواعد القانونية غير المكتوبة للفصل في المنازعات المعروضة عليه في حال لم يجد النص القانوني المكتوب.
وتنقسم المصادر غير المكتوبة إلي قسمين هما العرف والقواعد العامة للقانون ونفصلفي كل منهما على حدى .
1- العرف الإداري
تعتبر القواعد العرفية من أهم مصادر مبدأ المشروعية وأقدمها، ورغم تنامي تدوين القواعد القانونية إلا أن العرف مازال يعتبر أحد أهم مصادر المشروعية، ومن ثم فيجب على الإدارة الالتزام به والعمل بمقتضى أحكامه وهذا ما يوجب إلغاء أي تصرف للإدارة يخرج عن نطاقه. وتنقسم القواعد العرفية إلى قواعد عرفية دستورية (7) وأخرى إدارية، ما يدل دلالة واضحة على تلك الأهمية التي يحتلها العرف على اعتبار أنه مصدر منشأ للقواعد القانونية. وأحد ركائز مبدأ المشروعية ونتناول في هاته الدراسة العرف الإداري لارتباطه الوثيق بموضوعنا.
إن العرف الإداري هو مجموعة القواعد التي اعتادت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها في غياب نص تشريعي يضبط هذا النشاط،
وقد عرفه القضاء المصري على أنه "السلوك الذي درجت الإدارة على إتباعه في مزاولة نشاط معين وتعد مخالفته مخالفة للمشروعية وتؤدي إلى إبطال تصرفاتها بالطرق المقررة قانونا" (8). ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن العرف الإداري أقل مرتبة في هرم تدرج القواعد القانونية حيث وجب أن لا يخالف العرف الإداري قاعدة قانونية فهو كما دأب الفقه على اعتباره مكملا للقاعدة القانونية .
وحتى ينتج العرف الإداري آثاره القانونية ويصبح قاعدة ملزمة للإدارة وتبطل أعمالها إن خالفته وجب أن تتوافر فيه ركنين أساسين هما الركن المادي والركن المعنوي.
أ - الركن المادي : ينشأ الركن المادي من تكرار سلوك الإدارة في نشاطها على نمط معين وبشكل منتظم دون انقطاع، بحيث يصبح هذا التكرار عادة من عاداتها. ويجب ألا ينقطع اعتياد الإدارة في إتباع هذا السلوك حتى لا يؤدي ذلك إلى عدم توافر التكرار المكون للركن المادي. وقد يكون هذا العمل إيجابيا في صورة القيام بعمل أو تصرف معين، أو قد يكون سلبيا في صورة الامتناع عن القيام بعمل أو تصرف معين. لهذا يجب أن يتوفر في هذا العنصر المادي العمومية والثبات والقدم والعلانية، وجب أن لا يخالف العرف النص التشريعي(9) فيعني عنصر العمومية أن تكون العادة عامة شأنها شأن القاعدة القانونية بحيث لا تمس فردا معينا بذاته بل تنطبق على جميع من تعنيهم، أما عنصر القدم والثبوت فيعني وضوح تلك العادة في نفوس الناس وثبوتها واستقرارها وعدم انقطاعها (10) . أما العلانية فنعني بها أن تكون معلومة من قبل العامة أي لا تكون خفية.
ب - الركن المعنوي : ويعني أن يسود الاعتقاد لدى الجهات الإدارية بإلزامية إتباع السلوك أو العادة التي د رجت عليها، بحيث تستشعر ضرورة الالتزام بهذا العرف، كما تلتزم باحترام القاعدة القانونية المكتوبة (11) . وقد عرفه القضاء المصري أنه: "تعبير أصطلح إطلاقه على الأوضاع التي درجت الجهات الإدارية على إتباعها في مزاولة نشاط معين، وينشأ من استمرار الإدارة و التزامها بهذه الأوضاع و السير على سنتها في مباشرة هذا النشاط، فتصبح بمثابة القاعدة القانونية الواجبة الإتباع ما لم تعدل بقاعدة مماثلة" (12)
2- المبادئ العامة للقانون:
تعني المبادئ العامة للقانون بشكل عام المبادئ التي يستنبطها القضاء من المقومات الأساسية للمجتمع، ويقررها ويعلنها في أحكامه، وهي تعني في مجال القانون الإداري المبادئ العامة غير المكتوبة التي استخلصها القضاء الإداري وأبرزها في أحكامه ومنحها القوة الملزمة (13) إن المبادئ العامة للقانون مصدر من المصادر الهامة للمشروعية وذلك لعدم تقنين القانون الإداري. فقد لجأ القضاء ا لإداري إلى المبادئ العامة للقانون للفصل في العديد من المنازعات الإدارية، فألغى القضاء الإداري العديد من القرارات الإدارية لمخالفتها للمبادئ العامة للقانون.
ويرجع الفضل في إبراز المبادئ العامة للقانون إلى مجلس الدولة الفرنسي الذي استخلص مجموعة من المبادئ الأساسية العامة للقانون بالمعنى الحقيقي، والتي وضعتها إعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير، والتي تشمل مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ كفالة حقوق الدفاع، ومبدأ حق التقاضي، ومبدأ عدم المساس بالحقوق المكتسبة.
وقد استخرج مجلس الدولة الفرنس ي من هذه المبادئ الأساسية العامة للقانون تطبيقات عديدة في مجال القانون الإداري ولعل أهمها، مبدأ المساواة بتطبيقاته المتعددة، مثل المساواة في الالتحاق بالوظيفة العامة، ومساواة الأفراد في الانتفاع بخدمات المرافق العامة، ومبدأ الحرية الذي اشتق منه كذلك عديد التطبيقات الفرعية كحرية الاعتقاد وحرية الرأي (14) أما بالنسبة لإلزامية المبادئ العامة للقانون فيرى جانب من الفقه الفرنس ي أن القضاء هو مصدر القوة الإلزامية لها ،مفسرين ذلك بأنه هو من يقرها ويضفي عليها الطابع الإلزامي.
فيرى André de Laubadère إن المبادئ العامة للقانون ذات مصدر قضائي خالص كما يرى Jean Pierre Chudet إن نظرية المبادئ العامة بكل أجزائها من صنع " القضاء، و هي تمثل جرأة مجلس الدولة وقدرته على خلق الابتداع من أجل الاضطلاع بمهمته وأداء واجبه في حماية الحقوق والحريات."
ومعنى هذا أن القاض ي الإداري يحل محل المشرع برضاء ضمني من جانبه في المسائل التي لم يسبق له معالجتها وتنظيمها، فيقوم بما كان يحق له أن يفعله المشرع لو أصدر تشريعات منظمة لهذه الموضوعات التي تدخل فيها القاضي الإداري (15) .
______________
1- محسن خليل، النظم السيامية و القانون الدستوري ، الطبعة الثانية، منشأة المعارف، الاسكندرية ، مصر، 1971 ، ص 452 .
2- تعتبر المعاهدات في الجزائر و فرنسا و بعض الدول الأخرى في مرتبة أعلى من القانون العادي حيث ينص الدستور الفرنسي لسنة 1957 "المعاهدات و الاتفاقات المصادق عليها يكون لها قوة أعلى من قوة القوانين، وهو ما أكده كذلك الدستور الجزائري لسنة 1996 بالمادة 132 " المعاهدة التي يصادق عليها رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون" .
3-محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1993، ص 23
4- يتولى في الجزائر المجلس الدستوري مراقبة مدى دستورية القوانين وفقا للمادة 163 من الدستور الجزائري لسنة 1996.
5- محمد الصغير بعلي الوجيز في المنازعات الادارية دار العلوم للنشر و التوزيع، الجزائر، 2005، ص 11
6-محمود محمد حافظ، نفس المرجع السابق، ص 24
7- العرف الدستوري عبارة عن عادة نتصل بنظام الحكم في الدولة و بعمل الهيئات الدستورية الحاكمة فيها، درجت هذه الحملات على استعمالها حتى أصبحت هذه العادة قاعد عامة وملزمة.
8- علاء الدين علمي، مدخل القانون الإداري، دار الهدى ، الجزائر، 2012، ص29 .
9-عبد الغني بسيوني، الفضاء الإداري ، المرجع السابق، ص 31.
10- لعشب محمود، المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، د.ت، ص50
11- فادي نعيم جميل علاونة، مبدأ المشروعية في القانون الادارية و ضمانات تحقيقه، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، جامعة النجاح، نایلس، فلسطين، 2011، ص 39 .
12- جور للإدارة أن تعدل أو تغير في القاعدة العرفية التي درجت عليها، إذا تغيرت الظروف لكي تتلاءم معها، وفي هذه الحالة تبدأ قاعدة جديدة في التكوين، فإذا توافر لها الركن المادي والمعنوي تصبح قاعدة ملزمة.
13- نواف كنعان، القانون الإداري، الكتاب الأول، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الأردن، 2006، ص66
14- عبد الغني بسيوني عبد الله، الفضاء الإداري ، المرجع السابق، ص 33.
15- عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري، المرجع، ص 35.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|