المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05

إطلاق العذاب العظيم بالنسبة للدنيا والآخرة
2023-10-05
توكيد الفعل
23-02-2015
الاستدلال على المعاد
23-09-2014
وكالة الأنباء الفرنسية AFP
11-7-2019
التعريف بالدومين
30-10-2016
ايمان أبو طالب
9-12-2019


تفسير الاية (22-25) من سورة الأسراء  
  
12285   06:40 مساءً   التاريخ: 17-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الإسراء /

 

قال تعالى: { لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوكِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 22 - 25]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} قيل: أن الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد به أمته وقيل: معناه لا تجعل أيها السامع أوأيها الإنسان مع الله إلها آخر في اعتقادك وإقرارك ولا في عبادتك ولا في رغبتك ورهبتك { فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} معناه: فإنك إن فعلت ذلك قعدت وبقيت ما عشت مذموما على لسان العقلاء مخذولا ولا ناصر لك يمنع الله نصرته عنك ويكلك إلى ما أشركت به وقيل معنى القعود الذل والخزي والخسران والعجز لا الجلوس كما يقال قعد به الضعف عن القتال أي عجز عنه .

لما تقدم النهي عن الشرك والمعاصي عقب سبحانه بالأمر بالتوحيد والطاعات فقال سبحانه { وقضى ربك } أي: أمر ربك أمرا باتا عن ابن عباس والحسن وقتادة وقيل ألزم وأوجبه ربك عن الربيع بن أنس وقيل أوصى عن مجاهد { ألا تعبدوا إلا إياه } معناه: أن تعبدوه ولا تعبدوا غيره فإن قيل إن الأمر لا يكون أمرا بأن لا يكون الشيء لأن الأمر يقتضي إرادة المأمور به والإرادة لا تتعلق بأن لا يكون الشيء وإنما تتعلق بحدوث الشيء فالجواب أن المعنى أراد منكم عبادته على وجه الإخلاص وكره منكم عبادة غيره وعبر عن ذلك بقوله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي: وقضى بالوالدين إحسانا أوأوصى بالوالدين إحسانا ومعناهما واحد لأن الوصية أمر { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} يعني به الكبر في السن والمعنى إن عاشا عندك أيها الإنسان المخاطب حتى يكبرا أوعاش أحدهما حتى يكبر يريد أن بلغا في السن مبلغا يصيران بمنزلة الطفل الذي يحتاج إلى متعهد وخص حال الكبر وإن كان من الواجب طاعة الوالدين على كل حال لأن الحاجة أكثر في تلك الحال إلى التعهد والخدمة وهذا مثل قوله { وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} مع أن الناس كلهم يتكلمون في حال الكهولة والوجه فيه أنه سبحانه أخبر أن عيسى يكلم الناس في المهد وأنه يعيش حتى يكهل ويتكلم بعد الكهولة ونحو ذلك قوله والأمر يومئذ لله وإنما خص ذلك اليوم لأنه لا يملك فيه أحد سواه وقيل: إن الكبر في الآية راجع إلى المخاطب أي إن بلغت حال الكبر وهو حال التكليف وقد بقي معك أبواك أوأحدهما.

 { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتى به وفي رواية أخرى عنه قال أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أيسر منه وأهون منه لنهى عنه وفي خبر آخر فليعمل العاق ما يشاء أن يعمل فلن يدخل الجنة فالمعنى لا تؤذيهما بقليل ولا كثير قال مجاهد : معناه أن بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويحدثان فلا تتقذرهما وأمط عنهما كما كانا يميطان عنك في حال الصغر والمتبرم يكثر قول أف وهي كلمة تدل على الضجر وقيل إن الأف والتف وسخ الأصابع إذا فتلته عن أبي عبيدة وقيل هي كلمة كراهة عن ابن عباس وقيل معناه النتن وجاء في المثل أبر من النسر قالوا لأن النسر إذا كبر ولم ينهض الطيران جاء الفرخ فزقه كما كان أبواه يزقانه.

 { ولا تنهرهما } أي: لا تزجرهما بإغلاظ وصياح وقيل معناه لا تمتنع من شيء أراده منك كما قال وأما السائل فلا تنهر { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} أي: وخاطبهما بقول رقيق لطيف حسن جميل بعيد عن اللغووالقبيح يكون فيه كرامة لهما ويدل على كرامة المقول له على القائل وقيل: معناه قل لهما قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ عن سعيد بن المسيب { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} أي: وبالغ في التواضع والخضوع لهما قولا وفعلا برا بهما وشفقة عليهما والمراد بالذل هاهنا اللين والتواضع دون الهوان من خفض الطائر جناحه إذا ضم فرخه إليه فكأنه سبحانه قال ضم أبويك إلى نفسك كما كانا يفعلان ربك وأنت صغير وإذا وصفت العرب إنسانا بالسهولة وترك الآباء قالوا هو خافض الجناح.

 وقال أبوعبد الله (عليه السلام) معناه لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برأفة ورحمة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يديك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} معناه: ادع لهما بالمغفرة والرحمة في حياتهما وبعد مماتهما جزاء لتربيتهما إياك في صباك وهذا إذا كانا مؤمنين وفي هذا دلالة على أن دعاء الولد لوالده الميت مسموع وإلا لم يكن للأمر به معنى وقيل إن الله تعالى أوصى الأبناء بالوالدين لقصور شفقتهم ولم يوص الوالدين بالأبناء لوفور شفقتهم وذكر حال الكبر لأنهما أحوج في تلك الحال إلى البر لضعفهما وكونهما كلا على الولد ففي الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قالوا من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أوكلاهما ولم يدخل الجنة أورده مسلم في الصحيح.

 وروى أبوأسيد الأنصاري قال بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما قال قتادة هكذا علمتم وبهذا أمرتم فخذوه بتعليم الله وأدبه { ربكم أعلم } أي: أكثر معلوما وقيل أثبت علما فإنه سبحانه أعلم بأن الجسم حادث من الإنسان العالم بذلك { بما في نفوسكم } أي: بما تضمرون من البر والعقوق فمن ندرت منه نادرة وهو لا يضمر عقوقا غفر الله له ذلك وقيل معناه أنه أعلم بجميع ما في ضمائركم وهذا أوجه { إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ } أي: طائعين لله.

 { فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} والأواب التواب المتعبد الراجع عن ذنبه عن مجاهد وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقيل: إن الأولين المطيعون المحسنون عن قتادة وقيل إنهم الذين يذنبون ثم يتوبون ثم يذنبون ثم يتوبون عن سعيد بن المسيب وقيل هم الراجعون إلى الله فيما ينوبهم عن ابن عباس وقيل هم المسبحون عن ابن عباس في رواية أخرى ويعضده قوله { يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} وقيل إنهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء روي ذلك مرفوعا وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال صلاة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة خمسين مرة { قل هو الله أحد } هي صلاة الأوابين .

_________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص237-242.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً } . الخطاب هنا للإنسان ، كل انسان ، وليس للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) بدليل قوله تعالى : « إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما » ، ومعلوم ان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) عاش يتيم الأبوين .

{ وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } أي أمر بالإخلاص في العبادة إليه وحده ، وليس المراد بالعبادة مجرد الصوم والصلاة ، فكل من أطاع إنسانا في معصية اللَّه فقد عبده ، قال رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن اللَّه عز وجل فقد عبد اللَّه ، وان كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان .

البر بالوالدين :

{ وبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً } . قرن اللَّه سبحانه شكر الوالدين بشكره ، وأوجب

البر بهما والإحسان إليهما . وجاء في الحديث : « ان رجلا جاء إلى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يستأذنه بالجهاد معه ، فقال له : أحيان والداك ؟ . قال : نعم . قال : ففيهما جاهد » .

وقوله تعالى : كما ربياني صغيرا يشير إلى انهما عند صغره آثراه على أنفسهما ، فسهرا الليالي كي ينام ، وجاعا كي يشبع ، وتعريا كي يكتسي ، وهذا دين في عنقه ، عليه أن يفي به حين يقوى ويضعفان ، وان يعاملهما عند كبرهما تماما كما عاملاه عند صغره ، ولهما فضل السبق والتقدم .

قال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) يدعو لوالديه : « يا إلهي أين طول شغلهما بتربيتي ؟

وأين شدة تعبهما في حراستي ؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة عليّ ؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما ، ولا أدرك ما يجب علي لهما ، ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما » .

يضحي كل من الأب والأم بالنفس والنفيس في سبيل الولد ، ثم لا يبتغي منه جزاء ولا شكورا ، وكل ما يتمناه أن يكون ولده شيئا مذكورا . . وقد ابتلاني اللَّه بأن أكون أبا ، ولكن أبوي لم يبتليا بي ، لأني عشت يتيم الأب والأم ، وأقول : ابتلاني لأني لا أرى السعادة في شيء من أشياء هذه الحياة إلا في هناء ابني وابنتي . . فابتسامة واحدة من أحدهما تعادل عندي الدنيا بما فيها ، وما تألم أحدهما إلا أحسست بأن يدا تنتزع نفسي من بين جنبي .

{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } .

ان اللَّه سبحانه يعلم النوايا تماما كما يعلم الأقوال والأفعال ، ويجازي كلا حسب نيته ، ومن أساء ثم تاب وأناب فان اللَّه غفور رحيم ، وهذا تحذير من اللَّه سبحانه لمن عق والديه ، وكان وجودهما ثقيلا عليه ، كما أنه تحذير على ترك الإخلاص في جميع الأقوال والأفعال .

_______________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 35-36.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} قال في المفردات،: الخذلان ترك من يظن به أن ينصر نصرته انتهى.

والآية بمنزلة النتيجة للآيات السابقة التي ذكرت سنة الله في عباده وختمت في أن من أراد منهم العاجلة انتهى به ذلك إلى أن يصلى جهنم مذموما مدحورا، ومن أراد منهم الآخرة شكر الله سعيه الجميل، والمعنى لا تشرك بالله سبحانه حتى يؤديك ذلك إلى أن تقعد وتحتبس عن السير إلى درجات القرب وأنت مذموم لا ينصرك الله ولا ناصر دونه وقيل: القعود كناية عن المذلة والعجز.

عدة من كليات الدين يذكرها الله سبحانه وهي تتبع قوله قبل آيات{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} الآية.

قوله تعالى:{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}{لا تعبدوا} إلخ، نفي واستثناء و{أن} مصدرية وجوز أن يكون نهيا واستثناء وأن مصدرية أومفسرة، وعلى أي حال ينحل مجموع المستثنى والمستثنى منه إلى جملتين كقولنا: تعبدونه ولا تعبدون غيره وترجع الجملتان بوجه آخر إلى حكم واحد وهو الحكم بعبادته عن إخلاص.

والقول سواء كان منحلا إلى جملتين أوعائدا إلى جملة واحدة متعلق القضاء وهو القضاء التشريعي المتعلق بالأحكام والقضايا التشريعية، ويفيد معنى الفصل والحكم القاطع المولوي، وهو كما يتعلق بالأمر يتعلق بالنهي وكما يبرم الأحكام المثبتة يبرم الأحكام المنفية، ولو كان بلفظ الأمر فقيل: وأمر ربك أن لا تعبدوا إلا إياه، لم يصح إلا بنوع من التأويل والتجوز.

والأمر بإخلاص العبادة لله سبحانه أعظم الأوامر الدينية والإخلاص بالعبادة أوجب الواجبات كما أن معصيته وهو الشرك بالله سبحانه أكبر الكبائر الموبقة، قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}: النساء: 48.

وإليه يعود جميع المعاصي بحسب التحليل إذ لولا طاعة غير الله من شياطين الجن والإنس وهوى النفس والجهل لم يقدم الإنسان على معصية ربه فيما أمره به أونهاه عنه والطاعة عبادة قال تعالى:{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}: يس: 60، وقال:{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}: الجاثية: 23، حتى أن الكافر المنكر للصانع مشرك بإلقائه زمام تدبير العالم إلى المادة أوالطبيعة أوالدهر أوغير ذلك وهومقر بسذاجة فطرته بالصانع تعالى.

ولعظم أمر هذا الحكم قدمه على سائر ما عد من الأحكام الخطيرة شأنا كعقوق الوالدين ومنع الحقوق المالية والتبذير وقتل الأولاد والزنا وقتل النفس المحترمة وأكل مال اليتيم ونقض العهد والتطفيف في الوزن واتباع غير العلم والكبير ثم ختمها بالنهي ثانيا عن الشرك.

قوله تعالى:{وبالوالدين إحسانا} عطف على سابقه أي وقضى ربك بأن تحسنوا بالوالدين إحسانا أوأن أحسنوا بالوالدين إحسانا والإحسان في الفعل يقابل الإساءة.

وهذا بعد التوحيد لله من أوجب الواجبات كما أن عقوقهما أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ولذلك ذكره بعد حكم التوحيد وقدمه على سائر الأحكام المذكورة المعدودة وكذلك فعل في عدة مواضع من كلامه.

وقد تقدم في نظير الآية من سورة الأنعام - الآية 151 من السورة - أن الرابطة العاطفية المتوسطة بين الأب والأم من جانب والولد من جانب آخر من أعظم ما يقوم به المجتمع الإنساني على ساقه، وهي الوسيلة الطبيعية التي تمسك الزوجين على حال الاجتماع فمن الواجب بالنظر إلى السنة الاجتماعية الفطرية أن يحترم الإنسان والديه بإكرامهما والإحسان إليهما، ولولم يجر هذا الحكم وهجر المجتمع الإنساني بطلت العاطفة والرابطة للأولاد بالأبوين وانحل به عقد الاجتماع.

قوله تعالى:{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}{إما} مركب من{إن} الشرطية و{ما} الزائدة وهي المصححة لدخول نون التأكيد على فعل الشرط، والكبر هو الكبر في السن وأف كلمة تفيد الضجر والانزجار، والنهر هو الزجر بالصياح ورفع الصوت والإغلاظ في القول.

وتخصيص حالة الكبر بالذكر لكونها أشق الحالات التي تمر على الوالدين فيحسان فيها الحاجة إلى إعانة الأولاد لهما وقيامهم بواجبات حياتيهما التي يعجزان عن القيام بها، وذلك من آمال الوالدين التي يأملانها من الأولاد حين يقومان بحضانتهم وتربيتهم في حال الصغر وفي وقت لا قدرة لهم على شيء من لوازم الحياة وواجباتها.

فالآية تدل على وجوب إكرامهما ورعاية الأدب التام في معاشرتهما ومحاورتهما في جميع الأوقات وخاصة في وقت يشتد حاجتهما إلى ذلك وهو وقت بلوغ الكبر من أحدهما أوكليهما عند الولد ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى:{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} خفض الجناح كناية عن المبالغة في التواضع والخضوع قولا وفعلا مأخوذ من خفض فرخ الطائر جناحه ليستعطف أمه لتغذيته، ولذا قيده بالذل فهودأب أفراخ الطيور إذا أرادت الغذاء من أمهاتها، فالمعنى واجههما في معاشرتك ومحاورتك مواجهة يلوج منها تواضعك وخضوعك لهما وتذللك قبالهما رحمة بهما.

هذا إن كان الذل بمعنى المسكنة وإن كان بمعنى المطاوعة فهومأخوذ من خفض الطائر جناحه ليجمع تحته أفراخه رحمة بها وحفظا لها.

وقوله:{ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} أي اذكر تربيتهما لك صغيرا فادع الله سبحانه أن يرحمهما كما رحماك وربياك صغيرا.

قال في المجمع،: وفي هذا دلالة على أن دعاء الولد لوالده الميت مسموع وإلا لم يكن للأمر به معنى. انتهى.

والذي يدل عليه كون هذا الدعاء في مظنة الإجابة وهو أدب ديني ينتفع به الولد وإن فرض عدم انتفاع والديه به على أن وجه تخصيص استجابة الدعاء بالوالد الميت غير ظاهر والآية مطلقة.

قوله تعالى:{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} السياق يعطي أن تكون الآية متعلقة بما تقدمها من إيجاب إحسان الوالدين وتحريم عقوقهما، وعلى هذا فهي متعرضة لما إذا بدرت من الولد بادرة في حق الوالدين من قول أوفعل يتأذيان به، وإنما لم يصرح به للإشارة إلى أن ذلك مما لا ينبغي أن يذكر كما لا ينبغي أن يقع.

فقوله:{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} أي أعلم منكم به، وهو تمهيد لما يتلوه من قوله:{إن تكونوا صالحين} فيفيد تحقيق معنى الصلاح أي إن تكونوا صالحين وعلم الله من نفوسكم ذلك فإنه كان إلخ، وقوله:{ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} أي للراجعين إليه عند كل معصية وهو من وضع البيان العام موضع الخاص.

والمعنى: إن تكونوا صالحين وعلم الله من نفوسكم ورجعتم وتبتم إليه في بادرة ظهرت منكم على والديكم غفر الله لكم ذلك إنه كان للأوابين غفورا.

______________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص57-66.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

أحكام إِسلامية مهمّة:

الآيات التي نحنُ بصدد بحثها هي بداية لسلسلة مِن الأحكام الإِسلامية الأساسية، والتي تبدأ بالدعوة إِلى التوحيد والإِيمان; التوحيد الذي يعتبر الأساس والأصل لكل النشاطات الإِيمانية، والأعمال الحسنة والبنّاءة. والآيات عندما تنحو هذا المنحى فهي بذلك تتصل مع مضمون البحث في الآيات السابقة، التي كانت تتحدث عن الناس السُعداء الذين أقاموا حياتهم على دعائم ثلاث هي: الإِيمان، السعي والعمل ووضع الآخرة ومنازلها نصب أعينهم.

وتعتبر هذه الآيات ـ أيضاً ـ تأكيداً ثانياً لدعوة القرآن إِلى أفضل السبل وأكثرها إِستقامة. في البداية تبدأ هذه الآيات بالتوحيد وتقول: { لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إنّها لم تقل: لا تعبد مع اللّه إِلهاً آخر، بل تقول: {لا تجعل} هذا اللفظ أشمل وأوسع، إِذ هو يعني: لا تجعل معبوداً آخر مع اللّه لا في العقيدة، ولا في العمل، ولا في الدعاء، ولا في العبودية. بعد ذلك توضح الآية النتيجة القاتلة للشرك: { فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا}.

إِنَّ استعمال كلمة «القعود» تدل على الضعف والعجز، فمثلا يقال: قَعَدَ به الضعف عن القتال. وَمِن هذا التعبير يُمكن أن نستفيد أنَّ للشرك ثلاثة آثار سيئة جدّاً في وجود الإِنسان، هي:

1 ـ الشرك يؤدي إِلى الضعف والعجز والذّلة، في حين أنَّ التوحيد هو أساس الحركة والنهوض والرفعة.

2 ـ الشرك موجب للذم واللوم، لأنَّهُ خط انحرافي واضح في قبال منطق العقل، ويعتبر كفراً واضحاً بالنعم الإِلهية، لذا فالشخص الذي يسمح لنفسه بهذا الإِنحراف يستحق الذم.

3 ـ الشرك يكون سبباً في أن يترك اللّه سبحانه وتعالى الإِنسان إِلى الأشياء التي يعبدها، ويمنع عنهُ حمايته، وبما أنَّ هذه المعبودات المختلفة والمصطنعة لا تملك حماية أي إِنسان أو دفع الضرر عنه، ولأنَّ اللّه لا يحمي مثل هؤلاء، لذا فإِنهم يصبحون «مخذولين» أي بدون ناصر ومعين.

إِنَّ هذا المعنى يتّضح بشكل آخر في آيات قرآنية أُخرى، إِذ نقرأ مثلا في الآية (41) من سورة العنكبوت: {مثل الذين اتّخذوا مِن دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً، وإِنَّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}.

بعد تبيان هذا الأصل التوحيدي، تشير الآيات إِلى واحدة مِن أهم توجيهات الأنبياء(عليهم السلام) للإِنسان، فالآية ـ بعد أن تؤكد مرّة أُخرى على التوحيد ـ تقول: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.

كلمة «قضاء» لهم مفهوم توكيدي أكثر مِن كلمة «أمر» وهي تعني القرار والأمر المحكم الذي لا نقاش فيه. وهذا أوّل تأكيد في هذه القضية. أما التأكيد الثّاني الذي يدل على أهمية هذا القانون الإِسلامي، فهو ربط التوحيد الذي يعتبر أهم أصل إِسلامي، مع الإِحسان إِلى الوالدين.

أمّا التأكيدان الثّالث والرّابع فهما يتمثلان في معنى الإِطلاق الذي تفيده كلمة «إِحسان» والتي تشمل كل أنواع الإِحسان. وكذلك معنى الإِطلاق الذي تفيده كلمة «والدين» إِذ هي تشمل الأم والأب، سواء كانا مُسلِمَينْ أو كافِرَيْن.

أمّا التأكيد الخامس فهو يتمثل بمجيء كلمة «إِحساناً» نكرة لتأكيد أهميتها وعظمتها(2).

ومِن الضروري الإِنتباه إِلى هذه الملاحظة; وهي أنَّ الأمر عادةً ما ينصبّ على الأُمور الإِيجابية، بينما جاءَ هنا في مفاد السلب والنفي {وقضى ... ألا تعبدوا...} فما هو يا ترى سبب ذلك؟

من الممكن أن نقول: إِنَّ جملة {وقضى ...} تتضمن تقديراً جملة إِيجابية، يمكن أن نقدرها بالقول: وقضى ربّك أن تعبده، ولا تعبد أي شيء سواه. أو من الممكن أن تكون جملة {ألا تعبد إِلاّ إِياه} التي تتضمن «النفي والإِثبات» جملة إِيجابية واحدة، إِذ هي تحصر العبادة باللّه دون غيره ثمّ تنتقل إِلى أحد مصاديق هذه العبادة متمثلا بالإِحسان إِلى الوالدين فتقول: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} بحيث يحتاجان الى الرعاية والإِهتمام الدائم. فلا تبخل عليها بأي شكل من إِشكال المحبّة واللطف ولا تؤذيهما أو تجرح عواطفهما بأقل إِهانة حتى بكلمة «اُف»: { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}(3) بل: { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } وكن أمامهما في غاية التواضع { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }.

الأهمية الإِستثنائية لاحترام الوالدين:

إِنَّ الآيتين السابقتين توضحان جانباً من التعامل الأخلاقي الدقيق، والإِحترام الذي ينبغي أن يؤدّيه الأبناء للوالدين:

1 ـ من جانب أشارت الآية إِلى فترة الشيخوخة، وحاجة الوالدين في هذه الفترة إِلى المحبّة والإِحترام أكثر مِن أي فترة سابقة، إِذ الآية تقول: { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}. مِن الممكن أن يصل الوالدان إِلى مرحلة يكونان فيها غير قادرين على الحركة دون مساعدة الآخرين، وقد لا يستطيعون بسبب الكهولة رفع الخبائث عنهم، وهنا يبدأ الإِختبار العظيم للأبناء، فهل يعتبرون وجود مِثل هذين الوالدين دليل الرحمة، أو أنّهم يحسبون ذلك بلاءاً ومصيبةً وعذاباً .. هل عندهم الصبر الكافي لاحترام مثل هؤلاء الآباء والأمهات; أم أنّهم يوجهون الإِهانات ويسيئون الأدب لهم; ويتمنون موتهم؟!

2 ـ مِن جانب آخر .. تقول الآية: {فلا تقل لهما أف} بمعنى لا تظهر عدم ارتياحك أو تنفرك مِنهم {ولا تنهرهما} ثمّ تؤكّد مرّة أُخرى على ضرورة التحدّث معهم بالقول الكريم، إِذ اللسان مفتاح إِلى القلب { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

3 ـ مِن جانب ثالث تأمر الآية بالتواضع لهم، هذا التواضع الذي يكون علامة المحبة، ودليل الود لهم: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}.

4 ـ أخيراً تنتهي الآيات، إِلى توجيه الإِنسان نحو الدعاء لوالدَيْه وذكرهم بالخير سواء كانا أمواتاً أم أحياء، وطلب الرحمة الرّبانية لهما جزاء لما قاما به مِن تربية { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.

إِضافة إِلى ما ذكرناه، فثمّة ملاحظة لطيفة أُخرى يطويها التعبير القرآني، هذه الملاحظة خطاب للإِنسان يقول: إِذ أصبح والداك مُسِنَيّن وضعيفين وكهلين لا يستطيعان الحركة أو رفع الخبائث عنهما، فلا تنس أنّك عندما كُنت صغيراً كُنت على هذه الشاكلة أيضاً، ولكن والديك لم يقصرا في مداراتك والعناية بك، لذا فلا تقصَّر أنت في مداراتهم ومحبتهم.

وقد تحدث من قبل بعض الأبناء انحرافات فيما يتعلق بحقوق الوالدين واحترامهم والتواضع لهم، وقد يصدر هذا العقوق عن جهل في بعض الأحيان، وعن قصد وعلم في أحيان أُخرى، لذا فإِنَّ الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إِلى هذا المعنى بالقول: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ}. وهذه إِشارة إِلى أنَّ علم اللّه ثابت وَأزلي وأبدي وبعيد عن الإِشتباهات، بينما علمكم أيّها الناس لا يحمل هذه الصفات! لذلك فإِذا طغى الإِنسان وعصى أوامر خالقه في مجال احترام الوالدين والإِحسان إِليهم، ولكن بدون قصد وعن جهل، ثمّ تابَ بعد ذلك وأناب، وندم على ما فعل وأصلح، فإِنَّهُ سيكون مشمولا لعفو اللّه تعالى: { إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} .

«أوّاب» مُشتقة مِن «أوب» على وزن «قوم» وهي تعني الرجوع مع الإِرادة، في حين أن كلمة «رجع» تقال للرجوع مع الإِرادة أو بدونها، لهذا السبب يقال للتوبة «أوبة» لأنَّ حقيقة التوبة تنطوي على الرجوع عن الأمر (المنكر)، إِلى اللّه، مع الإِرادة.

وبما أنَّ كلمة «أوّاب» هي صيغة مِبالغة، لذا فإِنّها تقال للأشخاص الذين كلما أذنبوا رجعوا إِلى خالقهم. وقد تكون صيغة المبالغة في «أوّاب» هي إِشارة إِلى تعدُّد عوامل العودة والرجوع إِلى اللّه. فالإِيمان بالله أوّلاً; والتفكير بحكمة يوم الجزاء والقيامة ثانياً; والضمير الحي ثالثاً; والتفكير بعواقب ونتائج الذنوب رابعاً، كل هذه العوامل تعمل سويةً لأجل عودة الإِنسان مِن طريق الإِنحراف، نحو اللّه.

_______________

1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص264-268.

2 ـ يعتقد البعض أنَّ كلمة «إِحسان» تتعدى غالباً بـ «إِلى» مثل قولنا «أحسن إِليه». وفي بعض الأحيان قد تتعدى بالباء. وقد يكون هذا التعبير لإِظهار المباشرة، أي إِظهار المحبّة والإِحترام مباشرة وبدون أي واسطة. وهذا في الواقع تأكيد سادس في هذه القضية.

3 ـ هناك قولان حول «إِما» في جملة «إِما يبلغنّ» فالفخر الرازي في تفسيره يذهب إِلى أنّها مركّبة من «إِن» الشرطية و«ما» الشرطية، وهي بذلك تفيد التأكيد. أما البعض الآخر كصاحب «الميزان» مثلا، فيرى أنّها مركبة من «إِن» الشرطية و«ما» الزائدة، التي جاءت هنا لتسمع لـ «إن» الشرطية بالدخول على الفعل المؤكد بنون التوكيد.

 

 

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .