أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2020
1806
التاريخ: 9-8-2020
1858
التاريخ: 8-7-2020
1909
التاريخ: 20-5-2021
3269
|
حجر بن عدي الكندي رضي الله عنه
حجر بن عدي الكندي رضي الله عنه، صحابيٌّ جليل، وفارسٌ من كبار قادة الفتوحات، كان كثير العبادة ، حتى وصفوه براهب الصحابة .
قال الحاكم في المستدرك:3/468: «ذكر مناقب حجر بن عدي رضي الله عنه، وهو راهب أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) » .
وكان باراً بأمه محباً لها: فكان يرتب لها مكان نومها بيديه ، ثم ينام فيه ليطمئن أنه ممهد ! (تاريخ دمشق:12/212، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا/76) .
كان فارساً قائداً في فتح العراق وإيران والشام، فكان في معركة القادسية قائد الميسرة. وفي معركة فتح المدائن، ومعركة جلولاء أو خانقين. وشارك في فتح الشام، وهو الذي فتح مرج عذراء، الذي حبسه فيه معاوية وقتله فيه! (المحبر/292والطبري:3/135، وابن الأعثم:1/211، والطبقات:6/217، والغارات:2/812) .
وفي مذيل الطبري /149: «وفد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مع أخيه هانئ بن عدي، وشهد القادسية . وهو الذي افتتح مرج عذراء ».
وكان قائد الميمنة في معركة جلولاء . قال البلاذري:2/324: (فقال المسلمون: ينبغي أن نعاجلهم قبل أن تكثر أمدادهم فلقوهم وحجر بن عدي الكندي على الميمنة » . والأخبار الطوال/127 .
وفي فتح حلوان: «عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص قالت: لما قَتل معاويةُ حجرَ بن عدي الكندي، قال أبى: لو رأى معاوية ما كان من حجر في قنطرة حلوان ، لعرف أن له غَنَاءً عظيماً عن الإسلام ». (فتوح البلاذري:2/370).
وجاء في معركة جلولاء الكبرى (البلاذري:2/324): «فلقوهم وحجر بن عدي الكندي على الميمنة، وعمرو بن معدى كرب على الخيل ، وطليحة بن خويلد على الرجال وعلى الأعاجم يومئذ خرزاد أخو رستم . فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا مثله ، رمياً بالنبل وطعناً بالرماح حتى تقصفت ، وتجالدوا بالسيوف حتى انثنت . ثم إن المسلمين حملوا حملة واحدة قلعوا بها الأعاجم عن موقفهم وهزموهم فولوا هاربين، وركب المسلمون أكتافهم يقتلونهم قتلاً ذريعاً.. وكانت وقعة جلولاء في آخر سنة ست عشرة ».
كان شجاعاً تقياً ، وظهرت له كرامات في حروبه وشهادته ، وكان أول من اقتحم بفرسه نهر دجلة العريض في فتح المدائن ، فقد طال اصطفاف المسلمين والفُرس ، وكان الفُرس على الضفة الأخرى لدجلة ، فتقدم حِجْر وقرأ: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ. وأقحم فرسه وهو يقول باسم الله ، فعبر وعبر المسلمون على أثره ! فلما رآهم العدو قالوا: ديوان ديوان ! يعني شياطين شياطين (ديوان: جمع دِيو: الغول) فهربوا فدخلنا عسكرهم». (كرامات الأولياء اللالكائي/152، وتفسير ابن كثير:1/419)
كان حِجر من كبار أصحاب علي(عليه السلام) ، وأراد أن يوليه رئاسة كندة ، ويعزل الأشعث بن قيس ، وكلاهما من ولد الحارث بن عمرو آكل المرار ، فأبى حِجر بن عدي أن يتولى الأمر والأشعث حيّ ». (الأخبار الطوال:/224).
وكان يكتب الحديث عن علي(عليه السلام) ولا يطيع أمر تحريم تدوين السنة ! «قال: ناولني الصحيفة من الكوة ، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر: إن الطهور نصف الإيمان» . (الغارات:2/812 ) .
وكان في صفين قائد ميمنة علي(عليه السلام) :( تاريخ الطبري:4/63). وقائد قوات كندة (تاريخ خليفة146 ، والغارات:1/51) .
وهو أول من خرج لرد غارات معاوية على مسالح العراق: «وطارد الضحاك بن قيس فلحقه في تدمر فقتل منهم تسعة عشر رجلاً، وقُتل من أصحابه رجلان، وحال بينهم الليل فهرب الضحاك وأصحابه». ( تاريخ الطبري:4/104) .
كان مع بعض أصحابه يشتمون أهل الشام ، فنهاهم أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال حجر: يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ، ونتأدب بأدبك .
ففي بحار الأنوار:32/399: «روى نصر عن عبد الله بن شريك قال: خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يُظهران البراءة من أهل الشام، فأرسل علي(عليه السلام) إليهما أن كُفَّا عما يبلغني عنكما ، فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى . قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لَعَّانين شتامين تشتمون وتبرؤون ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم: من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا ، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر . وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم: اللهم أحقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بينهم وبيننا، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لج به، لكان أحب إلي وخيراً لكم. فقالا: يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك».
وحِجْر هو الذي فضح تآمر الأشعث رئيس كندة في قتل أمير المؤمنين(عليه السلام) . ففي مقاتل الطالبيين/20: «والأشعث في بعض نواحي المسجد ، فسمع حجر بن عدي الأشعث يقول لابن ملجم: النجاء النجاء لحاجتك ، فقد فضحك الصبح ، فقال له حجر: قتلته يا أعور ، وخرج مبادراً إلى علي(عليه السلام) ».
وكان حِجْر معتمدَ الإمام الحسن(عليه السلام) :« تحرك الحسن(عليه السلام) وبعث حجر بن عدي فأمر العمال بالمسير ، واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ، ثم خفَّ معه أخلاط من الناس». (الإرشاد:2/10، ومقاتل الطالبيين/39) .
وقتله معاوية بدون أي حجة إلا تشيعه لعلي(عليه السلام) ، وبعد أن وقَّع في صلحه مع الإمام الحسن(عليه السلام) أن لا يتعقب أحداً من شيعة علي(عليه السلام) .
واعترف بجريمته وقال: «ما قتلت أحداً إلا وأنا أعرف فيمَ قتلتُه وما أردت به! ما خلا حجر بن عدي، فإني لا أعرف فيمَ قتلته». (تاريخ دمشق:12/231)
وكان قتله في صفر سنة إحدى وخمسين هجرية: (الطبري:4/187، وتاريخ خليفة بن خياط/160، ومستدرك الحاكم:3/468، ومعارف ابن قتيبة/178).
وغضب الإمام الحسين(عليه السلام) لقتل حجر ، وعائشة والصحابة وأخيار الأمة . ففي الإحتجاج:2/19: «عن صالح بن كيسان قال: لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي (عليه السلام) فقال: يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك؟ فقال (عليه السلام) : وما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم! فضحك الحسين (عليه السلام) ثم قال: خَصَمَكَ القوم يا معاوية، لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم ولا قبرناهم! ولقد بلغني وقيعتك في عليٍّ وقيامك ببغضنا، واعتراضك بني هاشم بالعيوب، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك ثم سلها الحق عليها ولها، فإن لم تجدها أعظم عيباً فما أصغر عيبك فيك، وقد ظلمناك يا معاوية فلا توترن غير قوسك ولا ترمين غير غرضك، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب ، فإنك والله لقد أطعت فينا رجلاً ما قدم إسلامه ولا حدث نفاقه ولا نظر لك! فانظر لنفسك أو دع». يقصد عمرو العاص، الذي له دور أساسي في خطط معاوية !
وقالت له عائشة: «يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال: لست أنا قتلتهم، إنما قتلهم من شهد عليهم»! (الطبري:4/208، والإستيعاب:1/331، وأنساب الأشراف/1265. وفي الطبقات:6/219، أن عائشة بعثت رسالة الى معاوية وأنها وصلت بعد قتله! والروض الأنف:3/366، وفيه: (فقال أوَ أنا؟ ! إنما قتلهم من شهد عليهم) !
يقصد بذلك شهدوا عليهم بأنهم طعنوا في معاوية وخرجوا من بيعته !
قال ابن سيرين: «أربع خصال كنَّ في معاوية ، لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ! واستخلافه بعده ابنه سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير. وادعاؤه زياداً وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش وللعاهر الحجر . وقتله حجراً وأصحاب حجر ، فيا ويلاً له من حجر ! ويا ويلاً له من أصحاب حجر » . (الطبري:4/208).
كان الربيع بن زياد المذحجي من القادة أبطال الفتح ، وهو يشبه حجر بن عدي الكندي رضي الله عنهما ، وعندما قتل حجر كان حاكم خراسان .
قال ابن سعد في الطبقات(6/159): «وكان عمر يقول: دلوني على رجل إذا كان في القوم وهو أمير ، فكأنه ليس بأمير ، وإذا كان فيهم وهو غير أمير فكأنه أمير . فقالوا: ما نعلمه إلا الربيع بن زياد بن أنس ، وكان متواضعاً خيراً ، وقد ولي خراسان ، وفتح عامتها ».
وقد نزل عليه قتل حجر بن عدي كالصاعقة، فقال: ذلت العرب بعد قتل حجر صبراً! قال الطبري:4/216: « فقال: لا تزال العرب تُقتل صبراً بعده ، ولو نَفَرَتْ عند قتله لم يقتل رجل منهم صبراً ، ولكنها أقرت فذلت ! فمكث بعد هذا الكلام جمعة، ثم خرج في ثياب بياض في يوم جمعة فقال: أيها الناس إني قد مللت الحياة ، وإني داع بدعوة فأمنوا . ثم رفع يده بعد الصلاة وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك عاجلاً، وأمَّن الناس ، فخرج فما توارت ثيابه حتى سقط ، فحمل إلى بيته واستخلف ابنه عبد الله ، ومات من يومه».
وكان حجرٌ يردد عند موته الحديث النبوي: الموت في حب علي (عليه السلام) شهادة! ففي مختصر أخبار الشعراء للمرزباني/49: «لما قَدِمَ حجر عذراء قال: ما هذه القرية؟ فقيل: عذراء. فقال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلم ذكر الله فيها وسجد، وأول مسلم نبح عليه كلابها في سبيل الله، ثم أنا اليوم أحمل إليها مصفداً في الحديد ! ثم قال حجر للذي أمر بقتلهم: دعني أصلي ركعتين خفيفتين ، فلما سلم انفتل إلى الناس فقال: لولا أن يقولوا جزع من الموت لأحببت أن يكونا أنفس مما كانتا وأيم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ما هاتان بنافعتيَّ شيئاً ، ثم أخذ ثوبه فتحزَّم به ، ثم قال لمن حوله من أصحابه: لاتحلوا قيودي فإني أجتمع ومعاوية على هذه المحجة ! ثم مشى إليه هدبة الأعور بالسيف ، فشخص إليه حجر فقال: ألم تقل إنك لم تجزع من الموت؟ فقال: أرى كفناً منشوراً ، وقبراً محفوراً ، وسيفاً مشهوراً ، فما لي لا أجزع ! أما والله لئن جزعت لا أقول ما يسخط الرب ! فقال له: فابرأ من علي وقد أعدَّ لك معاوية جميع ما تريد إن فعلت! فقال: ألم أقل إني لا أقول ما يسخط الرب ! والله لقد أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيومي هذا! ثم قال: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدمه، فقدمه فضربت عنقه ، فقيل له: تعجلت الثكل ! فقال: خفت أن يرى هوْل السيف على عنقي فيرجع عن ولاية علي(عليه السلام) فلا نجتمع في دار المقامة التي وعدها الله الصابرين !
ولما حمل عبد الرحمن بن حسان العنزي، وكريم بن عفيف الخثعمي، وكانا من أصحابه، قال العنزي: يا حجر لا تُبعد ولا يبعد ثوابك، فنعم أخو الإسلام كنت. وقال الخثعمي: يا حجر لا تُبعد ولا تُفقد، فلقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ثم ذهب بهما فأتبعهما حجر بصره، وقال:
كفى بشَفَاةِ القبر بعداً لهالكٍ *** وبالموت قطَّاعاً لحبل القرائن
ثم التفت إلى بقية أصحابه فرأى منهم جزعاً، فقال: قال لي حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا حجر تقتل في محبة عليٍّ صبراً، فإذا وصل رأسك إلى الأرض مادت وأنبعت عين ماء فتغسل الرأس! فإذا شاهدتم ذلك فكونوا على بصائركم، وقدم فضربت عنقه فلما وصل رأسه إلى الأرض مادت من تحته وأنبعت عين ماء فغسلت الرأس! قال: فجعل أصحابه يتهافتون إلى القتل فقال لهم أصحاب معاوية: يا أصحاب علي، ما أسرعكم إلى القتل! فقالوا: من عرف مستقره سارع إليه» !
وعندما كان محبوساً في بستان في مرج عذراء أصابته جنابة ، فقال للسجان أعطني من الماء شرابي اليوم وغداً لأتطهر به، ولا أطلب منك شيئاً . قال: أخاف أن تموت عطشاً فيقول معاوية أنت قتلته ! قال: فبنى حِجْر حِجَاراً (حوضاً) ودعا الله فأسكبت سحابة فصبت من الماء ما أراد ، فتطهر حجر ! فقال له بعض أصحابه: لو دعوت الله أن يخلصنا لفعل! فقال حجر: اللهم خِرْ لنا، ثلاثاً» . (فيض القدير:4/166، والغارات:2/812 ، ومختصر أخبار شعراء الشيعة/49):
وقيل إن شجر ذلك البستان جفَّت من يوم شهادته ! (شرح الأخبار:2/171).
وقُتل مع حِجْر خمسة من أصحابه ضربت أعناقهم رضي الله عنهم وهم: شريك بن شداد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشيباني ، وقبيصة بن ضبيعة العبسي ، ومحرز بن شهاب السعدي ثم المنقري ، وكدام بن حيان العنزي . أما السابع عبد الرحمن بن حسان العنزي، فأعاده معاوية إلى زياد بن أبيه، وأمره أن يدفنه حياً في الكوفة ليرهب به الناس !
وتوسط لهم الصحابة وزعماء القبائل والشخصيات ، فلم يقبل معاوية وساطتهم إلا في سبعة فأطلقهم ، وهم: كريم بن عفيف الخثعمي ، وعبد الله بن حوية التميمي ، وعاصم بن عوف البجلي ، وورقاء بن سمي البجلي ، والأرقم بن عبد الله الكندي ، وعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر، وسعيد بن نمران الهمداني» . (تاريخ دمشق:8/27)
وقد أخبر النبي(صلى الله عليه وآله) وعلي(عليه السلام) بأن حجر بن عدي سيقتل ويغضب الله له روت عائشة كما في تاريخ دمشق:12/226: «عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة وأن بقاءهم فساد للأمة! فقالت: سمعت رسول الله يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم أهل السماء». وفيض القدير:4/166.
وفي تاريخ دمشق:12/227: «عن ابن زرير الغافقي عن علي (عليه السلام) قال: يا أهل الكوفة ، سيقتل فيكم سبعة نفر خياركم ، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود ».
وقال حجر: «قال لي علي(عليه السلام) :كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعنتي؟ قلت له: كيف أصنع؟ قال: إلعني ولا تبرأ مني فإني على دين الله». (البحار:39/324) .
أرسل اليه معاوية مجرماً كبيراً فأحضره اليه ثم قتله ! «سمعت أبا داود قال: قتل حجر بن عدي على يدي أبي الأعور السلمي». (سؤالات الآجري:1/331)
وفي تاريخ الطبري:4/190: «فشُدَّ في الحديد ثم حُمل إلى معاوية ، فلما دخل عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فقال له معاوية: أمير المؤمنين! أما والله لا أقيلك ولا أستقيلك، أخرجوه فاضربوا عنقه ! فأخرج من عنده ، فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين فقالوا: صَلِّهْ فصلى ركعتين خفف فيهما ، ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أنا عليه ، لأحببت أن تكونا أطول مما كانتا ، ولئن لم يكن فيما مضى من الصلاة خير فما في هاتين خير . ثم قال لمن حضره من أهله: لا تطلقوا عني حديداً ولا تغسلوا عني دماً فإني ألاقي معاوية غداً على الجادة ، ثم قدم فضربت عنقه».
معناه أن حجر قال له إني بايعتك بأمر الإمام الحسن(عليه السلام) ولم أنقض بيعتي ، وقد افترى عليَّ عاملك على الكوفة وقال إنه نقض بيعتك ! فقال له معاوية: لا أقبل منك وسأقتلك !
وأصيب معاوية بالهلوسة قبل موته ، فكان يهذي باسم علي(عليه السلام) ، وحجر، وعمرو بن الحمق . قال ابن الأعثم في الفتوح:4/344: «وجعل معاوية يبكي لما قد نزل به...وكان في مرضه يرى أشياء لا تسره ! حتى كأنه ليهذي هذيان المدنف وهو يقول: إسقوني إسقوني فكان يشرب الماء الكثير فلا يروى ! وكان ربما غُشيَ عليه اليوم واليومين ، فإذا أفاق من غشوته ينادي بأعلى صوته: ما لي ومالك يا حجر بن عدي! مالي وما لك يا عمرو بن الحمق! مالي ومالك يا ابن أبي طالب»!
وقال الطبري في تاريخه:4/191: «قال ابن سيرين: بلغنا أنه لما حضرته الوفاة جعل يغرغر بالموت وهو يقول: يومي بك يا حجر يوم طويل». ونهاية الإرب/4459.
ووقد حاول معاوية وواليه أن يلعن حِجْرٌ علياً(عليه السلام) ويتبرأ منه فلم يفعل، ففي شرح النهج:4/58: «وأمر المغيرة بن شعبة وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية ، حجرَ بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن علياً ! فأبى ذلك فتوعده فقام فقال: أيها الناس ، إن أميركم أمرني أن ألعن علياً فالعنوه ! فقال أهل الكوفة: لعنه الله ، وأعاد الضمير إلى المغيرة بالنية والقصد ».
وفي رجال الكشي:1/319 ، أنه قال مثل ذلك عندما طلب منه حاكم اليمن أن يلعن علياً(عليه السلام) في صنعاء ! وفي الغدير:9/119: «قاموا إليهم فقالوا: تبرؤون من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه. فأخذ كل رجل منهم رجلاً وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً، حتى قتلوا ستة». (الطبري:6/141،والنهاية: 7/49).
وأوصى حجر أن يدفنوه بثيابه ودمائه ، ليخاصم معاوية وهو مضرج بدمه ففي مصنف ابن أبي شيبة:3/139: «قال حجر بن عدي لمن حضره من أهل بيته: لا تَغْسلوا عني دماً ، ولا تُطلقوا عني حديداً ، وادفنوني في ثيابي ، فإني ألتقي أنا ومعاوية على الجادة غداً !». (ونحوه في تاريخ دمشق:12/225 ، والطبقات: 6/219).
وبعد أن قتل معاوية حجراً ، أمر عامله فهدم داره بالكوفة! (الطبري:4/536).
كان حجر رئيس قبائل كندة ، أو في مرتبة رئيسها ، وقد تحمل الإضطهاد أو القتل معه عدد من أصحابه من رؤساء القبائل وشخصيات الإسلام وفرسانه ، الذين فتحوا العراق والشام ، فمنهم مثلاً: «سعيد بن نمران الهمداني الناعطي، كان كاتباً لعلي(عليه السلام) وأدرك من حياة النبي(صلى الله عليه وآله) أعواماً وشهد اليرموك ، وسار إلى العراق مدداً لأهل القادسية ، وكان من أصحاب حجر بن عدي ، وسيَّره زياد مع حجر إلى الشام ، فأراد معاوية قتله مع حجر ، فشفع فيه حمزة بن مالك الهمداني فخلى سبيله». (أسد الغابة:2/316).
وكفى بذلك دليلاً على اضطهاد قادة الفتح وفرسانه بيد الحكام السياسيين والإداريين، فالعسكريون يضحون ويحققون النصر للمسلمين ويفتحون البلاد، ويسلمونها الى الخليفة، فيسلمها الى أناس يختارهم لإدارتها، وهم عادة من أجبن الناس وأبعدهم عن الجهاد والفروسية وأخلاقها، فيصادرون جهود غيرهم، ويضطهدونهم، ثم يزعمون أنهم هم الذين جاهدوا وفتحوا!
وقد كان لاعتقال حِجْرٍ وسجنه ثم قتله تأثير كبير على المجتمع الإسلامي آنذاك، رغم سيطرة معاوية. وقد روى الطبري:4/191، والبلاذري في أنساب الأشراف/1256، وغيرهما مواقف حجر مع حاكم الكوفة المغيرة بن شعبة، ومع ابن زياد ، وتفاصيل حملة اعتقاله وأصحابه ، وتسفيرهم الى الشام ، وما كذبوه عليهم .
وقال الشعراء كثيراً في رثاء حجر الشهيد رضي الله عنه، ورووا قصائد عديدة في أمهات المصادر كالطبري وابن عساكر. وقال ابن سعد:6/220: «وقد كانت هند بنت زيد الأنصارية، وكانت شيعية، قالت حين سير بحجر إلى معاوية:
ترفع أيها القمر المنيرُ
ترفع هل ترى حجراً يسيرُ
يسير إلى معاوية بن حرب
ليقتله كما زعم الخبير
تجبرت الجبابر بعد حجر
وطاب لها الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا
كأن لم يحيها يوما مطير..الخ).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|