العوامل الجيوستراتيجية: يقصد بها مجموعة من المعايير التي تحقق أهدافا" مكانية استراتيجية والتي يأخذ بعين الاعتبار عند توطين وحدات الصناعات التحويلية فهذه المجموعة من الاعتبارات تختلف عن الاعتبارات الاستراتيجية والتي تتلخص فيما يعبر عنها بالأمن الوطني للدولة ليس من خلال معيار الكلفة الاقتصادية والاجتماعية بل من خلال ما توفره المواقع المختارة من حماية عسكرية ووطنية وقومية لمنشآتها، فهذه الاعتبارات تتخطى دائرة النظرة الاقتصادية إلى ابعد من ذلك، حيث تأخذ مستويات التخطيط الشامل ومفهوم سياسة الحماية الإقليمية فهي تنظر إلى إقليم الدولة الواحدة السياسية كوحدة متكاملة الوظائف الداخلية والخارجية من خلال علاقاتها المتنوعة مع الوحدات السياسية المجاورة خلال مسيرة زمنية طويلة، ويمكن إن نضمن ذلك وفق الصراع الإنساني القائم والدائم بين الخير والشر والأطماع الخارجية التي لا يمكن استبعادها في إي فترة زمنية كونها تشكل خطراً دائماً، وعليه فان الحاسة العسكرية والأمنية هي التي تحكم موقع العديد من النشاطات الاقتصادية ذات الحس الأمني لدولة بشكل عام والنشاطات الصناعية بشكل خاص من خلال الأبعاد السوقية والتعبوية للإقليم السياسي للدولة وبما يتيح من وفورات الدفاع بعمق والتي تشكل عمقا جغرافيا مما لا يدع مثل هذه الفرصة تشكل فراغا جغرافيا وأمنياً ضد الدولة.

إن نشر التركز الصناعي الذي يحدد اختيار مواقع ملائمة للتوقيع الصناعي هو ضمن التوجه الجيوستراتيجي والبيئي الذي غدا واجبا رئيسيا يقع على كاهل الدول المتقدمة  منها والنامية لكي تضع سياسة التوزيع والانتشار الجغرافي للصناعة في كافة أرجائها فيما يحقق العمق الستراتيجي و لا يتعارض هذا الهدف مع محاولة القضاء على المساوئ الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عن التركز الصناعي في بعض المناطق فبعثرة الصناعة بالمفهوم الاستراتيجي هي إجراءات تخطيطية بسيطة لحماية المركب الصناعي والذي تلخص في استخدام المسافة والطبوغرافيا في الدفاع ضد الهجوم من اجل حماية ذات حجم صغير وبالتالي تقلل من الاحتمال النسبي لمواجهة كل منها والذي يؤخذ بنظر الاعتبار في اختيار وتوقيع المواقع الصناعية في كثير من الأحيان مما يجعله أحد العوامل المهمة التي أثرت وتؤثر في اختيار المواقع الصناعية.