أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
3770
التاريخ: 3-04-2015
3553
التاريخ: 18-4-2019
3607
التاريخ: 26-6-2019
4480
|
انّ الامام الحسين (عليه السلام) كتب كتابا الى أهل الكوفة جوابا لهم و أرسله بيد مسلم بن عقيل وأمره بالذهاب الى الكوفة.
فتهيّأ مسلم للشخوص الى الكوفة، فودع الحسين (عليه السلام) وخرج من مكّة (وفي بعض الروايات انّه خرج من مكة ليلة النصف من شهر رمضان وقدم الى الكوفة في الخامس من شوال) فذهب الى المدينة فصلى في المسجد وزار النبي (صلى الله عليه واله) ثم ذهب الى أهله فودّعهم، ثم استأجر دليلين من قيس فأقبلا به يتنكبان الطريق فضلا وأصابهما عطش شديد فعجزا عن المسير فأومأ له الى سنن الطريق بعد أن لاح لهما ذلك، فسلك مسلم ذلك السنن و مات الدليلين عطشا، فوصل مسلم بن عقيل الى قرية تسمى بمضيق، بعسر ومشقة فكتب من هناك كتابا الى الحسين (عليه السلام) يريد منه أن يعفيه من مهمّته و يستبدل غيره فأرسل كتابه بيد قيس بن مسهر، و لم يعفه الامام و أمره بالذهاب الى الكوفة .
فلما وصل الكتاب الى مسلم عجّل بالذهاب الى الكوفة فلما قدمها ذهب الى دار المختار بن ابي عبيدة الثقفي، المعروف بدار سالم بن المسيب، وعلى رواية الطبري نزل عند مسلم بن عوسجة، ففرح أهل الكوفة وجاءوا إليه أفواجا، فكان يقرأ على كل جماعة منهم كتاب الامام (عليه السلام) فيستمعون و يبكون ثم يبايعون.
وفي تاريخ الطبري انّه : قام عابس بن أبي شبيب الشاكري فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال : امّا بعد فانّي لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرّك منهم واللّه أحدثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه، واللّه لأجيبنّكم اذا دعوتم و لأقاتلنّ معكم عدوّكم و لأضربنّ بسيفي دونكم حتى ألقى اللّه، لا أريد بذلك الّا ما عند اللّه.
فقام حبيب بن مظاهر فقال : رحمك اللّه قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك، ثم قال : وانا واللّه الذي لا إله الّا هو على مثل ما هذا عليه.
ثم قال الحنفي مثل ذلك (يمكن أن يكون المراد منه سعيد بن عبد اللّه الحنفي) .
وقال الشيخ المفيد رحمه اللّه و غيره : و بايعه الناس حتى بايعه منهم ثمانية عشر الفا فكتب مسلم الى الحسين (عليه السلام) يخبره ببيعة ثمانية عشر الفا ويأمره بالقدوم وجعلت الشيعة تختلف الى مسلم بن عقيل رحمه اللّه حتى علم بمكانه فبلغ النعمان بن بشير ذلك وكان واليا على الكوفة من قبل معاوية فأقرّه يزيد عليها .
فصعد المنبر وهدّد الناس وخوّفهم وأمرهم بترك الاختلاف والذهاب الى مسلم، فلم يستمع الناس كلامه وظلّوا يختلفون الى مسلم، فلما رأى عبد اللّه بن مسلم بن ربيعة- من شيعة بني أميّة- ضعف النعمان وعدم سيطرته على الاوضاع كتب الى يزيد كتابا وأخبره عن قدوم مسلم الى الكوفة وبيعة أهلها له وسعى في عزل النعمان وارسال غيره.
وكتب ابن سعد أيضا كتبا الى يزيد فأخبره بوقائع الكوفة وما يجري فيها، فلما بلغ ذلك يزيد اللعين، شاور سرجون- وهو مولى ابيه معاوية ومن خواصّه ومستشاره فصار بعده في خدمة يزيد- فاستقر رأيهما على جعل عبيد اللّه بن زياد واليا عليها مضافا الى البصرة فكتب يزيد الى عبيد اللّه الذي كان واليا على البصرة آنذاك: «اما بعد فانّه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني انّ ابن عقيل فيها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة حتى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه، والسلام».
فأمر عبيد اللّه بالجهاز من وقته والمسير والتهيؤ الى الكوفة من الغد، ثم خرج من البصرة فاستخلف أخاه عثمان وأقبل الى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلي وشريك بن الاعور الحارثي وحشمه وأهل بيته حتى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء و هو متلثم والناس قد بلغهم اقبال الحسين (عليه السلام) إليهم فهم ينتظرون قدومه فظنوا حين رأوا عبيد اللّه انّه الحسين (عليه السلام).
فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس الّا سلّموا عليه و قالوا مرحبا بك يا ابن رسول اللّه قدمت خير مقدم، فرأى من تباشرهم بالحسين (عليه السلام) ما ساءه فقال مسلم بن عمرو لما اكثروا:
تأخروا هذا الامير عبيد اللّه بن زياد، و سار حتى وافى القصر بالليل ومعه جماعة قد التفوا به (فبات تلك الليلة هناك) فلما أصبح نادى في الناس الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فخرج إليهم فصعد المنبر وهدّدهم وخوّفهم من معصية الخليفة وواعدهم الاحسان والجوائز بطاعة يزيد.
ثم نزل من المنبر ودعا رؤساء القبائل والمحلات وأمرهم أن يكتبوا إليه اسم من يظنّون انّه في مقام الخلاف و النفاق مع يزيد، ولو توانو في هذا الامر و لم يفعلوه، فدمهم و مالهم مباح .
ولما سمع مسلم خرج من دار المختار حتى انتهى الى دار هاني بن عروة فدخلها واختفى هناك. وعلى رواية الطبري أبي الفرج انه لما دخل مسلم دار هاني بن عروة المرادي : فدخل بابه و أرسل إليه أن أخرج، فخرج إليه هاني فكره هاني مكانه حين رآه، فقال له مسلم : أتيتك لتجيرني وتضيّفني فقال : رحمك اللّه لقد كلفتني شططا ولولا دخولك داري و ثقتك، لأحببت و لسألتك أن تخرج عنّي غير انّه يأخذني من ذلك ذمام وليس مردود على مثلك عن جهل أدخل، فآواه .
ونرجع الى الرواية السابقة، لما دخل مسلم دار هاني أخذت الشيعة تختلف إليه في دار هاني على تستّر واستخفاء من عبيد اللّه وتواصوا بالكتمان فكان الامر هكذا حتى بايعه خمسة و عشرون الف رجل- على رواية ابن شهرآشوب - و كان ابن زياد لا يعلم بمكان مسلم و موضعه وقد جعل العيون كي يطّلع عليه، فعلم بعد اعمال الحيل انّه في دار هاني، وكان معقل- مولى ابن زياد- يختلف على مسلم كل يوم و يطلع على خفايا وأسرار الشيعة ثم يبلغها الى ابن زياد.
وخاف هاني بن عروة من عبيد اللّه على نفسه، فانقطع عن حضور مجلسه و تمارض.
فقال ابن زياد لجلسائه : ما لي لا أرى هانيا؟.
فقالوا : هو شاك.
فقال : لو علمت بمرضه لعدته، و دعا محمد بن الأشعث وأسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي وكانت رويحة بنت عمرو تحت هاني بن عروة.
فقال لهم : ما يمنع هاني بن عروة من اتياننا؟.
فقالوا : ما ندري و قد قيل انّه يشتكي.
قال : قد بلغني انّه قد برىء و هو يجلس على باب داره، فالقوه ومروه الّا يدع ما عليه من حقّنا فانّي لا أحبّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب.
فأتوه وأرضوه بالذهاب الى ابن زياد، فخرجوا معه إليه، فقال في الطريق لحسان بن اسماء بن خارجة : يا ابن الأخ انّي و اللّه لهذا الرجل لخائف فما ترى.
فقال : يا عم و اللّه ما أتخوّف عليك شيئا و لم تجعل على نفسك سبيلا.
فكان يسلّيه حتى قدموا على ابن زياد اللعين فلما رأى عبيد اللّه هاني.
قال : اتتك بخائن رجلاه، فبدأ بتوبيخه وعتابه و قال له : إيه يا هاني ما هذه الامور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين جئت بمسلم بن عقيل فادخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك و ظننت انّ ذلك يخفى عليّ.
فانكر هاني ذلك فدعا عبيد اللّه معقلا ذلك العين فجاء حتى وقف بين يديه فلمّا رآه هاني علم انّه كان عينا عليهم وانّه قد أتاه باخباره فلم يقدر على الانكار فقال : واللّه ما دعوته الى منزلي ولا علمت بشيء من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحييت من ردّه ودخلني من ذلك ذمام فضيّفته وآويته، وإن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك وانطلق إليه فأمره أن يخرج من داري الى حيث شاء من الارض فأخرج من ذمامه و جواره.
فقال له ابن زياد اللعين : و اللّه لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به، قال هاني : لا واللّه لا أجيبك به أبدا أجيئك بضيفي تقتله، فكثر الكلام بينهما وبالغ ابن زياد في ما يريده وتضايق هاني عن اجابته.
فقام مسلم بن عمرو الباهلي فقال : أصلح اللّه الامير خلّني و ايّاه حتى أكلّمه، فقام فخلا به ناحية من ابن زياد وهما منه بحيث يراهما فاذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان، فقال له مسلم : يا هاني أنشدك اللّه أن تقتل نفسك وأن تدخل البلاء في عشيرتك فو اللّه انّي لأنفس بك عن القتل، انّ هذا الرجل ابن عم القوم و ليسوا قاتليه ولا ضارّيه فادفعه إليهم.
فقال هانيّ : واللّه انّ عليّ في ذلك الخزي والعار أن أدفع جاري وضيفي وأنا حيّ صحيح أسمع وأرى، شديد الساعد، كثير الأعوان، واللّه لولم اكن الّا واحدا ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه.
فسمع ابن زياد ذلك فقال : أدنوه منّي، فأدنوه منه، فقال : واللّه لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك، فقال هاني : اذا و اللّه لتكثر البارقة حول دارك، و لتكثر السيوف عليك من بني مذحج.
فقال ابن زياد : وا لهفاه عليك أبا بارقة تخوفني؟ و هو يظنّ انّ عشيرته سيمنعونه، ثم قال : أدنوه منّي، فأدني منه، فاعترض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخدّه حتى كسر انفه وسال الدم على وجهه ولحيته ونثر لحم جبينه وخدّه على لحيته حتى كسر القضيب و ضرب هاني يده الى قائم سيف شرطي و جاذبه الرجل و منعه.
فقال عبيد اللّه: ..قد حلّ لنا دمك جرّوه، فجرّوه فألقوه في بيت من بيوت الدار واغلقوا عليه بابه فقام إليه اسماء بن خارجة- و على رواية المفيد حسان بن اسماء- فقال : أرسل غدر ساير اليوم أمرتنا أن نجيئك بالرجل حتى اذا جئناك به هشمت أنفه ووجهه وسيّلت دماءه على لحيته و زعمت انّك تقتله.
فلما سمع ابن زياد ذلك غضب، فأمر به، فلهز و تعتع واجلس ناحية، فقال محمد بن الاشعث: قد رضينا بما رأى الأمير، لنا كان أم علينا إنمّا الامير مؤدب، و بلغ عمرو بن الحجاج انّ هانيا قد قتل فأقبل في مذحج حتى أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم ثم نادى:
انا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها لم نخلع طاعة و لم نفارق جماعة.
فخاف ابن زياد وأمر شريح القاضي ان يدخل على هاني و ينظر إليه ثم يخبر القوم بانّه حي لم يقتل، فدخل شريح فنظر إليه والدماء تسيل عليه وهو يقول : يا للّه يا للمسلمين، أهلكت عشيرتي؟ اين أهل الدين اين أهل المصر؟ انّه ان دخل عليّ عشرة نفر أنقذوني .
فلمّا سمع كلامه شريح خرج إليهم وأخبرهم بانّ هاني حيّ و انّ الذي بلغهم من قتله باطل فحمدوا اللّه و أثنوا عليه ثم تفرقوا و انصرفوا.
ولمّا بلغ مسلم ذلك أمر ان ينادى في اصحابه بالخروج للقتال، فاجتمع هؤلاء الغدرة على باب هاني، فخرج إليهم مسلم وعقد لكل قبيلة راية، وما لبث قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس و السوق، فضاق بعبيد اللّه امره وليس معه في القصر الّا خمسون نفرا وباقي اصحابه خارج القصر ليس لهم إليه سبيل.
فاجتمع اصحاب مسلم حول القصر وأخذوا يرمون من في القصر بالحجارة و يشتمون و يفترون على عبيد اللّه وعلى ابيه، فدعا ابن زياد كثير بن شهاب و أمره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيسير في الكوفة و يخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب و يحذرهم عقوبة السلطان.
وأمر محمد بن الاشعث أن يخرج فيمن اطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس و ينادي انّه من دخل تحت هذه الراية فعرضه و ماله و دمه في امان، و قال مثل ذلك للقعقاع الذهلي و شبث بن ربعي و حجّار بن ابجر و شمر بن ذي الجوشن، فأرسلهم للغدر بالناس واغوائهم.
فأقام محمد بن الاشعث علما فاجتمع حوله جمع من الناس مع انصراف جمع آخر بسبب الوساوس الشيطانية التي بثّها أعوان عبيد اللّه حتى اجتمع عندهم خلق كثير فذهبوا الى القصر و دخلوه من الخلف، فلمّا أحسّ ابن زياد بكثرة اعوانه عقد راية لشبث بن ربعي و أرسله مع جمع من المنافقين الى خارج القصر وأمر رؤساء القبائل أن يصعدوا على السطوح و يخذّلوا الناس عن مسلم و يقولوا : أيّها الناس الحقوا بأهاليكم و لا تعجلوا الشرّ و لا تعرضوا انفسكم للقتل فانّ هذه جنود الشام قد أقبلت، وقد أعطى الامير عهدا أن يزيد في عطائكم وأقسم باللّه لان لم تنصرفوا من عشيتكم ليحرمنّ ذريتكم العطاء ويفرق مقاتليكم في مغازي الشام وأن يأخذ البريء منكم بالسقيم و الشاهد بالغائب حتى لا يبقى له بقية من أهل المعصية الّا أذاقها وبال ما جنت أيديها.
وتكلم كثير بن شهاب والاشراف بنحو من ذلك فلمّا سمع الناس ذلك أخذوا يتفرقون قبل أن تغرب الشمس .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|