أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
1835
التاريخ: 3-03-2015
1835
التاريخ: 29-03-2015
5081
التاريخ: 29-03-2015
1600
|
جمال الدين عبد اللّه بن يوسف بن هشام الأنصاري (708-761) من أجل أئمة مدرسة ابن مالك، قد اعتنق مبادئها، و شرح كتبها و أغناها بمصنفات من عنده، منها ما تناول مستوى الناشئين مثل قطر الندى و بل الصدى، و منها شذور الذهب، لمستوى أعلى، غير أن أهم ما ألفه ابن هشام هو: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب.
و كان في كل أعماله وفيا للأسس التي بنيت عليها مدرسة ابن مالك من جمع، و تحرر، و تنظيم، و وضوح.
و قد سبقت الإشارة إلى العلاقة بينه و بين أستاذه أبي حيان، و أنه تصدى لاعتراضاته على ابن مالك، و كان بذلك يدافع عن شيخ مدرسته. و الحقيقة أن ابن هشام لم يكن متعصبا ضد أبي حيان و لا لابن مالك، و إنما كان يستجيب لرأيه هو، و لاختياره بعد مقارنة الأقوال و موازنة الأدلة.
و مع تقديره لابن مالك فإنه قد تناوله بالنقد العلمي البعيد عن التعصب، ففي كتاب المغني مثلا، أورد له نحوا من أربعين مسألة تابعه في بعضها و خالفه في بعض و سكت عن بعض، و بين عدة قضايا تابع فيها ابن مالك الكسائي و الفراء. و في قضايا متعددة نسبه إلى الخطأ أو الوهم أو السهو.
ص338
فمن المسائل التي نبه على اختياره فيها إعطاء «إن» الشرطية حكم «لو» في الإهمال، و اعطاء «لو» حكم «إن» في الإعمال(1). و هذه المسألة من مباحث ابن مالك في التوضيح على شواهد الجامع الصحيح. و منها إنكاره بناء «مثل» : في قوله تعالى: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مٰا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) (الذاريات- الآية 23) معللا بكونها تثنى و تجمع، بدليل ورود »أُمَمٌ أَمْثٰالُكُمْ« و قول الشاعر(2):
و في معرض الحديث عن «أو» نبه ابن هشام على أن ابن مالك قال في خلاصته و في شرح الكافية إنها تأتي للتقسيم، غير أنه عدل عن ذلك في التسهيل، فذكر أنها تأتي للتفريق المجرد من الشك و الإبهام و التخيير(4)، و قال: إن هذا أولى من التعبير بالتقسيم لأن استعمال الواو في التقسيم أجود نحو الكلمة (اسم و فعل و حرف) (5)، لكنه خالفه في معاقبتها للواو، إذا كانت للإباحة، و لكونها تأتي بمعنى «و لا» لأنه لو قيل «جالس الحسن و ابن سيرين لكان المأمور به مجالستهما معا» . أما قوله تعالى: (وَ لاٰ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ ) (النور-الآية 61) فهذه هي بعينها و إنما جاءت «لا» لتأكيد النفي (6).
و ما دمنا في باب العطف، نذكر أن ابن هشام قال إن ابن مالك وهم في فهم عبارة سيبويه عن غلط العرب، فيقول إن أقسام العطف ثلاثة و هي:
1. العطف على اللفظ مثل ليس زيد بقائم و لا قاعد.
2. العطف على المحلّ مثل ليس زيد بقائم و لا قاعدا.
ص339
3. العطف على التوهم نحو ليس زيد قائما و لا قاعد بالخفض، على توهم دخول الباء في الخبر. و كما وقع هذا العطف في المجرور وقع أيضا في أخيه المجزوم، و وقع أيضا في المرفوع اسما. فأما المجزوم فقال به الخليل و سيبويه في قراءة (لَوْ لاٰ أَخَّرْتَنِي إِلىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ اَلصّٰالِحِينَ) (المنافقون- الآية 10) . و أما المرفوع فقال سيبويه: و أعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون: إنهم أجمعون ذاهبون، و ذلك على أن معناه معنى الابتداء فيرى أنه قال «هم» كما قال زهير:
و في مسألة العطف على معمولي عاملين، يقول ابن هشام: فإن لم يكن أحدهما جارا فقال ابن مالك: هو ممتنع إجماعا نحو «كان آكلا طعامك عمر و تمرك بكر» . و ليس كذلك، بل نقل الفارسي الجواز مطلقا عن جماعة و قيل إن منهم الأخفش (8).
و نسبه إلى السهو في عدة مواضع منها، أنه اجاز تقديم التمييز و استدل بقول الشاعر:
ص340
و هذا ما أهمله النحويون (10).
و منها: أن الأخفش أجاز نحو: ضرب غلامه زيدا و يقول حسان:
و منها قول ابن هشام: محل «أنّ» و «أن» بعد حذف الجار نصب عند الخليل، و جوز سيبويه كونه جرا. و ما نقل ابن مالك، أن الموضع جر عند الخليل و أن سيبويه يراه نصبا، فسهو (12).
لقد عبر ابن هشام في هذه التنبيهات بلفظ السهو و هو ضرب من النسيان و في مواضع، نسبه إلى الوهم. و هو خفيف الغلط، إذا لم يقل أنه «وهم فاحش» نحو المثال الذي ساقه في الفرق بين «لم» و «لما» . فقال: منفي «لما» مستمر النفي إلى الحال، مثل:
و يرى ابن هشام، «أن قول ابن مالك إن الاسناد اللفظي يكون في الأسماء و الأفعال و الحروف، و إن الذي يختص به الاسم هو الإسناد المعنوي لا تحقيق فيه، و قال لي بعضهم كيف تتوهم أن ابن مالك اشتبه عليه الأمر في الاسم و الفعل و الحرف؟ قلت كيف توهم ابن مالك أن النحويين كافة غلطوا في قولهم: إن الفعل يخبر به و لا يخبر عنه و إن الحرف لا يخبر به و لا عنه« . و يزيد ابن هشام قائلا: و ممن قلد ابن مالك في هذا الوهم أبو حيان (14).
ص341
و نلاحظ هنا أنه اعتقد أن ابن مالك خالف إجماع النحاة في هذه المسألة. و ليس في هذا الموضوع تصريح بهذا النوع من النقد، ففي الكلام عن أن «أم» المنقطعة لا تدخل على المفرد، و أن النحاة قدروا مبتدأ في «إنها لإبل أم شاء» قال ابن هشام: و خرق ابن مالك إجماع النحويين فقال: لا حاجة إلى تقدير مبتدأ، و زعم انها تعطف المفردات ك (بل) (15).
و في هذين المثالين يتبادر إلى الذهن أن ابن هشام يتحامل على ابن مالك، و يخطئه، لكن حينما نراجع في نهاية كلام ابن هشام في رسالته حول الاستفهام، نراه يتراجع في حكمه الصارم و يقول: إن «أم» هذه قد تفيد معنيين غالبا و هما الإضراب و الاستفهام. و مما يدل على أن المنقطعة قد تأتي لغير الاستفهام دخولها على الاستفهام كما قدمنا من الشواهد. و قد مثل قبل بقوله تعالى (أَمّٰا ذٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النمل- الآية 84).
و بهذا يعلم ضعف جزم النحويين أو أكثرهم في: «إنها لإبل أم شاء» بان التقدير بل أهي شاء، إذ يجوز التقدير (بل هي شاء و على هذا اتجه لابن مالك أن يدعي أنها عاطفة مفردا على مفرد)(16).
ففي نهاية الكلام أشار ابن هشام إلى ضعف جزم النحاة و إجماعهم، أو الأكثر منهم، و بين معنى اتجاه ابن مالك.
و إذا كان ابن هشام، لم يتحرج من الاعتراض على ابن مالك و مخالفته، و انتقاده، فإنه مع ذلك يقر له بالإمامة، و يدافع عن آرائه، و يسير في فلكه، دون تعصب أعمى أو تقليد مطلق.
ففي رسالته التي تحدث فيها عن شرح قولهم: «أنت أعلم و مالك» ؟
قال ابن هشام: هذا الذي ذكرته هو أصح و أوضح ما يقال في المسألة:
و متبوعي الجرمى من المتقدمين و ابن مالك من المتأخرين فمن كلامهما أخذت و على ما أشارا إليه اعتمدت (17).
و سوف نرى أثناء الكلام عن نحو ابن مالك في الزوايا المغربية و المحاضر الشنقيطية، ماذا قاله ابن هشام من اعتناء و تقدير.
ص342
______________________
(1) المغني:917.
(2) شواهد التوضيح و التصحيح لمشكلات الجامع الصحيح:19.
(3) المغني:671.
(4) المغني:467.
(5) المغني:92.
(6) المغني:90.
(7) المغني:615-622.
(8) المغني:632.
(9) المغني:601- 603.
(10) المغني:606.
(11) المغني:640.
(12) المغني:682.
(13) المغني:367-368.
(14) المغني:873-874.
(15) المغني:68.
(16) الأشباه و النظائر:7 /54.
(17) الأشباه و النظائر:7 /72.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|