المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الإِدماج  
  
1746   04:38 مساءاً   التاريخ: 26-03-2015
المؤلف : عبد الرحمن الميداني
الكتاب أو المصدر : البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها
الجزء والصفحة : ص789-790
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 2762
التاريخ: 25-03-2015 17789
التاريخ: 26-03-2015 20792
التاريخ: 25-09-2015 1775

الإِدماج في اللّغة: إدْخال شيء في شيء آخر، تقول مثلاً: أدْمَجْتُ متاعي، إذا أدخلتَه في ثوب أو حقيبة أو كيس أو نحوها، وأَدْمَجْتُ طَرَفَ الثوب، إذا لَفَفْتَ بعضه على بعض فأخْفَيْتَ مثْلاً المهترِئَ من هذا الطرف وجعلتَ له طرفاً سليماً.

الإِدماج في الاصطلاح هنا: إدْخال فِكْرةٍ في فكرة، أو غرضٍ بلاغيّ في غرضٍ آخر، أو وَجْهٍ من وُجُوه الْبَدِيع في وجه منه آخر، بأسلوب من الكلام لا يظهرُ منه إلاَّ إحْدَى الفكرتين، أو أَحَدُ الغرضين، أو أَحَدُ الْوَجْهَين، فإذا تأمّل المتفكِّرُ ظهَرَ لَهُ الْمُدْمَجُ وسَرَّهُ هذا الإِدماج.

وعرَفه القزويني بقوله: هُوَ أنْ يُضَمَّنَ كَلامٌ سِيقَ لمعنًى آخر.

كأن يُوجَّه الكلام في القرآن لوعد الرسول والمؤمنين بالنصر والتأييد من الله عزّ وجلّ، ويُدْمَج فيه وَعِيدُ الكافرين بالهزيمةِ والانكار والذّلّة والخذلان من الله عزّ وجلّ.

ولدى تحليل كثير من النصوص يظهر بالتأمُّل ما فيها من الإِدماج في الأفكار، والأغراض البلاغية، ووجوه البديع.

أمثلة:

المثال الأوّل: قول المتنبّي يَصِفُ لَيْلَهُ الطَّوِيل بسبب تراكُم همومه عليه:

*كَأَنَّ دُجْاهُ يَجْذِبُهَا سُهَادِي * فَلَيْسَ تَغِيبُ إلاَّ أَنْ يغِيبَا*

*أُقَلِّبُ فِيهِ أَجْفَانِي كَأَنِّي * أَعُدُّ بهِ عَلَى الدَّهْرِ الذُّنُوبَا*

دُجَى اللَّيلِ: ظلمتُه الشديدة. والسَّهادُ: الأرَقُ.

لقد صوَّر أن سبب طُول ليلهِ وبقاء ظلمته أنَّ أرقَهُ فيه يَجْذِبُ هذه الظلمة فيُبْقِيها بها اللّيل، فلا تغيب ظلمة اللّيْل حتّى يغيب أَرَقُه ويأتيه النوم.

وذكر في البيت الثاني أنَّهُ يُقَلِّبُ في دُجَى اللَّيْل أَجْفَانَهُ كأنَّهُ يَعُدُّ على الدَّهّر ذُنُوبَهُ ذاتَ الْعَدَدِ الكثير الذي لا يُحْصَى، وقد ترك ما يقول الأَرِقُون من أنّهم يَبِيتُون يَعُدُّون نجومَ السّماء، وشبَّهَ نَفْسَه بمَنْ يَعُدُّ ذنوبَ الدهر التي لا تُحْصَى، لأنَّه أراد أن يُدمِجَ شَكْوَاهُ مِنْ نوائب الدهر.

المثال الثاني: قول ابن المعتزّ في وصف نبات أصْفَر يسمَّى "الْخَيْرِي": "فَقَدْ نَفَضَ الْعَاشِقُونَ مَا صَنَعَ الْهَجرُ بألْوانِهِمْ عَلَى وَرَقِهِ" أي: نفضوا صُفرة وجوههم التي صنعها الهجر على ورق هذا النبات، لقد كان يكفيه أن يَصِفه بالصفرة، ولكنّه ساق هذا المعنى ليدمج ما يعانيه من هجر الحبيب.

المثال الثالث: قول ابن نُبَاتة:

*وَلاَ بُدَّ لِي من جَهْلَةٍ فِي وِصَالِهِ * فَمَنْ لِي بِخِلٍّ أُودِعُ الْحِلْمَ عِنْدَهُ*

ضمَّن الغَزَلَ الّذي قد يجرُّه إلى ارتكاب جَهْلَةٍ ما في وصَالِ مَحْبُوبه، والخروج بها عَنْ حِلْمِهِ الذي هو وصفُهُ الدائم، الْفَخْرَ بأنَّه حَلِيمٌ لا يَجْهلُ في العادة، والشكوَى من فقد الخلِّ الوفيّ الّذي إذا أَوْدَعَ الحلْمَ عنده ساعة جَهْلِه استرَدَّه منه بعدها، فعادَ إلى سوائه المعتاد، وحِلْمِهِ ورُشْدِهِ.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.