المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

عقوبة جريمة تزييف العملة الوطنية والسندات المالية في العراق
2024-10-04
العالم الحقيقي والعالم المسقط
30-4-2018
السياحة والجغرافيا
31-12-2017
ادعيته (عليه السلام) في صفّين
2-5-2016
The D, L Convention for Designating Stereochemical Configurations
28-12-2021
عدالة الصحابة.
2023-08-24


حُسْنُ التعليل  
  
8664   04:32 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرحمن الميداني
الكتاب أو المصدر : البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها
الجزء والصفحة : ص759-762
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 8969
التاريخ: 25-09-2015 1616
التاريخ: 25-09-2015 1964
التاريخ: 25-03-2015 19764

أنْ يَدَّعِيَ المتكلِّم مُزَخْرِفاً كلامَه عِلَّةً لِوَصْفٍ ما ثَابِتٍ أو غير ثابتٍ، وهذه العلَّة التي يدّعيها مناسبةٌ للوصْفِ باعتبار لطيفٍ غير حقيقيّ، والعلَّةُ الحقيقيَّةُ خلاف ما ادَّعَى، وقد يكون ذكْرُ الوَصْفِ على سبيل الادّعاء الذي لا حقيقة له أيضاً.

فالوصف المذكور: إمّا أن يكون ثابتاً أو غير ثابت، والثابت إمّا أن تكون له علّة ظاهرة غير ما يدّعي المتكلِّم، وإمَّا أن لا تكون له علَّة ظاهرة.

فَحُسْنُ التعليل يكون بأن يستبْعِدَ الأديب صراحةً أو ضمناً علَّة الشيء المعروفة، ويأتي بعلَّةٍ أدبيّةٍ طريفةٍ مُسْتَملَحة تناسب الغرض الذي يقصد إليه.

أمثلة:

المثال الأول: قول المتنبي يمدح "هارون بن عبد العزيز":

*لَمْ تَحْكِ نَائِلَكَ السَّحَابُ وإِنَّما * حُمَّتْ بِهِ فَصَبِيبُهَا الرُّحَضَاءُ*

أي: لم تُرِد السُّحبُ أنْ تَتَشبَّه بعطائك المتتابع، وإنّما هو عَرَقُ الحمَّى الّتي نزلت بها حَسَدِها من جودك، وعلَّةُ السُّحبِ إذ تمطر معروفة.

الصَّبيبُ: ما ينصبُّ من ماءٍ وغيره.

الرُّخَضَاءُ: الْعَرَقُ الكثير، والْعَرَقُ إثْرَ الْحُمَّى.

ادّعى المتنبي أنّ السّحاب قد أمطرت بسبب ما أصابها من الْحُمَّى التي نزلت بها إذْ حَسَدَت جود ممدوحه. ونفى تعليلاً آخر كان يُمْكِن أن يُعَلِّلَ به، وهو أيضاً تَعْليلٌ ادِّعائي لا حقيقة له، وهو أنَّها أرادت أن تُحَاكِي وتُقَلِّد ممدوحه في الجود.

المثال الثاني: قول أبي تمّام:

*لاَ تُنْكِرِي عَطَلَ الكرِيمِ مِنَ الغِنَى * فَالسَّيلُ حَرْبٌ لِلْمَكَانِ الْعَالِي*

عَطَلَ الكريم مِنَ الغِنَى: أي: خُلوّ الكريم من الغنى، يقال: عَطِلَ يَعْطَلُ عَطَلاً، إذَا خلا.

فعَلَّلَ فَقْرَ الكريم بعلَّةٍ ادَّعاها زُخْرُفيّاً في الكلام دون مستنَدٍ من الحقيقة. هو أنَّ ذا المكانة الرفيعة لا يكون غنيّاً، قياساً على أنَّ السَّيل لاَ يَصِلُ إلى المكان العالي، وعبَّر عن ذلك بأنَّه حَرْبٌ له.

المثال الثالث: قول المتنبي من قصيدة يمدح بها بَدْرَ بن عمّار:

*مَا بِهِ قَتْلُ أَعَادِيهِ وَلَكِنْ * يَتَّقِي إِخْلاَفَ مَا تَرْجُوا الذِّئَابُ*

أي: ما به رغبةٌ في قتل أعاديه حقداً عليهم وتخلُّصاً مِنْهُم، لكنَّه رجُلٌ جواد اتَّسع جودُه حتَّى صارت الوحوش ترجو عطاءه، فالذئابُ ترجو أنْ يَقْتُلَ لها الناسَ لتَنْعَم بلحوم الْقَتْلَى.

لقد بالَغَ، فتخيَّلَ، فادَّعَى هذِه الدَّعْوى الزُّخْرُفيّة الباطلة، لَكنَّهَا تشتَمِلُ عَلَى فكرةٍ جميلةٍ لا يلتقطها إلاَّ ذو فطنة.

المثال الرابع: قول مسلم بن الوليد:

*يَا وَاشياً حَسُنَتْ فِينَا إِسَاءَتُهُ * نَجَّى حِذَارُكَ إنْسَانِي مِنَ الْغَرَقِ*

الأصلُ في الوشاية أنَّها تَسُوءُ الْمَوشِيَّ بِه، لكنَّ الشاعر رأى أنّ وشاية من وشى به كانت في نفسه أمراً حسناً، وعلَّلَ ذلِكَ بأنَّها دَفعَتْهُ إلى أن يَحْذَرَ الواشِيَ. وهذا الحَذَر جَعَلَه يتّقِي مَكْرَهُ وكَيْده، فَحَمَى بِذلِكَ إنسانَ عَيْنِه مِن الغَرَقِ ي الدَّمْع، الذي تُسبِّبُه غَفْلَتُه وعَدَمُ حَذَرِه من مَكْرِهِ وَكَيْدِهِ لو أنَّه لم يطَّلع على وِشاياته، ويَعْرِفْ عداوته له.

المثال الخامس: قول الشاعر مادحاً (وهو مُتَرْجَمٌ عن الفارسيّة):

*لَوْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةُ الْجَوْزَاءِ خِدْمَتَهُ * لَمَا رَأَيْتَ عَلَيْها عِقْدَ مُنْتَطِقِ*

ادّعاءٌ زُخْرُفيٌّ لا أصل له، وهو غير ممكن في الواقع، لكنّه ظريفٌ مُسْتَمْلَح، فالشاعر يدّعي أنّ الجوزاء قد نوَتْ خِدْمَتَه فانتطَقَتُ بنطاق الخِدْمَة.

الانتطاق: شدُّ الوسَطِ بالمِنْطَقَة. المِنْطَقَةُ والمِنْطَقُ: ما يُشَدُّ به الوسط.

الجوزاء: "بُرْجٌ من بروج السّماء" يوجد حولها كواكب تُشْبهُ المنطقة، شَبَّهها الشاعر بالْعِقْدِ المنظوم من الّلؤلؤ.

المثال السادس: قول "ابْنِ نُبَاتَة" في صفة فرس أدهم مُحَجَّل القوائم ذي غُرَة:

*وأَدْهَمَ يَسْتَمِدُّ اللَّيْلُ مِنْهُ * وتَطْلُعُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ الثُّرَيَّا*

*سَرَى خَلْفَ الصَّباحِ يَطِيرُ مَشْياً * ويَطْوِي خَلْفَهُ الأَفْلاَكَ طَيّاً*

*فَلَمَّا خَافَ وَشْكَ الفَوْتِ مِنْهُ * تَشَبَّثَ بِالْقَوَائِمِ والْمُحَيَّا*

علّل ابن نباته بياض قوائم الفرس وبياض مُحَيَّاهُ (= وجهه) بأَنَّ الصّباح خافَ أن يفوتَه الفرس بسبب سُرعة جريه فتشبَّثَ بقوائمه ووجهه، فظهر بياض الصباح عليها، أي: يدخل في وقت الصباح بعبور سريع ويخرج منه دون أن يُرَى بياض الصباح عليه.

كلُّ هذا التعليل تعليلٌ زخرفيٌّ لا نصيب له من الحقيقة، وهو مبنيٌّ على تخيُّلٍ أسَاسُه تشبيهُ بياضِ قوائِم الفرس وبياضِ وجْهِه ببياض الصَّباح.

المثال السابع: قول أبي تمّام:

*رُبىً شَفَعَتْ رِيحُ الصَّبَا لِرِيَاضها * إلَى المُزْنِ حَتَّى جَادَها وَهُوَ هَامِعُ*

*كَأَنَّ السَّحَابَ الْغُرَّ غَيَّبْنَ تحْتَهَا * حَبيباً فَمَا تَرْقا لَهُنَّ مَدَامِعُ*

الْغُرّ: جمع "الأغرّ" وهو الأبيض.

فما ترقا: أي: فما ترقأُ بمعنى، فما تسْكُنُ وما تجفّ.

فبنى التعليل على توجيه الشكّ الاحتمالي، بأنّ بكاء السحاب يحتمل أن يكون على ما دفنت من حبيبٍ تحتها.

المثال الثامن: قول المعرّي في الرّثاء:

*وَمَا كُلْفَةُ البَدْرِ المُنيرِ قَديمةً * ولَكِنَّهَا فِي وَجْهِهِ أَثَرُ اللَّطْمِ*

الْكُلْفَة: ما عَلَى وَجْهِ القَمَر من كَلَف.

اللّطْمُ: ضربُ الخدّ بباطن الكفّ، ومن عادته الحزينة أن تلطم خدّيها.

يدّعي أبو العلاء أنّ الحزن على من يرثيه قد انتقل من الأحياء إلى الأشياء، حتّى إنّ الكلّف الذي يُرَى على وجه البدر هو من أثَرِ اللَّطْم حُزْناً عليه، ويستبْعِد السبب الطبيعي على الرغم من دوامه.

المثال التاسع: قول ابن الرومي في المدح:

*أمَّا ذُكَاءُ فَلَمْ تَصْفَرَّ إذْ جَنَحَتْ * طَبْعاً وَلَكِنْ تَعَدَّاكُمْ مِنَ الخَجَلِ*

ذُكَاءُ: اسم من أسماء الشمس.

إذ جَنحت: أي إذْ جنحت للمغيب.

تعَدَّاكم: أي: تتَعَدّاكم بمعنى تتجاوزكم يخاطب ممدوحه.

فهو يدّعي أن اصفرار الشمس عند المغيب قد حصل بسبب أنها خجلت من ممدوحه، فهي تتجاوزه خَجْلَى منه، ويستبعد السبب الطبيعي مع دوامه كلَّ مساء عند المغيب.

المثال العاشر: قول أحد الشعراء:

*سَبَقَتْ إلَيْكَ مِنَ الْحَدَائِقِ وَرْدَةٌ * وأتَتْكَ قَبْلَ أَوَانِها تَطْفِيلاً*

*طَمِعَتْ بِلَثْمِكَ إِذْ رَأَتْكَ فَجَمَّعَتْ * فَمَهَا إِلَيْكَ كَطَالِبٍ تَقْبِيلاً*

تَطْفِيلاً: التَّطْفيل والتَّطَفُّل حضور الولائم دون دعوة إليها.

فهو يدّعي أن زِرّ الورد الذي لم يكتمل تفتُّحه قد جَمَّعَ فَمَه طالباً التقبيل.

المثال الحادي عشر: قوليٍ:

*رَأَوْ بِيَدِي عُكَّازَةً ذات عَطْفَةٍ * وظَهْرِي كظَهْرِ الْقَوْسِ يَهْوِي ويَنْحَنِي*

*فَقُلْتُ: لَقَدْ كانَتْ عَصاً مُسْتَقِيمَةً * فَجَمَّعْتُ عَزْمِي وانْحَنَيْتُ لِتَثَنِي*

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.