رحلة العشق والمعرقة والاجل (لقاء سعد بن عبد الله القمي الأشعري أحمد بن إسحاق بالإمامين العسكري والمهدي عليهما السلام) |
954
11:24 صباحاً
التاريخ: 7-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-11-2019
598
التاريخ: 4-11-2019
769
التاريخ: 7-11-2019
708
التاريخ: 7-11-2019
955
|
سعد بن عبد الله القمي الأشعري (1) قال: بليت بأشد النواصب منازعة فقال لي يوما - بعد ما ناظرته -: تبا لك ولأصحابك! أنتم معاشر الروافض تقصدون المهاجرين والأنصار بالطعن عليهم، وبالجحود لمحبة النبي لهم، فالصديق هو فوق الصحابة بسبب سبق الإسلام، ألا تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما ذهب به ليلة الغار لأنه خاف عليه كما خاف على نفسه، ولما علم أنه يكون الخليفة في أمته وأراد أن يصون نفسه كما يصون عليه السلام خاصة نفسه، كي لا يختل حال الدين من بعده. ويكون الإسلام منتظما؟ وقد أقام عليا على فراشه لما كان في علمه أنه لو قتل لا يختل الإسلام بقتله. لأنه يكون من الصحابة من يقوم مقامه لا جرم لم يبال من قتله؟!
قال سعد: إني قلت على ذلك أجوبة لكنها غير مسكتة.
ثم قال: معاشر الروافض تقولون: أن (الأول والثاني) كانا ينافقان، وتستدلون على ذلك بليلة العقبة.
ثم قال لي: أخبرني عن إسلامهما كان من طوع ورغبة أو كان عن إكراه وإجبار؟
فاحترزت عن جواب ذلك وقلت مع نفسي إن كنت أجبته بأنه كان عن إكراه وإجبار لم يكن في ذلك الوقت للإسلام قوة حتى يكون إسلامهما بإكراه وقهر، فرجعت عن هذا الخصم على حال ينقطع كبدي، فأخذت طومارا وكتبت بضعا وأربعين مسألة من المسائل الغامضة التي لم يكن عندي جوابها، فقلت: أدفعها إلى صاحب مولاي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام الذي كان في قم أحمد بن إسحاق (2) فلما طلبته كان هو قد ذهب فمشيت على أثره فأدركته وقلت الحال معه.
فقال لي: جئ معي إلى سر من رأى حتى نسأل عن هذه المسائل مولانا الحسن بن علي عليهما السلام.
فذهبت معه إلى سر من رأى ثم جئنا إلى باب دار مولانا عليه السلام فاستأذنا عليه فأذن لنا، فدخلنا الدار وكان مع أحمد بن إسحاق جراب قد ستره بكساء طبري، وكان فيه مائة وستون صرة من الذهب والورق، على كل واحدة منها خاتم صاحبها الذي دفعها إليه، ولما دخلنا ووقع أعيننا على أبي محمد الحسن العسكري عليهما السلام كان وجهه كالقمر ليلة البدر وقد رأينا على فخذه غلاما يشبه المشتري في الحسن والجمال، وكان على رأسه ذؤابتان، وكان بين يديه رمان من الذهب قد حلي بالفصوص والجواهر الثمينة قد أهداه واحد من رؤساء البصرة، وكان في يده قلم يكتب به شيئا على قرطاس، فكلما أراد أن يكتب شيئا أخذ الغلام يده فألقى الرمان حتى يذهب الغلام إليه ويجئ به فلما ترك يده يكتب ما شاء.
ثم فتح أحمد بن إسحاق الكساء ووضع الجراب بين يدي العسكري عليه السلام، فنظر العسكري إلى الغلام فقال: فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك!
فقال: يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نخسة وأموال رجسة؟!
ثم قال: يا بن إسحاق أخرج ما في الجراب ليميز بين الحلال والحرام!
ثم أخرج (صرة) فقال الغلام: هذا (لفلان بن فلان) من محلة (كذا) بقم، مشتمل على اثنين وسبعين دينارا، فيها من ثمن حجرة باعها وكانت إرثا عن أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان سبعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيه من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير.
فقال مولانا عليه السلام صدقت يا بني! دل الرجل على الحرام منها.
فقال الغلام: في هذه العين دينار بسكة الري تاريخه في سنة (كذا) قد ذهب نصف نقشه عنه، وثلاثة اقطاع قراضة بالوزن (دانق ونصف) في هذه الصرة الحرام هذا القدر. فإن صاحب هذه الصرة في سنة كذا في شهر كذا كان له عند نساج - وهو من جملة جيرانه - من وربع، فأتى على ذلك زمان كثير فسرقه سارق من عنده فأخبره النساج بذلك فما صدقه وأخذ الغرامة بغزل أدق منه مبلغ من ونصف، ثم أمر حتى نسج منه ثوب وهذا الدينار والقراضة من ثمنه. ثم حل عقدها فوجد الدينار والقراضة كما أخبر، ثم أخرجت (صرة) أخرى.
فقال الغلام: هذا (لفلان بن فلان) من المحلة (الفلانية) بقم والعين فيها (خمسون دينارا) ولا ينبغي لنا أن ندني أيدينا إليها.
قال: لم؟
فقال: من أجل أن هذه الدنانير ثمن الحنطة، وكانت هذه الحنطة بينه وبين حراث له، فأخذ نصيبه بكيل كامل وأعطى نصيبه بكيل ناقص.
فقال مولانا الحسن بن علي عليهما السلام: صدقت يا بني!
قال: يا بن إسحاق إحمل هذه الصرور وبلغ أصحابها وأوص بتبليغها إلى أصحابها، فإنه لا حاجة بنا إليها.
ثم قال: جئ إلي بثوب تلك العجوز.
فقال أحمد بن إسحاق: كان ذلك في حقيبة فنسيته، ثم مشى أحمد بن إسحاق ليجئ بذلك فنظر إلي مولانا أبو محمد العسكري عليه السلام وقال:
ما جاء بك يا سعد؟
فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا.
قال: المسائل التي أردت أن تسأل عنها؟
قلت: على حالها يا مولاي.
قال: فاسأل قرة عيني - وأومى إلى الغلام - عما بدا لك!
فقلت: يا مولانا وابن مولانا روي لنا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين، حتى أنه بعث يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال: إنك أدخلت الهلاك على الإسلام وأهله بالغش الذي حصل منك، وأوردت أولادك في موضع الهلاك بالجهالة، فإن امتنعت وإلا طلقتك. فأخبرنا يا مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام؟
فقال: إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن لشرف الأمهات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن إن هذا شرف باق مادمن لله على طاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فطلقها من الأزواج، وأسقطها من شرف أمية المؤمنين.
ثم قلت: أخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا فعلت المرأة ذلك يجوز لبعلها أن يخرجها من بيته في أيام عدتها؟
فقال عليه السلام: تلك الفاحشة السحق (3) وليست بالزنا لأنها إذا زنت يقام عليها الحد، وليس لمن أراد تزويجها أن يمتنع من العقد عليها لأجل الحد الذي أقيم عليها، وأما إذا ساحقت فيجب عليها الرجم، والرجم هو الخزي، ومن أمر الله تعالى برجمها فقد أخزاها ليس لأحد أن يقربها.
ثم قلت: أخبرني يا بن رسول الله عن قول الله تعالى لنبيه موسى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] فإن فقهاء الفريقين يزعمون: أنها كانت من إهاب الميتة؟
فقال عليه السلام: من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته، لأنه ما خلا الأمر فيها من خطبين: أما أن كانت صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاة موسى جائزة فيها، فجاز لموسى أن يكون لابسها في تلك البقعة وإن كانت مقدسة مطهرة، وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب أن موسى لم يعرف الحلال والحرام، ولم يعلم ما جازت الصلاة فيه مما لم يجز وهذا (كفر).
قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيها؟
قال: إن موسى عليه السلام كان بالوادي المقدس فقال: يا رب إني أخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عمن سواك، وكان شديد الحب لأهله فقال الله تبارك وتعالى: فاخلع نعليك أي: انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.
فقلت: أخبرني عن تأويل كهيعص.
قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله، وذلك: أن زكريا عليه السلام سأل ربه: أن يعلمه الأسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن سرى عنه همه، وانجلى كربه، وإذا ذكر اسم الحسين عليه السلام خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة.
فقال - ذات يوم -: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي. فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته فقال: (كهيعص) فالكاف اسم (كربلاء) والهاء (هلاك العترة) والياء (يزيد) وهو ظالم الحسين والعين (عطشه) والصاد (صبره) فلما سمع بذلك زكريا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب، وكان يرثيه:
إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟
إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟
إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثوب هذه المصيبة؟
إلهي تحل كربة هذه المصيبة بساحتهما؟
ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه، ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده.
فرزقه الله يحيى وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين كذلك.
فقلت: أخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟
قال: مصلح أو مفسد؟
فقلت: مصلح.
قال: هل يجوز أن يقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد.
قلت: بلى.
قال: فهي (العلة) أيدتها لك ببرهان يقبل ذلك عقلك.
قلت: نعم.
قال: أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله، وأنزل عليهم الكتب، وأيدهم بالوحي والعصمة، إذ هم أعلام الأمم، فأهدى إلى ثبت الاختيار ومنهم موسى وعيسى هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذ هما على المنافق بالاختيار أن يقع خيرتهما، وهما يظنان أنه مؤمن؟
قلت: لا.
قال: فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله، وكمال علمه، ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لم يشك في إيمانهم وإخلاصهم، فوقع خيرته على المنافقين. قال الله عز وجل: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: 155] فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار لمن لا يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر، وينصرف عنه السرائر. وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
ثم قال مولانا عليه السلام: يا سعد من ادعى: أن النبي صلى الله عليه وآله - وهو خصمك - ذهب بمختار هذه الأمة مع نفسه إلى الغار فإنه خاف عليه كما خاف على نفسه لما علم أنه الخليفة من بعده على أمته، لأنه لم يكن من حكم الاختفاء أن يذهب بغيره معه وإنما أقام عليا على مبيته لأنه علم أنه إن قتل لا يكون من الخلل بقتله ما يكون بقتل أبي بكر، لأنه يكون لعلي من يقوم مقامه في الأمور، لم لا تنقض عليه بقولك:
أولستم تقولون: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (إن الخلافة من بعدي ثلاثون سنة) وصيرها موقوفة على أعمار هؤلاء الأربعة: (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) فإنهم كانوا على مذهبكم خلفاء رسول الله؟ فإن خصمك لم يجد بدا من قوله: بلى.
قلت له: فإذا كان الأمر كذلك فكما أبو بكر الخليفة من بعده كان هذه الثلاثة خلفاء أمته من بعده، فلم ذهب بخليفة واحد وهو (أبو بكر) إلى الغار ولم يذهب بهذه الثلاثة؟ فعلى هذا الأساس يكون النبي صلى الله عليه وآله مستخفا بهم دون أبي بكر فإنه يجب عليه أن يفعل بهم ما فعل بأبي بكر، فلما لم يفعل ذلك بهم يكون متهاونا بحقوقهم وتاركا للشفقة عليهم بعد أن كان يجب أن يفعل بهم جميعا على ترتيب خلافتهم ما فعل بأبي بكر.
وأما ما قال لك الخصم: بأنهما أسلما طوعا أو كرها، لم لم تقل بل أنهما أسلما طمعا، وذلك أنهما يخالطان مع اليهود ويخبران بخروج محمد صلى الله عليه وآله واستيلائه على العرب من التوراة والكتب المقدسة وملاحم قصة محمد صلى الله عليه وآله، ويقولون لهما:
يكون استيلاؤه على العرب كاستيلاء (بخت نصر) على بني إسرائيل إلا أنه يدعي النبوة ولا يكون من النبوة في شئ، فلما ظهر أمر رسول الله فساعدا معه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله طمعا أن يجدا من جهة ولاية رسول الله ولاية بلد إذا انتظم أمره، وحسن باله، واستقامت ولايته، فلما أيسا من ذلك وافقا مع أمثالهما ليلة العقبة وتلثما مثل من تلثم منهم، فنفروا بدابة رسول الله لتسقطه ويصير هالكا بسقوطه بعد أن صعد العقبة فيمن صعد، فحفظ الله تعالى نبيه من كيدهم ولم يقدروا أن يفعلوا شيئا، وكان حالهما كحال طلحة والزبير إذ جاءا عليا عليه السلام وبايعاه طمعا أن تكون لكل واحد منهما ولاية، فلما لم يكن ذلك وأيسا من الولاية نكثا بيعته وخرجا عليه حتى آل أمر كل واحد منهما إلى ما يؤل أمر من ينكث العهود والمواثيق.
ثم قام مولانا الحسن بن علي عليهما السلام لصلاته وقام القائم معه، فرجعت من عندهما وطلبت أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت:
ما أبطأك وما أبكاك؟
قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره.
قلت: لا بأس عليك فأخبره!
فدخل عليه وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وأهل بيته.
فقلت: ما الخبر؟
فقال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا عليه السلام يصلي عليه.
قال سعد: فحمدنا الله جل ذكره على ذلك
وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا عليه السلام أياما فلا نرى الغلام بين يديه، فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا، فانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال:
يا بن رسول الله قد دنت الرحلة، واشتدت المحنة، فنحن نسأل الله أن يصلي على المصطفى جدك، وعلى المرتضى أبيك، وعلى سيدة النساء أمك فاطمة الزهراء وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك، وعلى الأئمة من بعدهما آبائك. وأن يصلي عليك وعلى ولدك، ونرغب إليه أن يعلي كعبك، ويكبت عدوك، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك.
(قال): فلما قال هذه الكلمة استعبر مولانا عليه السلام حتى استهملت دموعه وتقاطرت عبراته ثم قال:
يا بن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا، فإنك ملاق الله في صدرك هذا، فخر أحمد مغشيا عليه، فلما أفاق قال:
سألتك بالله وبحرمة جدك إلا ما شرفتني بخرقة أجعلها كفنا، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال:
خذها ولا تنفق على نفسك غيرها فإنك لن تعدم ما سألت والله لا يضيع أجر المحسنين.
قال سعد: فلما صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا عليه السلام من حلوان على ثلاثة فراسخ، حم أحمد بن إسحاق وثارت عليه علة صعبة أيس من حياته بها، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات، دعا أحمد بن إسحاق رجلا من أهل بلده كان قاطنا بها ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي!
فانصرفنا عنه ورجع كل واحد إلى مرقده.
(قال) سعد: فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني، فإذا أنار بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، وختم بالمحبوب رزيتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم، ثم غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والنحيب والعويل حتى قضينا حقه وفرغنا من أمره رحمه الله.
______________
(1) سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي قال الشيخ في باب أصحاب العسكري عليه السلام ص 438: (عاصره عليه السلام ولم أعلم أنه روى عنه) وقال العلامة في القسم الأول من الخلاصة ص 78: (يكنى أبا القاسم، جليل القدر واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجيهها ولقي مولانا أبا محمد العسكري عليه السلام.
قال النجاشي: ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لأبي محمد ويقولون:
هذه حكاية موضوعة عليه، والله أعلم.
توفي سعد رحمه الله سنة إحدى وثلاثمائة. وقيل: سنة تسع وتسعين ومائتين.
وقيل: مات رحمه الله يوم الأربعاء لسبع وعشرين من شوال سنة ثلاثمائة، في ولاية رستم)
(2) قال العلامة في القسم الأول من خلاصته ص 14: (أحمد بن إسحاق الرازي من أصحاب أبي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي عليهما السلام، أورد الكشي ما يدل على اختصاصه بالجهة المقدسة، وقد ذكرته في الكتاب الكبير).
(3) المساحقة عند النساء كاللواط عند الرجال .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|