الفكر الاقتصادي العربي 

• النشاط الاقتصادي عند العرب  

كانت النشاطات الاقتصادية في الجزيرة العربية قبل الاسلام محدودة وبسيطة يطغى عليها الطابع اليدوي ويمكن القول ⁽¹⁾ ان النشاطات الاقتصادية قليلة ونادرة بسبب المناخ الحار والجاف والاراضي المتصحرة والجفاف بشكل عام حيث ان اغلب القبائل تعيش عيشة الكفاف باستثناء مكة والمدن الحضرية الرئيسية المحيطة والجزيرة العربية وبسبب عدم تواجد المياه فليس هناك من القبائل المستقلة في الريف والمعتمدة على الزراعة الا ماندر بالقرب من الواحات والمتبقي من القبائل غير المستقرة او المتنقلة من موقع الى آخر للبحث عن الغذاء التي تعيش عليه الماشية التي يعتمدون عليها في حياتهم (حياة الرعي) .

ان وعورة المنطقة اثرت وبشكل سلبي على ما يأتي :

1ــ سكان المنطقة الصحراوية .

2ــ ديموغرافية المنطقة .

3ــ نمط الحياة وطريقة تحصيل الغذاء ، في منطقة الجزيرة العربية وبمختلف المناطق وكيفية تسخير الموارد الاقتصادية .

أثر العرب في نشر الحضارة

لقد شهدت منطقة الجزيرة العربية الكثير من الحضارات حيث ان المناطق السكنية في العالم كانت قليلة وأغلب القارات الغربية لم تكن مأهولة في السكان وحيث ان احد مراكز التجمعات العالمية هي منطقة الجزيرة فقد اصبح الاصرار والصراع من اجل البقاء هو الطابع الذي عبر عن ارادة الانسان وقدرته على البناء والتحدي وقد شهدت المنطقة مرحلة حضارية متعاقبة ومرت بالكثير من الاخفاقات ولم تؤثر في ارادتها وإصرار ابناء المنطقة في إعادة البناء حيث ان الانسان اساس التطور الاجتماعي والاقتصادي في كل مكان من العالم ومنطقة الجزيرة جزء من العالم وقدمت المنطقة الكثير من الانتاج الحضاري للعالم .

لقد بدأت الجزيرة العربية بالتجارة في وقت مبكر حيث أقيمت مواقع لإيواء القوافل وراحة المسافرين مما يكون ذلك حافز لممارسة النشاط الزراعي لتأمين المواد الغذائية وتأمين فرص العمل الى أهالي المدن في الجزيرة العربية من خلال الحراسة والسقاية والتي تستنفذ منها القبائل المحيطة بالطرق الرئيسية وتقديم الخدمات وتأمين المأوى للقبائل المارة في الجزيرة وفي المدن الرئيسية مثل مكة التي تمارس عملية البيع والشراء حيث كونت هناك أسواق كبيرة لبيع البضائع وشراء الأخرى ، ان سيادة العمل التجاري في الجزيرة العربية لم يكن بسبب موقعها الجغرافي ، وانما استطاع اقتصاد الجزيرة من انتاج سلع أهلته الى السيطرة على التجارة العالمية في حينها وكانت مكة مدينة لها مكانتها التجارية والدينية وتعد مركز من المراكز التجارية المهمة في الجزيرة العربية والتي اعتمدت الملكية الخاصة في النشاطات المختلفة وما زالت مكانتها التجارية الى يومنا هذا ، وان طبيعة النظام الاجتماعي هو النظام القبلي والعلاقات التي تحكم المنطقة هي علاقات قبلية ، واهم قبيلة فيها من بين القبائل العربية هي قبيلة قريش وسميت بهذا الاسم المشتق من التجارة حيث ينقرش اهلها المال للقيام بالتجارة وهكذا سميت قريش بهذا الاسم من تقرشهم اي استلافهم للقروش لغرض القيام بالأعمال التجارية .

ومن خلال ما تقدم نجد ان موقع الحزيرة العربية يرشحها للقيام بدور الوساطة التجارية ، وقد استفاد سكان الجزيرة العربية من الأشهر الحرم وهو اتفاق عقد بين القبائل العربية في منطقة الجزيرة العربية مفادها ان لا يكون غزو او حرب خلال فترة الأربعة اشهر من كل عام حتى تستطيع هذه القبائل العربية  ان تمارس اعمالها من موقع الى آخر لغرض الانتقال وممارسة الاعمال التجارية والحج وهذه الاعمال تعد مصالح مشتركة يستفاد منها مجموع القبائل العربية .

ان المهن المتواجدة أثرت في بنية المجتمع الاقتصادية نتيجة لتواجد الخبرات وان هذه المهن لم تأتي كنتيجة لوقوع الجزيرة العربية على طريق التجارة الدولية وانما كانت هذه الاعمال متأصلة لدى عرب الجزيرة ولم تنتهي بالمؤثرات الخارجية التي تعصف في العمل التجاري في الجزيرة والدليل على ذلك هو ان القبائل العربية في القرنين التي سبقت ظهور الاسلام قد تفككت كياناتها السياسية وممالكها القوية وتحولت الى امارات صغيرة ضعيفة بما يشبه ماحصل في اوربا ابان العصور الوسطى فلو كانت السيطرة العربية على التجارة الدولية ناشئة من مجرد الموقع الجغرافي لنتهت بانتهاء مرحلة الضعف ولكنهم استمروا في العمل التجاري وكان لديهم تراكم في الخبرات والمعارف والنتاج الاقتصادي للدول والممالك القائمة في مختلف انحاء الجزيرة العربية على الرغم من الانقطاع الحضاري الاطاري ⁽²⁾ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ محسن خليل ، الفكر الاقتصادي الاسلامي ، وزارة الثقافة والاعلام ، دار الرشيد ، بلا سنة نشر ، ص25-26.

2ـ علي جواد الطاهر ، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ، مصدر سابق ، ص79-80 .