أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2021
2632
التاريخ: 23-9-2019
1480
التاريخ: 2023-04-05
915
التاريخ: 19-9-2019
1722
|
تهديم العربية الفصحى
وعمد دعاه الانسلاخ الحضارى الى لغه القرآن، بعد ذلك، فحاولوا ان يحجبوها عن حياتنا اليوميه، فى مجال الصحافه والادب والاذاعه والكتابه والقصه والخطابه، وعملوا على تحجيم مساحه لغه القرآن (الفصحى) ودورها فى حياتنا واستبدالها باللغه العاميه.
وليس من باس بعد ذلك يقول هولاء على صله الناس بكتاب اللّه وحديث رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ومصادر الثقافه والتشريع الاسلامى، فان بامكان العرب ان يحتفظوا بلغتهم الفصحى لهذا المجال الخاص المحدود، وبقدر ما يودى هذه الخدمه المحدوده.
يقول طه حسين فى ذلك، وهو من الرواد الاوائل لهذه الدعوه القائله بالغاء لغه القرآن من حياتنا اليوميه والثقافيه: (وفى الارض امم متدينه، كما يقولون، وليست اقل منا ايثارا لدينها، ولا احتفاظا به، ولا حرصا عليه، ولكنها تقبل، فى غير مشقه ولا جهد، ان تكون لها لغتها الطبيعيه المالوفه التى تفكر بها، وتصطنعها لتاديه اغراضها.
ولها فى الوقت نفسه لغتها الدينيه الخالصه التى تقرا بها كتبها المقدسه، تودى فيها صلواتها. فاللاتينيه مثلا هى اللغه الدينيه لفريق من النصارى، واليونانيه هى اللغه الدينيه لفريق آخر، والقبطيه هى اللغه الدينيه لفريق ثالث، والسريانيه هى اللغه الدينيه لفريق رابع، وبين المسلمين انفسهم امم لا تتكلم العربيه، ولا تفهمها، ولا تتخذها اداه للفهم والتفاهم، ولغتها الدينيه هى اللغه العربيه، ومن المحقق انها ليست اقل منا ايمانا بالاسلام، واكبارا وذيادا عنه، وحرصا عليه).
موامره حجب الامه عن تراثها وراء القضاء على الفصحى ولا يتمثل الامر، كما يقول هولاء، بالحرص على تيسير الحياه للناس، وان الفصحى هى العقبه فى طريق هذا التيسير. فقد بقيت الفصحى اداه التفاهم والتفكير ووسيله المسلمين جميعا وليس العرب فقط فى حياتهم العقليه والادبيه خلال هذه القرون الاربعه عشر، وظلت اللغه العربيه الفصحى تطاوع الشعر والنثر من القديم والجديد، وتطاوع العلم والدين فى هذه العصور الطويله، وتستجيب لكل الوان الادب من الجد والهزل والحماس والغزل والرثاء، ولم تتخلف اللغه العربيه، فى وقت من الاوقات، بما فيها من مرونه وطواعيه، عن الاستجابه لحاجات الانسان.
لا يكمن الامر اذا فى عجز الفصحى، ولا فى الحرص على تيسير اللغه العربيه للعرب، وليست اللهجات العاميه اطوع للإنسان العربى المعاصر فى حياته العقليه والادبيه والسياسيه والمعاشيه من الفصحى، ان لم يكن العكس، وانما الامر كله يكمن فى محاوله حجب (الفصحى) عن حياه العرب العقليه والادبيه والسياسيه واستبدالها بالعاميه لتحجب هذه الامه عن الاتصال المباشر بمصادر التشريع والفكر والثقافه الاسلاميه، وتنقطع عن التاريخ والتراث والماضى والحضاره، وتحرم من الارتواء المباشر من القرآن والحديث، ولكى يسهل بعد ذلك دفع هذه الامه الى احضان الشرق والغرب او ارجاعها الى الحضاره الجاهليه الاولى: (الحضاره الفرعونيه) و(المجوسيه) و(الاشوريه) و(الاكديه)... وغيرها.
الدراسات الاكاديميه للهجات العاميه
وقد استخدمت، لتحقيق هذه الغايه، مجامع اللغه العربيه، وكراسى الدراسات فى الجامعه، وكبريات المجلات العلميه والادبيه فى العالم العربى الاسلامى. يقول احمد حسن الزيات صاحب مجلتى الرساله والروايه:
(ان المحافظين من شيوخ الادب قد سيطروا عليه مجمع اللغه العربيه فى القاهره فى اول نشاته، ثم انتهى زمامه الى الكتاب والصحفيين الذين نبهوا المجمع الى اهميه العاميه والى خطوره جمود اللغه بتخلفها عن مسايره الزمن).
(وقد نجح اصحاب هذه الدعوات، بوسائلهم المختلفه، في ادخال دراسه ما يسمونه (الادب الشعبى) فى كل اقسام اللغه العربيه بكليات الاداب، وفى كليه دار العلوم، وفى كليه اللغه العربيه بالازهر، بل نجحوا فى انشاء كرسى لاساتذه هذه الماده فى قسم اللغه العربيه بجامعه القاهره، واصبحت دار العلوم مركز الثقل فى هذه الدعوه بعد ان اجتمع فيها اكبر عدد من المختصين في هذه الدراسه، وانبرى عدد من الكتاب للكتابه بالعاميه، وبشكل خاص القصه وبشكل اخص الحوار فيها، ومنهم الدكتور محمد حسين هيكل فى قصته المعروفه (زينب) وغيره من الكتاب.
والف القاضى ولمور كتاب (لغه القاهره) ووضع لها فيه قواعد، واقترح اتخاذها لغه للعلم والادب، كما اقترح كتابتها بالحروف اللاتينيه، وتنبيه الناس للكتابه بها، واشادت به (المقتطف) في باب التفريط والابتعاد، وهاجمتها الصحف مشيره الى موضع الخطر من هذه الدعوه التى لا تقصد الا الى محاربه الاسلام في لغته).
وضع اليد على المدارس
وعمدوا الى الدراسه فى مختلف مستوياتها، فوضعوا أيديهم على المدارس، واسسوا مدارس كثيره فى العالم الاسلامى، ووجهوا هذه المدارس باتجاه استئصال الجيل الجديد عن ماضيه وتراثه وتعويمه على السطح.
وتولى التبشير المسيحى حصه الاسد من هذه المهمه، الا انه لم يكن الهدف من ذلك توجيه الجيل الى المسيحيه، وانما كان الهدف استئصال الجيل عن اصوله وجذوره الحضاريه. وقد شكى المبشرون، فى عدد من الموتمرات التبشيريه، من اخفاقهم فى تحويل المسلمين الى النصرانيه: (فقام القس صموئيل زويمر يقول، فى نهايه هذا الموتمر، ان الخطباء قد اخطاوا ايما خطا، وانه ليس الهدف الحقيقى للتبشير هو ادخال المسلمين فى النصرانيه، وانما الهدف هو تحويل المسلمين من التمسك بدينهم، وفى ذلك نجحنا نجاحا باهرا عن طريق مدارسنا الخاصه وعن طريق المدارس الحكوميه التى تتبع مناهجنا).
وقد استطاع الغزاه، فى هذه المرحله ان يضعوا ايديهم على المدارس ومعاهد التثقيف فى بلادنا بمساحه واسعه جدا. يقول الجنرال (بيير كيللر) عن المعاهد الفرنسيه فى لبنان:
(فالتربيه الوطنيه كانت بكاملها تقريبا فى ايدينا بدايه حرب عامى (1914 1918)).
وقد ادرك الغزاه الغربيون ان هذه المدارس والكليات والمعاهد هى افضل السبل لقطع هذا الجيل عن تراثه، وقطع التراث عن هذا الجيل ثم اشباعه بالفكر الغربى والحضاره الاوروبيه. وقد عبر اللورد لويد، حين كان مندوبا ساميا لبريطانيا فى مصر، عن هذه الاهداف فى خطبته التى القاها فى كليه فيكتوريا الاسكندريه 1926، حيث قال:
(علينا ان نقوى كل ما لدينا من وسائل التفاهم المتبادل بين البريطانيين والمصريين، وقد كان هذا التفاهم المتبادل غايه (لورد كرومر) من تاسيس كليه فكتوريا بوجه عام، وليس من وسيله لتوطيد هذه الرابطه افضل من كليه تعليم الشبان من مختلف الاجناس).
ثم يقول عن الطلبه: (وهولاء لا يمضى عليهم وقت طويل حتى يتشبعوا بوجهه النظر البريطانيه بفضل العشره الوثيقه بين المعلمين والتلاميذ).
لا نريد ان نطيل الوقوف عند هذه النقطه، وبامكان القارى ء ان يرجع الى كتب مثل: (الغاره على العالم الاسلامى) و(الاتجاهات الوطنيه فى الادب المعاصر) للدكتور محمد محمد حسين، و(التبشير والاستعمار) للدكتور مصطفى الخالدى والدكتور عمر فروخ، ليعرف ابعاد هذه الموامره الكبرى على ثقافه هذا الجيل وفكره.
وبعد، فهذه نبذه قصيره عن المحاولات الطويله والكثيره التي يقوم بها دعاه التغريب والغزاه الذين دخلوا بلادنا لعزل هذا الجيل عن حضارته وتراثه وماضيه.
نتائج وافرازات الموامره الكبرى
تتجه هذه المحاولات جميعا باتجاه قضيه واحده، هى قطع الجسور الحضاريه التى تربط اجيال هذه الامه بعضها ببعضها الاخر، وتربطها جميعا بالينابيع الاولى لهذا الدين. وهذه الجسور هى التى تنقل المواريث الحضاريه على الاخلاق والفكر من جيل الى جيل، فاذا انقطعت هذه الجسور لا تبقى هناك صله فى الفكر والاخلاق والثقافه بين هذه الاجيال. وقد عمد الغزاه ودعاه التغريب الى هذه الجسور، واحد بعد آخر، فهدموها او استولوا عليها، فعمدوا الى الخط العربى، وحاولوا تغييره الى الحروف اللاتينيه، وعمدوا الى الفصحى وعملوا على تغييرها الى اللهجات العاميه، وعمدوا الى المدارس وحاولوا ان يضعوا ايديهم عليها وعلى مناهجها واساتذتها وكتبها بشكل كامل، وعمدوا الى احتواء المساجد والحوزات والجامعات الاسلاميه، وحاولوا ان يضعوا ايديهم عليها، حتى عاد انتخاب شيخ الازهر وهو شيخ الاسلام لا يتم الا بقرار من رئيس الجمهوريه.
وعمدوا الى الاسره والبيت فسعوا لافسادها، وبعث الميوعه والتحلل فيها، وتعطيل دورها الاساس فى تصدير القيم والمواريث الحضاريه من جيل الى جيل، وهكذا سعى دعاه التغريب والغزاه الى انسلاخ هذا الجيل عن تراثه وحضارته وماضيه، بشكل كامل، وتعويمه على السطح، وبتره عن كل اصوله الحضاريه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|