أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-8-2019
1427
التاريخ: 11-8-2019
1023
التاريخ: 18-9-2019
1263
التاريخ: 30-8-2019
1045
|
قديماً كان العمل السياسي حكرا على خاصة الناس وصفوة القوم من رجال السلطة والدين وأصحاب النفوذ من حاشية الأباطرة والملوك والأمراء.
وكانت الصحافة آنذاك حكراً على هؤلاء وعلى أولئك الذين ماقتهم. الأقدار ليكونوا في مواقع السلطة . وباتساع رقعة التعليم وبسط الفئات الأخرى في المجتمع، وظهور الصحافة الشعبية وانتشارها، اتسعت قاعدة الاهتمام الجماهيري بالعديد من القضايا من بينها قضايا الحكم أمور السياسة كحق وكواجب، فازداد الاهتمام بالصحافة السياسية وموضوعات السياسة وما تثيره من قضايا، الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة المشاركة السياسية بين الجماهير التي بدأت تنادي بحقها من تقرير أمورها بنفسها دون وصاية عليها أو محاولة حرمانها من هذا الحق.
إلا أنها ووجهت بمعارضة شديدة وصلت إلى حد القسوة، فانفجرت الجماهير لتدافع عن حقها في الحياة وتعلن عن رفضها لأية محاولة تسعى إلى إسكات صوتها أو إبعادها عن ساحات عبر التاريخ إلا تعبيرا عن رفض الجماهير لواقعها ومحاولة لاسترداد حقها المسلوب في تقرير مصيرها وحكم نفسها بنفسها.
والصحافة. كأقدم وسائل الإعلام الحديثة — وكمرآة للمجتمع وجدت نفسها بحاجة إلى مواكبة التطورات التي تحدث من حولها، فدخلت في طور جديد، وصار اهتمامها بالعمل السياسي مدعاة لنموها وانتشارها وازدهارها، وتحول الاهتمام بالعمل السياسي إلى نشاط جماهيري بعد أن كان قاصرا على فئة من المجتمع، إلا أنه سرعان ما التفت الصفوة حول مكتسبات الجماهير،
وظهر التزييف والتزوير والتضليل وغيرها من المفاهيم والاصطلاحات التي اعادت العمل السياسي الى سابق عهده، حكراً على الصفوة ولكن بأسلوب جديد، فانتشرت مفاهيم الرأي العام والتوجيه السياسي والتهيؤ لخداع الجماهير وإلباسها ثوب الوهم بالمشاركة في العمل السياسي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الإعلام السياسي يظل العمود الفقري لأدام وسائل الإعلام الحديثة، خاصة في هذا العصر الذي أصبح فيه من الممكن متابعة الأحداث لحظة حدوثها أو بعد ذلك بقليل. وصار الإعلام الوجه الاخر للسياسة، فلا نستطع أن نتخيل إعلاما دون مرامي وأهداف وغايات سياسية يسعى إليها ، كما لا نستطع أن نتخيل عملا سياسياً دون إعلام يدعو إليه ويعكس برامجه وينادي بمبادئه .
فالإعلام والسياسة وجهان لعملة واحدة: لا يستقيم وجه دون الوجه الآخر، ولهذا يرى بعض الباحثين أن الإعلام السياسي لا يعتبر إعلاماً متخصصاً لأن الأخبار والتحليلات السياسية هي المادة الأساسية لوسائل الإعلام(1). . إلا أننا ترى غير ذلك، فإذا كانت الأخبار والتحليلات السياسية تمثل أحد أعمدة العمل الصحفي أو الإعلامي فإن الأخبار ليست كلها أخبارا سياسية.. وكثيرا ما تتراجع الأخبار السياسية عن صدارتها لتحل محلها أخبار أخرى غير سياسية، وإذا نظرنا إلى هذا الموضوع استنادا إلى هذا المعيار، نجد أن قاعدة الاهتمام بالرياضة أوسع بكثير من قاعدة الاهتمام بالسياسة، ولو يستجيب الإعلام إلى اهتمامات الناس وينزل إلى رغباتهم لتصدرت الأخبار والتعليقات الرياضية واجهات العمل الإعلامي، ومن جهة ثانية، فإن مفهوم التخصصي في الإعلام يقوم مستندا إلى قاعدتين هما: الجمهور والمضمون، ووفقا لهاتين القاعدتين، فإن الإعلام السياسي يقع في إطار الإعلام العام المتخصص الذي يفسر بأنه إعلام متخصص في مادته، إلا أنه
يتوجه ويخاطب جمهورا عاما. . وبنفس المستوى ووفقا للقاعدتين السابقتين، فإن الإعلام السياسي يمكن أن يكون إعلاماً علمياً متخصصاً كذلك، بمعنى أن يكون متخصصا في مادته إلى الدرجة التي يحتاج فيها إلى جمهور من المتخصصين في علوم السياسة.
ونخلص من هذه المناقشة أن شيوع المعرفة، واتبع قاعدة الاهتمام بمجال معين لا ينفي عنه صفة التخصص عاماً كان أم علميا ولو كان الأمر كذلك لما كان هناك إعلام رياضي أو فني أو غيره.
والإعلام السياسي هو الإعلام الذي تغلب عليه طوابع السياسة والفكر والدعاية والدعوة ويستهدف تغيير أو تثبيت أو انحياز أو تحييد اتجاهات الجمهور من "خلال زيادة الاهتمام بمجريات الأحداث السياسية، أو إضعاف هذا الاهتمام أو تحويل مساراته إلى قضايا دون قضايا أخرى، إلا أن هذه النظرة تختلف من بلد إلى أخر . . فالسياسة في بعض الدول ضرورة من ضرورات الحياة . . ففي مثل هذه الدول تمثل السياسة وجبة يومية للإنسان : يجد فيها همومه ومشاكله وآلامه وصراعه من أجل حياة أفضل، وفي دول أخرى يراقب الناس السياسة مراقبة الهواة لمباريات كرة القدم. ومن هنا يتضح لنا أن دور الإعلام السياسي يختلف من بلد إلى آخر .. ففي الأولى يناط به مهمة التوعية السياسية الصحيحة التي تثير أهتمام المواطن درب الحقيقة السياسية، وفي الثانية يناط به إحاطة الناس علماً بمجريات الأحداث وتطوراتها .
وتعتبر المجلات السياسية المتخصصة من أهم أشكال الإعلام السيامي، كما تعتبر من أهم أدواته ووسائله للتوجيه السياسي ولهذا تهتم معظم الدول بهذا النوع من المجلات، حتى أن المجلات المنوعة تفرد معظم صفحاتها لشؤون السياسة.
والإعلام السياسي لا يمكن أن يكون محايدا فهو دائماً يعبر عن وجهة نظر معينة ينحاز إليها صراحة أو ضمناً. . ولذا فإنه يمثل سلاحاً ذو حدين. . حيث يكون نعمة إذا أحسن استخدامه في توعية الجماهير وتنويرها ويكون نقمة إذا اسيء استخدامه وعمد إلى تضليل الجماهير وإبعادها عن المشاركة السياسية الحقيقية.
والإعلام السياسي وخاصة في الدول النامية يخضع لملكية هذه الدول في معظم الأحوال، لذا فهو يعتبر أداة أساسية لدعم النظم السياسية الحاكمة فيها، وذلك عن طريق التأكيد المستمر على إنجازاتها وممارساتها في مجالات العمل السياسي، ولذلك فإن الإعلام السياسي أقل ما يوصف به هو إعلام رأي وتوجيه أكثر من كونه إعلام حقائق ومعلومات . . وبالتالي يشكل الإعلام السياسي جزءا لا يتجزأ من السياسات العامة للدول النامية على اختلاف توجهاتها السياسية، , لذلك فإن النظرة إليه من هذه الزاوية تجعل منه داعية 'سياسية وعملا هادفاً وأداة نشطة لنشر أفكار وممارسات الأنظمة السياسية التي ينتمي إليها ويدور في فلكها.. ومن الصعب أن نتصور إعلاماً سياسياً لا يرتبط بأهداف سياسية ولا يسترشد بمبادئ فكرية معينة سواء أكانت ظاهرة أو مستترة. . فهو الأداة التي تبث من خلالها المبادئ والأفكار السياسية وتنتشر. . ولذا فإن وضعه يجيء على رأس قائمة الاهتمامات الاستراتيجية للدول، على اعتبار أنه الإعلام المسؤول عن كسب الجماهير إلى جانب السلطة، والمسؤول عن إشاعة الاهتمام بالقيم التي تنادي بها، والمسؤول عن التبشير والدعوة للأفكار التي ترسم صورتها في أذهان الجماهير. . ولذلك فهو دائما محل رقابة منظورة وغير منظورة (مباشرة وغير مباشرة) بهدف إحكام السيطرة عليه حيث يتم توجيهه وترشيده بصورة مستمرة من خلال الصور والمعلومات التي تحدد مواقف الناس وتشكل آرائهم وتحدد سلوكياتهم في نهاية الأمر
وتتحدد وضعية الإعلام السياسي في معظم الدول، وفقآ لوضعية الإعلام وحاجة المجتمع إليه.. هو في كل الأحوال لا يخرج من ثلاث:
فهو إما إعلام مبادر يسلط الضوء على القضايا والمشكلات، ويوجه العمل السياسي في مسارات طبيعية حيث يتحمل مسؤولية القيادة إلى جانب قيادات العمل السياسي.
أو إعلام مواكب لتوجهات العمل السياسي يسير في اتجاهات موازية لاتجاهاته .
أو إعلام يسير في الركب لا يخرج في تبعيته عن المدى الذي يحدده العمل السياسي له .
والمسألة في الأوضاع الثلاثة سالفة الذكر رهينة بمسافة الحرية التي تمنح للإعلام السياسي والتي تتحدد بدرجة الالتزام ومفهومه.
ويعمل الإعلام السياسي وفقاً لنظرية إعلامية معروفة، هي نظرية الدق على المسمار، وهي نظرية تعتمد على التكرار المتصل في مضمون المواد الإعلامية بهدف تثبيت الأفكار والمعلومات والآراء في أذهان الجماهير وإقناعهم بها حيث تلعب عناصر الخبرة والحكمة والإبداع دورا أساسيا في أحداث التنوع في المضمون حتى لا يتحول التكرار إلى عمل ممل، فبدلاً من أن يحدث التجاوب الجماهيري مع ما هو مطروح في وسائل الإعلام، يحدث النفور. . ويتحول الإعلام السياسي من عامل للتوحد الفكري إلى خامل للتشتت الفكري.
ويستهدف الإعلام السياسي بصورة خاصة الرأي العام من خلال ما يقدمه من أخبار وموضوعات وصور وتعليقات وتحليلات تستهدف خلق المناخ الذي يهيئ مساندة الرأي العام لتوجهات العمل السياسي. . فالرأي
العام -كما يرى هربرت شيللر(2) - يمثل أحد الأدوات الهامة للسيطرة الاجتماعية والسياسية في هذا العصر، ومن يسيطر عليه. ٠ يحكم سيطرته على ا لأوضاع الاجتماعية والسياسية(3)، ولذلك يتم توظيف برامج الإعلام السياسي ووسائل لخدمة هذا الهدف.. ولكن في يعفى الأحيان يفشل الاعلام السياسي في إحكام سيطرته على الراي العام.. أو تحويل أنظاره عن قضايا بعينها.. وفي مثل هذه الحالات يسحب البساط من تحت الإعلام السياسي حيث تنطلق الشائعات - كمخرج للإعلام السياسي من أزمته -لإحداث البلبلة في صنوف الرأي العام حتى لا يستقر على وضع معين، وتسود قاعدة «سهر الدجاج ولا نومه» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بتصرف من المؤلف: انظر: صلاح عبد اللطيف، غازي بن عوض الله، مرجع سابق، صن 24.
(2) أستاذن مادة الاتصال بجامعة كاليفورنيا، بسان دييجو.
(3) هربرت شيللر، المتلاعبون بالعقول، ترجمة عبد اللام رضوان، سلسلة عالم المعرفة 106، الكويت، المجلس الوطني لثقافة والفنون والآداب، 1986، ص156.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|