أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2022
1988
التاريخ: 4-4-2017
13075
التاريخ: 2024-04-20
1365
التاريخ: 12-6-2016
4530
|
تعتبر المحاكم العليا قمة النظام القضائي في سلم المحاكم الادارية، وتمارس هذه المحاكم وظيفة نقض الاحكام الادارية عند الطعن بها امام هذه المحاكم. والطعن بالنقض امام المحاكم الادارية العليا يعتبر طريقاً غير عادي من طرق الطعن وبالتالي فهي لا تعتبر درجة من درجات التقاضي. اذ ان الوظيفة الاساسية لهذه المحاكم يتضمن بحث القواعد القانونية المختلف عليها وتفسيرها وتطبيقها سواء تعلق الامر بالقواعد الموضوعية او بالقواعد الاجرائية، وما اذا كانت هذه القواعد يجب الاخذ بها في النزاع المطروح وكذلك البحث في اذا كان الحكم المطعون فيه قد اخفق في فهمها او تطبيقها على الواقع المستخلص في الدعوى او جانب الفهم السليم كما تراه هذه المحاكم(1). وفي ضوء ذلك تحكم المحاكم العليا اما برفض او قبول الطعن فاذا قبلت الطعن ونقضت الحكم فانها تحيل القضية الى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم به من جديد طبقا للقواعد التي قررتها في المسائل القانونية محل الطعن، ولا تتصدى هذه المحاكم للحكم في الدعوى الا في نطاق ضيق. الا ان هذه المحاكم لا تتطرق لبحث الوقائع او تنقض الحكم بسببها أي انها تفترض صحة الوقائع التي اثبتها الحكم المطعون فيه سلبا او ايجابا، ولم تشذ عن هذه الاتجاه سوى المحكمة الادارية العليا في مصر .وفي ضوء ما تقدم يمكن القول ان رقابة المحاكم العليا تقتصر على التقدير القانوني للقاضي الاداري ولا تشمل تقدير الوقائع. الا ان القاضي الاداري لا يمكن ان يكون متحررا من كل رقابة بالنسبة لتقدير هذه الوقائع، لأننا نكون في هذه الحالة امام سلطة تحكمية وليس سلطة تقديرية، ففي كل الاحوال يجب على القاضي ان يشرح اسباب تقديره، وان يثبت لماذا قدر الواقع والقانون على هذا الوجه دون غيره من الوجوه(2). وبعبارة اخرى يجب ان يقدم القاضي الى المحاكم العليا ما يساعدها على التأكد من سلامة التقدير فالقاضي حر في التقدير بشرط ان يثبت سلامته مما يتيح لهذه المحاكم وسيلة مراقبته. لذلك لا مناص من القول ان تقدير القاضي الاداري يجب ان يكون خاضعا بصورة او بأخرى لهذه الرقابة. ويرى جانب من الفقه ان رقابة محكمة النقض ليست رقابة على راى القاضي من حيث النتيجة التي انتهى اليها بالنسبة للوقائع فهي لا تملك ذلك، وانما رقابة على طريقه تكوين هذا الراي او الاساس الذي تقوم عليه(3). لذلك نجد ان مهمة القواعد الاجرائية وضع معيار لصحة بحث القاضي في الوقائع وذلك من اجل ان يجعل من نشاطه وسيلة ملائمة لبلوغ نتيجة صحيحة من ناحية الوقائع. ومع ذلك فلابد من الاعتراف بانه مهما حاول المشرع ومن بعده المحاكم العليا في كبح جماح هذه السلطة، فان ثمة حيزاً كبيراً من التقدير يكون فيه القاضي غير خاضع لأي قيد او رقابة سوى قناعته وضميره.
المطلب الاول
رقابة مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض
كان مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض بالنسبة للأحكام النهائية الصادرة من المحاكم الادارية المتخصصة التي لا يطعن في احكامها بالاستئناف امام مجلس الدولة، وهي محاكم عديدة اهمها، محكمة المحاسبة، ومجلس المراجعة (الذي ينظر في منازعات المجندين) والمجلس الاعلى للتعليم وهيئة الرقابة على المجندين وغيرها، وهي جهات ذات اختصاص قضائي اما بنص القانون او حسب طبيعة تشكيلها(4). الا انه بموجب قانون 31 كانون اول لسنة 1987 مارس المجلس هذه الوظيفة على الاحكام الصادرة من محاكم الاستئناف الادارية، وبذلك اصبح مجلس الدولة الفرنسي قاضيا يمارس صلاحية النقض في مجال القانون العام(5). ويهدف الطعن بالنقض امام مجلس الدولة الفرنسي الغاء الاحكام القضائية المشمولة بالطعن من خلال الرقابة القانونية على الحكم المطعون فيه. حيث يحيل المجلس القضية في حالة الغاء هذا الحكم الى ذات المحكمة التي اصدرته وعلى هذه المحكمة ان تلتزم بالمبدا القانوني الذي ارساه المجلس في شأنها. ومن اوجه الطعن بالاحكام امام مجلس الدولة الفرنسي كمحكمة نقض، عيب عدم الاختصاص وعيب الشكل والاجراءات وعيب مخالفة القانون وهي تشابه الى حد ما اوجه الطعن في القرارات الادارية امام قاضي الموضوع باستثناء عيب الانحراف بالسلطة حيث رفض مجلس الدولة الفرنسي كمحكمة نفي الغاء الاحكام استنادا الى هذا العيب صراحة وضمنا(6). لذلك سنتطرق الى الطعن بالنقض امام مجلس الدولة مع بيان مدى رقابته كقاضي نقض على تقدير قاضي الموضوع في كل وجه من اوجه الطعن اذا كان موجودا وبشيء من الايجاز.
اولا:-عيب عدم الاختصاص
ويقصد به عدم صلاحية المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه ويشمل هذا العيب حالات عدم الاختصاص النوعي والمحلي والزمني، ويعتبر هذا العيب من النظام العام وبموجبه يحق التمسك به لاول مرة امام مجلس الدولة كقاضي نقض(7).
ثانيا:-عيب الشكل والاجراءات
يمارس مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض الرقابة على المشروعية الخارجية للحكم القضائي وذلك من خلال التحقق على ما اذا خرق الحكم القضائي قواعد الشكل والاجراءات. فمن حيث الشكل يعتبر تسبيب الحكم القضائي من اهم العيوب الشكلية التي تصيب الحكم القضائي، اذ يرتبط هذا العيب بمخالفة القانون ويعتبر عدم صحة الاسباب بمثابة انعدامها. كما ان تناقض الاسباب يعني عدم كفايتها(8). ويمتلك قاضي الموضوع سلطة تقديرية في موضوع تسبيب الاحكام، حيث يرفض مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض رقابته لان المحكمة غير ملزمة بان ترد على جميع ما يثيره الخصوم سواء اثناء المناقشة او في مذكرات دفاعهم. فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بان المحكمة ليست ملزمة بمناقشة كل ما يثيره المدعي كسند لدعواه بل ان لها ان تقدر اهمية البيانات والعناصر المثارة، كما انه ليس ثمة الزام عليها ان تتناول جميع التفصيلات، بل يكفيها ان تعتمد البيانات المهمة المتصلة بموضوع الدعوى . كما طبق مجلس الدولة الفرنسي نظرية احلال الاسباب في الحكم القضائي اذا امكن اقامة الحكم على اسباب اخرى، متى كانت هذه الاسباب متعلقة بالنظام العام بل وحتى لو كانت هذه الاسباب غير متعلقة بالنظام العام، ولكن يشترط مناقشتها امام قاضي الموضوع، فقد قضى المجلس في احد احكامه بانه لا جدوى من نقض الحكم لاعادة اصداره بعينه، وانما يكفي تصحيح الاسباب او تعديلها بشرط ان تكون الاسباب الجديدة غير متنازع على الوقائع المتصلة بها.(9) اما فيما يتعلق برقابته على مخالفة الحكم لقواعد الاجراءات، فيقصد بها التي يترتب على مخالفتها تاثير على الحكم المطعون فيه، ومن الامثلة على الاجراءات المؤثرة في الحكم، قاعدة احترام حقوق الدفاع وقاعدة اخطار الخصوم بالاجراء والاطلاع على الاوراق.(10) ويتمتع قاضي الموضوع بسلطة تقديرية كاملة بالنسبة لاجراءات التحقيق ولا يفرض مجلس الدولة الفرنسي رقابته عليها، حيث لا توجد قاعدة عامة تلتزم القاضي الاداري باتخاذ اجراءات معينة كندب خبير او اجراء تحقيق او سماع شهود لان القاضي الاداري له سلطات كاملة في تقدير جدوى الاجراء الذي يطلبه الخصوم في الدعوى ما لم يوجد نص خاص يقيده بذلك لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بان القاضي اذا كان يستطيع اتخاذ جميع التدابير والاجراءات التي يراها ضرورية، فان له كامل الحرية في تقدير ملاءمة اتخاذ مثل هذه الاجراءات فهو ليس ملزما باجابة طلب الخصم بندب خبير.(11)
ثالثا عيب مخالفة القانون .
ويعد اهم اوجه الطعن التي تواجه القرار المطعون فيه امام مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض وتكون مخالفة القانون في عدة صور سوف نبين من خلالها مدى رقابة مجلس الدولة الفرنسي لقاضي نقض على تقدير قاضي الموضوع خصوصا فيما يتعلق بالوقائع ومن هذه الصور .
1- المخالفة المباشرة للقانون
ويقصد بها اغفال او ترك الحكم المطعون فيه العمل بنص قانوني لا يحتمل التأويل ولا خلاف في وجوب الاخذ به بالدعوى (12) ففي هذه الحالة يكون الحكم متعارضا مع النص بشكل صريح مثال ذلك ان تقرر المحكمة معاشا مؤقتا لا كثر من اربع سنوات وهي اقصى مدة سمح بها القانون الفرنسي (13). ولابد من الاشارة ان المقصود بالقانون هنا هو جميع القواعد القانونية العامة المجردة والنافذة في الدولة على جميع انواعها واشكالها او مصدرها فهي لا تقتصر اذن على القانون المكتوب(14).
2- الخطأ في تفسير او تأويل القانون
ويحصل عندما يعطي الحكم القضائي معنا مختلفا عن المعنى الذي قصده المشرع والذي يمارس مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض رقابته عليه كونه اعلى هيئة قضائية في مجال القضاء الاداري، فاذا كان قاضي الموضوع يملك نوعاً من التقدير المتعلق بتفسير القانون او تكييفه الا انه ليس حرا في ان يريد او لا يريد وفقا لتقديراته الشخصية، وانما يجب عليه ان يقدر ما يريده المشرع وهو من اجل ذلك يقوم بعمليات منطقية وتقديرات فنية تخضع في النهاية لرقابة مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض، والذي له الراي الاخير في كون هذا التفسير متفقا او غير متفق مع ما يريده المشرع(15). ويمكن ان نطلق على هذا النوع من التقدير اما بالتقدير القانوني، وهو خاضع في مجمله لرقابة محكمة النقض عموما، ومن الامثلة على ذلك ان ترفض الهيئة الخاصة بتقدير المعاشات الالتماس المقدم لها في حكم صدر منها استنادا الى حجة الشيء المقضي فيه(16).
3- الخطأ في الواقع .
لاشك ان الوظيفة التقليدية لاي محكمة نقض هو كونها قاضي قانون وليس قاضي وقائع، وهي الوظيفة المعلنة لمجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض . الا ان تطبيق القانون لا يكون الا بوجود وقائع قائمة موجودة ومستخلصة استخلاصا سائغا من الاوراق والا شاب الحكم عيب مخالفة القانون بسبب خطا في الواقع الذي يرد عليه التطبيق، لذلك فرض مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض رقابته على الوجود المادي للوقائع شانه في ذلك شان قاضي تجاوز السلطة – كما شملت رقابته ايضا الوصف القانوني للوقائع و اذا ما كان هناك تحريف لهذه الوقائع .
أ- الرقابة على الوجود المادي للوقائع
ان احكام مجلس الدولة الفرنسي مستقرة على فرض هذا النوع من الرقابة ومن الامثلة التي راقب فيها الوجود المادي للوقائع حكمه في قضية misuer حيث قامت احد المحاكم المهنية بتوقيع جزاء على المذكور بحجة قيامه باستعمال الغش في مهنته . فالغى المجلس هذا الحكم لعدم وجود هذا الغش . وفي حكم اخر راقب المجلس الوجود المادي للوقائع من خلال الطعن في الحكم الصادر من القسم الدائم للمجلس الاعلى للمساعدة الاجتماعية الا انه رفض الطعن تاسيسا على انه لم يثبت له ان الحكم قد بني على وقائع منعدمة، كما يدعي الطاعن بعد ان استعرض هذه الوقائع واثبتها(17). وحجة المجلس في فرض رقابته على الوجود المادي للوقائع في انه عندما يسلط رقابته عليها كقاضي نقض هي ان تطبيق القانون مشروط بداهة بوجود وقائع معينة صحيحة يجب ان يبنى عليها الحكم فيلزم التحقق من وجودها(18). وهذه الرقابة التي فرضها المجلس لا تشكل تجاوزا على حرية قاضي الموضوع في تقديره لوقائع النزاع وذلك لسببين اولها ان هذه الرقابة تقتصر على الوقائع الغامضة او غير المحددة دون ان تتناول التقدير الشخصي لقاضي الموضوع والذي يسميه بعض الفقه (التقدير السيد لقاضي الاساس )(19). فالمجلس كقاعده عامة لا يجعل اعتقاده محل اعتقاد قاضي الموضوع – كما انه لا يفرض رقابته على المسائل الفنية كالتقدير المتعلق بقيمة بعض الطرق الطبية وكذلك العلاقة بين خطورة الوقائع المتحقق منها والموصوفة بشكل صحيح من جهة ومضمون القرار المتخذ من جهة اخرى.(20) اما ثانيهما فهي ان الرقابة على الوقائع لا تتجاوز حدود ملف الدعوى حيث انه يستبعد دائما أي سبب جديد يطرحه الخصوم في الطعن الماثل امامه كمحكمة نقض . كما انه لا يجري تحقيق جديد لم يسبق ان اجراه قاضي الوضوع – فقد ذهب مجلس الدولة في احد احكامه الى انه من الممتنع تقديم مستند جديد امام القاضي النقض انما يتعين النظر بالحالة التي فصل فيها قاضي الموضوع. كما قضى في قرار اخر بانه لا يجوز طلب ندب خبير طالما ان ذلك يؤدي حتما الكشف لقاضي النقض عن بيانات جديدة لم تكن مطروحة امام قاضي الموضوع.(21) ومن ذلك فان مجلس الدولة الفرنسي كان يقبل الاسباب الجديدة التي ذكرت في الطعن ولم تكن قد طرحت على قاضي الموضوع اذا كانت متعلقة بالنظام العام.(22) ويبدو ان مرد هذا القيد يعود الى طبيعة الطعن بالنقض التي تقوم اساسا على حالة قانونية سبق اثارتها امام قاضي الموضوع .
ب- الرقابة على تحريف الوقائع
لم يقف مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض عن حد الرقابة على الوجود المادي للوقائع بل تدخل في فرض رقابته على اما اذا كان هناك تحريف لهذه الوقائع . ويقصد بتحريف الوقائع هو ان يورد الحكم الوقائع بطريقة تغاير الحقيقة ويودي التحريف الى انعدام الاساس القانوني للحكم لذلك فهو يعد من قبيل الاخطاء القانونية والتي لا تتضمن رقابتها اعتداء على سلطة قاضي الموضوع(23). ومن اشهر الاحكام التي راقب فيها مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض تحريف الوقائع هو حكمه في قضية simon وتتلخص وقائعها ان المذكور وهو يعمل طبيبا اذاع من نيويورك سنة 1947 حديثا بالراديو انتقد فيه بعض وسائل العلاج التي يستخدمها بعض الاطباء الفرنسيين ولما عرض امره على القسم التأديبي لمجلس النقابة عد ذلك من قبيل القذف في حق المهنة واعضائها باعتباره تضمن قذفا في المستخدمين لهذه الوسائل المعترف بها من النقابة وحكم بشطبه . وعند الطعن بالنقض امام المجلس الغى هذا الحكم استنادا الى ان ما اقترفه المذكور لايعد قذفا، وانما عملاً مباحاً لانه تضمن نقدا لوسائل العلاج ولم يتناول اشخاصاً معينين لعدم تعرضه لمن يستخدمونها.(24)
المطلب الثاني
رقابة المحكمة الادارية العليا في مصر على تقدير القاضي الاداري
تعد المحكمة الادارية العليا اعلى هيئة قضائية في القسم القضائي لمجلس الدولة المصري وتختلف حالات الطعن امام هذه المحكمة بحسب الحكم المطعون فيه وكما يلي .
أ- تنظر الطعون في الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري كمحكمة اول درجة واحكام المحاكم التاديبية ومجالس التأديب في الحالات التالية .
1-اذا كان الحكم المطعون فيه مبينا على مخالفة القانون او خطا في تطبيقه او تاويله.
2-اذا وقع بطلان في الحكم او بطلان في الاجراءات اثر في الحكم.
3-اذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حائز على قوة الشيء المحكوم فيه سواء وقع في هذا الدفع او لم يدفع.
ويكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة موظفي الدولة التقدم بالطعن في هذه الاحكام خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم(25).
ب-الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري بصفتها الاستئنافية، ويقتصر حق الطعن في هذه الحالة على رئيس هيئة مفوضي الدولة خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم في حالتين.
1-اذا صدر الحكم خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية العليا..
2-اذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدا قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره(26).
يتضح مما تقدم ان حالات الطعن المشار اليها في القانون ترجع الى اصل واحد وهو مخالفة القانون بمفهومه العام. الا ان المحكمة الادارية العليا قد توسعت في تفسير حالات الطعن التي نص عليها القانون حيث انها لم تقتصر على مراقبة المسائل القانونية، وانما امتدت رقابتها الى المسائل الواقعية من خلال التعقيب على تقرير محكمة الموضوع للوقائع، وبذلك تكون قد خرجت عن القيود التقليدية الخاصة بأحوال الطعن. وقد اثار اتجاه المحكمة هذا جدلا واسعا في الفقه حول طبيعة الاحكام التي تصدرها، لذلك سنتطرق الى سلطة المحكمة في الطعون المرفوعة امامها وكذلك طبيعة الاحكام التي تصدرها.
الفرع الاول : سلطة المحكمة الادارية العليا في الطعون المرفوعة امامها.
كان المشرع قد حدد سلطة المحكمة الادارية العليا تجاه الطعون في الاحكام الادارية المرفوعة امامها في الجوانب القانونية، فقد يتبادر الى الذهن ان سلطة هذه المحكمة لا تتجاوز كونها محكمة نقض على النحو المحدد في قوانين المرافعات. ولكن هذه المحكمة رفضت التقيد بتلك الاحكام. بل سمحت لنفسها بحث موضوع المنازعة ووقائعها حيث رتبت على رفع الطعن امامها طرح المنازعة برمتها وبما تتضمنه من وقائع ومسائل قانونية على حد سواء(27). وقد حرصت المحكمة الادارية العليا على تأكيد الطبيعة الذاتية للنقض الاداري غداة انشائها وفي اول جلسة لها حيث قالت "لا وجه لافتراض قيام التطابق التام بين نظام الطعن بطريق النقض المدني ونظام الطعن الاداري، سواء في شكل الاجراءات او كيفية سيرها، او في مدى سلطة المحكمة الادارية العليا بالنسبة للاحكام الموضوع الطعن، او كيفية الحكم فيه، بل مرد ذلك الى النصوص القانونية التي تحكم النقض المدني، وتلك التي تحكم الطعن الاداري، وقد تتفقان في ناحية وتختلفان في ناحية اخرى، فالتطابق قائم بين النظامين من حيث الحالات التي تجيز الطعن في الاحكام...ولكنه غير قائم سواء بالنسبة الى ميعاد الطعن او شكله او اجراءاته او هي قد يمتنع معه اجراء القياس لوجود الفارق، اما من النص او من اختلاف طبيعة الطعنين اختلافا مرده اساسا الى تباين بين طبيعة الروابط التي تنشا بين الادارة والافراد في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ بين الافراد في مجالات القانون الخاص)(28). لذلك فقد قضت هذه المحكمة في العديد من احكامها ان سلطتها في فحص مشروعية الاحكام تماثل سلطة المحاكم التي اصدرت هذه الاحكام في رقابتها للمشروعية فهي لا تقف في رقابتها على الجانب القانوني بل تبسطها على الوقائع التي تم بحثها من قبل محكمة الموضوع(29). وفي هذا تقول المحكمة المذكورة بانه "ليس لمحكمة القضاء الاداري او المحكمة الادارية في دعوى الالغاء سلطة قطعية في فهم الواقع او الموضوع تقصر عنها سلطة المحكمة الادارية العليا، والقياس في هذا الشأن على نظام النقض المدني هو قياس مع الفارق، ذلك لان رقابة محكمة القضاء الاداري والمحاكم الادارية على القرارات وهي رقابة قانونية تسلط عليها لتتعرف على مدى مطابقتها او عدم مطابقتها للقانون وهذا بدوره عين الموضوع الذي ستتناوله المحكمة الادارية العليا عند رقابتها القانونية لاحكام القضاء الاداري. فالنشاطان وان اختلفا في المرتبة الا انهما متماثلان في الطبيعة اذ مردهما في النهاية الى مبدا المشروعية، تلك تسلطه على القرارات الادارية وهذه تسلطه على هذه القرارات ثم على الاحكام"(30). وفي هذا نلاحظ ان المحكمة الادارية العليا لم تفرق بينها وبين محاكم القضاء الاداري الاخرى فجعلت رقابتها من نوع رقابة الاولى بفارق هو انها تسلط رقابتها على القرارات الادارية وعلى الاحكام بحكم كونها جهة طعن لهذه المحاكم قد بدا اتجاه المحكمة واضحا من خلال حكمها الذي تتلخص وقائعه في ان احد الموظفين قدم طعنا امام محكمة القضاء الاداري في ترقية اخرين بحجة تخطية بهم ولكونه يفوقهم في مرتبة الكفاية والامتياز. وقد اجابت المحكمة لطلبه والغت القرار ولكن المحكمة الادارية العليا اعادت بحث الموضوع من جديد وبينت مراتب كل منهم وكفايته وقارنت بينهم وبينت انهم كانوا متماثلين في الكفاية، ثم الغت الحكم لاعترافها للادارة بحق ترقية من تريد من المتماثلين وقالت في ذلك "ان جميع من شملهم القرار (قرار الترقية المطعون به) حصلوا على مجموع من درجات الكفاية بين عامي 1955-1956 اكثر من 90 درجة في كل عام ومن ثم يكونون جميعا في مرتبة ممتازة... فينطلق سلطان الادارة في وضع معيار المفاضلة بينهم او فيما بينهم او غيرهم من الحاصلين على مثل مرتبتهم، ولا معقب عليها في ذلك ولا تثريب عليها فيما انتهت اليه اذا سلم اختيارها مما يعيب هذه السلطة وهو الانحراف وسوء استعمالها"(31). وفي قرار اخر استباحت المحكمة لنفسها ان تعقب على تقدير الاسباب التي استندت اليها الادارة في حالة احد الموظفين للتقاعد وان تخالف محكمة القضاء الاداري في تقديرها لتلك الاسباب وقضت بالغاء حكمها(32). اما فيما يتعلق برقابتها على احكام المحاكم التاديبية نجد ان المحكمة الادارية العليا قد راقبت ملاءمة الحكم للوقائع الثابتة واعادة تقدير الجزاء بالنظر للخطورة التي تتبناها لهذه الوقائع. وهو ما اطلق عليه بعض الفقه الاداري بقضاء الغلو(33). وقد ادى اتجاه المحكمة هذا الى قبولها طعون لا تستند الى مخالفة القانون او الخطأ في تطبيقه او تأويله وانما قبلت طعون تستند الى خطأ في الواقع. والتطبيقات القضائية لهذا النوع من الاحكام كثيرة(34)، نذكر منها حكمها في قضية تتلخص وقائعها ان المحكمة التأديبية حكمت بعزل موظف من خدمته لما نسب اليه من خروج عن مقتضى الواجب بان تعمد الى تغيير الحقيقة في محررات رسمية. وتاخر في توريد ايراد الاشتراكات التي قام بتحصيلها وانقطاعه عن العمل بغير اذن فترة ما. وعند الطعن في هذه الاحكام اعادت المحكمة الادارية العليا فحص هذه الاتهامات برمتها فحصا كاملا دون النظر الى راي المحكمة التاديبية في هذه الوقائع او ثبوتها او وصفها، وخلصت الى القول بثبوت التهمتين الاولى والثانية على المحكوم عليه دون التهمة الثالثة، وبالنسبة للتهمتين الثابتتين في حقه اعادت تقديرهما فبعد ان كانت المحكمة التأديبية قد ذهبت الى هذه التهم اخلالا خطيرا بالوظيفة العامة لكونهما ينطويان على تزوير اوراق رسمية اضافة الى اختلاس اموال عامة، اعتبرتها المحكمة العليا من قبل الاهمال الذي لا يستحق عليه الفصل وانتهت المحكمة الى قولها "ومن حيث انه اذا وضح ما اسند المحكوم عليه في التهمتين الاولى والثانية، لا يعدو اهمالا فان معاقبة المحكوم عليه بالعزل من وظيفته عن هذا الاهمال يعد غلوا مبغاه عدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب وبين نوع الجزاء مما يعيب الحكم المطعون فيه ومجازاة المحكوم عليه بخصم شهرين من مرتبه."(35).
الفرع الثاني : طبيعة الاحكام التي تصدرها المحكمة الادارية العليا.
تبين لنا من دراسة سلطة المحكمة الادارية العليا في الطعون المرفوعة امامها ان هذه المحكمة تجمع بين مهمة محكمة قانون ومحكمة موضوع-لذلك فهي تعتبر في جانب من قضائها محكمة نقض وفي جانب اخر محكمة موضوع او محكمة استئناف بل وحتى سلطة ادارية عليا. والحق ان هناك الكثير من الدلائل والاسانيد التي تشير انها محكمة نقض ادارية، كما ان هناك دلائل اخرى تشير الى انها محكمة موضوع او استئناف ولغرض تحديد طبيعة احكام هذه المحكمة سنشير الى كل من هذه الاسانيد بشيء من الايجاز.
اولا:-الأسانيد التي تشير الى انها محكمة نقض ادارية.
1-ان جميع النصوص القانونية التي بينت اسبابا الطعن واحواله امام المحكمة الادارية العليا تشير الى انها محكمة نقض اداري(36).
2-ان المحكمة الادارية العليا هي قمة القسم القضائي في مجلس الدولة ولا يجوز ان ترفع الدعاوى امامها ابتداءً وانما يطعن امامها في الاحكام الصادرة من باقي المحاكم الادارية في القسم القضائي، على النحو الذي جرى تفصيله .
3-ان احكام المحكمة غير قابلة للطعن باي طريق من طرق الطعن، بل لا يجوز الطعن في احكامها حتى بطريق التماس اعادة النظر، فقد قضت المحكمة الادارية العليا ان الاحكام الصادرة من هذه المحكمة لا يجوز الطعن فيها بمفهوم المخالفة ويتعين القضاء بعدم جواز نظر الالتماس مع الزام الملتمس بالمصاريف"(37).
4-ان المحكمة الادارية العليا لم تستند الى عيب الانحراف في السلطة كسبب لنقض الحكم الاداري شأنها في ذلك شأن مجلس الدولة الفرنسي كمحكمة نقض، ولو ان بعض الفقه قد اعتبر قضاء الغلو هو نوع من انحراف محكمة الموضوع في استعمال السلطة(38).
ثانيا:- الأسانيد التي تشير الى انها محكمة موضوع او استئناف.
1-ان المحكمة لم تتقيد بأسباب الطعن واحواله التي نص عليها القانون بل سمحت لنفسها بحث موضوع الدعوى وبما تتضمنه من وقائع حيث رتبت على رفع الطعن امامها طرح المنازعة برمتها وعلى النحو الذي جرى تفصيله، مخالفة بذلك المهمة التقليدية التي تضطلع بها محاكم النقض في الاقتصار على الجوانب القانونية دون الخوض في الوقائع.
2-قبولها الاسباب الجديدة
من المبادئ الاساسية في الطعن بالنقض، عدم جواز ابداء اسباب جديدة لم يكن تحت نظر محكمة الموضوع، فقد راينا ان مجلس الدولة الفرنسي كقاضي نقض قد تقيد بهذه القاعدة ولم يقبل الا بالدفوع القانونية الصرفة والتي لا تتطلب بحث في الوقائع، وذلك تطبيقا لقاعدة ان قاضي النقض انما قاضي قانون لا قاضي وقائع. الا ان المحكمة الادارية العليا لم تتقيد بهذا المبدأ، بل ذهبت الى ابعد من ذلك عندما قامت من تلقاء نفسها باستظهار الاسباب التي تعيب الحكم ولم يكن الخصوم قد استندوا اليها في طعنهم، ولو لم تكن من النظام العام(39). وقد دأبت هذه المحكمة على قبول اسباب الدفاع التي تختلط بالوقائع وهي ما تأخذ حكم الاسباب الجديدة في قضاء النقض حيث ذهبت في احد احكامها الى "ان اتهام الطاعن والتقرير بادانته والحكم عليه بالعزل من وظيفته انما قام كل ذلك احالة عن خبير الجدول بان الطاعن هو الكاتب المحرر لمظاريف المنشورات السرية وقد بان بوضوح من كل ما سبق ان هذا التقرير لا ينهض دليلا ولا يقوى على مساندة الاتهام، اذ تقدمت مصلحة الطب الشرعي بتقرير مفصل سليم تطمئن اليه هذه المحكمة لما انطوى عليه من دقة وتأصيل خلص الى راي فني قاطع بان الطاعن ليس هو الكاتب لمظاريف المنشورات السرية وانما كتبت بخط يخالف خطه، اكد ذلك ايضا التقرير الاستشاري، تقرير خبير الجدول ورماه بالبعد عن الاساليب العلمية في البحث والتمحيص كما ادى الى نتيجة عكسية بعيدة عن حقيقة الاوضاع...)(40).
3-تصديها لموضوع النزاع.
الاصل ان محكمة النقض لا تحكم في موضوع النزاع ولكن في حالات معينة يجوز لها ذلك، اذا كانت القضية جاهزة للحسم ومن دون ان يتطلب ذلك بحثا في الوقائع. على ان يكون هذا بعد نقض الحكم لمخالفته احكام القانون. ولكن المحكمة الادارية العليا قد ذهبت مذهبا مختلفا عن ما تقدم، حيث انها درجت كقاعدة عامة على الفصل في موضوع الدعوى بعد الغاء الحكم المطعون فيه، ولا تذهب الى الاحالة الا كون الدعوى غير مهيئة للحسم(41). كما ان المحكمة قد قامت ببحث الموضوع والفصل فيه من دون ان تكون محكمة الدعوى درجة قد سبقتها الى بحثه، كما هو الحال في تصديها لموضوع الطعن في حكم قضت فيه محكمة الوضوع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد او بدون تظلم، باستثناء نقض الحكم لعدم الاختصاص حيث تقوم باحالة الدعوى الى المحكمة المختصة للفصل فيها(42).
4- لا تتقيد المحكمة الادارية العليا بالطلبات المذكورة في تقرير الطعن، اذ انها يمكن ان تتصدى للطلبات الاخرى اذا كانت مرتبطة ارتباطا جوهريا بالطلب الاصلي فقد قضت المحكمة بان اقتصار الطعن في الحكم امامها على احد شقيه لا يحول بينهما وبين النظر في الشق الاخر ولماذا كان الشقان مرتبطين احدهما بالأخر ارتباطا جوهريا فانه لا مندوحة من اعتبار الطعن في الشق الثاني مثيرا للطعن في الشق الاول(43). يلاحظ مما تقدم ان هناك تبايناً واضحاً بين الصلاحية التي منحها المشرع للمحكمة الادارية العليا كمحكمة نقض لاحكام المحاكم الادارية الاخرى، وبين ما خططته لنفسها من دور تجاوزت فيه اسباب الطعن المحددة بموجب القانون وقد انعكس هذا التباين في اراء الفقه حول تحديد طبيعة احكام هذه المحكمة حيث يرى بعض الفقه انه الطعن بالنقض الاداري وان هذه المحكمة هي محكمة نقض في المجال الاداري(44). ويرى جانب اخر من الفقه انه مزيج بين النقض والاستئناف(45). بينما يرى فريق ثالث ان الطعن امام المحكمة الادارية العليا في ضوء مسلكها في نظر الطعون ابعد ما يكون عن النقض وقواعده الاساسية المستقرة. فهي كأصل عام محكمة موضوع او الغاء بكل يعنيه هذا الاصطلاح من معاني وما يستلزمه من نتائج، لذلك انتهى هذا الراي ان الطعن امامها ذو طبيعة خاصة وانه اقرب ما يكون الى الطعن بالاستئناف وان مسلكها في نظر الطعون والحكم فيها لا تلتزم فيه منهج محكمة النقض وانما تذهب فيه كما لو كانت محكمة استئناف او محكمة اول واخر درجة او كسلطة تأديبية(46). ونرى ان الراي الاخير كان الاقرب وصفا لطبيعة هذه المحكمة، فهي بحكم كونها قمة القسم القضائي في المجلس الدولة وعدم وجود أي معقب على احكامها، فقد تجاوزت كثيرا على حق المحاكم الادارية في تقديرها للوقائع، فهي عندما لا تقتنع بهذا التقدير تقوم بالغاء او تعديل الحكم بعد ان تقوم بإحلال تقديرها محل تقدير هذه المحاكم. اما اذا اقتنعت بهذا التقرير فانها تقـول بانها لا تتدخل بتقدير محكمة الموضوع لهذه الوقائع لهذا فقد ذهبت في احد احكامها الى "ان المحكمة التاديبية تترخص في تقدير الدليل متى كان استخلاصها سليما من وقائع منتجه وتؤدي اليه ورقابة المحكمة الادارية العليا لا تعني ان تستأنف النظر في الموازنة والترجيح بين الادلة المقدمة اثباتا او نفيا، اذ ان ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها، وتدخل هذه المحكمة او رقابتها لا يكون الا اذا كان الدليل الذي اعتمدت عليه تلك المحكمة في قضائها غير مستمد من اصول ثابتة في الاوراق.."(47). ...
المطلب الثالث
رقابة الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة
تعتبر الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة اعلى هيئة قضائية في المجلس حيث منح لها قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989 جميع اختصاصات محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، وذلك بالنسبة للاحكام محكمة القضاء الاداري وبعض احكام مجلس الانضباط العام(48).
الفرع الاول : الاحكام التي يجوز الطعن فيها امام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة .
تنظر الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة كمحكمة تمييز في نوعين من الاحكام وهي الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري والاحكام الصادرة من مجلس الانضباط العام المتعلقة بحقوق الخدمة الوظيفية . اما الاحكام الصادرة من المجلس في الطعون المقدمة اليه ضد قرارات فرض العقوبة فانها غير خاضعة للطعن امام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة، فقد اعتبرها القانون باتة(49). وبذلك يتعذر على الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة فرض رقابتها على هذه القرارات وتقدير مدى انسجامها مع احكام القانون من عدمه. وكان هذا المسلك محل انتقاد الفقه العراقي، لانه من غير المبرر اجراء التفرقة بين القرارات التي يصدرها مجلس الانضباط العام في مجال الخدمة الوظيفية وبين القرارات التي يصدرها في المجال الانضباطي(50). اضافة الى ان جعل قرارات مجلس الانضباط العام في المجال الانضباطي باتة، يترتب عليه حرمان الموظف من ضمانه قضائية هامة، لا سيما عندما يتعلق الامر بفرض عقوبات انضباطية خطيرة كالفصل والعزل. لذلك ندعو المشرع العراقي الى اجراء تعديل تشريعي يتيح للهيئة العامة لمجلس شورى الدولة فرض رقابتها على جميع قرارات مجلس الانضباط العام سواء كانت في مجال الخدمة المدنية ام في المجال الانضباطي. ولاشك فان ذلك يدفع مجلس الانضباط العام الى توخي الدقة والعناية اللازمة عند اصدار قراراته في المجال الانضباطي، اذا ما علم بان قراراته ستدقق امام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة بصفتها التمييزية(51). ويشترط في الحكم المطعون فيه ان يكون نهائيا بمعنى انه غير قابل للطعن باي طريق من طرق الطعن العادية وهي الاعتراض على الحكم الغيابي والاستئناف، وحيث انه لا يوجد طعن بالاستئناف الاداري في العراق في الوقت الحاضر، فانه يتعين الاعتراض على الاحكام الصادرة من مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الاداري غيابيا قبل الطعن فيها بالتمييز، ومع ذلك فانه في حالة الطعن بالتمييز خلال مدة الاعتراض فانه يعتبر نزولا عن حق الاعتراض(52). كما يجب ان يقدم الطعن في الاحكام الصادرة من مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الاداري خلال 30 يوما من تاريخ التبليغ او اعتبار الطاعن مبلغا(53). وهذه المدة تختلف عن المدة المحددة في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 والتي تقضي بسريان المدد القانونية للطعن من اليوم التالي لتبليغ الحكم او اعتباره مبلغا(54). ونرى انه لا يوجد ما يبرر من قيام المشرع في قانون مجلس شورى الدولة باحتساب يوم التبليغ، مما قد يوقع الطاعن في اشكال قد يحرمه من فرصه الطعن تمييزا ظنا منه ان مدة الطعن هي نفس المدة المحددة في قانون المرافعات المدنية.
الفرع الثاني : سلطة الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في الطعون المرفوعة امامها
لم يحدد قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل الطريقة التي تتبعها الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في نظر الطعون المقدمة لها. الا انه اشار الى ان الهيئة العامة تمارس جميع اختصاصات محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969(55). وعند الرجوع الى المادة (203) من قانون المرافعات نجد ان الطعن بالأحكام تمييزا يكون في الاحوال التالية.
1-اذا كان الحكم قد بني على مخالفة القانون او الخطأ في تطبيقه او عيب في تاويله.
2-اذا كان الحكم قد صدر على خلاف قواعد الاختصاص.
3-اذا وقع في الاجراءات الاصولية التي اتبعت عند رؤية الدعوى خطا مؤثر في صحة الحكم.
4-اذا صدر حكم يناقض حكما سابقا في الدعوى نفسها بين الخصوم انفسهم او من قام مقامهم وحاز درجة البتات.
5-اذا وقع في الحكم خطأ جوهري..
وقد اعتبر القانون الخطأ في فهم الوقائع احد صور الخطأ الجوهري.
يتضح من النص المتقدم ان عمل الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة ينحصر في النظر في الطعون باعتبارها محكمة تمييز، وبالتالي فان وظيفتها تنصب اساسا في بحث المسائل القانونية المختلف عليها وتفسيرها وتطبيقها سواء كان الامر يتعلق بالقواعد الموضوعية او بالقواعد الاجرائية، والبحث ما اذا كانت هذه القاعدة التي يجب الاخذ بها في النزاع المطروح من عدمه، وبيان ما اذا كان الحكم المطعون فيه قد اخفق في تطبيقها على الواقع المتخلص في الدعوى(56). وعليه فان الطعن تمييزا امام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة انما يهدف في حقيقته الى اختصام الاحكام الصادرة من مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الاداري وبالتالي فانه لا شان للهيئة العامة بوقائع الدعوى، فوظيفتها مقيدة في تدقيق مسائل القانون بالنسبة للاحكام المطعون فيها(57). وهذا يعني انه وفقا للنصوص المحددة لاختصاصات محكمة التمييز فانه ليس للهيئة العامة لمجلس الدولة أي رقابة او سلطة على تقدير محكمة القضاء الاداري او مجلس الانضباط العام لوقائع الدعوى لان ذلك من صميم سلطتها. الا ان ذلك لا يعني باي حال من الاحوال عدم تطرق الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة لهذه الوقائع، فقد رأينا في موضع سابق انه لا يمكن تطبيق القانون بصوره صحيحة الا بوجود وقائع قائمة ومستخلصة استخلاصا سائغا من اوراق الدعوى والا شاب الحكم عيب مخالفته. لذلك فقد ذهبت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في احد احكامها الى انه "وحيث ان المدعية تطعن في اجراءات الدائرة في تغيير العناوين الوظيفية لعدد من الموظفين في الدائرة. وحيث ان التثبت من توفر وظيفة شاغرة في الملاك يتطلب اطلاع مجلس الانضباط العام على الدرجات الوظيفية المشغولة والشاغرة في الدائرة وكذلك الاطلاع على الهيكل التنظيمي للدائرة، لما تقدم قرر نقض الحكم المميز واعادة اضبارة الدعوى الى مجلس الانضباط العام لاجراء التحقيقات اللازمة في ضوء ما تقدم..)(58). وفي قرار اخر اكدت الهيئة "ولدى النظر في الحكم المميز وجد ان المدعي يطلب الزام المدعى عليه (اضافة لوظيفته) بالغاء القرار الصادر منه والتضمن وضع عبارة (غير محسوم) على العقار المرقم....وحيث انه لا يجوز نقل ملكية العقار الا بالاقرار امام موظف التسجيل العقاري المختص، وحيث ان للبائعة شقيق يدعى (ع) اصبح شريكا في العقار موضوع الدعوى بموجب قرار تصحيح القسام. وحيث ان العقار بيع دون اقرار هذا الوريث ببيع سهامه الموروثة في دائرة التسجيل العقاري المختصة، وحيث ان بيع العقار رضاءً لا ينعقد الا بعد الاقرار في هذه الدائرة. ولا يغني عن ذلك ايداع حصة الوريث في احد المصارف وحيث ان محكمة القضاء الاداري قضت بالغاء القرار الاداري الصادر من المدعي عليه (اضافة لوظيفته) بوضع عبارة (غير محسوم) على العقار موضوع الدعوى، لما تقدم تقرر نقض الحكم المميز بالأكثرية واعادة اضبارة الدعوى الى محكمة القضاء الاداري للسير على المنوال المذكور...)(59). اضافة الى ما تقدم فان المشرع نفسه قد اعتبر الخطأ في فهم الواقع الذي تقع فيه محكمة الموضوع من صور الخطأ الجوهري في الحكم مما يجيز للهيئة العامة لمجلس شورى الدولة تدقيقه ثم تنقض الحكم بسببه كما لو اخطأ قاضي الموضوع في فهم وقائع الدعوى خلافا للأدلة المقدمة فيكون الحكم معرضا للنقض(60). وقد دابت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة على نقض الاحكام التي بنيت على فهم خاطئ للوقائع فقد ذهبت في حكم حديث لها الى ان "المدعية (المميزة) كانت قد عينت بوظيفة مدرسة في ثانوية في محافظة ديالى وتأكد تعيينها بموجب امر مباشرتها بعبارة مباشرة مدرسة (تعيين جديد) الامر الاداري المرقم...في 30/1/2000 الصادر عن المديرية العامة للتربية في محافظة ديالى وتسلمت رواتبها كمدرسة لمدة ثلاثة اشهر بصورة اعتيادية بعد ان تأخر وصول تأييد رعويتها (السلامة الفكرية) وعوملت طيلة المدة مدرسة كمدرسة على الملاك فتم اشراكها بدورة تدريبية في مراقبة الامتحانات والتصحيح في الامتحانات كما يؤكد ذلك تقرير الاختصاصي التربوي المعني بتقويمها، ولما كانت شروط التعين القانونية متوفرة فيها عندما عينت، وان شرط اثبات الرعوية (السلامة الفكرية) ليس من الشروط المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية وانما هو من الشروط الاضافية التي تتعارض ومبدا المساواة في التوظيف فيكون ايقاف صرف رواتبها من اجل هذا الشرط غير صحيح وفي هذه الحالة يبطل الشرط ويعمل بالشروط القانونية كما انها لا تتحمل مسؤولية اخطاء الدائرة وبذلك فان تعيينها يعد صحيحا وتستحق رواتبها عن الفترة التي تطالب بها لان ما صرف لها من اجور محاضرات هو المحاضرات الزائدة على النصاب القانوني للمدرس على الملاك الدائم ولما كان الحكم المميز لم يتبع وجهه النظر القانونية المعززة بالاسانيد القانونية والوقائع الصحيحة من خلال افادات المعنيين ومنهم مدير المدرسة فيكون معيبا. لذا قرر نقضه واعادة اوراق الدعوى الى مجلس الانضباط العام للسير فيها وفق ما تقدم.."(61). ويلاحظ من القرار المتقدم ان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة قد بحثت في وقائع الدعوى والمسائل القانونية على حد سواء وانتهت الى ان مجلس الانضباط العام قد اخفق في فهم الوقائع وبالتالي اخطأ في تطبيق القانون عليها. نخلص من خلال القرارات التي تناولناها ان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة وان كانت قد فرضت نوعاً من الرقابة على الوقائع المادية الا انها كانت بالقدر الذي يؤدي الى اعمال تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وهي في ذلك لا تحل محل محكمة الموضوع في تقريرها لهذه الوقائع، بل تتقبلها كما اثبتتها محكمة الموضوع فيما لو كانت صحيحة. أي ان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة لم تتوسع ولم تخرج عن دورها كمحكمة تمييز على الوجه الذي اختطته المحكمة الادارية العليا في مصر، شانها في ذلك شان مجلس الدولة الفرنسي كمحكمة نقض. ولابد من الاشارة الى ان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة تتبع نفس الاسلوب التي تتبعه محكمة التمييز في فحص الطعون المرفوعة امامها، فهي بحكم كونها محكمة قانون لا تتعرض من حيث المبدا الا لبحث النقاط القانونية التي اثارها الطاعن او المتعلقة بالنظام العام كالاختصاص والخصومة. لذلك فهي لا تقبل دفوعاً متعلقة بالوقائع لانها ليست درجة من درجات التقاضي وبالتالي فان دورها ينحصر في تدقيق اوراق الدعوى دون ان تجمع بين الطرفين. الا ان لها ان تتخذ أي اجراء يعينها على البت في القضية(62). حيث يمكن للهيئة العامة ان تدعو الخصوم للاستيضاح عن بعض النقاط التي تروم الاستيضاح منها بل ولها ان تأذن بتقديم بيانات او لوائح جديدة(63). وبحكم كون الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة ليست محكمة موضوع فان احكامها تنحصر في تصديق الحكم المطعون فيه لموافقته القانون او نقض الحكم واعادته الى محكمة الموضوع للسير فيه وفق ما ترسمه لها الهيئة العامة(64). اما اذا وجدت ان محكمة القضاء الاداري او مجلس الانضباط العام قد اصدرت الحكم المطعون فيه مشوبا بالخطا في تطبيق القانون او عيب في تاويله وكان صحيحا من حيث الاساس موافقا للقانون فان الهيئة العامة تصدقه من حيث النتيجة(65). وبذلك يكون المشرع العراقي قد اخذ بنظرية احلال الاسباب في الحكم القضائي شانه في ذلك شان التشريعات التي تناولناها بالمقارنة. وتعتبر القرارات التي تصدرها الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة باتة وملزمة وبالتالي فهي غير قابلة للطعن بطلب تصحيح القرار التمييزي، حيث منع قانون مجلس شورى الدولة ذلك صراحة(66)، كما ان قانون المرافعات المدنية قد قضى بعدم قبول طلب التصحيح في القرارات التميزية الصادرة من الهيئة العامة(67). سلطة الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في الفصل في موضوع الدعوى بما ان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة لا تعتبر درجة من درجات التقاضي، شأنها شأن محكمة التمييز. فانه لا يطرح النزاع امامها مجددا لان ذلك من اختصاص محكمة القضاء الاداري ومجلس الانضباط العام فاذا ما انتهت الهيئة من تدقيق اضبارة الدعوى واصدرت قرارها بنقض الحكم فانها تحيل الدعوى الى محكمة الموضوع لتسير فيه وفق قرار النقض. ولكن اذا رات الهيئة العامة ان الدعوى صالحة للفصل ومهيئة للحسم فان لها سلطة الفصل في موضوع الدعوى، اذا كان صالحا للفصل دون الحاجة الى اعادة الدعوى الى محكمة الموضوع ، والعلة في ذلك واضحة في هذا الشأن وهو اختصار للوقت والنفقات، وذلك استنادا لاحكام المادة 214 من قانون المرافعات المدنية. وقد اشترط القانون المذكور توافر شرطين لكي تتمكن الهيئة العامة من التصدي لموضوع الدعوى وهي:
اولا:-ان تقرر الهيئة العامة نقض الحكم لمخالفته القانون او الخطأ في تطبيقه
ويلاحظ من خلال هذا الشرط ان المشرع قد حصر موضوع الفصل في الدعوى على حالتين فقط وهما نقض الحكم لمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وبالتالي فانه لا يشمل حالات النقض الاخرى المنصوص عليها في المادة (203) من قانون المرافعات. ولو اراد المشرع شمول حالات اخرى للنقض كالنقض بسبب وقوع خطا جوهري لنص على ذلك صراحة(68). ويبدو ذلك الى ان حالات النقض الاخرى المنصوص عليها في المادة (203) تستلزم اتخاذ اجراءات جديدة مما يمنع الهيئة العامة من الفصل في موضوع النزاع كما ينص الشرط الثاني.
ثانيا:-ان يكون موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه.
لكي تتمكن الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة من الفصل في موضوع الدعوى يجب ان تكون الدعوى صالحة للفصل فيها، ومعنى ذلك ان تكون وقائع الدعوى وادلتها بالحالة التي كانت عليها كافية للتوصل الى حكم جديد فيها دون الحاجة الى اتخاذ اجراءات جديدة او الاطلاع على مستندات جديدة او سماع اقوال جديدة والا فانه يتعذر على الهيئة العامة الفصل في الدعوى وفقا للمادة 214 من قانون المرافعات المدنية(69). فاذا ما توفر الشرطان في الدعوى موضوع الطعن جاز للهيئة ان تصدر قرارا واحدا بنقض الحكم والفصل في الدعوى. وقد مارست الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة هذه الصلاحية في العديد من احكامها نذكر منها "ان المدعي (المميز عليه) صرف له رواتبه رواتب اذار لسنة 2004 في 31/3/2004 ولم يتم صرف الفروقات المطالب بها لراتبي شهر كانون الثاني وشباط 2004 اسوة لما صرف له في شهر اذار /2004، فكان على المدعي اقامة الدعوى خلال المدة القانونية المنصوص عليها في المادة التاسعة والخمسين من قانون الخدمة المدنية والبالغة 30 يوما من تاريخ التبليغ وهو تاريخ استلامه الراتب لعلمه (علما يقينيا) بعدم دفع الفروقات مع راتب شهر اذار في حين ان اقامته في 4/5/2004 مما يجعل اقامته بعد فوات المدة القانونية المذكورة وحيث ان مدة الطعن حتمية يترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن المادة (171) من قانون المرافعات المدنية، وحيث ان الحكم المميز لم يلزم بوجهه النظر القانونية المتقدمة قرر نقضه ولكون موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه واستنادا الى احكام المادة (114) مرافعات قرر رد الدعوى.."(70).
_______________________
1- ينظر د. عبد العزيز خليل بدوي-المصدر السابق ص4.
2- ينظر د.نبيل اسماعيل عمر-المصدر السابق-ص506.
3- د. وجدي راغب فهمي-المصدر السابق-ص521.
4- ينظر جورج فوديل، مصدر سابق، ص67-68.
5- المادة 10 من قانون 31 كانون اول 1987.
6- ينظر د.عبد العزيز خليل بدوي-مصدر سابق ص58 وما بعدها. د.غازي فيصل مهدي، اوجه الطعن بالالغاء والطعن بالنقض في مجال القضاء الاداري بحث منشور في جامعة الرافدين للحقوق، المجلد 5 العدد 8، سنة 2001 ص211-212.
7- عبد العزيز خليل-بدوي-المصدر السابق، ص130.
8- ينظر د. احمد محمود جمعة-مصدر سابق، ص23.
9- المصدر السابق ص43 .
10- ينظر د. غازي فيصل مهدي – المصدر السابق ص198 .
11- حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 22/7/1948 مشار اليه في مولف د. احمد محمود جمعة، المصدر السابق ص42 .
12- ينظر د. عبد الرزاق عبد الوهاب – حالات الطعن بالتمييز – مقال منشور في مجلة القضاء العدد ( 1-2-3-4) بغداد 1981 ص109 .
13- حكم مجلس الدولة الفرنسي في 2/8/1928 مشار اليه في مؤلف د. عبد العزيز خليل بدوي – مصدر سابق ص146 .
14- د. غازي فيصل مهدي – المصدر السابق ص200-2001 .
15- د. نبيل اسماعيل عمر، مصدر سابق ص497 .
16- د. عبد العزيز خليل بدوي – مصدر سابق ص147 .
17- المصدر السابق ص152 .
18-Chopus – le controle des faits par le consel d Etat francais en tant gue ju, e de-casation , 1980 p 183 .
19- ينظر جورج فوديل – المصدر السابق ص168 .
20- حكم مجلس الدولة الفرنسي في 28 اذار 1981، دالوز – مجموعة ليبون ص175 .
21- ينظر د. احمد محمود جمعة – المصدر السابق ص41 .
22- المصدر السابق ص41 .
23- ينظر د. عبد العزيز خليل بدوي – مصدر سابق ص25 .
24- حكم المجلس في 4/1/1952 مشار اليه في المصدر السابق ص152 .
25- المادة 23 من قانون رقم 47 لسنة 1972.
26- المادة 44 من القانون.
27- ينظر د. عبد الغني بسيوني-مصدر سابق ص387.
28- حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في 5/11/1955 القضية 159 السنة الاولى القضائية، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا، السنة الاولى ص41.
29- ينظر المستشار عبد الوهاب البنداري-طرق الطعن في العقوبات التاديبية-اداريا وقضائيا-دار الفكر العربي-بدون سنة طبع-ص313.
30- حكم المحكمة في 5/11/1955 سبق الاشارة اليه.
31- حكم المحكمة في 24/11/1963 مشار اليه في مؤلف د. عبد العزيز خليل بدوي مصدر سابق، ص300.
32- ينظر د.سليمان الطماوي-القضاء الاداري-الكتاب الثالث-قضاء التاديب دار الفكر العربي 1979 ص685.
33- يلاحظ ان اتجاه المحكمة الادارية العليا هذا قد اثار جدلا واسعا لدى الفقه العربي حيث انقسم الفقه تجاه نظرية الغلو التي تبنتها المحكمة العليا بين مويد وبين معارض لها. ينظر د. سليمان الطماوي المصدر السابق، ص683. د. فؤاد العطار- القضاء الاداري-مصدر سابق ص 599، د. محمود حسنين عبد العال-فكرة السبب في القرار الاداري-مصدر سابق ص154-د. عصام عبد الوهاب البرزنجي سلطة الادارة التقديرية والرقابة القضائية- مصدر سابق ص 430.
34-ينظر حكم المحكمة الادارية العليا في 11/11/1961 الشهير، سبق الاشارة اليه.
35- حكم المحكمة في 12/1/1963، مشار اليه في مؤلف د. عبد العزيز خليل بدوي مصدر سابق ص309-310.
36- المادة 23 والمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
37- الحكم الصادر في جلسة 30 من نوفمبر 1974 في القضية رقم 417 السنة 17 ق، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الادارية العليا، السنة العشرون، رقم 6 ص21.
38- ينظر د. سليمان الطماوي-المصدر السابق، ص690، د.محمد مصطفى حسن، عناصر الملاءمة في القرار التأديبي-تعليق على حكم المحكمة الادارية العليا في الدعوى 672 س 16 ق الصادر بجلسته 8 ديسمبر 1983، منشور في مجلة ادارة قضايا الحكومة العدد 12 لسنة التاسعة والعشرون ابريل-يوليو 1985 ص311 وما بعدها.
39- د.عبد العزيز خليل بدوي-مصدر سابق ص330.
40- حكم المحكمة في23/1/1965 الطعن رقم 1351 السنة 8 ق مجموعة احكام السنة العاشرة- ص462.
41- ينظر حكم المحكمة في 24 مارس سنة 1962 وحكمها في فبراير سنة 1959 وحكمها في 29 مايو سنة 1965، مشار اليها في مولف د. سليمان الطماوي مصدر سابق ص732 .
42- ينظر حكم المحكمة في 16 مايو سنة 1959، وحكمها في 14 نوفمبر 1959 وحكمها في 24 مارس سنة 1963 مشار اليه في المصدر السابق ص729-730 .
43- حكم المحكمة الادارية العليا جلسة 7 فبراير سنة 1975 في القضية رقم 585 السنة 17 مجموع المبادئ التي قررتها المحكمة السنة العشرون – رقم 813 ص296 .
44- ينظر د. عبد الغني بسيوني، المصدر السابق ص386 .
45- ينظر د. مصطفى ابو زيد، المصدر السابق، ص522. د. عبد العزيز خليل بدوي مصدر سابق، ص349.
46- ينظر د.سليمان الطماوي-المصدر السابق، ص645.
47- حكم المحكمة في 27 ابريل 1963، مشار اليه في المصدر السابق، ص685.
48- ينظر د. عصام عبد الوهاب البرزنجي- مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الاداري الجديد- مصدر سابق ص121.
49- ينظر الفقرة رابعا من المادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 191.
50- ينظر د. قيس عبد الستار عثمان، رقابة مجلس شورى الدولة على الاحكام الصادرة من مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الاداري-مجلة دراسات قانونية-بيت الحكمة العدد الرابع 2001 ص70.
51- المصدر السابق، ص70.
52- ينظر الفقرة (1) من المادة 177 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل.
53- المادة 7-ثانيا-ط من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل.
54- ينظر المادة 172 من قانون المرافعات المدنية.
55-ينظر الفقرة هـ من البند (اولا) والبند (ثانيا) من المادة 7 من قانون مجلس شورى الدولة.
56- ينظر د. حنان محمد القيسي-الطعن في قرارات محكمة القضاء الاداري-دراسة مقارنة مجلة دراسات قانونية-بيت الحكمة-العدد الثالث 2002 ص99.
57- ينظر د. عبد الرحمن غلام-شرح قانون المرافعات المدنية ج1 مطبعة الزهراء بغداد-1990 ص7.
58- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الصادر في 17/5/2002 رقم الاعلام 77 غير منشور.
59- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الصادر في 29/11/2004 رقم الاعلام 35 غير منشور.
60- ينظر د. سعيد مبارك وادم وهيب النداوي المرافعات المدنية جامعة بغداد 1984 ص 199-195.
61- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الصادر في 31/5/2004 رقم الاعلام 79 غير منشور.
62- الفقرة (1) من المادة 209 من قانون المرافعات.
63- الفقرة (2) من المادة اعلاه.
64- المادة (210) والمادة (212) من قانون المرافعات.
65- المادة 213 من قانون المرافعات المدنية.
66- الفقرة (د) من البند اولا والفقرة (ط) من البند ثانيا من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة.
67- الفقرة (1) من المادة (220) من قانون المرافعات.
68- ينظر د. قيس عبد الستار عثمان المصدر السابق ص86 وما بعدها.
69- ينظر د.عبد الرزاق عبد الوهاب، مصدر سابق ص302. د. قيس عبد الستار عثمان-مصدر سابق ص87.
70- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في 18/10/2004 رقم الاعلان 230 غير منشور.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|