أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-02-2015
6841
التاريخ: 24-02-2015
1929
التاريخ: 25-02-2015
1834
التاريخ: 24-02-2015
7863
|
1. فقد أخرج مسلم في صحيحه : أنّه جاء رجل إلى النبي ، فقال : يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً ؟ فقال : « أما ـ وأبيك ـ لتنبئنَّه أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء » (1).
2. أخرج مسلم أيضاً : جاء رجل إلىٰ رسول الله ـ من نجد ـ يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « خمس صلوات في اليوم والليل ».
فقال : هل عليَّ غيرهنّ ؟
قال : « لا ... إلاّ أن تطوع » ، وصيام شهر رمضان.
فقال : هلّ عليَّ غيره ؟
قال : « لا ... إلاّ تطوّع » ، وذكر له رسول الله الزكاة.
فقال الرجل : هل عليّ غيره ؟
قال : « لا ... إلاّ أن تطوّع ».
فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : « أفلح ـ وأبيه ـ إن صدق ».
أو قال : « دخل الجنة ـ وأبيه ـ إن صدق » (2).
وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه ، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة علىٰ ما يرويه مالك في موطّئه : أنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل علىٰ أبي بكر فشكا إليه أنّ عامل اليمن قد ظلمه ، فكان يصلي من الليل ، فيقول أبو بكر : « وأبيك ما ليلك بليل سارق » (3).
وهذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خطبه :
1. « ولعمري ما عليّ من قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان » (4).
2. « ولعمري ما تقادمت بكم ولا بهم العهود » (5).
إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في كلامه (عليه السلام) وسائر أئمّة أهل البيت :.
نعم ثمة أحاديث استدل بها على المنع عن الحلف بغير الله ، غير أنّها ترمي إلىٰ معنى آخر كما سيوافيك.
الحديث الأوّل
إنّ رسول الله سمع عمر ، وهو يقول : وأبي ، فقال : « إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو يسكت » (6).
والجواب : انّ النهي عن الحلف بالآباء قد جاء لأنّهم كانوا ـ في الغالب ـ مشركين وعبدة للأوثان فلم يكن لهم حرمة ولا كرامة حتى يحلف أحد بهم ، ولأجل
ذلك نرى أنّ النبي (صلى الله عليه واله) جعل آباءَهم قرناء مع الطواغيت مرّة ، وبالأنداد ـ أي الأصنام ـ ثانية ، وقال : « لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت » (7).
وقال أيضاً : « لا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمهاتكم ولا بالأنداد » (8).
وهذان الحديثان يؤكدان على أنّ المنهي عنه هو الحلف بالآباء الكافرين الذين كانوا يعبدون الأنداد والطواغيت ، فأين هو من حلف المسلم بالكعبة والقرآن والأنبياء والأولياء في غير القضاء والخصومات ؟
الحديث الثاني
جاء ابنَ عمر رجل فقال : أحلف بالكعبة ؟ قال له : لا ، ولكن إحلف بربِّ الكعبة ، فانّ عمر كان يحلف بأبيه ، فقال رسول الله له : « لا تحلف بأبيك ، فانّ من حلف بغير الله فقد أشرك » (9).
إنّ الحديث يتألف من أمرين :
أ : قول النبي (صلى الله عليه واله) : « من حلف بغير الله فقد أشرك ».
ب : اجتهاد عبد الله بن عمر ، حيث عدّ الحلف بالكعبة من مصاديق حديث النبي (صلى الله عليه واله).
أمّا الحديث فنحن نذعن بصحته ، والقدر المتيقن من كلامه ما إذا كان المحلوف به شيئاً يعد الحلف به شركاً كالحلف بالأنداد والطواغيت والآباء الكافرين. فهذا هو الذي قصده النبي (صلى الله عليه واله) ولا يعم الحلف بالمقدسات كالقرآن وغيره.
وأمّا اجتهاد ابن عمر حيث عدّ الحلف بالكعبة من مصاديق الحديث ، فهو اجتهاد منه وحجّة عليه دون غيره.
وأمّا انّ الرسول عدّحلف عمر بأبيه من أقسام الشرك فلأجل أنّ أباه كان مشركاً ، وقد قلنا إنّ الرواية ناظرة إلىٰ هذا النوع من الحلف.
ومجمل القول : إنّ الكتاب العزيز هو الأُسوة للمسلمين عبر القرون ، فإذا ورد فيه الحلف من الله سبحانه بغير ذاته سبحانه من الجماد والنبات والإنسان فيستكشف منه أنّه أمر سائغ لا يمت إلى الشرك بصلة ، وتصوّر جوازه لله سبحانه دون غيره أمر غير معقول ، فانّه لو كان حقيقة الحلف بغير الله شركاً فالخالق والمخلوق أمامه سواء.
نعم الحلف بغير الله لا يصحّ في القضاء وفضّ الخصومات ، بل لابدّ من الحلف بالله جلّ جلاله أو بإحدى صفاته التي هي رمز ذاته ، وقد ثبت هذا بالدليل ولا علاقة له بالبحث.
وأمّا المذاهب الفقهية فغير مجمعين علىٰ أمر واحد.
أمّا الحنفية ، فقالوا : بأنّ الحلف بالأب والحياة ، كقول الرجل : وأبيك ، أو : وحياتك وما شابه ، مكروه.
وأمّا الشافعية ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير الله ـ لو لم يكن باعتقاد الشرك ـ فهو مكروه.
وأمّا المالكية ، فقالوا : إنّ في القسم بالعظماء والمقدسات ـ كالنبي والكعبة ـ فيه قولان : الحرمة والكراهة ، والمشهور بينهم : الحرمة.
وأمّا الحنابلة ، فقالوا : بأنّ الحلف بغير الله وبصفاته سبحانه حرام ، حتى لو كان حلفاً بالنبي أو بأحد أولياء الله تعالى.
هذه فتاوى أئمّة المذاهب الأربعة (10) ولسنا الآن بصدد مناقشتهم.
وكان الحري بفقهاء المذاهب الأربعة ولا سيما في العصر الراهن فتح باب الاجتهاد والرجوع إلى المسألة والنظر إليها بمنظار جديد إذ كم ترك السلف للخلف.
على أنّ نسبة الحرمة إلى الحنابلة غير ثابتة أيضاً ، لأنّ ابن قدامة يصرّح في كتاب « المغني » ـ الذي كتبه علىٰ غرار فقه الحنابلة ـ : أنّ أحمد بن حنبل أفتىٰ بجواز الحلف بالنبي ، وأنّه ينعقد لأنّه أحد ركني الشهادة.
وقال أحمد : لو حلف بالنبي انعقد يمينه ، فإن حنث لزمته الكفارة (11).
قد ذكر السيوطي في كتاب « الإتقان » ، وقال : كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله ؟
ثمّ ذكر أجوبة ثلاثة ، وهي :
الأوّل : انّه علىٰ حذف مضاف ، أي وربّ التين وربّ الشمس ، وكذا الباقي.
الثاني : انّ العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن علىٰ ما يعرفون.
الثالث : انّ الإقسام إنّما تكون بما يعظمه المقسم أو يُجلُّه وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه ، فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته ، لأنّها تدل على بارئ وصانع.
وقال ابن أبي الاصبع في « اسرار الفواتح » : القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع ، لأنّ ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل ، إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن ، قال : إنّ الله يقسم بما شاء من خلقه ، وليس لأحد أن يقسم إلاّ بالله (12).
ولا يخفى ضعف الأجوبة.
أمّا الأوّل : فانّ معنى ذلك إرجاع الأقسام المختلفة إلى قسم واحد وهو الرب ، مع أنّه سبحانه تارة يقسم بنفسه ، ويقول : {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مريم : 68] ، وأُخرى بالتين والزيتون والصافات والشمس ، فلو كان الهدف القسم بالرب فما فائدة هذا النوع من الأقسام حيث يضيف نفسه إلى واحد من مخلوقاته ؟ فانّ العظمة لله لا للمضاف إليه ، ولو كانت له عظمة فإنّما هي مقتبسة من الرب.
وأمّا الثاني : فمعنى ذلك أنّه سبحانه جرىٰ على ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي ، وقد هدم بعمله ما شرعه من النهي عن القسم بغير الله.
وأمّا الثالث : فيكتنفه كثير من الغموض ، ولا يعلم كيفية رفع الإشكال ، وأمّا ما نقله عن ابن أبي الاصبع فيرجع إلى المعنى الأوّل ، وهو أنّ القسم بالمخلوق قسم بالخالق.
وما نقله عن ابن أبي حاتم ، من أنّ الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلاّ بالله ، أمر غير واضح ، لأنّ إقسام المخلوق بغير الله لو كان من مقولة الشرك فالقاعدة لا تقبل التخصيص ، فيكون قسمه سبحانه بغير الله أيضاً شركاً وعبادة.
وإن كان قسمه سبحانه لأجل بيان قداسته وعظمته أو الأسرار المكنونة فيه ، فهو أمر مشترك بين الخالق والمخلوق.
والجواب : انّ النهي عن الحلف بغير الله مختص بالطواغيت والأنداد والمشركين من الآباء ، وأمّا غيرهم فلم يرد فيهم نهي.
__________________
(1) صحيح مسلم : 3 / 94 ، باب أفضل الصدقة من كتاب الزكاة.
(2) صحيح مسلم : 1 / 32 ، باب ما هو الإسلام.
(3) شرح الزرقاني على موطأ مالك : 4 / 159 برقم 580.
(4) نهج البلاغة : الخطبة 23 و 85.
(5) نهج البلاغة : الخطبة 23 و 85.
(6) سنن ابن ماجة : 1 / 277 سنن الترمذي : 4 / 109.
(7) سنن النسائي : 7 / 7 سنن ابن ماجة : 1 / 278.
(8) سنن النسائي : 7 / 9.
(9) سنن النسائي : 7 / 8.
(10) انظر الفقه على المذاهب الأربعة : 2 / 75 ، كتاب اليمين ، مبحث الحلف بغير الله تعالى.
(11) المغني : 11 / 209.
(12) الإتقان : 4 / 47.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|