أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2019
![]()
التاريخ: 23-4-2019
![]()
التاريخ: 23-4-2019
![]()
التاريخ: 30-3-2019
![]() |
اللغة وعلم اللغة وفقه اللغة:
أطلق المؤلفون العرب على الاشتغال بالمفردات اللغوية جمعًا وتأليفًا عدة مصطلحات أقدمها مصطلح "اللغة". لقد وصف أبو الطيب اللغوي، ت 351هـ، أبا زيد الأصمعي وأبا عبيدة. وقارنهم من جانب معرفتهم باللغة. كان أبو زيد أحفظ الناس للغة، وكان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلها(1). والمقصود هنا بكلمة اللغة مجموع المفردات ومعرفة دلالاتها. وبهذا المعنى كانت كتب الطبقات تميز بين المشتغلين بالنحو أو العربية من جانب والمشتغلين باللغة من الجانب الآخر. لذا عد سيبويه والمبرد من النحاة بينما عد الأصمعي وأقرانه من اللغويين. وقد ظل استخدام كلمة اللغة بهذا المعنى عدة قرون، وأصبح اللغوي هو الباحث في المفردات جمعًا وتصنيفًا وتأليفًا.
فالأصمعي لغوي لأنه جمع ألفاظ البدو وسجلها في رسائل لغوية مصنفة في موضوعات دلالية. والخليل لغوي لأنه أول من حاول حصر الألفاظ العربية وتسجيلها في معجم، وابن دريد لغوي أيضا لأنه ألف معجمه جمهرة اللغة. والأزهري لغوي لأنه ألف معجمه تهذيب اللغة، وظل استخدام كلمة اللغة بمعنى بحث المفردات وتصنيفها في معاجم وكتب موضوعية سائدًا في الدوائر العلمية عدة قرون.
وهناك مصطلح ظهر في القرن الرابع الهجري عند اللغوي العربي ابن فارس، ت 395هـ، وأخذه عنه الثعالبي، ت 429هـ. لقد أطلق ابن فارس على أحد كتبه "الصاحبي في فقه اللغة"، وبذلك ظهر مصطلح فقه اللغة لأول مرة في التراث العربي عنوانًا لكتاب، وتسمية لفرع من فروع المعرفة. ولم ينتشر هذا المصطلح
ص66
إلا بقدر محدود، وأشهر من استخدمه بعد ابن فارس- لغوي أديب هو الثعالبي، فقد سمى كتابه "فقه اللغة وسر العربية". يتفق كتابا ابن فارس والثعالبي، في معالجتهما لقضايا الألفاظ العربية، فموضوع فقه اللغة عندهما هو معرفة الألفاظ العربية ودلالاتها وتصنيف هذه الألفاظ في موضوعات وما يتعلق بذلك من دراسات(2). يضم كتاب ابن فارس إلى جانب هذا مجموعة من القضايا النظرية حول اللغة، من أبرزها قضية نشأة اللغة، فإذا كان العلماء قد اختلفوا في ذلك فرآها البعض "اصطلاحًا" أي عرفًا اجتماعيًّا فإن ابن فارس رفض هذا الرأي واعتبرها توقيفًا أي بمنزلة الوحي المنزل من السماء(3). ولا يدخل موضوع اللغة ولا
ص67
موضوع ارتباط اللغة بالوحي في إطار قضايا علم اللغة الحديث، لأنه ليس من الممكن بحث الموضوعين بمعايير علمية دقيقة.
كما تضمن كتاب الثعالبي قسمًا ثانيًا هو سر العربية، وقد تناول الثعالبي في القسم الثاني عددًا من الموضوعات الخاصة ببناء الجملة العربية. ولكن المؤلفين متفقان على جعل فقه اللغة هو دراسة دلالات الألفاظ وتصنيفها في موضوعات.
أما مصطلح "علم اللغة" فقد استخدم عند بعض اللغويين المتأخرين وكان المقصود منه دراسة الألفاظ مصنفة في موضوعات مع بحث دلالاتها. فالرضي الاستراباذي يفرق بين علم اللغة وعلم التصريف، موضوع الأول: دراسة الألفاظ، والثاني: معرفة القوانين الخاصة ببنية هذه الألفاظ(4)، أما أبو حيان فقد ذكر مصطلح علم اللغة في عدة كتب له، وموضوع علم اللغة عنده هو دراسة مدلول مفردات الكلم(5). ولا يختلف استخدام مصطلح علم اللغة عند ابن خلدون عن هذا المعنى، فعلم اللغة عنده هو بيان الموضوعات اللغوية والمقصود بذلك الدلالات التي وضعت لها الألفاظ(6). وقد ذكر ابن خلدون في إطار كلامه عن علماء اللغة الخليل بن أحمد وغيره من أصحاب المعاجم العربية. ويوضح كل هذا أن مصطلح علم اللغة يعني عند الرضي الاستراباذي وأبي حيان وابن خلدون وغيرهم(7) دراسة المفردات وتصنيفها في معاجم وكتب.
ص68
وهناك اصطلاحا آخر أطلقه بعض المؤلفين على دراسة دلالات المفردات اللغوية وهو اصطلاح "علم متن اللغة"(8) وقد حاول المرصفي(9) وحمزة فتح الله استخدام هذا المصطلح بهذا المعنى، كما أطلق أحمد رضا أيضا على معجمه متن اللغة.
وهكذا استخدم المؤلفون العرب قبل العصر الحديث، وتابعهم المؤلفون السلفيون في أوائل القرن العشرين بصفة خاصة مصطلحات اللغة وفقه اللغة وعلم اللغة ومتن اللغة في عناوين مؤلفاتهم أو وصفًا لجهود مؤلفي المعاجم وكتب المفردات اللغوية.
ص69
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي ص 41.
(2) تناول القسم الخاص بفقه اللغة في كتاب: فقه اللغة وسر العربية المفردات في مجموعات دلالية: النبات والشجر، أنواع الحيوان، الطعام، الثياب، الإبل، الآلات، والأدوات أوائل الأشياء وأواخرها، الطول والقصر، اليبس واللين، القلة والكثرة، الملء والصفورة والخلاء، الأصول والرءوس والأعضاء والأطراف، الأمراض والدواء، الأصوات وحكايتها، الحجارة ..... إلخ.
(3) انظر: الصاحبي في فقه اللغة. وأيضا المزهر للسيوطي 1/ 8 وما بعدها يتضح رأي ابن فارس في أصل اللغة من الفقرة التالية: وقف الله عز وجل آدم عليه السلام ما شاء الله أن يعلمه إياه مما احتاج إليه علمه في زمانه ..... ثم علم بعد آدم من الأنبياء صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يعلمه حتى انتهى الأمر إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فآتاه الله من ذلك ما لم يؤته أحدًا قبله، تمامًا على ما أحسنه من اللغة المتقدمة، ثم قر الأمر قراره، فلا نعلم لغة من بعده حدثت، فإن تعمل لذلك متعمل وجد من نقاد العلم من ينفيه ويرده، وقد وافق ابن حزم على القول بالأصل التوقيفي للغة الإنسانية ورفض خلط اللغات وعدم التمييز بينها ونسبة اللغات إلى الأنبياء دون دليل علمي، انظر: الإحكام في أصول الأحكام ص30-31.
(4) شرح الكافية "المقدمة".
(5) انظر: الإدراك للسان الأتراك ص 66، البحر المحيط لأبي حيان 1/ 5 - 6، أبو حيان النحوي لخديجة الحديثي ص 213، وكذلك ص 176، 1838.
(6) مقدمة ابن خلدون 1258.
(7) قارن: المواهب الفتحية لحمزة فتح الله 1/ 21- 22، ودراسات في علم اللغة لكمال بشر 2/ 47 -48.
(8) ذكر ابن يعقوب المغربي في شرح التلخيص 1/ 146: علم متن اللغة، أي معرفة أوضاع المفردات اللغوية، ويسمى هذا العلم علم المتن، لأن هذا المتن هو ظهر الشيء ووسطه وقوته وهذا العلم تعلق بذات اللفظ ومعناه. وانظر كذلك: المواهب الفتحية 1/ 20- 22.
(9) انظر الوسيلة الأدبية إلى العلوم العربية للشيخ حسن المرصفي، "ط 2 سنة 1924" جـ 1 ص 20.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تُنهي أعمال غسل حرم مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وفرشه
|
|
|