أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
2010
التاريخ: 5-10-2014
1527
التاريخ: 15-02-2015
1521
التاريخ: 25-11-2014
1413
|
إنّ القاضي بما أنّه يتحمّل مسؤوليّة كبيرة وخطيرة لا مشابه لها بين أقرانها من المسؤوليّات والمناصب الاُخرى ، يجب أن يكون مستقلاًّ في عمله غاية الاستقلال ، لكي لا يخضع لما يميل به عن العمل بمسؤوليّته ... ويقتضي ذلك أن يكون مستقلاًّ في اقتصاده عن الآخرين كيلا يقع فريسة الأطماع ، ولقد أدرك الإسلام هذه الناحية الحسّاسة فأمر الحكومة الإسلاميّة بالإغداق على القاضي إغداقاً يقطع طمعه عمّا في أيدي الآخرين ، يقول الإمام عليّ (عليه السلام) في عهده للأشتر النخعيّ في هذا الصدد : « وافسح لهُ (أي للقاضي) في البذل ما يزيل علّته ، وتقلُّ معه حاجته إلى الناس » (1).
ولكنّ هذا الاستقلال لا يكفي إذا لم ينضمّ إليه استقلال القاضي من أي تأثير خارجيّ سياسيّ عليه ، ومن أيّة تدخّلات صادرة عن السلطات الاُخرى في عمله القضائي فإنّ القاضي يجب أن يُترك وشأنه حتّى يستجلّي الحقّ بنفسه دون مؤثرات خارجيّة ولا تدخلات في عمله ... ولذلك قال الإمام عليّ (عليه السلام) في عهده للأشتر النخعيّ ، في هذا الصدد : « واعطه من المنزلة لديك ملا يطمعُ فيه غيرهُ من خاصّتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال لهُ عندك فانظر في ذلك نظراً بليغاً » (2).
والمقصود هو أن يكون للقاضي موضعاً غير متأثّر بأحد ليقضي بالحقّ ، ويفصل في الخصومات ، ويصدر الأحكام غير متهيّب ولا متأثّر وهذا هو ما يصطلح عليه السياسيّون اليوم باستقلال السلطة القضائيّة ، وتفكيكها عن بقية السلطات.
ولقد نبّه إلى هذا فقهاؤنا العظام استلهاماً ممّا لديهم من تعاليم الشريعة المقدّسة في هذا المجال ، قال المحقّق النائينيّ (المتوفّى عام 1355 ه) :
) إنّ ولاية الحاكم ترجع إلى قسمين : الأوّل الاُمور السياسيّة ، التي ترجع إلى نظم البلاد وانتظام اُمور العباد ، والثاني الإفتاء والقضاء ، وكان هذان المنصبان في عصر النبيّ والأمير (عليه السلام) بل في عصر الخلفاء الثلاثة لطائفتين وفي كل بلد أو صقع كان الوالي غير القاضي فصنف كان منصوباً لخصوص القضاء والإفتاء وصنف كان منصوباً لإجراء الحدود ونظم البلاد والنظر في مصالح المسلمين ، نعم اتّفق إعطاء كلتا الوظيفتين لشخص واحد لأهليّته لهما إلاّ أنّ الغالب اختلاف الوالي والقاضي ) (3).
ولقد أعطى الإمام عليّ (عليه السلام) وهو إمام المسلمين على الإطلاق ، والحاكم الأعلى للاُمّة الإسلاميّة مثلاً عمليّاً على هذا الاستقلال القضائيّ السياسيّ حيث مكّن القاضيّ ـ بفضل هذا السلوك الإسلاميّ ـ من محاكمة حاكم المسلمين وأحد رعاياه في محكمة واحدة ... وذلك في قضيّة اليهودي مع الإمام عليّ (عليه السلام) :
فقد نقل المؤرّخون أنّه (عليه السلام) لمّا وجد درعه عند يهودي من عامّة الناس فأقبل به إلى أحد القضاة وهو شريح ليخاصمه ويقاضيه ، ولمّا كان الرجلان أمام القاضي قال عليّ : « إنّها درعي ولم أبع ولم أهب ». فسأل القاضي الرجل اليهوديّ ما تقول ؟ فقال اليهوديّ : ما الدرع إلاّ درعي ، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب وهنا التفت القاضي شريح إلى عليّ يسأله : هل من بيّنة تشهد أنّ هذه الدرع لك ؟ فضحك عليّ وقال « مالي بيّنة » فقضى شريح بالدرع لليهوديّ ، فأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه ! إلاّ أنّ الرجل لم يخط خطوات قلائل حتّى عاد يقول :
إمّا أنا فأشهد أنّ هذا أحكام أنبياء ، أمير المؤمنين يدينني إلى قاض يقضي عليه ثمّ قال : الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين وقد كنت كاذباً فيما ادّعيت (4).
________________________
(1) نهج البلاغة : قسم الكتب الرقم 53.
(2) نهج البلاغة : قسم الكتب الرقم 53.
(3) راجع منية الطالب 1 : 325.
(4) بحار الأنوار 41 : 56 ، عليّ وحقوق الإنسان : 87 ، 88 لجورج جرداق مع اختلاف يسير.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|