أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-08-2015
1888
التاريخ: 1-07-2015
1740
التاريخ: 1-07-2015
1605
التاريخ: 1-08-2015
2081
|
من أبرز نماذج موسوعات المستشرقين التي استُهدفت فيها حقائق الإسلام بالدسّ والتشويه وتاريخ المسلمين وسيرة النبي الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالتحريف هي :
دوائر المعارف ( البريطانيّة ، الأميركيّة ، لاروس الفرنسية )
وهي من دوائر المعارف الغربيّة المترجمة إلى اللغة العربيّة ، والتي تعتبر من أخطر أعمال التغريب والغزو الثقافي ، التي قامت على أساس معطيات الجهد الاستشراقي والتبشيري ، اللذين سارا معاً في خدمة هدفٍ واحدٍ وهو القضاء على الإسلام ، عن طريق تشويه معالمه وحرفِ مفاهيمه بالشكل الذي يُناسب أهدافهم الخبيثة ، والدسّ فيه بما يُخالف الواقع والحقائق من روايات كاذبة وشخصيّات مزيّفة لا وجود لها ، والتهجّم والافتراء على الشخصيّات المقدّسة والرموز العظيمة من رجالات الإسلام .
ومن الأمثلة على ذلك ، هو عندما تقدّم هذهِ الدوائر للقارئ مادّة ( إسلام ) ومادّة ( محمّد ) ومادّة ( قرآن ) ، حسب التصنيف لهذه المفردات الّتي تتّبعها هذه الدوائر ، تقدّمه على النحو الذي قدّمته دوائر الاستشراق والتبشير في القرن التاسع عشر ، ولم تتحوّل عنه رغم التغييرات الإيجابيّة ، التي طرأت على الفكر الغربي في نظرتهِ إلى الإسلام ومفاهيمه الحقيقية ، ورغم العديد من الدراسات والكتابات ، التي صحّحت بعض الشيء أفكار ومقولات المستشرقين والمبشّرين ، القائمة على التعصّب الديني ، والحقد ضدّ الإسلام والمسلمين ، والتي كانت سائدة لديهم ومعتمدة عندهم طيلة القرون المنصرمة ، ككتابات برناردشو ، وداربر ، وغوستاف لوبون... وغيرهم .
أمّا نماذج نصوص تلك المواد فمنها ما أوردتهُ دائرة المعارف البريطانيّة عن مادّة ( إسلام ) حيث تدّعي فيها أنّ الإسلام مأخوذ من المسيحيّة واليهوديّة ، وأنّ الرسول لم يُهاجر ولكنّهُ هرب من مكّة...
وأمثال هذهِ الافتراءات الّتي يحاولون من خلال طرحها ، إفراغ فكرة النبوّة والرّسالة الّتي يؤمن بها المسلمون ، من مفهوم ارتباطها بالغيب والوحي الإلهي ، أو الانتقاص من مقام الرسول وقدسيّته على الأقل ، وهم بذلك يوهمون مَن يقرأ ويراجع هذهِ الدوائر ، بأنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إنّما يتصرّف بوحي ذاته ، وليس هناك ارتباط بينهُ وبين السماء عن طريق الوحي ، وأنّه شخصٌ عادي لا يتميّز في خصاله وملكاته عن غيره .
وللأسف فقد تسلّلت هذهِ المفاهيم المحرّفة إلى دراسات المسلمين أنفسهم وكتاباتهم ، فأخذ بعضهم يردّد عند بحثه للتاريخ الإسلامي ، وبالخصوص مقاطع حياة الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) نفس ما يردّدهُ المستشرقون والمبشّرون ، من روايات كاذبة ومقولات مدسوسة ، رغم أنْ هذهِ الافتراءات والدسائس تتناقض بشكلٍ صارخ ، والثوابت التأريخيّة الّتي أقرّتها الدراسات الأوربيّة وأقلام مفكّريها ، دفعت بعضهم مؤخّراً إلى الاعتراف بالإسلام كدين سماوي.
ومن الملاحظ على المصادر التي اعتمدتها هذهِ الدوائر في معارفها ، أنّها مصادر متأخّرة زمنيّاً عن زمن الوقائع التأريخيّة ، وأنّها ضعيفة ومهملة بلحاظ القيمة العلميّة لها ، إضافةً إلى مجهوليّة نصوصها وانقطاع سندها ، وهي بذلك لا تعبّر إلاّ عن الرأي الاستشراقي الأوربّي بالنسبة لهذهِ المواد ، خصوصاً المفردات المتعلّقة بالإسلام ( عقيدةً وحضارة ) ، فإنّ للاستشراق موقفاً من ذلك يتمثّل ( بمحاكمة الإسلام إلى مفهوم الدين في الفكر الأوربي ) ( Belgon ) .
ذلك المفهوم المفرَغ مِن أهمّ المعاني والمبادئ الأساسيّة للدين ، وهو المفهوم العلماني للدين في أوربّا ، والذي يعني ـ عندهم ـ الطقوس والعبادة الكهنوتيّة ، فالدين في المفهوم العلماني الأوربّي علاقةٌ بين الله وذات الإنسان فقط ، وحتّى هذهِ العلاقة لم تسلم من التحريف ، ولم تؤخذ مأخذاً حقيقيّاً ينعكس على أخلاقهم وسلوكهم وطريقة تعاملهم ، وليس كذلك مفهوم الدين في الإسلام الجامع للعلاقتين بين الله والإنسان ، والإنسان والإنسان ، في السلوك الفردي والاجتماعي وعلى صعيد الحكم والدولة . وهذا مغمزٌ أساسي آخر من مغامز هذا البحث ، يحول دون استيعاب جوانب الإسلام المختلفة على حقيقتها .
وقد عُرف عن أغلب المستشرقين ، خصوصاً الكتّاب في دوائر المعارف الغربيّة والعاملين فيها ، تعصّبهم لوجهة نظر مزودجة :
الأُولى : وجهة نظرهم إلى الدين النصراني الذي يدّعون الإيمان به ، وعليه فهم لا يُقرّون بوجود دينٍ غيره أو بعده ، رغم أنّ بعض دراساتهم تضمّنت إقراراً بذلك ، كما صرّحَ بهِ بعضهم من خلال اعترافِه بالإسلام وتدوينه ديناً سماويّاً خاتماً للأديان في بعض الكتب الغربيّة ، مثل ترجمة معاني القرآن لـ ( مونتيه ) ، والتي تتميّز بأنّها قريبةً إلى الصحّة ، وإنْ كانت لا تخلو من الشوائب وبعض الأخطاء .
الثانية : النزعة الاستعلائيّة ( الاستكباريّة ) من زاوية المفهوم الاجتماعي والسياسي الذي يحكم فلسفة الحضارة الأوربيّة كلّها، والنفوذ الاستعماري الأوربّي في بلاد الإسلام ، وكلّها عوامل تمنع من الإقرار والاعتراف بالإسلام بعيداً عن التعصّب الديني والعداء السياسي ، لذا ، ومن خلال هذا التعصّب والعداء والفهم الناقص والنظرة العمياء ، نرى أنّ مادّة ( الإسلام ) في دائرة المعارف البريطانيّة لعام ( 1980م ) قد جاءت مليئةً بالافتراءات والأخطاء عن سوء الفهم المقصود أو عن الجهل المركّب .
ونفس الملاحظة نجدها في عرْضهم لسيرة النبيّ الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، حيث أنّهم يردّدون ما ردّدهُ الاستشراق والتبشير ، خصوصاً ذلك الذي ثَبَتت صلتهُ الواضحة بمصدريّه الخطَيرَين ، الكنيسة ووزارة المستعمرات في الدول المستعمِرة للعالم الإسلامي ( بريطانيا ، فرنسا ، هولندا ) ، وكذلك ما ردّدهُ الاستشراق الصهيوني والماركسي ، كما في كتابات ( اللورد كرومر ) والوزير الفرنسي ( هانوتو )(1).
هذهِ الكتابات والمؤلّفات مليئة بالأخطاء ، وهادفة إلى تصوير الدين الإسلامي والحضارة الإسلاميّة ، على أنّها غير قادرة على إثبات وجودها واستعادة مكانتها الحقّة ، لهذا نجد أنّ دوائر المعارف هذهِ لا تفرّق بين مفهوم التوحيد والنبوّة كما هو في الإسلام والأديان الأُخرى ، ولا تفرّق بين الإلوهيّة والنبوّة وبين الرسل والصحابة ، كما نجدهم عاجزين عن فهم المعجزات وفلسفتها وفهم فكرة وحدة الأديان وتدرّجها الهادف نحو الكمال .
ونجدهم يُخضعون النظريّة الشموليّة للإسلام ، التي تجمع بين المادّة والروح في نظرتها للحياة والإنسان ، لمنهج تفسيرهم المادّي المحض للحياة والإنسان ، فهم بذلك يبدأون عند تناولهم للإسلام من فكرةٍ مسبقة ، ينظرون من خلالها في أبحاثهم ودراساتهم ، ويحاولون اقتناص النصوص والروايات الّتي تؤيّد فكرتهم تلك ، وإنْ كانت غير مُسندة وساقطة عن الاعتبار ، أو ضعيفة معروضٌ عنها ، أو شاذّةٌ مهملة ، ويُعرضون عن تلك التي تُخالفها وإنْ كانت متواترة أو موثوقة الإسناد ومعتبرة .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) الجندي ، أنورـ مجلّة منار الإسلام ، العدد 6 السنة 11 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|