يوسف (عليه السلام ) ومسألة المعاد .
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
نفحات القران
الجزء والصفحة:
ج5 , ص290-291
17-12-2015
1586
قال تعالى : {... انِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَومٍ لَّايُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ* وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي ابْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (يوسف/ 37- 38).
الآية تتحدث عن حوار «يوسف عليه السلام» مع صاحبيه في السجن، قال تعالى عن لسان يوسف : {... انِّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَومٍ لَايُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخرَةِ هُمْ كَافِرُون}.
والسبب في استعماله لهذا التعبير هو أنّ مشركي ذلك الزمان عبدة الأصنام كانوا يعتقدون باللَّه إلّا أنّهم كانوا يعتقدون بأنّ المعاد والجزاء يحصلان بواسطة التناسخ، فهؤلاء كانوا يعتقدون بأنّ روح الإنسان بعد الموت تحل في جسم إنسان آخر في هذه الدنيا وتتلقى ثوابها وعقابها خلال الحياة الجديدة، لكنّ دين التوحيد يرفض عقيدة التناسخ وعودة الأرواح في هذه الدنيا كما أنّه يرفض عقيدة الشرك أيضاً، لذا عدّهم يوسف مشركين وجاحدين للمعاد «1».
و «الملّة» : في الأصل بمعنى (الدين) والفرق بين الملّة والدين هو أنّ الدين يضاف إلى اللَّه وإلى الأشخاص معاً، فيقال دين اللَّه أو دين محمد صلى الله عليه و آله بينما تضاف الملّة عادة إلى الأنبياء (أو إلى الأقوام الذين بُعث فيهم النبيون أو مدّعو النبوة) فيقال ملّة إبراهيم وأمثال ذلك «2» ولا يقال «ملّة اللَّه».
والمراد من القوم الذين ذكرهم يوسف عليه السلام هم عزيز مصر وزوجته زليخا وتابعوهم وهم شعب مصر بصورة عامّة، فهؤلاء لم يكن لديهم اعتقاد صائب لا بالمبدأ ولا بالمعاد.
وعلى أيّة حال فإن دلّ هذا على شيء فإنّه يدل على أنّ المعاد كان يشكل أحد الركنين الأساسيين في دين يوسف عليه السلام أيضاً، وقد أشار إلى هذين الركنين معاً في السجن عند محاورته للسجناء.
ومن الجدير بالذكر أنّ يوسف عليه السلام قال بعد هذا الحديث : {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي ابْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}، وهذا يدلّ على أنّ المبدأ والمعاد كانا ركنين ثابتين في جميع الاديان الإلهيّة السابقة.
______________________
(1) تفسير الميزان ج 11، ص 189.
(2) مفردات الراغب، مادة (ملّة).
الاكثر قراءة في المعاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة